OrBinah

(En arabe). Un aperçu par spécimen de la façon dont fut formé l’arabe marocain

بعض سوسيو-لغويات "اللغة الموحمّادية"

وتشكّل الدارجة المغربية

 

 

ما أصبح البعض يسمّيه "اللغة الموحمّادية" هو سجلّ لغوي جهوي من سجلّات العربية المغربية الدارجة. وقد سمّي ذلك السجل كذلك نسبة إلى شخصية سردية، اسمها موحمّاد. نشأ موحمّاد في وسط سوسيو-لغوي أسري مزدوج داخل البيت: تاشلحيت ودارجة بلدة /يكًودار/ في قبيلة المنابهة المنسوبة إلى معقِل؛ هذه الدارجة المتميزة بتأثرها الكبير بتاشلحيت، خصوصا في مكوّنها المعجمي (اساتور، الاتاس، اشالاش، املكوض، ازاكُنّي، تازيا، تابودا، ازلو، امادير، اسراّرو، امازير، امكزرار، تاكّا، سلغاغ، الوتيم، تاسّاست، تامّارا، تيليلا، تارّاكًت، تاورضا، تاعمّورت، تامسّندوت، انوال، اكًنار، )، ولكن أيضا في فونيتيكيّتها اللفظية (تشديد القاف باطّراد، تفخيم كامل الكلمة، قلب كثير من الضاضات المشدّذة طاءً) وفي كثير من أدواتها الوظيفية (اقّ، زيغ، وهو، واخّا، والاينّي، هلّي، داخ/داخكين/داخكينين، ماشكماني، المنادى بالضمير: اوا/اوي، اتا/اتي) وتراكيبها وقواعد المطابقة فيها في بابي التذكير/التأنيث والمفرد/الجمع،وحتى بعض العبارات المنسوخة (/علاه، آ-لالّا، زوزضت نزوّز ولدي؟ سّويـــــــت فيه يــــــمـــان، ما بُــا يدير من يسمـــــكــــلو ويــــسمكــــلنا)؛ ودع عنك كون الطوبونيميا المحلية القريبة لأسماء الدواوير (اضوّار، اكًمّاض-انّ، امدّرير) وأسماء الحقول (تاويفسيت، اكًرور، امارصيّ، تلات ن-وغانيم، تالات ن-بنحي، اكًمير، عين تيسلاتين) شلحية في معظمها، وكذلك الأسر التي تحمل كلّها لقب "ايت" (ايت عومار، ايت يحسّانّ، ايت وزناكً، الكًماضي، ايت واحي، ايت بن بلّا، ...).

 

ورغم كل ذلك الطابع الذي يميّز ذلك النموذج اللغوي، فإن البعد اللهجي كان بعدا جوهريا في التدافع لحيازة حظوظ الاندماج السوسيولوجي في الجماعة وهو شيء لا يتمّ سوى عبر جيل أو اثنين، إذ أن أغلبية الساكنة يعتبرون لهجتهم الجهوية تلك عنوانا للأصالة اللازمة للقبول الجمعي؛ وكان على كل وافد جديد أن يكتسبها ليسّهل اندماجَه.

نشأ موحمّاد متراوحا بين فضائين لهجيين وكان عليه أن يخرج من الأول نحو الثاني بمشقة: فضاء الأسرة المزدوج المذكور، الذي تمثل فيه أمّ منحدرة من قبيلة يسكًتان بتاليوين من جهة والدها، ومن تالكًجونت من جهة والديها، الجيل المستعرب الأول استعرابا كاملا بلهجة المنابهة/يكًودار، ويمثل فيه الأب جيلا حديث الوفود من قلب الأطلس الكبير، يفهم اللهجة المحلية ولكن لا يحدّث بها أحدا لا داخل البيت ولا خارجه؛ وإذا ما طاب له يوما أن يفعل ذلك، من باب مناغاة/ملاطفة الصغار في البيت أو خارج البيت، فإنه حينئذ ينطق بما يسمّيه البعض اليوم بـ"اللغة الموحمّادية" (نسبة إلى شخصية موحماد المذكورة)، فيقول مثلا لابنة الجار: /واش اتا كاين بُّــــاكْــــــم فالضار؟ يلّا كاين فيه، كًول ليــــها، الله يربّحكْـــــــــم، راه يــــــساقّسا فيك دّاع بلّا الشلح و بُـــا يشوفهـــــــا/.

هذا النموذج من نماذج "اللغة الموحمّادية" ليس مقصورا على دّا عبلّا الشلح أوعلى جيل من هوّا في حاله كوافد لغوي. إنه المعبَـر السوسيو-لغوي لاستعراب كثير من الأجيال إلى اليوم في البوادي السهلية وفي الحواضر، وحتّى في الجبال في العقود الأخيرة. وبالإمكان سماع ذلك النمودج يوميا عند حماد وموحمّاد، والحسن والحوساين، وعلي وبراهيم، في كثير من بقالات الأحياء ومتاجر الشوارع. كما أنه النموذج الذي بنى على أساس محاكاته كثيرٌ من الفنّانين أسلوبهم الفني الساخر، وفي مقدّمتهم محمد بلقاس رحمه الله ونور الدين بكر، عجل الله شفاءه، صاحب "راك غادي فالخسران آ-حمّادي". ويقوم اليوم الفنان المسرحي والمدوّن، جمال ابرنوص، بتقديم شذرات من وجه ذلك النموذج في منطقة الريف، من حين لآخر.

 

نموذج حيّ من سلسلة "راك غادي فالخسران آ-حمّادي":

https://www.youtube.com/watch?v=d3hU7en3y7g

 

 

هذا النموذج عينة من عيّنات أوجه جهوية كثيرة للكيفية التي تمّ بها عبر التاريخ انبثاق وتشكّل العربية الدارجة المغربية عبر قرون كما تدلّ على ذلك كثير من مفردات معجم ملعبة الكفيف الزرهوني (أيام المرينيين)، وهي التي أصبحت اليوم لغة وطنية فصحى بحكم الواقع الملموس، حيث تمثل هي وحدها، دون غيرها من أوجه الألسن المتداولة، الأداة التواصلية الوحيدة التي تضمن التفاهم الملموس، عموديا وأفقيا، عبر ربوع المغرب من البوغاز إلى الصحراء، ومن المحيط إلى الشرق. إنه النموذج الذي شكلت بعض أوجهه الجهوية، في ناحية "إيموزار" بالضبط موضوع أبحاث أكاديمية سوسيو-لسانية ميدانية، ألمانية-نمساوية بإشراف من اللغوي الألماني Utz Mass، إضافة إلى أعمال سابقة ولاحقة كثيرة.

--------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 



20/11/2020
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres