(En arabe) Sigles, acronymes et création lexicales (à propos de certaines appellations politiques au Maroc)
إغناء المعجم بتوليد المختزلات بالأحرف الأولى
(لماذا لا تستثمر العربية الحالية هذا الأسلوب؟)
عودة إلى تساؤل تدوينة لي في الفايسبوك (4 أكتوبر 2020) حول تسمية ثلاثة أحزاب مغربية بالأحرف الأولي لترجمة أسمائها الرسمية إلى الفرنسية (/فديك/، /بيجيدي/، /بــام/) في الصحافة المغربية الناطقة بالعربية.
نصّ التدوينة على شكل بطاقة [سؤال اليوم-1: لماذا تميزت 3 أحزاب في تاريخ المغرب بتتسميتها بأحرفها الأولى بالفرنسية في أوساط المعربين: "الفديك"، "البيجيدي"، "البــام"ّ؟].
التساؤل ليس مجرد تنكيت/ترويح مستفزّ. إن له جانبا لغويا محضا. فـ"التوليد المعجمي"، انطلاقا من مختزلات الأحرف الأولى للعبارات الكثيرة الاستعمال أصبح، في كثير من اللغات أسلوبا مهمّا من أساليب توليد المفردات (أسماء، صفات، أفعال) إلى جانب الاشتقاق الصرفي العادي، والتركيب المزجي والنحت. وقد تمّت عدّة دراسات فونولوجية حول هذا الأسلوب (دراسات Marc Plénat مثلا). لكن اللغات تتفاوت في قابلية أنظمتها الفونولوجية والصرفية لذلك، وفي جرأة مستعمليها على استعمال ذلك الأسلوب من أساليب إغناء المعجم. واللغة العربية الحالية، على سبيل المثال، جدّ ضعيفة في هذا الباب من أبواب التوليد المعجمي بالرغم من عراقة مختزلات من قبيل مفردات /صلعمْ/ و/حمدلَ/ و/بسمل/، و/هيلل/ و/حوقل/ ومشتقّاتها، التي لم تتمّ منهَجتُها ومعيرتها (فيقالَ مثلاً /صدقل/ "صدق الله العظيم" وغير ذلك من العبارات الكثيرة الاستعمال التي ليست بالضرورة مقصورة على حقل أدبيات العقيدة الإسلامية).
وأعتقد، حسب علمي، أن اللغة العبرية كانت السبّاقة إلى استعمال هذا الأسلوب منذ حقبة العبرية الميشنية/التلموذية/الربّية (hébreu rabinique) بشكل جدّ متطوّر ومنتج. وكان اسم الكتاب المقدّس عند اليهود، الذي عُرف في الأدبيات اليهودية للعصور الوسطى بعدة أسماء (/الميقرا/، /القرآن/ ...) من أول الأسماء التي ابتدعت لها مختزلات بهذا الأسلوب، حيث انتشرت تسميته بـ/التاناخ/ (TANAK). فهذه الكلمة /תנך/ عبارة عن الأحرف الصحاح الأولى (التاء ת والنون נ والكاف/خاء כ/ך) لمفردات عبارة /תורה, נביאים, כתובים/، أي "التـــــوراة والكـــــتب والأنـــــبياء".
وقد اصطلح اصطلاحا إملائيا، منذ تلك الفترة، على تمييز هذا القبيل من الكلمات في المعجم بإتباع الحرف الثاني من المختزل بعلامة السنَّين /"/، حيث تكتب مثلا مفردة /תנך/ إملائيا على شكل /תנ"ך/، في إشارة إملائية إلى أن الأمر يتعلق بمختزل، وليس باسم أو فعل عاديين، من قبيل فعل /הלך/ مثلا. ويسمى هذا النوع من الكلمات في اللغة العبرية بـ/ראשי תיבות/ (حرفيا "رؤوس العُـلَـب")، وتوجد لها قواميس فرعية خاصة في اللغة العبرية.
وتحفل الأدبيات العبرية القديمة والحديثة بكم هائل من المفردات من هذا القبيل حتى في باب أسماء الأعلام المركّبة الكثيرة الورود في الأدبيات اليهودية؛ ومن ذلك مثلا في الأدبيات القديمة:
- /רמבם/ [رامبام/ RAMBAM] (الأحرف الأولى لاسم حجة اليهودية، الربي موسى بن ميمون القرطبي /רבי משה בן מימון/ الذي كان قد درّس في جامعة القرويين قبل التحاقه بالمشرق في ظروف التشدد المذهبي/المِلّي والاضطهاد الإثني الموحّدي، كربّي وكطبيب خاص لصلاح الدين الأيوبي)؛
- /רש"י/ [راشي/RASHI] (الأحرف الأولى لاسم /רבי שלמה בן יצחק/ "الربّي شلومو بن يسحاق"، حجة اليهودية الثاني البّروفانسي، بعد ابن ميمون)؛
- /רי"ף/ [ريــــف/RIF] (الأحرف الأولى لاسم /רבי יצחק אלפאסי/ "ربّي يسحاق الفاسي، اللغوي الفاسي المشهور" )؛
- الخ.
كما يحفل معجم الصحافة والإعلام اليومي اليوم في إسرائيل بكم هائل من هذا القبيل من المفردات، من قبيل ما يلي على سبيل مجرد أمثلة:
- /צה"ל/ [تصاهال] (الأحرف الأولى لعبارة /צבה ההגנה לישראל/ [تصافا هاهاكًانا ليسرائيل] "جيش الدفاع الإسرائيلي")؛
- /אה"ב/ (الأحرف الأولي لعبارة // "الولايات المتحدة"، حرفيا "بلاد الميثاق"، والمقصود "ميثاق الــ Magna Carta للولايات المتحدة").
وفيما يتعلق بفونولوجيا تلفيظ الأحرف الأولى لمختزلات "رؤوس العُـلـب" (مفهوم مقتبس من القواعد الإملائية للكتابة الهيروغليفية المصرية على الأرجح) لكي تصبح الأحرف الصحاح الساكنة قابلة اللتلفّظ، قد يحصل أن يتمّ ذلك عن طريق تحريكها بحركات غالبا ما تكون حركة فتحة (كما هو الشأن في تلفيظ صحاح /ر.م.ب.م/ بلفظ [رامبام] "ربي موشي بن ميمون"؛ أو /تص.هـ.ل/ بلفظ [تصاهال] [تصافا هاهاكًانا ليسرائيل[ أى "جيش الدفاع الإسرائيلي"). كما يحصل أن تنطق الأحرف بأسمائها الأبجدية كما في مختزل /ש.ב/ (/ش.ب/) الذي يختزل عبارة /שירות הבטון/ ([شـــيريت بـــيطاحون] أي "مصالح الأمن") والذي يتم تلفيظه بأسماء أحرف هجاء صحاحه (/שין-בית/ [شين-بيت]، أي [شين-باء]).
ولقد بلغ هذا الأسلوب من التوليد المعجمي في اللغة العبرية من الطواعية التوليدية الصرفية أنْ تمّ استعماله منذ قرون لتوليد أفعال جديدة قابلة لأن تكون منطلق اشتقاقات صرفية عادية. من ذلك مثلا فعل صيغة المبني للمجهول /נלבע/ [نِلــبَع] (مقابل صيغة المطاوعة /انفَعلَ/ في العربية) الكثير الورود في شواهد القبور، والذي يختزل جملة /נקרא לבית עולם/ [نِقرا لبيت عولام] ("نودي عليه إلى دار البقاء") للدلالة على "توفّي".
أول ما اضطررت شخصيا إلى البحث المعجمي عن معنى هذا الفعل المولّد الأخير، كان سنة 1985 لمّا بعثَ إلى الأستاذ المؤرح مولاي عبد الحميد الاسماعيلي، المدير السابق لـ"ثانوية عمر بن عبد العزيز" بوجدة، عن طريق الأستاذ عبدو، الذي كان ساعتها يرقن لي نص رسالة دكتوراه السلك الثالث في اللسانيات بالفرنسية (جامعة باريس-8)، بمجموعة من صور شواهد القبور بالمقبرة اليهودية ببلدة "دبدو" قصد الترجمة.
فلماذا إذن تجد العربية الحالية نفسها محرومة من استثمار هذا المورد الغنيّ من موراد الإغناء المعجمي؟ صحيح أن للغة العربية ميزانا صرفيا غير تعاقبي (أي أن عناصر الأصول والزوائد لا تتوالى دائما كزوائد صدور/préfixes، ثم جذع الكلمة/radical، ثم زوائد تذييل/suffixes، بل تتداخل الزوائد مع عناصر أصول جذر الكلمة)، وهو ما يقتضي وضع أوفاق لتحديد المقصود بـ"الأحرف الأولى" وفي وضع المختزلات. وصحيح كذلك أن العربية كانت تخضع لقيود فونولوجية في ما يتعلق بما يأتلف وما يتنافر من الأصوات كأصول في الكلمة (امتناع اجتماع أصوات الحلق ح/ع/خ/غ، كمثال التنافر الشهير /الهُعْخُع/ "نوع من النبات"، أو امتناع اجتماع السين والزاي والصاد، أو الفاء والباء، وامتناع اجتماع الميم مع أي منهما ما عدا إذا كانت في آخر الجذر)، مما يجعل جمع بعض الأحرف الأولى للعبارات يسفر عن كلمة متنافرة الأصوات (مثلا، تنافر /حع"ت/ كمختزل لتسمية "حزب العدالة والتنمية").
غير أن هاتين الخاصيتين، الصرفية والفونولوجية، تصدقان كذلك على اللغة العبرية في حالتها القديمة (ولقد نشرت دراسة مقارنة في هذا الموضوع قبل 25 سنة: Elmedlaoui 1995). الذي حصل هو أن العبرية الحديثة قد تخلصت من صرامة الميزان الصرفي (الحدّ الأقصى لعدد أصول جذور الأسماء والأفعال، والحد الأقصى لعدد الحركات) لكن مع احتفاظها بالميزان العروضي (حساب المتحرّك والساكن)، كما تخلصت منه العربية، إلى حدّ ما من خلال إقدامها على اقتراض بعض المصطلحات العلمية الحديثة (ميثودولوجيا، الجهاز العصبي الباراسيمباتاوي، ...). كما تخلصت العبرية الحديثة من صرامة القيود على ما يأتلف في الجذر، وذلك بسبب تطور بعض أصواتها (كتحول نطق الراء إلى غين، والحاء إلى خاء، ...) وبذالك أصبحت العبرية الحديثة تنطق مثلا اسم מחר (ونطقه [مَحَـر] في العبرية القديمة) بلفظ [مَـخَـغ] "غَـداً"، جامعة بذلك في جذر كلمة ما بين الخاء والغين؛ ومثل هذا كثير في العبرية الحديثة. المسألة إذن تتعلق بموقف مستعملي اللغة من لغتهم، ما بين التقديس والبراغماتية، ولا تتعلق بمُقدّرات اللغة في حدّ ذاتها وبإمكانياتها الكامنة.
-----------------------------
الدراسة المشار إليها في موضوع قيود ما يأتلف وما يتنافر في جذر الكلمة في اللغات الأفرو-أسيوية (الحامية-السامية):
Elmedlaoui M. (1995)-b: "Géométrie des restrictions de cooccurrence de traits en sémitique et en berbère: synchronie et diachronie", Revue Canadienne de Linguistique (40)1 pp:39‑76.
------------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres