(EN ARABE) Retraite, départ volontaire et mise en valeur des compétences au Maroc
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).
التقاعد، المغادرة، وتدبير الكفاءات
حالة التعليم العالي والبحث العلمي
تنظم الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج يوم 15 يونيو 2013 "ملتقى للكفاءات الأمريكية-المغربية"؛ يتضمن برنامج عدة محاور من بينها محور واقع وآفاق التعليم العالي والبحث العلمي. هذا وإن مسألة الكفاءات في قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي يمكن أن تطرح على أكثر من صعيد، سواء في ما يتعلق بآلية ومنطق توفير تلك الكفاءات، أم في ما يتعلق بمدى حسن استثمار ما يكون قد توفر منها. فهناك السياسية المالية في ذينك القطاعين، وهناك التخطيط، والحكامة التدبيرية، إضافة إلى ما يتعلق بالمناهج والبيداغوجيا (كيف نكون كفاءات جامعية، وكيف نكون كفاءات باحثة منتجة ومنخرطة في شبكة التبادل العلمي لتخصصاتها؟).
سيقتصر هذا النص على جانب واحد من جوانب ما يتعلق بمدى حسن استثمار ما هو متوفر من الكفاءات، وعلى وجه التحديد: الكفاءات المتوفرة في القطاع العام، الذي يبقى لحد الآن بالمغرب هو المتعهد الرئيسي للاستثمار في قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي. فهناك من أوجه السياسة، والتخطيط، والتدبير، أوجه يتمثل منطقها في النظر إلى مختلف الأطر في هذين القطاعين كمجرد أرقام مالية، لحامليها مدة صلاحية محدودة يحكمها قانون وظيفة عمومية متقادم ونظام تقاعد بلغ هو نفسه سن التقاعد، ولا يتم التفكير في مراجعة كل ذلك إلا من وجهة التوازنات المالية المحض، وبدون إدخال لأي بعد آخر من أبعاد المهام البعيدة المدى للدولة غير مهمة حفظ تلك التوازنات هنا والآن. ويبدو أن هذا النوع من التفكير ليس دائما وبالضرورة تفكيرا سياسيا تحكمه مصالح أو حسابات فئوية أو أيديولوجية. فلعل منه أوجها كثيرة مردّها إلى مجرد ما هو ثقافي في باب الوعي الدستوري.
فقد حصل قبل شهرين ونصف أن ترأس السيد رئيس الحكومة الجلسة الافتتاحية لندوة نظمت تكريما للأستاذ عبد القادر الفاسي الفهري. وقد أكد رئيس الحكومة في كلمته على كفاءة المحتفى به، وذكـّـر بأطر العمل التي كانت تجمعه به أثناء إعداد نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين. ويمكن أن يُستجلى تصورُ رئيس الحكومة لوجه من أوجه حسن استثمار الكفاءات المتوفرة، من خلال ما ذكره في ثنايا كلمته من أنه قد علم من بعض الأمريكيين من كبار السن الذين يزورونه ويتحدثون معه، أنه لا يطالهم النسيان حين يتقاعدون؛ إذ يصبحون مستشارين، ويستفيد المجتمع من تجربتهم وعطائهم في سن العطاء الحقيقي في قطاعم، بعيدا عن "الإشكاليات التي ترافق الإنسان في مرحلة الشباب".
وبناء على ذلك، دعا السيد رئيس الحكومة الأستاذَ المحتفى به إلى الاستمرار في العطاء، فخاطبه قائلا: ["واجب الوفاء جعلني ألبّي دعوة المشاركة؛ لأن المحتفى به عرفته واشتغلت معه في مجال اللغة العربية منذ سنين. لقد جئت لأحضر تكريمك اليوم؛ لكن لا أعتقد أن مهمتك انتهت"]؛ ثم أضاف في كلمته مؤكدا: ["جئت لأقول لك، إياك أن تضع سلاحك، توكل على الله، فالوطن لازال في حاجة لعطائك"].
لكن الخلاصة التي لفتت انتباه كثير من الحاضرين، فكانت موضوع مهامسات خلال الاستراحة، هي قول السيد رئيس الحكومة المنبثقة عن دستور 2011: ["لو كان بيدي الأمرُ، فلا تقاعد للأساتذة الجامعيين إلا لمن أراد، خصوصا أن الأستاذ الجامعي في سن 60 و65 يكون في أقوى مراحل العطا". (انظر يومية التجديد؛ 27 مارس 2013).
فمن يا ترى بيده الأمر في هذا الباب؟ أفليس هذا الأمر، في الحقيقة، من الأمور العادية التي هي من صميم ما هو بين أيدي أي حكومة من خلال رئيسها ووزرائها، ولا طرف آخر غير تلك الحكومة؟ إذ هو أمر لا يحتاج لا إلى تعديل دستوري، ولا حتى إلى تعديل حكومي؛ فيكفي أن تتقدم في شأنه الحكومة بمشروع قانون فرعي عاديّ (مرسوم) وتدافع عنه أمام الهيئة التشريعية. ففي البلدان التي للتعليم العالي والبحث العلمي فيها شأن، هناك ما يسمى بإطار "الاستحقاق" (Eméritat) الذي يمكّـن الحائزَ عليه من الاستمرار، بشكل قانوني شفاف، في الإطار المؤسسي لعمله بعد تقاعده من الناحية المالية من الوظيفة العمومية. وإذ تختلف أنظمة إطار "الإميريتوس"، أو "الاستحقاق"، من بلد لآخر (فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، الولايات المتحدة)، فإن الجامع بين كل تلك الأنظمة هناك هو أن ذلك الإطار ليس في تلك البلدان إطارا من الأطر "السوداء" (على غرار الصناديق السوداء) التي تحضن من يعتقدون أن لهم حقّ الخلود، وذلك إلى أن ينبّههم ملك الموت في قيامه بمهامه الموصوفة. فذلك الإطار، في تلك البلدان، إطار مثل سائر الأطر الأخرى، يتم الولوج إليه، بالنسبة لمن يرغب في ذلك ويأنس من نفسه القدرة عليه، بناء على الاستحقاق المعنوي باعتبار ما كان، والاستحقاق العملي باعتبار ما هو قائم جارٍ، وعلى أساس مدونة من التزامات عملية مضبوطة، مقابل امتيازات الانتماء إلى مؤسسة معينة، وكذلك وفق مسطرة معلومة تتمثل في تقديم ملف يبـين جدارة المترشح، من خلال خدمته السالفة، ونشاطه الراهن، ومشاريعه المستقبلية، أي كل ما يبين أن المعني بالأمر منخرط بالفعل، وفي استمرارية تامة، سالفا وراهنا واستقبالا، في الميدان الذي يدعي الجدارة فيه، باعتبار ما كان، وما هو كائن، وما ينتظر أن يكون، مشاريع مستقبلية موصوفة الموضوع والإشكالية ومدة ومراحل الإنجاز، ومحددة الأطراف المنجِزة والمتعاونة، فرديا ومؤسساتيا (مَن يُنجز ماذا؟)، داخليا وخارجيا، وموصوفة أوجه اندراجها في تراكمية وتقدم البحث العلمي و/أو الفعل التكويني التأطيري في الباب المعني، سواء على الصعيد العام، أو على مستوى المسيرة المهنية لصاحب الطلب. ومن تلك البلدان (فرنسا مثلا) بلدانٌ تنظـّم الولوج إلى ذلك الإطار على شكل فترات زمنية تعاقدية (خمس سنوات)، قابلة للتجديد، لكن على أساس تقديم تقرير يبرر ذلك التجديد بناء على كمّ ونوعية ما يكون قد تم إنجازه في الفترة المنتهية، وفي تكامل مع مشاريع الفترة التجديدية.
هذه الخطة التدبيرية الجديدة يقتضيها على الأخص منعطف المرحلة الاجتماعية النوعية الحالية للهرم السـِـنّي للجيل الأوسع للأطر المغربية، الذي ولج الخدمة ما بين نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين والذي سينقرض عن آخره في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي ما بين 2015 و 2018 في ظل النظام القائم.
فإذا كان نظام مثل ذلك النظام في تلك البدان يفتح الباب أمام كل من يبدون استعدادهم "ليستفيد المجتمع من تجربتهم وعطائهم في سن العطاء الحقيقي"، على حد تعبير السيد رئيس الحكومة، فإنه نظام يوصد الباب في نفس الوقت، مبدئيا ومسطريا، أمام كل من ليس لهم حضور فعلي، لا وظيفيا ولا حتى فيزيقيا بمقرات عملهم بالمؤسسات التي عليها يحسبون، أولئك الذين يتعاملون مع اختيارات التقاعد، أو المغادرة وتجريب مهنة "الْـموقْـفْ" في أسواق القطاع الخاص، بمجرد منطق ميزان حساب الربح أو الخسارة حالة ميزان كشوفات الحساب المصرفي للفرد؛ وذلك كما تتعامل الحكومات، لحد الآن، مع أطر الوظيفة العمومية باعتبارها إياهم مجرد أرقام تحمُّلات عمومية في باب حساب الموازنات المالية السنوية، هنا، والآن.
معنى ذلك أن نظام "الاستحقاق الأكاديمي" (Eméritat) في تلك البلدان المشار إليها، نظام يُوصِد الباب في وجه كثير من أصناف المساهمين الحقيقيّـين في استنزاف قدرات الدولة على ضبط توازناتها المالية؛ ومن بينهم، كل من يسعى إلى الجمع، لصالحه وفي نفس الوقت، ما بين "جرة السمْن، ودنانير بيع جرة السمْن"، وهم اليوم رهط كثير في العشرية الأخيرة ممن يحسِبون أنفسهم، أو يحسِبهم غيرهم، على فئة "الكفاءات"، وذلك سواء بمقتضى مطابقة التصوّر للواقع، أو بمقتضي مجرد مفعول الإعلام والشبكات العلائقية من مختلف المستويات والأصناف.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres