(En arabe) Quid des études ethno-politiques au Maroc d'aujourd'hui
أسئلة غير مباشرة عن الدراسات الإثنوسياسية في المغرب
1- تدوينات وتعاليق وتعقيبات من باب الكلام المباح
أتقاسم هنا تدوينة للأخ Mohamed Ouagrar على صفحته بـفايسبوك (14 سبتمبر 2021) تقول ما تقول، وهو قولٌ يجهر عاليا بما يتناجى به الكثير سرّا. تتمثل التدوينة في "كولاج" لصورتي كل من سعد الدين العثماني (رئيس الحكومة المغادر) وعبد العزيز اخنوش (المكلف مؤخرا بتشكيل الحكومة بعد انتخابات 8 سبتمبر)، مع تعليق في صلب الصورتين على الترتيب بعبارة جناسية/homonyme من حيث معنى لفظها، ما بين الفرنسية والدارجة. يقول التعليق الجناسي: [Soit ça/سواسة (مشى سوسي)، Soit ça/سواسة (جا سوسي)].
2- بصفة عامة
إنه لأمر صحّي أن يجهر المجتمع المغربي بوساوسه ويطارحها في صفوفه بأسلوب "كبّرها تصغار" باعتبارها جزءا من الواقـــــــــــع الثــــــــاوي المسكوت عنه في إطار نفاق "ما هو لائق سياسيا" ومضلّل على مستوى الوعي العقلاني. خصوصا إذا ما كان مثل الترويج الأخير لـ"خيار" [Soit ça/سواسة، Soit ça/سواسة] لم يتمّ لما خلف السيد العثماني سلفه السيد بنكيران المشارك معه نفس التنظيم السياسي. كما أن لم يكن يروّج بنفس القوة والوضوح المباشر قبلهما معا، بالرغم من أن كثيرا من الناس كانوا يوشوشون لعقود في نوع من الاحتشام انحصارَ تداول "الثروة السياسية" ليس فقط في ثالوث "أنا سلاوي أنا بطل؛ أنا رباطي ولد الأصول؛ أنا فاسي..." ولكن في بيوتات محصورة تدل عليها أسماؤها وشبكات مصاهراتها. إنه واقع ثاو ليس أقل واقعية من الجبال والسهول والأنهار بجمعياتها المعروفة بأسمائها في السبعينيات والثمانينيات الماضية خاصة؛ وإن من شأن الوعي العقلاني بوجود ذلك الواقع وقيامه أن يساعد الأذهان على تصوّر أقرب إلى الصحة لطبيعة ووظيفة ماهية المخزن التاريخية في آلية إقامة التداول العامّ بطرق اختلفت ما بين الماضي والحاضر.
وهذا الواقع من أوجه الجهويات السياسية على الخصوص أمرٌ قائم بدرجات متفاوتة حتّى في أعرق الديموقراطيات الحديثة. فالقلعة التاريخية مثلا للحزب الديموقراطي الأمريكي هي بلاد "الكونيكتيكات" بولاية الماساتشوساتس بالشمال الشرقي للولايات المتحدة؛ كما أن الركائز المحلية/الجهوية لكثير من الشخصيات السياسية المؤثرة البارزة التي تقلدت مسؤوليات تنفيذية على المستوى الوطني شيء عادي في الديموقراطية الفرنسية (جاك شيراك/مدينة باريس، بيير موروا/مدنة ليل، ريمون بار/مدينة ليون، ميشال نوار/مدينة ليون، ألان جوبّي/مدينة بوردو، فيليب سوكًان/مدينة إيبّينال بجهة "الفوج"...). فقيام تلك الركائز الجهوية من بين آليات ضمان التوازنات الترابية الوطنية في وجه احتكار بعض الأقطاب الحضرية مثل القطب البارييسي-الأورلياني القديم للسياسية.
3- عودة إلى سيميولوجيات وهيرمينوطيقات التدوينة المذكورة
في إطار سيميولوجيات/هيرمينوطيقيات الكلام الحر المباح، علقتُ على التدوينة المذكورة الساخرة والموفّقة فنيا بقولي: [المغاربة جميعا سواسية]؛ وقد أول أحد الزملاء ذلك التعليق تأويلَ توريةٍ إذ قال: [المغاربة جميعا سواسة، حسب أطروحة محمد حنداين: "شمال إفريقيا كانت كلها سوس"]، فعقّبت على ذلك بأسلوب "الجد بما يشبه الهزل" بقولي [زيد واحد اليا المكسورة، وما خاسر شاي]...
وفي إطار تلك الهيرمينوطيقيات الشعبية، التي لا تخلو من دلالات، وزيادة على ما لمّح إليه المعلق بخصوص المفهوم الجغرافي القديم لـ"بلاد سوس" في "التاريخوغرافيات" العربية القديمة على الأقل، التي تتحدث عن "ســـــوس الأدنــــــــــى" (من شرق "واد الزاب" إلى المحيط) و"سوس الأقصى" (ابتداء من مركز "تامسنا" بالشاوية إلى مركز "ماسة" بسوس الحالية)، أرى من المفيد أن أورد هنا مقتطفا من مناقبياتٍ وهاجيوغرافياتٍ (hagiographie) مخيالية أوردها أبراهام لاريدو في كتاب له (1954 Berberes y hebreos in Marruecos, sus origenes segun las leyendas, tradiciones et fuentes hebraicas antiguas) حول تصور الأدبيات اليهودية الرائجة في مخيال الجماعات اليهودية المغربية الأولى للإحداثيات الجغرافية لبلاد المغرب (مقتطف من المدلاوي-1912 "كشف الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب": 243-273):
[[[بعد كل هذا يورد لاريدو نص ما ورد في العهد القديم / الكتاب المقدس عند اليهود (الملوك-الرابع 18: 32) من وصف لـ"أرض العـِوَض" التي وعد بها سنحريب اليهود: "حتى آتي وآخذكم إلى أرض مثل أرضكم، أرض حنطة وخمر، أرض خبز وكروم، أرض زيت وعسل"
.
ثم أورد لاريدو مقتطفا من مناقبيات السانهادرين (Sanhedrin) مما ورد في التلموذ البابلي، وهو مقتطف يعلق على وعد سنحريب، ويلخص تصوّرَ أقطاب الربيين لعملية جلاء بني إسرائيل وجغرافية ذلك الجلاء، ويمثل ذلك، في نظر المؤلف (ص139)، وثيقة هامة من وثائق الجغرافية التاريخية لبلاد المغرب. وهدا نص المقتطف مترجما عن الإسبانية :
" قال ربي يوحانا : "لماذا استحق سنحريب أن ينعت بالسيد العظيم المحبوب؟
- لقد حق له ذلك لأنه لم يذكر أرض إسرائيل بسوء، كما جاء في التنزيل : حتى آتي وآخدكم إلى أرض مثل أرضكم" (الملوك الرابع 18: 32). فتدخل كل من راب والسموءل، فقال أحدهما بأن سنحريب كان ملكا داهية، أما الآخر فقال بأنه كان مغفلا. فأما الذي قال بأنه كان ملكا داهية فقد وسمه بذلك من قبيل أنْ لو كان سنحريب قد ادّعى بأن تلك الأرض تفضُـل أرضنا ما كان قد صدقه أحد. أما الذي نعته بالسخف فلا داعي لمناقشة رأيه.
- وإلى أين تم إجلاؤهم؟ يجيب مارزوطرا قائلا : " إلى جبال زالوغ". وعلى العكس [مما سبق]، فإن بني إسرائيل سيذكرون أرض إسرائيل بسوء؛ ذلك أنهم لما نزلوا بلاد سوس (שוש) قالو: "شاوايا" (שויא)، أي "مُساوٍ" لأرضنا!، (...)؛ ولكن لما توغلوا في سوس الثاني (שוש תרי) [يقصد: 'سوس الأقصى'] صاحوا منبهرين : "إنه الواحد يقوم مقام الإثنين! وهو ما يفيد بأن تلك البلاد تفضل أرضهم مرتين..."
وقد علق قُطب الربيين الإفرنج، سليمان ابن اسحاق المعروف بالمختزل :" راشى" (1040م-1105م) على هذا النص التلموذي حسب ما أورده لاريدو (ص 141-142)، فقال، من بين ما قال مما له تعلق بالتصور الجغرافي التاريخي لدى فقهاء التلموذ : «... ومن تلك الأوصاف المختلفة، استمدت تلك الأماكن أساميها...» [يقصد أسامي ربوع المغرب].
أما لاريدو نفسه، فقد علق على النص التلموذي بإشارتين مدعمتين ومدققتين :
أ- فقد أشار إلى أن جبال 'زالوغ' التي كانت المستقر الأول لمنفيّي سنحريب إنما هي جبل 'زالاغ' المعروف اليوم في محيط فاس، وليس ما يدعيه زميله Gattefossé الذي يرى بأن المقصود هو "أسلاغ" بمنطقة درعة.
ب- كما أشار لاريدو في تعليقه على النص التلموذي إلى ضرورة استحضار كون العرب الفاتحين قد وجدوا سكان المغرب يطلقون على الطرف الشمالي من البلاد "سوس الأدنى" وعلى الطرف الجنوبي "سوس الأقصى"، وأن الطرف الشمالي ما يزال يحمل اسم 'الشاوية'، الذي يرجعه المؤلف إلى الكلمة الآرامية [شاوايا] الواردة في النص السابق، والتي تعني "مُساوٍ" أو "مُناظر".
ونشير أخيرا إلى أن المجهود الكبير الذي بذله لاريدو في كتابه يقوم بالدرجة الأولى على محاولة استنباط الأصول التاريخية للأعلام البشرية والمكانية بالمغرب من ألفاظ الوثائق التوراتية والتلموذية.
ولقد استمرت هذه الصورة المخيالية قائمة في أذهان طائفة اليهود المغاربة، بأشكال متعددة يجمع بينها تداخل الأزمنة وتواقُع الأمكنة وتقامُص الهويات الجماعية. ونشير، من مظاهرذلك، إلى ثلاثة أمور: أسطورة "صخرة سليمان" و"مناقب المملكة الإفراتية" وحكاية كتاب البهاء المعروف بـ"الزوهار" مما سيأتي ذكره]]]. انتهى المقتطف.
4- علم الإثنوساسيات
من بين فروع العلوم السياسية اليوم علم يسمى علم "الإثنو-سياسة" / Ethnopolitics. إنه علم له مراكز بحث ودوريات متخصصة، بعيد عن الأدبيات الشعبية من قبيل ما سبق ومن قبيل ما تعجّ به، بدرجات متفاوتة من الأسطرة مواقعُ بعض المجموعات الفايسبوكية مثل "المزمة الثقافية" و"التاريخ المغربي الموري". إنه علم يبحث في أوجه التقاطع بين المجموعات الإثنية ومجالات السياسة (https://en.wikipedia.org/wiki/Ethnopolitics).
--------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres