(En arabe) Quid de la pension d'un imam en retraite.
ما حُكمُ راتب الإمام، وراتِبه التقاعدي؟
من دون الدخول في تفاصيل الفتاوى المتعلقة بأحكام تقاضي "أُجرة التقاعد" من بنك ربوي أو إسلامي، سواء من مشغل سابق مُسلم أو غير مسلم، مما تحفل به مواقع الفتوى الفضائية، سأقتصر على ذكر واقعة وما أوحت به.
سمعتُ أمسِ (9 يناير 2018)، في إحدى الإذاعات المغربية، أحد السائلين يعرض على أحد العلماء الأثيريين مسألة شـــــــــــغـــور مــــنـــصِـــــب الإمام في مسجد حيّه، ولجوء القوم المعنيّين على إثر ذلك إلى مجرد خدمات بعض العرضيّــــــــيــــن ("فاكاطير") لأداء الخدمة، وذلك بعد أن تــــــــــــــــقـــــــــــاعـــد الإمام؛ فأضفت شيئا جديدا إلى معلوماتي.
وقد تذكرت، في نفس الوقت على التوّ - زيادة على تلك الإضافة في المعلومات - بعض ما جاء في كتاب مهمّ، ספר המדע ("كتاب المعرفة"، أول الكتب الأربعة عشر المشكّلة للموسوعة التفسيرية الكبرى משנה תורה) لصاحبه، حجّة اليهودية ومحرر فقهها، وعِلم الكلام العقدي فيها، أبي عمران موسى بن ميمون بن عبد الله القرطبي اليهودي، المعروف لدى اليهود بــ"رامبام" (كان قد درس في القرويين، وانتهى طبيبا خاصّا لصلاح الدين الأيوبي).
ففي استحضار لخدمة إمام المسجد التقليدية، قبل أن تصبح هذه المؤسسة شبه إدارة أو شبه مقاولة، ألا وهي خدمة إمامة الصلاة، ووعظ المصلين بتـــعليــمـــهم أسس ومبادئ الإيمان والتقوى والأخلاق، وفي أحيان كثيرة تعليمِ الأطفال مبادئَ القراءة والكتابة وتحفيظهم القرآن، تذكرت ذلك الكتاب، الذي جاء فيه، استنادا إلى متن التلموذ، أنه "لا يجوز إيقاف أو تعليق خدمة تعليم الأطفال، ولو كان ذلك من أجل حملة لإعادة بناء الهيكل" (التلموذ حرر في بابل بعد تخريب نبوخذنصّر لهيكل سليمان ونفي اليهود إلى بابل)، والذي جاء فيه أيضا ما يلي: [يتعيّين أن يكون هناك من يعلـّم الأطفال في كل إقليم، في كل جهة وفي كل مدينة. ويتعيّن إعلان اللعنة على سكان أيّ قرية لا يتردّد فيها الأطفال على كُتّاب ما دام السكان لم يتخذوا لهم معلما ابتدائيا؛ وأن تمادى السكان في رفضهم، يتعيّن تخريب المدينة نظرا لأن العالم لا يقوم إلا بفضل أنفاس الأطفال في المدرسة].
لكن نفس الكتاب، وفي إطار حكمة "المعرفة تُشترى ولا تباع"، يحكُم، بأنه لا يجوز للــــــــربّـــــي الذي يؤمّ الصلاة ويعظ الناس (ما يقابل "الفقــيـــه" أو الإمــــــــام عند المسلمين)، ولا حتّى لمن يُعلـّم التلاميذ الشروح والتأويلات التلموذية (ما يقابل التفسير والتأويل والحديث عند المسلمين) أنِ يتقاضى أجــــــــــــــراً على خدماته هذه؛ لأنها، مبدئيا، من باب البـــــــــــــرّ والإحســـــــــــان ({وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان}). أيْ أن على الربّي أن يفعل ذلك الإحسان في إطار إحسان من أحسن إليه من الجماعة كما يُحسِن هو إلى الجماعة ككّل، وأن يتخذ لنفسه معتمدا أساسيا أخر مناسبا للمعيشة واللمعاش، مثل مزاولة الخياطة، وتحرير العقود، وغير ذلك من الخدمات المناسبة.
ولعلّ لهذا التصوّر الأخير لمهمة الإمام والواعظ ومعلم الأطفال باقي ذكريات في نظام "المسيد" لتعليم العتيق بمغرب الأمس، بقطع النظر عن المِلل والنِحل.
--------------
-- تتوفر ترجمة فرنسية لـ"كتاب المعرفة"، وهي هذه:
Moïse Maïmonide (1961). Le Livre de la Connaissance. Quadrige / Presse Universitaire de France. Paris.
-- عن "كتاب المعرفة" (ספר המדע) انظر هــــنـــا
-- وعن المغزى العامّ لكل ما تقدّم، انظر كتاب "حفنةٌ من المُصطـَـفين" (الأصل الإنجليزي The Chosen Few، هـــنــــا ؛ والترجمة الفرنسية Une poigné d’élus، هـــنــــا)
--------
محمد المدلاوي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres