OrBinah

(EN ARABE) Quelle place pour les arts dans la réforme de l'éducation?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller vers la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAG, puis sur CODAGE (puis éventuellement sur PLUS), et enfin sur ARABE(Windows)

 

سئم الناسُ لونَ هذا السواد

2- مكانة الفنون من أجندة إصلاح النظام التربوي؟

 

الهيئات المختصة منهمكة اليوم على قدم وساق لإعداد تصوّر عشرية أخرى (أو عشرينية) من عشريات إصلاح المنظومة التربوية في أفق مقاصد غـايات من المفترض أن يكون قد تم تدقيقها بشكل ملموس. كثيرةٌ هي الأبعاد التي تفرض نفسها على تصور معالم هذه العملية الجمعية على ضوء التشخيصات التي من المفترض أيضا أن يكون قد تم إنجازها ميدانيا ومهنيا وعلميا. وبشكل تعميمي مختصر، يمكن القول بأن التربية المُثلى الملائمة لأي مجتمع هي التربية التي تمكن الفرد الناشئ من بناء تدريجي لشخصيته بشكل يجعله مقتدرا على الانخراط بفعالية موجبة، وبتوازن خلاّق في الأطر السوسيو-اقتصادية والسياسية والفكرية لمؤسسة المدينة. كما أن للتربية، بمفهومها العامّ، أطرا نظامية وغير نظامية متعددة ومتفاوتة التأثير حسب درجة ونوعية تطور المجتمع. ومن بين تلك الأطر، يلعب اليوم إطارُ المنظومة التعليمية (إلى جانب الإعلام) دورا محوريا وحاسما في تحديد الحصيلة النهائية لوظيفة التربية.

المنظومة التعليمية، بدورها، متعددة الأبعاد التي تساهم إيجابا أو سلبا، وكما وكيفا، في تقرير نوعية النتائج (المضامين التكوينية والمعرفية، نسبة ونوعية التأطير، البنيات التحتية، نظام التقويم، توزيع التحملات، الخ.). وسيتم الاقتصار، هنا، على إثارة جانب واحد من جوانب المضامين التكوينية والمعرفية لهذه المنظومة، في علاقته، وجودا وعدما، ببناء الشخصية الفعّالة والخلاقة والمتزنة في محيطها. إنها مواد التربية الفنّية عموما، في هذه اللحظات بالضبط التي قام فيها الملك بتدشين متحف الفن المعاصر بالرباط، وأشرف على انطلاق أشغال بناء المسرح الكبير الكبير للرباط؛ وهي مادة التربية الموسيقية على وجه الخصوص في ما يتعلق بموضوع هذا النص؛ هذه المادة، التي يكاد يستفاد من تاريخها القصير العابر في المدرسة المغربية الحديثة (حيث لم تعمّر إلاّ قليلا بعد إدخالها) ومن واقع غيابها التام على المستوى الأكاديمي (لا شعبة في كلية، ولا معهد عالي وطني)، وكذا من واقع غيابها الكامل عن اهتمامات أيّ نقاش مهما كان مستواه حول النظام التربوي، بما في ذلك نقاشُ مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين ثم نصه، أقول: يستفاد من كل ذلك أن الذهنية السائدة ما تزال تعتبر التربية الموسيقية وجها من أوجه التزجية الكمالية التي يصبح الاهتمام بها من أوجه الهدر والعبث، بالمقارنة مع "أولويات إعداد الأطر وتكوين البروفيلات المؤهلة لولوج سوق الشغل" كما هي عليه حالتها (الوظيفة العمومية في الإدارة والتعليم والصحة والعدل، مناصب الشغل في المعامل وفي تدبير المقاولات الصناعية والتجارية والمالية، المهن الحرة التقليدية).

خلافا لهذا الفهم الأخير الذي يُحسَب على ما يشبه الواقعية البراغماتية، كانت المدرسة الأثينية القديمة، التي أصبحت اليوم بمثابة مجرد مثال من المُثل، قد جعلت من مواد اللغة (ما كان يعرف عموما بالبلاغة)، والرياضيات، والفلسفة (الحكمة)، والموسيقى، والرياضة أعمدة الأساس في إعداد المواطن المثالي في المدينة، أي بناء عقل سليم في جسم سليم. لكن لا ينحصر الأمر، مع ذلك، في مجرد تصوّر مثالي ينتمي إلى تصورات المدينة الفاضلة في عالم المُثـُـل. وبدون استعراض لا يتسع له المجال لمكانة مادة الموسيقى في مختلف الأنظمة التعليمية للأمم المتقدمة الحديثة، القائمة مع ذلك اليوم على حسابات الاستثمار والكلفة والفائدة على الآماد البعيدة، يكفي استحضار حالة الدولة السويسرية، بلاد صرامة حساب الزمن والعمل والضرائب، والربح والخسارة و"لا شي بدون مقابل". لقد صوت السويسريون مؤخرا (وهم من أكثر الشعوب إثقالا بالضرائب) بأغلبية 72 بالمائة من الناخبين لصالح إدراج إجبارية مادة الموسيقى في التعليم بدستور دولتهم (انظر هــنــا ). أما في فرنسا (وعلى سبيل ذكر الشيء بالشيء)، فالجديد الذي حصل في هذا الباب، والذي كان موضوع نقاش الجمعية الوطنية للأسر التي تتبع محتوى حقيبة التلميذ كل سنة، هو قرار إسقاط إلزامية المزمار ذي المنقار (flûte à bec) من لائحة أدوات التلميذ، وذلك بعد التوجيه الجديد للغائيات التربوية من مادة الموسيقى إلى التعرّف مبادئ السُـلـّم الموسيقى والكتابة الموسيقية أولا، اعتمادا الصوت الحنجري، بدل صوت الآلة، باعتبار أن في الأول مزية مزدوجة يتمثل أحد شقيها في تمرين الناشئ على ضبط  وتثبيت صوته أمام الغير وعلى التخلص من ارتعاش ذلك الصوت واضطرابه في مهارات التواصل بصفة عامة (انظر هــنــا).

لا يتعلق الأمر هنا إذن باستعراض أي الشعوب أميَـلُ وأسرع من بعض إلى الانتشاء والطرب (mélomanie) أو الحضرة و"الجدبة" (transe). فالأمر يتعلق هنا بالمفعول الذهني والتهذيبي النفسي للمعرفة الموسيقية  الصورية (connaissance formelle) في بناء شخصية الفرد وإرساء توازناته الانفعالية والسيكو-حركية، وليس بمدى حضور الغناء والعزف والرقص كممارسة و/أو استهلاك عفويين انفعاليين جمْعِيَـين في الحياة اليومية أو الفصلية أو الطقوسية لشعب من الشعوب، مما لابن خلدون في مقدمته خواطرُ طريفة حوله خلال حديثه عن الطباع والأمزجة في علاقتها بالمحيط (انظر هــنــا).

ففيما يتعلق بالمفعول الذهني والتهذيبي النفسي للمعرفة الفنية الصورية بصفة عامة، أقر علم النفس الفردي والجمعي الوظيفة التي تقوم بها الفنون بصفة عامة (وفي مقدمتها الموسيقى والرسم والمسرح) منذ فجر التاريخ في باب ما يعرف بـعملية "التصعيد" أو"التسامي" (sublimation) النفسي البناء اجتماعيا لدى الفرد من خلال توظيفه إياها لإحراز التهذيب والتوازن في حظيرة المجتمع المتمدن، أي إحراز التوازن النفسي ما بين ما كان يعرف بــ"النفس الزكيّة" ("الأنا الأعلى الأخلاقي الجمعي"، حسب التعبير الحديث) الطارئة ثقافيا لدى الكائن البشري ككائن اجتماعي من جهة، و"النفس الغضبية" العدوانية ("الهُوّ" le Ça، حسب التعبير الحديث) المتجذّرة طبيعيا لدى ذلك الكائن من خلال شقّه الحيواني الأصلي (علم النفس عند ابن باجه، والتصور الاجتماعي عند Hobbs) من جهة ثانية. معنى ذلك أنه، إضافة إلى المزايا الذهنية للمعرفة الصورية بالموسيقى، تتميز بعض طبوعها بمزايا وفضائل مفعولها في تخفيف التوترات السيكو-اجتماعية لدى الأفراد والجماعات وفي إقامة توازن صحّي بين قوى دوافع الغرائز والانفعالات من جهة والضغوط الأخلاقية والاجتماعية من جهة ثانية، أي ما كان يعرف عند الأقدمين (الفارابي وابن سينا وابن باجه، انظر هــنا) بالعلاج الموسيقي، وما تم تحيينه اليوم بنفس التسمية (musicothérapie، انظر هــنــا).

 

ففي غياب أيّ معدول  (module) للفنون بصفة عامة (وفي مقدمتها مادة الموسيقى)، كمعدول من معدولات التربية، يُـترك الفرد بدون أي تأهيل سيكو-تربوي للاقتدار على تصريف تناقضاته السيوكو-اجتماعية الطبيعية تصريفا مدنيا، أي أنه يُترك في قبضة وربقة قانون الغرائز الضاربة في شأفة طبيعته الحيوانية الأولى، حيث يستغل كل فرصة سويو-ثقافية أو سوسيو-سياسية، أو سوسيو-دينية الخ. لتفجير تلك الغرائز تفجيرا لا-مدينا بشكل أو بآخر، حسب طبيعة المناسبات واستثنائية الظرفيات. فلا غرابة مثلا في أن نكون من الشاهدين على ما يتمّ بالملموس من تعامل جاهلي مع نعمة وحق الحياة، على طريقة "قابيل وهابيل" في أماكن معلومة اليومَ من المعمور، وذلك تدبير شؤون العادة من نمط سعي ورزق، وعلاقةٍ بين الذكر والأنثي، وشؤون العبادة من حيث من تقرب إلى الخالق ومن تمرّد عليه (قصة قابيل وهابيل هــنــا). ولا غرابة كذلك أن نكون من الشاهدين على ما يتم لدينا "سِلميّا" من تحيين رمزي طقوسي جمعي لقوّى نفس النزوعات السيكو-اجتماعية الجاهلي، وذلك من خلال الطقوس القتالية التي أُلبستْ مثلا لشعيرة من الشعائر الدينية النبيلة، شعيرة ذبح الأضحية. فإذ كان قد شكّل تأسيس الحنفية الإبراهيمية لتلك الشعيرة ثورةً حقوقية كبرى في باب سموّ حق الحياة، وذلك عن طريق القطع مع تقاليد التقرّب إلى الرب بقرابين بشرية، وتعويض ذلك على شكل سنة التضحية الرمزية بالحيوان، فقد أضحت مع ذلك اليومَ تلك الشعيرة عبارة عن مناسبة لتحيين غرائز النزوع السَيكو-مَرضي (psychopathologique) نزوعا عُصابيا إلى إهراق الدم، تماما كمثل التسخينات الاستعدادية لبعض الفرق الدينية، والمتمثلة في الجلد "الحمدوشي" للذات عبر القرون استعدادا للثأر من الغير لدم معيّن حينما تسنح الظرفيات التاريخية بذلك. ذلك ما تترجمه الهيستيرايا العُصابية الجماعية التي تصاحب تلك الشعيرة، على شكل حُمّى بالشارع العمومي تدوم وعدة أيام على شكل حُمّى اقتناء وشحذ السكاكين والفؤوس، وإعداد محارق الأكرعة والرؤوس بالشارع العمومي، وعلى شكل ما يصاحب لحظة الذبح أمام الصغار والكبار من استقبال بعضهم لدم الذبيحة لاستعمالات حمدوشية مختلفة، أو إجهاز البعض الآخر على فروة الذبيحة ("البطانة") فور فصلحها عن الذبيحة السليخة ليحشر أنفه وكامل جهه في ثناياها مستنشقا ومتمسّحا بجلدها الباطني وهو ما يزال يفور. وأوجه تلك الحمدوشيات كثيرة ومتنوعة الأشكال (انظرهــنــا).



09/10/2014
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres