OrBinah

(EN ARABE) Protéger la langue arabe de qui ou de quoi?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

حماية متن اللغة شرط للتمكين لها؟

نموذج بدعة "المقاصّـة"، بفتح الميم !

 

حينما كنا تلاميذ بقسم الشهادة الابتدائية سنة 1962 بفرع تاليوين لمؤسسة "المعهد الإسلامي بتارودانت"، قامت لجنة من الفقهاء المسؤولين عن تلك المؤسسة بزيارة تفقدية لذلك الفرع؛ وكان على رأسها المرحوم عمر الساحلي، مدير تلك المؤسسة، وبرفقة قاضي تارودانت آنذاك، المرحوم مولاي سعيد بن الحسن آل بن السعيدي الذي ساعدني، جازاه الله، على الالتحاق بذلك المعهد بعد طردي مما كان يسمى بـ"المدرسة الحكومية". وقد اصطحبت تلك اللجنة معها أستاذين مصريين (ياسين وعبد العليم) لأداء بعض ساعات التقوية في الحساب لفائدتنا في إطار استعداداتنا لاختبار الشهادة الابتدائية.

 

وإذ كنا نقضي حينئذ مجمل أوقات "فراغنا" في التباري، كمجموعات، في الإتيان بالمحفوظ من أبيات الشعر العربي، على أساس أن يبتدئ كل بيت لاحق بروي البيت السابق (أي بحرفه الأخير)، أو في تعجيز الآخر بطلب إعراب أعقد الآيات أو أغرب الشعر أو أكثر الأقوال التباسا (مثلا؛ أعربْ ما يلي: "إن فرعونِ وهامانِ، والنبيـئيـن، في سَـقـّـر")، أو في طلب إيجاد صيغ الأمر أو المصدر لمختلف الأفعال المعتلة، من مِثال وأجوفَ ولفيفٍ مقرونٍ أو مفروق (مثلا: ما صيغة الأمر من "وفى" أو "وقى" أو "وعى")؛ إذ كان الأمر كذلك، فإننا قد صُعقنا خلال تلك الزيارة، وخاب أملنا، وتقززنا لسماع العربية التي أدى بها الأستاذان المصريان درسيهما. لماذا تصلح أحرف الجر، والنواسخ الحرفية والفعلية، وقواعد إعراب الفعل والفاعل والمفعول والحال والتمييز؟ فكل ذلك الذي حصلناه حول أسرار العربية، والذي كان يمثل مفخرة الحُـفـّاظ النجباء منا، لا يساوي شيئا بالقياس إلى عربية هؤلاء الأساتذة الذين سبقتهم إلينا سمعتهم كممثلين لـ"الحداثة" حينئذ، عِلما وهنداما عصريا، ومكانة، وقوةَ خطابة.

شكونا خيبة أملنا إلى أستاذنا في مادة النحو، أبو الفضل محمد الودريمي، أطال الله عمره، فتلافى التعليق على الأمر بلباقة، على عادته في التحفظ، ثم دخل في صميم حصة درس مادة النحو؛ تلك الحصة التي كان يختمها دائما، ومهما كان موضوع الدرس، بمختارات جامعة من القواعد العربية القياسية من قبيل: [كل فعل ثلاثي مكسورِ العين يكون مضارُعه مفتوحَ العين]، أو [كل فعل ثلاثي مضمومِ العين يكون مضارعه مضموم العين]، أو [حركة عينِ المضارعِ من الفعل الثلاثي المفتوح العين حركةٌ سماعية، فتحا أو ضما أو كسرا، ما عدا ما إذا كان وسطه أو آخره حرفا حلقيا، فحينئذ تكون عين المضارع مفتوحة باطراد]، أو [الفعل المضعف يكون مكسور عين المضارع إذا كان لازما، ومضمومَها إذا كان متعديا]، الخ.

كان ذلك نموذجا لعلاقة المغاربة قديما باللغة العربية، وقد كانت علاقة اكتساب ودراية بناء على جهد في التعلم قوامه حفظ متون وتحصيل شروح أمثال ابن مالك، وابن هشام، والماكودي، والداني، والفيروزابادي، وليس بناء على مجرد اعتداد أيديولوجي بانـتـساب إثني، فعلي أو أسطوري، كما لاحظ المغاربة ذلك فيما بعدُ عند غيرهم، ثم انتهوا بتقليدهم فيه من خلال احتكاكهم بعربية أهل المشرق المعاصرين عموما وليس المصريين منهم على وجه الخصوص. وتلك كانت أيضا مناهجهم في التحصيل: مناهج قائمة على الحفظ لامتلاك القوالب الشكلية اللازمة لترديد مدونة موصوفة من معارف محصورةٍ مضامينُها وموقوفةٍ سلفا في ما يشبه وقفا أزيليا، وليس على أساس تنمية التحكم في الأداة اللغوية والمنطقية واكتساب كفاءات وظائفها التواصلية كلاما وكتابة وتلقيا وتفكيرا. تلك المناهج العتيقة، قد تم اليوم التخلي عن أدواتها القديمة (المتون والشروح، متون اللغة، والفقه، والتوحيد، وحتى المنطق)، وذلك منذ بداية الاحتكاك بعادات المشرق المعاصر وبمناهج الغرب الحديث؛ وكان ذلك باسم العصرنة والتخلص من التحجر البيداغوجي. ولعل في ذلك التخلي حقا جوهريا، أفضى، مع ذلك عمليا، إلى مجرد محض باطل ملموس. فالحفظ وشحن الذاكرة ما يزال يمثل القاعدة في باب التكوين، وكل ما أسفر عنه ذلك التخلي، في هذا الجيل، هو فقدان المغاربة لما كان معروفا عنهم، أو ما كانوا قد ادّعوه لأنفسهم، من أنهم إنما كانوا لا يرتجلون ولا يؤلفون نظرا لانشغالهم بتصحيح أخطاء المشارقة. فمن سيصحح لهم اليوم أخطاءهم؟

مناسبة طرح هذا التساؤل الأخير هو التراكم السريع لأوجه تضعضُع تمكـّـن المغاربة لهذا الجيل من قوالب اللغة العربية، وذلك على نطاق واسع، عموديا وأفقيا، لدى النخبة والعامة على السواء. لا يتعلق الأمر هنا بما يستجد من مظاهر مستحدثة لنطق موادَّ معجميةٍ سماعية (من قبيل موضة استعمال "تنويه" للدلالة على "تنبيه" مثلا، أو من قبيل استحداث "التبغيل" كمصطلح علمي في ميدان السوسيو-لسانيات كمقابلٍ لـ"التهجين")؛ إن الأمر يتعلق بالخروج عن كثير من القواعد القياسية الاطرادية الأساسية في أبواب نحو وصرف وفونولوجيا اللغة العربية. فإذ سبق مثلا لأدبيات مؤسسات أكاديمية عليا مغربية، محسوبة على العناية الأكاديمية بهذه اللغة وتطويرها، أن استحدثت مند عقدين وأقرت مصطلحات من قبيل /الصِـواتة/ (اشتقاقا من صَات/يصُوت) للدلالة على علم الفونولوجيا (علم أصوات اللغة)، بدل /الصياتة/ بمقتضى قاعدة قلب الواو المكسور ما قبلها، وذلك كما لو أن مصادر أفعال مثل صاغ/يصوغ، أو سادَ/يسُود، أو زارَ/يزُور، أو قادً/يقُود، مثلا، هي "صِواغة" و"سِوَادة" و"زِوَارة" و"قِــــــــوَادة" على الترتيب، وليس "صياغة"، "سيادة"، "زيارة"، "قيادة" على الترتيب أيضا، نقول: إذ كان الأمر كذلك، فقد راج في السنتين الأخيرتين مصطلح غريب آخر على نطاق واسع؛ وهو خارجٌ بكل المقاييس عن القواعد الصرفية الاساسية  للغة العربية. إنه مصطلح "المقاصةبفتح الميم بدل ضمّها كما لو أن العربية تقول "المَشاركة" أو "المَوازنة" بفتح الميم. يُسمع ذلك في الإعلام العمومي، وتحت قبة البرلمان، وفي غرفة المستشارين، وعلى لسان صحفيين، وقادة سياسيين، ووزراء، ومحللين أكاديميين، مع أن نفس المغاربة كانوا يقولون إلى الأمس القريب جدا "المُـقاصةبضم الميم كما يقتضي ذلك قياسا مطردا مصدرُ الفعل رباعي فاعَـل/ يُـفاعل/ مُفاعلة، كما في مصدر /مُحاجَجة/ (بفك المِثلين) أو /مُحاجّة/ (بإدغام المِثلين)، أو في مصدر /مُحاصَصة/ (بالفك) أو /مُحاصّة/ (بالإدغام)؛ خصوصا وأن هذا المصطلح الاقتصادي، /مُقاصّة/، ليس مستحدثا غريبا من حيث الاستعمال زيادة على اطراد جريانه على القياس في باب بناء المصدر في اللغة العربية. فهو مصطلح متجذر في أدبيات فقه المعاملات في المذهب المالكي منذ قرون، حيث أفرد متن العاصمية مثلا فصلا لذلك بعنوان "فصل في بيع الدين والمُـقاصّة فيه".

هذا التفسخ المتسارع لمتن العربية من أبرز أوجه "الفوضى اللغوية" الحقيقية، التي تهدد "الأمن اللغوي"؛ وكان يتعين أن تقف عنده أوراق الهئيات التي أكثرت الكلام حول حماية تلك اللغة. أي أنه يتعين أولا حماية متن تلك اللغة، وكافة اللغات الوطنية، الهوياتية منها والنفعية، من عبث وتسيب مستعمليها وعدم انضباطهم لقواعدها كما صاغتها علوم اللغة، وليس كما تخبِط بشأنها الخطابة العامية. فذلك شرط أساسي للتمكين لأي لغة في باب الاستعمال، لأن الأدوات التي يتم إفسادها لا حظ لها في الاستعمال. وفي هذا الصدد، يمكن الرجوع إلى نص سابق في نفس هذه المدونة عبر الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9804220-_en_arabe__7_des_lois_organiques_sur_les_langues_e.html

 



22/07/2013
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres