OrBinah

(En Arabe) Point de vue personnel sur certains indices politique de la fin 2018 au Maroc

رأيٌ شخصيٌّ حول بعض المؤشرات السيّاسية لآخر شهر من سنة 2018

بـــــــالمغــــــرب

-------------------

 

 

ترددت كثيرا في تحرير ونشر هذه الكلمة قبل أن أقدم على ذلك بصفتي مواطنا. أفزعني بعض ما آلت إليه الأمور مؤخرا بما ينذر بتداعيات لا أحد يتكهن بطبيعتها.

.

وقعت عدة وقــــــــــائع جســـــــام بشكل متسارع في ظرف اقل من أسبوعين: أ- واقعة ذبـــــــح سائحتيــــــن في عمق المغرب وقمة جباله، أوتاد البلاد (16 ديسمبر 2018) على يد جماعة وثقت وأعلنت ولاء مبايعتها لتنظيم جهادي خارجي، ب- بداية حملة كل مؤشراتها تدعو إلى اعتبارها تعبيرا عن اتجاه حركيّ يخترق المجتمع المغربي وتتمثل في إشـــــــهـــــار بعض المحلات التجارية إشهارا مجانيّا استفزازيا  في وجه العموم للافتات تنصّ على عدم استعداد تلك المحلات للتعامل مع بعض الفئات التقديرية غير المسماة من الزبناء، بناء على النيّــــــــات الافتراضيّـــــة لهؤلاء حول سيفعلون ببضاعتهم (الاحتفال بأعياد رأس السنة مثلا)، ثم ج- الطابع السياسي الصارخ والثقيل الذي أعطي لقضية حرّكها القضاء وتتعلق بتهمة قديمة/جديدة بالمشاركة في قتل ذي طبيعة إيديولوجية في الأوساط الطلابية سنة 1993.

.

إذا كانت الواقعتين الأولى والثانية تندرجان في إطار الجـــــــو العــــــام الذي طبع العالم في العقود الأخيرة بأشكال ودرجات مختلفة حسب البلاد، فإن الواقعة الثالثة تتميز باكتسائها طابـــــــعا مؤسّـــــسيّا يخص الدولة المغربية. ليس لدي ما أقوله حول جوهر القضية المعروضة أمام القضاء، وذلك بحكم بعدي عنها، وبحكم عدم الدراية بأوجهها القانونية وبالقانون عامّة. إلا أن هناك جــــــانبــــا شكــــــليا أفزعني فيها وجعلني أوجِسُ في نفسي خيفة كبرى باعتباري مواطنا دائما. يتعلق الأمر بالجانب الإخـــــــراجي للتضامن مع المتهم الذي جعله الإعلام رئيسيــــا في هذه القضية ،وذلك من طرف الحزب الذي ينتمي إليه باعتباره من أبرز قادته.

.

من طبيعة ومن حق كل تنظيم سياسي، إذا ما توسّم البراءة في متّهم من المتهمين أو لاحظ خروقا مسطرية في المتابعة أو المحاكمة أن تعبّر صحــــــــافـــــتُه، أو حتى بـــــلاغاتــــه الصادرة عن أجهزته عن تضامنه، ليس فقط مع أعضائه بمختلف منازلهم في أجهزته، ولكن كذلك عن سائــــــــر المواطنيــــــن، كما سبق أن فعل الحزب المشار إليه بالضبط مع أحـــد الصحفييــــن بعينـــــــه ممن ليس عضوا من أعضائه، لكنه فعل ذلك بشكل لا يمس ب المؤسسات من حيث الفصـــــــــــل بين السلــــــط، وبين الحزب وممارسته للسلطة التنفيذية، تلك الممارسة التي تمنع من يزاولها أن يختلط في لسانه لسانُ المســــــــؤول الحكــــــومي بلسان القــيــــادي الحـــــــزبي.

.

ومن الطبيعي كذلك أن يشـــــــــــفّـــــر الحزب السياسي المعين رسائل سياسية إلى مختلف الفرقاء السياسيين بمناسبة من المناسبات أو على هامش قضية من القضايا، يقوم بذاك متحملا مســــؤوليــــــته السيــــــاسيـــــــــة كاملة محسوبــــــة من حيث عواقب ما يكون قد شفّره؛ فذلك من صميم الممارسة السياسة ما دام لا جوهر ولا شكل ذلك التشفير غيـــــــرَ مخل بصلاحيات المـــــؤسّــــــسات كما هيكلها الدستور. ومن باب تحمّل المسؤولية السياسية في اختيار شكل وقناة تشفير الرسائل، التفكيرُ ليس فقط في جميع الفرقاء السياسيين، ولكن كذلك في مطلق مكوّنـــــات الــــــرأي العــــــــامّ المـــــــدني الذي لا يمكن لحزب سياسي ديموقراطي أن يخرجه من الحسبان في معــــــادلة التـــــــــدافــــع معتبراً بذلك السياسة مجرد لعبــــــة محصــــورة في تدافع أجهزة الأنـــــدية المحترفة.

.

وبهذا الصدد الأخير، أعود إلى الفزع الذي قلت إنه قد انتابني بسبب الجانب الإخراجي لتضامن الحزب مع أعضائه القياديين، لأقول بإن ذلك الفزع أصبح متقاسما بين شريحة عريضة من الرأي العام كما عبّرتْ عن ذلك بكثافة وقوة لا عهد للمغرب بها ردودُ فعل أطياف عريضو من الرأي العام للمجتمع المدني. لقد أفزعها تجنّـد قيادة الحزب، بما في ذلك رئيس الحكومة السابق وأعضاء حكوميون، تجنّدا مفرط قوة الإشهار في ما يشبه اقتحاما لقاعة المحكمة أحكِم إخراجُه الإعلامي إحكاما لتبليغ ما يراد تبليغه، بما في ذلك الإشهار من جزئيات إشارات النصر، ونوعية السيارة التي استقلها المتابع، وكذلك الوقفة الاستعراضية من أجل توثيق الحدث بالصورة بما طبع تلك الوقفة من قهقه وتحدّ موجه إلى طرف مجهول ليست السلطة القضائية وهيئة المحكمة سوى واجهة/قناة للتعبير عن هويته (وبمجهولية ذلك الطرف يصبح موجها لجميع من ليس من الحزب المتضامن مع أحد قادته) ممّا جعل الكثير يقارن المشهد بمشاهد أصبحت كلاسيكية في بعض البقاع مستعملا مصطلحات وإحالات جيو-سياسية قد يكون فيها كثير من التهويل التشبيهي ولكنها ليس خالية كلّيّا من الدلالات.

.

هذه الصورة الإعلامية (والصورة اليوم وقبل اليوم أبلغ أثرا من الخطاب ومن الممارسة) بثت كثيرا من الريبة المشوبة بمشاعر الفزع في النفوس، فشوّهت بذلك على ما يبدو صـــــــــــورة الحــــــــزب في الأذهان وقزّمت أبعاده الوطنية بسرعة فائقة في أعين الرأي العامّ، بأكثر من مفعول التآكـــــــــل الطبيـــــــعي لممارسة الحكم في إطار أيّ تنـــــــــاوب ديمــــــــوقراطي منذ أن تأهل هذا الحزب بفضل ديمـــــــوقراطيــــــته الداخـــــلية لإقناع ذلك الرأي العام بتبويئة المكانة التي أهلته لقيادة الحكومة لولايتين متتاليتين، ديموقراطية داخلية فرضت احترام الجميع، بل أحرجت كثيراً كافةَ الفرقاء السياسيين.

.

بذلك مارس الحزب السلطات التنفيذية التي يخولها الدستور، وكان ذلك في ظرفيّـــــــة سياسيّــــــة داخــــــلية وجهـــــــوية (ظرفية المطالبة برحيــــــل الطبقة السياسية كافة وفــتــح باب المجـــهول) جعلت الجميع ينظر من خلالها للـــــــــدور السياســــــــي لتلك الممارسة للمسؤوليّــــــة التنفيذية أكثر من غيره من الأدوار، وكثيرا ما ألح قائد الحزب سابقا ورئيس الحكومة السابق على ذلك الدور كلما كانت هناك انتقادات لسياسته الحكومية الملموسة.

.

لكن، إضافة إلى أن تمـــــــــرّن جيل أطر الحزب على ممارسة سيّاسة التـــــــدبيــــــر للشـــــأن العمــــومي الملموس على مستوى الحكومة والهيئات الترابية لم يغير كثيرا من ارتـــــــــهانـــــه لأدبيّــــــــاته القديـــــــمة التي تحصر جوهر برنامجها في "تــــــأديـــــب وتخــــــليـــــق" سلوكيات المجتمع انطلاقا من تصور معين للتدين، بما ترتب عن الاستمرار في ذلك الارتهان من إحراجات دورية على مستوى تعقّـب سلوكيات بعض أطر الحزب بالحق أو الباطل، فإن الخرجة الأخيرة المشار إليها على وجه الخصوص جعلت الدور السياسي المذكور لتولّي السلطات التنفيذية يصبح موضــــــــوع تشكّــــــــك وريبـــــــــة مشوبة بكثير من مشاعر الفزع كما ذكرنا، خصوصا وأن ذاكرة الرأي العام تربط ذلك بــــــــالأولويـــــات العملية لالعمل الحكومي خلال سبع سنوات في ميدان التشريع (تقديم مشاريع القوانين) وفي ميدان هيكلة المؤسسات بالموارد البشرية؛ أما الجوانب السوسيو-اقتصادية فتكاد تكون من باب الروتين الذي من الطبيعي يترتب عنه تآكل دوري ظرفي لإشعاع إيّ حزب حاكم، بدون أن يشكل ذلك مصدر ريبــــــــة أو خيــــــفة مطلــــــقة من احتمال "فتح أبواب نار جهنم" بدل مجرد طيف "فتح أبواب المجهول".

.

النار حين تندلع من تلقاء نفسها أو يقدَح قادحٌ زنادَها يكـــــــون وقـــــــــودها الأخضــــــر واليابــــس والنــــــاس والحجــــــارة، ولا تتوقف نوعية وماهية وهوية وقودها على النيّـــــــــات الخاصّــــــــة لمن قدح زنادها. فقديما قالوا "اللي كا يحسب بوحدو كا يشيط ليه"؛ وقد أورد هيجل (La Raison dans l’Histoire) في حديثة عن كيفية خدمة النيات الخاصة للتاريخ المستقل عن الإرادويّــــة الخاصـــــــة مثالَ ذلك الذي أراد أن ينــــــــتقــــم من جـــــاره فألقى في ساحة بيت ذلك الجار ليلا شهابا، فكانت النتيجة أن احتــــــرقت المديــــنـــة بأســــــــرها، وكان منزل مشعل النار ثاني منزل التهمته النيران.

.

مثل ذلك المثال هو مصدر الفزع، نظرا لأن الرسالة المشفرة التي يبدو أنها قد أرسلت لطرف مجهول تمّت بشكل وعبر قناة جعلت العموم يتلقاها، فأعطــــــــاها تأويــــــلات على أساس معطيات الظرفية العامة. فــفعالية التواصل لا ترتد إلى مجرّد الكمّ والوتيرة.

.

صاحب هذه القراءة للوقائع لا يمارس السياسة بالرغم من أنه يهتم بشؤونها من باب المواطنة، بناء على الموقف المعيـّــــــن من القضية المعيّــــــــــنة وليس بناء على موقف المشـــــــايعة/المناهضــــــة لهذه التشكيلة السياسية أو تلك على وجه الإطـــــــلاق، وله علاقات زمالية وتبــــادليـــــة فكرية ليبرالية منتظمة مع كثير من ممارسي السياسة من جـــــــميـــــــع الأطيـــــــاف دون تمييز، بما في ذلك كثيرٌ من قياديي الحزب المذكور حتّى قبل تأسيسه الرسمي (بمن في ذلك القيادي المتابع اليوم) الذين يَبعث إليهم بانتظام بمكتوباته في مختلف المواضيع التي يقدِّر أنها قد تصادف اهتمام هذا أو ذاك منهم، دون اعتبار لمضامينها من حيث مدى اختلافها عمّا يُفترض أن يكون عليه رأي المرسل إليه. ففي هذا الإطار الأخير، وليس في غيره، تندرج هذه القراءة الخاصة لدلالات الوقائع المشار إليها.

--------------------------

 محمد المدلاوي



27/12/2018
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres