OrBinah

(En arabe). Pensées à propos du keffieh

وقائع كوفية، وما في الباب من الأغراض الشاراتية

.

لا علاقة لهذا الذي يلي بواقعة تتويج الطالبة ذات الكوفية في كلية بنمسيك.

 

 

1-    وهو الذي يحتفظ في حقيبة تمائمِه "الفيتيشية"، المليئة بأنواع شتى من شواهد الأمكنة (بما في ذلك حجرة عادية التقطها سنة 1988 من إديم عَراء مدينة بابل الأثرية، فكانت موضوع استنطاق وجيز خلال ترانزيت بمطار أورلي في رحلة العودة لأن دلك كان مصادفا لانتفاضة الحجارة)، ومن الأغراض والشارات والشعارات والأعلام، بما في ذلك كوفية/Keffieh، تلك القطعة من قماش غطاء الرأس المعروف تاريخيا بجزيرة العرب والهلال الخصيب، والذي اكتسب اليوم أبعاد دلالاتٍ وطنية وما-فوق-وطنية وأصبح يُلف على العنق أو يسدل على الكتفين. غطاء رأس اختُلف في تأصيله الإيتيمولوجي: أهو نسبة إلى مدينة الكوفة العراقية أم للفظه له علاقة إيتيمولوجية بـكلمات تدور حول "الرأس": capo, chef, chapeau, cape, kipa, …؟

 

2-    إذْ كان أمر حقيبة التمائم كذلك، وعلى إثر بعض التعاليق على تدوينة لصاحبنا حول واقعةِ كوفية كلية بنمسيك (15 -7-2024)، فقد تذكّر كثيرا من وقائعه المرتبطة بذلك القبيل من الأغراض الشاراتية مما أشار إلى بعضها في كتاب "اليوميات".

 

3-    تذكر قصته مع البيع النضالي لمجموعة من أقلام الرصاص تحمل ألوان "الجبهة الديموقراطية" للرفيق حواتمة، إلى جانب سندات تبرّعٍ لصالح نفس الجبهة ومع رِزَم من شهرية "الحريّة" اللبنانية كان يزوده بها الرفيق "الأيوبي" (زوج الرفيقة "رحمة ضريف") في منزل للطلبة بساحة فلورانسا بفاس كلما زار هذه المدينة في أول سنة تعيّن بها للعمل كأستاذ اجتماعيات بثانوية لالة أسماء بوجدة (1973-1974). تذكر يوم طلب منه مُقاطنُه في منزل بحي "بودير" بوجدة، "حمادي"، أن يتخلص من تلك الأغراض لأن الأستاذ حمادي التروتسكي/الماوي الكوفية والذي كان قد اقتنى سيارة فياط بيضاء في الأشهر الأولى لتعيينه بعد التوصل بالرابّيل" ليصبح محط عيون ابنة الجيران الجافية عنه، متأكّد حسب ما يقول ويكرر مثل "إسحاق هايلامان الحالي"، من أنه "متابع ليل نهار من طرف المخابرات المغربية والروسية". طلب صاحبُ "البيع النضالي" من رفيق لهما معا، الأستاذ "فتّاحي"، أن يَقدم لكي ينقل تلك الأغراض إلى منزله بشكل موقت نظرا لأن "البيّاع النضالي" قد أشفق من أن يحرق تلك الأغراض كما فعل مقاطنه حمّادي قبل أيام برزم من أعداد مجلة أنفاس من "يوميات موحماد") ...

بينما كان الثلاثي يحزم رزمة أغراض "الجبهة الشعبية" ونشرة "الحرية" أمام باب المنزل على الحاملة الخلفية للدراجة النارية، والشمس مشرفة على الغروب، إذا بـسيارة "جيب" لدورية الأمن تبدو قادمة تسير الهوينى من أقصى عمق الزقاق السكني الخالي من الحركة ... (انظر النص (38).

 

4-     تذكر أيضا قصتين له مع الكوفية في باريز لعشر سنين بعد واقعة البيع النضالي المذكور في وجدة، أي في سنة (1983-1984). على هامش إعداده لرسالته دكتوراه السلك الثالث في اللسانيات بجامعة باريس-8، اغتنم  الفرصة لتحسين عبريته التي تعلم مبادئها بشكل عصامي انطلاقا من كتب قديمة اقتناها من جوطية فاس قرب المقبرة اليهودية بفاس لمّا كان طالبا؛ فتسجل كمستمع في سيمينار الراحل حاييم الزعفراني (وكان في تلك السنة المستمع الوحيد غير اليهودي ضمن الطلبة). وتسجل كذلك في دروس العبرية لكل من الأستاذين Hdad وSlcedo ؛ وكان كذلك هو "الكًوي" (اللا-يهودي) الوحيد من بين الطلبة النظاميين والمستمعين والمستمعات المتقاعدين (كانو يؤثثون عمرهم الثالث بتعلم العبرية). خلال تلك السنة، التي وردت كثير من وقائعها في "اليوميات" كانت شال الكوفية لا يفارق عنق الأستاذ المساعد الجامعي المستفيد من "التفرّغ" لمدة سنة جامعية. كان يجد ذلك طبيعيا في مدينة الأنوار بما في ذلك أثناء حضوره كمستمع في سيمينار أو درس من دروس اللغة العبرية. كان ذلك كذلك إلى ذلك اليوم الذي قرر فيه طلبة ومستمعو درس الأستاذ صالثيدو تنظيم حفل عشاء جماعي (كل يساهم بـ 20 فرنكا + وجبة معلبة أو مشروب معبأ) وذلك في فيلا إحدى المتقاعدات بضاحية باريس. سأل بعض الطلبة ذلك الكًوي عمّا إذا كان سيشارك فأجاب بالإيجاب. في غداة الحفل، أسرّ أحدهم إلى صاحب الكوفية واللحية الكثيفة السوداء بما جعله يفهم سرّ الاهتمام الغريب بشخصه الذي لاحظه في تصرّف السيدة المتقاعدة المستضيفة: أول ما دخل الناس، بادرت السيدة في الباب إلى دعوته بكل كرتوازية إلى التخلص من معطفه المنفوش وساعدته على خلعه وعلقته بعيدا؛ وكلما تحرك وهو جالي باحثا عن قلم أو ورقة (استهل الحفل بشريط وثائقى عن حالة بؤس يهود أوروبا الشرقية وتلاه درس حول مفهوم مادة "الجذر" في الكلمة العبرية) إلّا ووجد السيدة واقفة عند كتفه: "Vous avez besoin de quelque chose, Monsieur ?"  بينما أحد الأشخاص الذي كان مرتكنا قرب المدفئة إلى جانب الحائط الزجاجي الذي يتراءى ثلج الحديقة من خلفه بدوره لا تبارح عينه صاحب الكوفية إلى درجة أن هذا الأخير قد حار في أمر هذا الاهتمام والحفاوة خصوصا وأن ابن السيدة المستضيفة وهو شاب يكاد يتعدى العشرين قد اختار الحلوس إلى جانبه واستحلى الحديث معه مستغربا حديثه بالعبرية رغم تعثّره. علم صاحب الكوفية إذن من خلال ما أسرّ به إليه من دعوه أن السيدة المستضيفة قد تفاجأت بدعوته وحضوره، وقالت إن هيئته كانت تصور لها دائما "هيئة عرفات" ثم زادت أنها خشيت على ابنها الغرّ الذي اختار الجلوس إلى جانبه ...

 

5-    كانت آخر قصة من قصص "مول الكوفية" يوم أفلح في الحصول على نسخة عبرانية معتمدة من نسخ  الكتاب المقدس في الديانة اليهودية، المسمى "التوراة" عند المسلمين من باب إطلاق الجزء على الكل في غير دراية معرفية بـ"الصحف الأولى"، والمعروف في عند اليهود بـ"الميقرا" أو "التناخ"، وعند المسيحيين بـ"العهد القديم" في مقابل ناسخه عندهم الذي هو الأناجيل. اقتناها لفائدته أحد طلاب دروس العبرية بـ 100 فرنك نظرا لأنه لم يكن يعرف حينئذ أين يبحث عن المنشورات العبرية. حينئذ أخذ يبحث عن معجم يستعين به على الفهم. مرّ ذات يوم بأحد أزقة ساحة الكولونيل فابيان بالدائرة-19 حيث كان يسكن؛ وكان ذلك برفقة زوجته التي قدمت في صيف 1984 لزياته. بدا له أحد الأبواب في الرصيف المقابل عليه كتابة بالعبرية لم يعد اليوم يتذكر مفادها. قال لزوجته هيا بنا لحظة لزيارة هذا المرفق لأسأل لعلهم يرشدونني إلى مكان أقتني من معجما مزدوجا عبري-فرنسي. ما أن عبرا الطريق حتى وجدا نفسيهما بين "فكّي كمّاشة" رجُلي أمن مسلحين (كانا تحت شجرة على بضعة أمتار من الباب). سألاهما الأمنيان في أدب ولباقة عمّا يريدان فبينا لهما ثم ردّ الأمنيان بنفس اللهجة بأن الدخول ممنوع على العموم. لمّا انصرفا، قالت الزوجة: شيء طبيعي. لم تمهلني ولو لحظة. أفلم تنتبه إلى أنّ كلّا مسدلٌ كوفية على كتفيه رغم أننا في فصل صيف؟!

 

6-     حصل بعد ذلك كثير من الوقائع بعضها طريف وكثيرها محزن مما له علاقة بمرجعيات ما أصبح حمل شال كوفية الجزيرة العربية والهلال الخصيب يحيل عليه. من تلك الوقائع مقالات صحفية منشورة حول القضية الفلسطينية وصراعاتها المتعدد الأطراف والمتشابكة الأبعاد، ومنها بعض أوجه تجارب الوسط المهني لأستاذ كان يدرّس اللغة العبرية في الجامعة بكل اقترن في كثير من الأذهان من توجسات إزاء تلك المادة، بل تجارب حتى الحياة الشخصية العامة من قبيل تلك المكالمة التي وردت ذات صباح يوم أحد (2010) على الريق قبل الفطور ثم أعيدت بعد أسبوع:

- ألو ألو؛ ءءححح

= ألو نعام؛ شكون معايا نعام-اسيدي؟

 - واش نتا هو المدعو – ءءحح ءءححح – محمد المدلاوي؟

= إيّييه؛ هوّا هادا؛ شكون معايا الله يخليك؟

-        معاك مومتّيل حاماس فالرباط. بغيت نقول ليك بلّي راك معروف –ءءحح ءحح ءحح، والناشاط الصهيوني ديالك معروف عندنا. يلا ما بغى يكفيك، راه غادي ينـفّد فيك الشعب حوكم الإعدام" ...

سُجلت بشأن ذلك الإرهاب الموصوف شكوى ضد مجهول لدى السلطات القضائية وجرى بشأنها بحث من طرف الهيئات الأمنية بناء على إفادات المشتكي التي خَصصت تلك السلطاتُ حوالي ساعتين لتحرير محضرها، واتضح أن رقم هاتف "ممثل حماس في الرباط" هو رقم طاكسيفون. ... ولقد تمت إشارات إلى هذه الواقعة الكوفية الأخرى، من وجه آخر، عنيف هذه المرة، في مقال من مقالات الرأي نشر في مدونة شخصية بعنوانه "قضية عصيد" (2ماي 2013)، وهذا رابط نحوه على الخط: https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-de-l-affaire-ahmed-assid

 

7-     تلك وقائع مختارة يُكتفى بها هنا كعينة على مستوى تجرية شخصية لفرد من الأفراد رشحته محض صدف الحياة ليصبح أستاذا للغة العبرية ثم باحثا في اللغة والأدب والثقافة والفكر العبرانيين، لكن دون أن يغفل مقالات الرأي كلما دعته ظرفية من الظرفيات إلى ذلك، ودون يداهن أي طرف من أطراف قضية متشعبة الأبعاد أنهك تعفنها عدةَ أجيال من أجيال متابعيها المصطفين إزاءها من مواقع مختلفة، وأنهكت على الأخص طرفيها المباشرَين بسبب عجزهما التكويني الهيكلي عن الاستقلال عن لعبة الأمم وعن تصدير نزاعات الأرض إلى عوالم أخرى، وآخر وجه من أوجه ذلك التصدير منذ عقود هو تصدير نزاع الأرض إلى السماء والاحتكام إليها. كان صاحب الكوفية القديم يفعل ذلك مستعملا اللغة التي يفهمها الطرف المعني الرئيسي حسب ظرفية "أسباب النزول". أنظر إشارات في هذا الموضوع في التدوينة الفايسبوكية الآتية https://web.facebook.com/mohamed.elmedlaoui/posts/pfbid02i8sFFEJbvLJqJEM5aNwUYHswH2r9h5BkD962djdqU1uTjLWemeajddQu78hbFRvl?_rdc=1&_rdr

وإذ استشعر البياع النضالي وصاحب الكوفية سابقا منذ أمد أهمية نعمة "تحرير الكلمة"، المتاحة  اليوم والحمد لله الذي بفضل نعمه تتم الصالحات، ومن أجل ألا يتطفل انتهازيا على منبر أو محفل رسمي وألا يظل رهينا للخط  التحريري لبعض المنابر الصحفية أو الثقافية، فقد بادر من البدايات الأولى لظهور "نعمة تحرير الكلمة" إلى فتح صفحاته على الشبكة، وكان أولها مدوّنة OrBinah التي اختار لها منذ البداية وظيفة محددة والتي لا يلجها سوى من أراد بمحض اختياره.

 

8-          وهكذا فحينما يجد صاحب الكوفية المذكور حاجة في نفسه إلى التعبير عن موقف من قضايا الساعة أو من قضايا المجتمع أو حتى قضايا "الوجود والمصير"، لم يتخذ قط من منبر مهني أو من التسلل الانتهازي إلى منبر أو محفل رسمي وسيلة لتصريف موقفه الشخصي وفرضه على من لم يأت لأن يعرف عنه شيئا. فهو يتذكر أنه في بداية تلك السنة المذكورة (1973-1974) التي كان فيها "بياعا نضاليا" لأقلام رصاص الجبهة الشعبية للرفيق حواتمة كما ذكر (النقطة-3 أعلاه)، كان ذات يوم من الأيام الأولى لولوجه مهنة التدريس (اجتماعيات) بثانوية "لالة أسماء" بوجدة قد اكتشف - بفضل فضول تعاليق بعض التلميذات غير المنضبطات أثناء استعراض الأسماء (قصد ترسخها في الذاكرة) - أن التلميذة النبيهة الهادئة والمنضبطة "البوشيخي" هي شقيقة (أو ابنة أخ؛ لم يعد يذكر) المهاجر المغربي "أحمد بوشيخي" الذي اغتاله الموساد خطأ قبل شهرين فقط حينئذ (اغتيل في يوليوز 1973) بالنرويج اعتقادا بأنه أحد أعضاء فريق عملية ميونيخ). اكتفى البيّاع النضالي بتعزية التلميذة تعزية غير مصطنعة، ثم واصل النداء بالأسماء؛ ولم يخطر على باله أن "يفتح قوسا" "لتوعية الأجيال"، ناهيك عن أن تخطر بباله فكرة اهتبال الفرصة وانتهاهزها لتصريف بعض أقلام الرصاص الجبهة الشعبية لنفس الغاية التوعوية باعتبار أن التحفيظ في الصغر كالنقش على الحجر، وكان الأمر يتعلق بأمهات المستقبل القريب، مستقبل التغيير الجذري الشامل. كان يعرف، بالرغم من طوبّاماروسيته، أنه – وإلى إشعار آخر- أستاذُ اجتماعيات (تاريخ وجغرافيا) مكلف بتبليغ معارف تينك المادتين لا غير، في مقابل ما سيتقاضاه بعد مجيء حصة "الرابيل". نفس الشي كان في الجامعة بعد أن التحق بها كمساعد بعد أربع سنوات: لم يعمل قط على استغلال موقع كرسيّه (بالرغم من أنه لم يكن يجلس) أمام الطلبة والطالبات (وهم أحياء يرزقون) لفتح أقواس "التوعية" التي عادة ما تحلو كثيرا للكسالى منهم خاصة. لم يكن يجنح لذلك حتّى حينما يستدرجه بعض الكسالى المحبين للدردشة التوعوية كي "يدلو بدلوهم"، كما كان يحصل من حين لآخر حينما يجد جذاذة عند دخول القاعة فوق المكتب تقول [أستاذ. ما هي الغاية من تدريسكم لهذه اللغة؟ وشكرا]. الغاية واضحة: إنها الاستدراج إلى خطابيات الحديث عن "لغة العدوّ" والاستشهاد بحديث "من تعلم لغة قوم أمن شرهم"، وهو ما يفتح الباب أمام جميع "أصحاب الدلو" للإدلاء بدلوهم في جوّ توعوي نشيط. ما كان "مول العيبرية" مع ذلك يهمل الرسالة. كان يأخذها ويقرأها على الطلبة، فتشرئب الأعناق لسماع الجواب؛ ثم يضيف: [الجواب: أدرّس هذه اللغة لأنها مقرّرة في برامج الحصول على إجازة الليسانس، ولأن المؤسسة كلفتني بتدريسها].

 

9-          الخلاصة

تستولي العامة على القضايا النبيلة فـ"تؤممها" كملكية محفّظة لـ"الشعب" وتتخذ من شاراتها أجهزة كشافة للخيانة وللتمييز بين الأخيار والأشرار كما يفعل أصحاب وصاحبات الكوفية اليوم، على اختلاف ألوانهم الشيوعية أو الشيعية وما بينها على ألوان طيف قوس قزح مع القضية الفلسطينية؛ إذ ذاك تبتذل قيمُ جوهر كل قضية نبيلة وتتسمم القضية ثم تموت ببطء، كما تسمم جوهر الاشتراكية العلمية ثم ماتت وإن كان البعض اليوم بالضبط قد عاد إلى الإيمان بأن فوزَ اليسار"الميلانشوني" (الذي لم يغفل أن يستثمر الوجه الأممي للكوفية في حملته) فوزٌ يُبشِّر بانبعاث روح الاشتراكية العلمية، ففتح ذلك البعضُ من جديد أرشيف قاموسه اليساري القديم لقراءة مستندات مِلكية الرصيد اليساري للشعب (وقد المغاربة المسلمون "يلا تزلط اليهودي كا يبدا يقرا عقود بُّاه").

 

---------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



16/07/2024
6 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 344 autres membres