OrBinah

(En arabe) Particules de temps et d'aspect en arabe marocain

تأصيلٌ دياكروني مقارن لبعض "محوِّلات الفعل" في العربية المغربية الدارجة.

 

 

.

أولا:   المحوّلات: غادي/غـــا، بُـغى/بُـــا (إفادة زمن الاستقبال في الدارجة)
-------------------ا------------------
.
1-   المقصود بمحّــــــــول الفعل (modificateur du verbe) هو كلماتٌ أصلها الدياكروني أفعالٌ منصرفة أو أسماءُ فاعلٍ، يتمّ تــــرخيـــــــــــــم لفظها مع كثرة الاستعمال، فتصبح عبارة عن أدوات صرفو-تركيبية وظيـــــــــفيـّــة (particules fonctionnelles) تدخل على صيغة صرفية من صيغ الفعل (ماض/تامّ أو مضارع/غير تامّ) لإفادة قيم الزمن أو الكيف (temps/aspect). إنها "أدوات الزمن والكيف" (particules de temps et d’aspects).

ومن المعلوم أن للفعل في صرف اللغات السامية والأمازيغية صيغتين اثنتين فقط قائمتين على أساس كيفية الحدث (proces) من حيث التمام (accompli) واللاتمام (inaccopli). هاتان الصيغتان (ما يسمّى /ماضٍ/ و/مضارع/ في مصطلحات الصرف العربي) لا تفيدان الأزمنة الثلاثة الرئيسية (من عابر وحال ومستقبل) في حدّ ذاتهما، وإنما تتم إفادة ذلك بوسائل صرفو-تركيبية من بينها تصدير الفعل ببعض الأدوات، وهو موضوع هذه الورقة.

.

إفادة زمن الاستقبال في الدارجة المغربية

.
2-   يتمثل محّول الفعل، الذي يفيد زمن الاستقبال في الدارجة المغربية في كلمة /غـــــادي/ التي هي اسم فاعل يخضع في الأصل للمطابقة ("غادي يـــــــسافر"، "غادية تــــــسافر"، "غاديين يـــــسافرو" ...). والمعنى الأصلي لـ"غادي" هو "ماشي فالصباح" (في مقابل "رايح فالعشيّة"). مثلا: "يا الغادي فالطوموبيل ..."، "يا الرايح وين مسافر، تروح تعيى وتولّي". وهناك من يقولون /ماشي نسافر/ بمعنى "ســـــأسافر"
وبكثرة استعمال هذه الصيغة المشتقة (من فِعل "غدا") استعمالا بمثابة فعل من أفعال المقـــــــــاربــــة في مثل: /غادي يسافر/، /غادي يعيى/، /غادي يولّي/، كفّت تلك الكلمة عن الانصراف والمطابقة (استعمال صيغة المفرد المذكر دون غيره من: غادية، غاديين ...)، وأصبحت عبارة عن صيغة مقاربة غير منصرفة؛ ثم تمّ ترخيمها في النهاية على شكل مجرّد أداة: /غــــــا/ (/غـــا يسافر، غـــا تعيى، /غــــا يولّيو/ ...). والإفادة الدلالية النهائية لهذه الأداة الصرفو-تركيبية التي تدخل على الفعل الرئيسي، هي إفادة الإقبال على الفعل استقبــــــــــالا (أيfuture ).

وقد طوّرت الفرنسية من جهتها نوعا مماثلا من تصريف الفعل في المستقبل عرف في مصطلحات صرفها بـ"المستقبل القريب (future proche) وذلك باستعمال فعل من أفعال المقاربة /aller/ ""مشى (//il va sortir:  "ســــــيخرج عمّا قريب").
.
3-    وقد حصل جـــــــناس لفظي (homonymie) في النهاية للأداة /غـــــــــا/ في الدارجة المغربية، التي لا تدخل إلّا على صيغة المضارعة فتكسبها دلالة زمن الاستقبال. فقد تطور كذلك نفس اللفظ (/غــــا/) عن فعل آخر من أفعال القــــــــلـــوب، الذي هو /بُغـــــى/ "أراد". إذ يقال /بُغـــــى يسافر/ ("يريد أن يسافر"، ومنه إفادة: "ســــيسافر"). ثم إن الأصل /بُغــــى/ "أراد" في الدارجة المغربية قد تم ترخيمه في بعض المناطق (مراكش، تارودانت، تافيلالت) لإفادة نفس الوظيفة، بمجرد لفظ /بُــا/ (/بُــا يسافر/ "يريد أن يسافر"، ومنه "ســـيسافر").

.
4-   لقد حصل دياكرونيا في الدارجة المغربية في هذا الباب (باب استعمل فعل من أفعال القلوب "أراد" لإفادة العزم والاستقبال) نفس ما حصل في الأمازيغية، والعربية المصرية، والإنجليزية، في التعبير عن زمن الاستقبال. ففي أمازيغية تاشلحيت ظهر التعبير عن زمن المستقبل باستعمال الفعل /را/ "أراد" (/يــــرا ا-يمّودّو/ "يريد أن يسافر/)؛ ومنه - بعد الترخيم وإزالة الانصراف مع بقية الضمائر: /را يمّودّو/ "ســـــيسافر"، /را تمّودّو/ "ستسافر، هي"، /را تمّودّوم/ "ستسافرون".

وقد نبّهني زميل (Ch Dardak) في موقع فايسبوك  إلى أن لهجة صنهاجية بمنطقة السراير تستعمل الأداة /شــا/ لإكساب زمن الاستقبال للفعل، فيقال /شـا دّوغ/ "سأذهب"، /شــا تّشاغ/ "سآكل"؛ فأجبته بالتساؤل عن احتمال ترخيم تلك الأداة عن الفعل /خســـا/ "أراد" في الصنهاجية عامة. أما الصنهاجية الشرقية (الريف) فتكتفي بالأداة المصدرية /اذ/ (مقابل /أنْ/ في الفوصحى) لإكساب صيغة المضارع زمن الاستقبال (/اذ راحـ'ــغ/ "ســـأذهب")، تلك الأداة المصدرية التي تدمج في الحقيقة - فتظهر أو تختفي، حسب السياق الصوتي – في الأوجه الأمازيغية التي تستعمل فعل الإرادة (/را/ "أراد") للتعبير عن زمن المستقبل (/راد/ يدّو/ "سيذهب" تقديرها الدياكروني: /يرا اد يدّو/ "أراد أن يذهب").

العربية المصرية، من جهتها رخمت أداة الاستقبال /حـــا/ (/حــــا يسافر/ "سيسافر") من فعل من أفعال القلوب هو: /حـــابّ/ (/حــابّ يسافر/ "أراد أن يسافر"، ومنه "ســـــــيسافر"). فقد حصل نفس الشيء في تطوير زمن المستقبل في الانجليزية انطلاقا من فعل will "أراد" (ويُرخّم بلفظ   /ll'/؛ إذ يقـــال فيها: /I’ll go/  "ســـــــأذهب").

.

ثانيـــــــا:  المحوّلات:  قـــا/كــــا/تـــــا (إفادة زمن العادة والحاضر في الدارجة المغربية)

 

5-  يتراوح لفظ الأداة التي تُكسب صيغةَ المضارعة قيمةَ الزمن الحاضــــــــــر أو قيمة العـــــــــادة الجارية في الدارجة المغربية حسب الجهات ما بين ألفاظ /قــــا/ و/كـــا/ و/تــــا/ (/قــــا يقرا/، /كــا يقرا/، /تــا يقرا/ "يقرأ الآن" أو "يقرأ عادة"). ومن الراجح جدّا أن أقدمها هو لفظ /قـــــا/ الذي ما يزال مستعملا بهذه اللفظ بإحدى لهجات العربية المغربية ما قبل الهلالية: لهجة البرانس (قد جمع بعض طلبة Dominique Caubet  بعض مادة هذه اللهجة). الفرضية الدياكرونية المقترحة في هذا الباب هي أن  الأداة /قـــا/ ترخيم بفعل الاستعمال لفعل من أفعال المقـــــــــــــاربة هو فعل /بقــــى/ الذي يفيد الديمومة والاستمرارية في الزمن الحاضـــــر أو في العـــــــــــادة إذا ما دخل على الفعل الرئيسي في الجوملة (/بقــــى يقرا/ "لبث يقرأ"، وبالترخيم (على غرار بغــــى/غــــا لإفادة الاستقبال كما ذُكر)؛ وبالترخيم /قــا يقرا/ ومنه إلى /كـــا يقرا/ ثم إلى /تــــا يقرا/.

الدارجة المصرية استعملت نفس الأسلوب الترخيمي الدياكروني (كما في /حــاب يــئـرا/  "يريد أن يقرأ" (القاف تنطق همزة في المصرية) التي أسفرت بكثرة الاستعمال عن بورز زمن المستقبل /حـــا يِــئــرا/ "ســـــيقرأ"). فانطلاقا من /بَــأ يــئــر/ "بقـــي يقرأ" تطور /بـــيِــئــرا/ "يقرأ الآن أو عادةً" عن طريق ترخيم فعل المقاربة الذي يفيد في الأصل "بقيَ/لبث".

أما أوجه تطور الأداة /قـــا/ (التي أصلها /بقى/) إلى كــا/تــــا في أوجه الدارجة المغربية فله علاقة بانتشار اللهجة الفيلالية ابتداء من فترة معينة انطلاقا من تافيلالت إلى بقية الربوع انطلاقا من شرق المغرب تافيلالت. ومن المعلوم أن لهجة تافيلالت قد أصابها تطور صوتي دياكروني تحول بمقتضاه نطق القــــــاف القديمة إلى كـــــــاف، وتطور نطق الكــــــاف القديمة إلى تــــــــاء (انظر دراسة في الموضوع لكل من Moshe Bar-Asher و Jeffry Heath).

 

ثالــثا: أداة إفادة زمن الحاضر أو العادة في أوجه الأمازيغية (ينتظر في إطار المقارنة)

----------------

 

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



11/03/2019
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres