(EN ARABE) Mendelssohn-1: L'actualité d'une pensée
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
عن راهنية فكر مانديلسون (4 أقسام)
1 - عن الدولة والدين
موسى مانديلسون (Moses Mendelssohn، مفكر يهودي ألماني، توفي 1786) واحدٌ من "الأماوسة" الثلاثة الذين شكّـل تكاملُ آثارهم جوهرَ الفكر اليهودي في كليته التاريخية بما يتضمنه من عناصر الفكر الكوني، ألا وهم: موسى النبي في مصر ثم سيناء (فكر التأسيس العقدي والتشريعات الأولى)، وموسى بن ميمون في قرطبة ثم فاس فالقاهرة (فكر الصياغة الفقهية والكلامية)، وموسى مانديلسون في ألمانيا (فكر التجديد العصري على ضوء فكر الأنوار والكونية). ففكره ذو المنطلقات اليهودية يمثّـل، في أوج فكر الأنوار كما انعكس هذا الفكر على نهضة الهاسكالا اليهودية (השכלה)، نظيرَ ما مثّــلَ فكرُ كل من ابن رشد وابن ميمون مثلا في أوج ازدهار فكر العصر الوسيط. فـكتابه "أورشليم" (Jerusalem) يشكّـل - مع اعتبار فارق الإطار الفكري التاريخي طبعا - نظيرا لكتاب "فصل المقال" لابن رشد. وقد نوه به "إيمانويل كانط" أيّـما تنويه في مراسلاته مع مانديلسون، واعتبره إنجازا لصالح سائر الأمم، راجيا أن يحذو الفكر المسيحي حذو مانديلسون لفكّ ربط خلاص الإنسان(Human felecity) بالإيمان بمَـرِوياتٍ اتخذت لـَـبوسَ الواقعية التاريخية؛ كما نوه به "الكونت ميرابو" (Comte de Mirabeau) بحماس، واعتبره صادرا عن نفس روح الفلسفة الليبرالية لأمثال "جاك تورجو" (Jaques Turgot) التي تشبّـعتْ بها ديباجةُ دستور فيرجينيا بالولايات المتحدة الناشئة حينئذ. وإذْ كان فكر عصر الأنوار بموضوعاته، وبمضامينه حول تلك الموضوعات، يشكل الإفضاءَ النهائي لـ"لإصلاح الديني" الذي دشنته الثورة البروتيستانتية في بداية القرن السادس عشر في أوروبا على مؤسَّـسة الكنيسة بامتداداتها المختلفة داخل مؤسسة الدولة حينئذ،(1) فإن أهم القضايا التي تناولها كتاب "أورشليم" هي قضايا العلاقة بين الدين والدولة، وعلاقة الدين في أوجهه المُـمأسسة والمهيكلة (الكنيسة، مؤسسات رجال الدين بصفة عامة) بوضعية الفرد المدني داخل المجتمع (حرية الضمير، حرية التفكير، حرية التعبير، تكفير، الخ.)، وكل ما يتفرع عن ذلك من مسائل. ففي العلاقة ما بين المؤسسات الدينية والدولة، يقول مانديلسون في كتابه ما يلي (نترجم عن الصيغة الانجليزية: Brendeis 1986):
[[الدولة والدين، أو بعبارة أدق: المؤسسة المدنية والمؤسسة الدينية، أو السلطة الزمنية والسلطة الدينية - كيف يمكن وضع هذين الركنين من أركان الحياة الاجتماعية في تقابل متوازن، بدلَ أن يصبحا عبئا على الحياة الاجتماعية بشكل يقوّض أسسها عِوضَ العمل على تدعيم تلك الأسس؟ إن حلَّ هذه المسألة من أعصى مهام النظرية السياسية. لقد عانى الإنسان كثيرا عبر القرون من أجل أيجاد حل لهذا الإشكال؛ وربما حالفه أحيانا نجاحٌ نسبي هنا أو هناك في إرساء توازن ظرفي للمعادلة على مستوى الممارسة أكثر من حلٍّ لإشكالها على المستوى النظري. فالبعض يذهب مثلا [على المستوى النظري] إلى أنه من الأنسب تفكيك العلاقات المختلفة للإنسان في المجتمع، وتصنيفُـها إلى ماهيات معنوية، ثم إسناد [ما يشبه] "إيالات" أو فضاءات [اجتماعية] خاصة، وحقوقٍ، وواجباتٍ، وسُـلطٍ، وصلاحياتٍ خاصة منها إلى كلّ من الطرفين [على سبيل الصلاحية والاختصاص]. إلا أن أحيازَ وتخوم هذه الإيالات المختلفة، ورسمَ الحدود الفاصلة بينها أمورٌ لم يتم لحد الآن تحديدها بشكل واضح. فتارة نجد بأن الكنيسة تُـزحزح أحجارَ الحدود بعيدا في العمق الترابي للدولة؛ وطـَوراً تسمح الدولة لنفسها بـتعدّيات إذا ما نظرنا إليها بعين ما هو متعارف عليه، تبدو من نفس درجة الشطط. ولقد انجرّت لحد الآن، وستنجر لاحقا، ويلاتٌ لا حصر لها عددا وحجما عن الخلافات ما بين كياني الدين والدولة [بشأن تلك الحدود]. وإذا ما انتهيا يوما إلى الصدام فيما بينهما، فإن البشرية هي ضحية خلافاتهما؛ أما إذا ما دخلا في وفاق، فإن أنبل كنز من كنوز الخلاص الإنساني يكون قد ضاع؛ ذلك لأنه نادرا ما يتـفـقان على غاية أخرى غير نـفْي ماهيةٍ معنوية أخرى من حظيرة مملكتهما، ألا وهي حرية الضمير، هذه الفضيلة التي تعرف بالضبط كيف تستخرج بعضَ المزايا للناس من انفصالهما.]]
بقي مع ذلك فكر مانديلسون في منطقة ظل مُـعتِـم بالقياس إلى فكر غيره ممن هم في مستواه أو أقل شأنا في باب اهتماماته، وذلك لتضافر عدة أسباب أهمها، بالنسبة لبعض الأوساط الدينية اليهودية:
(1) ما انتشر من زعـْمِ اعتناق مانديلسون للمسيحيةَ في طويته (كما قيل عن إسلام ابن ميمون)، وذلك نظرا لشدة إلحاحه على فضائل الصبر والمحبة (Love) والتسامح (Tolerance) والإحسان (Benevolence) كقيم عليا مؤسِّسة في الدين، بدل الإلحاح على إقامة الدين على شعور الرهبة والتقوى (יריאה) التي تصبح في الممارسة والسلوك عبارة عن تَـقيـّة،
(2) ما يشكل فكرُه اليومَ من تحدٍّ فلسفي وحقوقي لطبيعة الدولة العبرية بعد قيامها، خصوصا فيما يتعلق بالجنسية وبوضعية الفرد المدني (انظر نهاية الحلقة الموالية 2)، خصوصا وأن لـفكره التنويري شرعيةَ القيام على أُسـس متينة من ثقافة اليهودية الأولى،
(3) موقفَ الحركة الصهيونية الأيديولوجي من نهضة الهاسكالا اليهودية برمتها، التي كان من أفكارها المحورية الدعوةُ إلى اندماج اليهود، على المستوى المدني، في إطار المواطنة العصرية العامة لدول تواجدهم. ومن جهة ثانية، يمثل تطويرُ مانديلسون للفكر اليهودي بشكل جعله محتضنا لقضايا الفكر الكوني وليس لمجرد قضايا اليهود ورسالتهم كما سطرتها فقهياتهم التلموذية، تحدِّيا تـنافسيا في نظر بعض الأوساط المسيحية التي ترى في ذلك محاولةً من محاولات عودة التفاف اليهودية على المسيحية، التي كانت قد خرجت من رحمها كما هو معروف تاريخيا. وبذلك بقي فكر مانديلسون بين كرسيـين كما يقال. أما في مدارسنا، وجامعتنا، وكراساتنا، ومؤلفات فلسفة الأخلاق والحقوق والدولة لدينا في المغرب، فلا يُـعتقد أن هناك موقفا معينا فيها بشأن مُعطىً فكري ربما هو غير معروف أصلا (أنظر نهاية الحلقة المقبلة 4).
-----------------------------------------
(1) إن الذي يميز الإصلاح الديني المسيحي في أوروبا عما يجري الآن في حظيرة العالم الإسلامي، وما يجعل منه إصلاحا حقيقيا، بل ثورة فكرية تجديدية مهدت لفكر الأنوار، هو أنه كان حركة موجَّـهة بالأساس ضد هيئة المؤسسة الدينية متمثلة هناك في الكنيسة كمَجمَع من حيث هي كيان مهيكل كان ذا سلطة في فضاء المدينة، وليس ضد الدين ولا التدين، ولا ضد الدولة كدولة قصد منازعتها في مشروعيةَ تدبيرها للفضاء المدني.
----------------------------
القسم الثاني عبر الرابط الآتي
https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-1923962-_en_arabe__mendelssohn_2__l_individu__l_etat_et_la.htmlInscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres