(En arabe marocain) Recherche, Spaghettis et d’autres aventures d’un doctorant à Paris.
طريق ما بعد السكُـيلة-20
21- دخول وجدة-8 (بحث و صباكًيتي ومغامرات أخرى لطالب بباريس)
بعدما استقرّ موحمّاد، اللي رجع ثاني دابا لوضعية طاليب-باحيث، في ذيك الشقّة د-الطابق السادس تحت السطوح فعيمارة ساحة "الكولونيل فابيان" بالدائرة-19 بباريس، بقى ملتازم مسماري بالبرنامج دياله لعام 1983-1984: 1- حضور سيمينار حاييم الزعفراني ودروس العبرية فجاميعة باريس-8 مرة فالأسبوع، 2- حضور سيمينار "دافيد كوهن" و"ليونيل كًالان" بجامعة السوربون يوم الجمعة مرتين فالشهر، 3- حضور سيمينار الليسانيات ديال "فرانسوا ديل" و"جان روجي فيرنيو" و"آلان روفري" فالمدراسة العليا (ENS) في Rue d’Ulm بالحي اللاتيني يوم الأربعاء؛ وخارج هاذ البرنامج التكويني، 4- كا يبقى معتاكف فالشقة دياله، اللي قليل ما كا يجي ليها مولاها الأصلي اللي سكّنه معاه، سّي عبد الرحمان الداودي.
تمّا كا يبقى مسالي قراية المقالات الليسانية اللي كا يكون صوّرها من الخيزانات (خيزانة إينالكو، خيزانة السوربون، وبعض الماجلات اللي كا يدوّز ليه الأستاذ الموشريف) ومنهامك في تحرير أولي، بخط اليد، لأجزاء من الماباحيث المكونة لمشروع رسالة دكتوراة السلك الثالث، اللي حركًـ على ودّها لباريس بعدما غلقو عليه الخّوت البيبان فشعبة العربية فالرباط على هاميش الدباز اللي كان قام بين "العاراب والعاجام". في ماعدا هاذشّي، ما كا يخرج سيوى باش يشري الصباكًيتي أو شي شطيرات ديال لحم بيبي وشي نعناع من عند السوسي ديال الدرب، أو شي بصلة وماطيشة وشي تفّاح نهار السوق الأسبوعي. أما شي قهوة، أو سينيما، فا ما كان-شي عنده ليها باش. ملّي كا يعيى، كا يخرج بسبرديلته والدجين دياله وواحد الجاكيطة غليظة اللي ما كا يفارقوه، باش يتّـسارى فزناقي باريس وحدائقها، أو يمشي يروّح شوية فنهار الحدّ فالحلاقي ديال "بوبور" (ساحة مركز جورج بومبيدو)، أو يمشي نهار الثلاث لشي جناح ديال متحف اللوفر، علاحقاش كا يكون مجاني نهار الثلاث.
هاكذاك بقى بحال شي ماكًنة. بعد شي شهورا، فيناير 1984، بينما هوّا خدّام على الطاويلة دياله، صونا التيليفون. دوات معاه مراته وقالت ليه: "ما تفزع-شي بزّاف؛ مُامُا راه توفّات، وراه الدفينة بعد شي سوايع". كان صاعيقة بالنسبة ليه. كان خلّى النسيبة، اللي كانت عندها غير 47 سنة، ما بيها ما عليها كيما كان عرفها من الأول، وهيّا اللي كانت رافقاته معا الزوجة والولد مولى عامين حتّى إلى مليلية فين خذا الباخيرة لمليلية فطريقه لباريز بالصاكاضو دياله، وهيّا اللي كان معتامد عليها فالعيناية بالولد لأن الأم دياله كانت باقي كا ترقرا فالكلية. قال لمراته، بلّي غادي يمشي يقطّع فالكار باش يدخل. قالت: لا، غير سالي شغلك، الدفينة غادي تكون اليوم، ونتا ما غادي توصل سيوى من هنا ربع أيام. من جيهة أخرى، شكّلت ليه هاذيك الوافاة الفوجائية رجّة ووجودية عميقة من حيث هاشاشة الحياة وانعيدام أيّ ضمانة فيها وأن اللي بغى يعمل شي حاجة لازم ليه يسربي ...
من جيهة أخرى بدا كا يضياق عليه الحال بزّاف من الناحية المادّية. وما بقا-شي كا يشبع حتّى غير فكرشه، باشمّا جاب الله؛ حتّى أنّه طيّح 5 كيلو. بعد المرّات "كا يسهّل عليه الله،" وتنسّي ليه الخدمة ماكلة الغدا. تمّا كا يقرّر يتّـفـوبر على راسه بشي ماكلة فالحيّ الجامعي بـ10 فرنك. كا يعرّكًـها مليح، حيث غير كا يقول "بوجور شاف" ويزيد ليه السرباي فالرصيون؛ وفالأخير كا يجيب معاه الخبز ديال نهار كامل (كيما كان كا يعمل صاحبه، يحيى، مول المعيز فالغورفة ديال الحيّ في فاس). كا يعقل واحد النهار مشى وصاب الكشك ديال تذكيرات المطعم مغلوق. فبحال هاذوك الحالات كا يلجأو الطلبة ليشراء تذكيرة وحدة من عند شي واحد اللي عنده كارني. بدا كا يفتّش من يبيع ليه تيكـيّة وحدة. عطى الله السماسريا المراركة اللي كا يبيعو بزيادة 2 فرانك. حاول يقنع واحد منّهوم يبيع ليه غير بـ11ف، ما بغاش. شويّة ها واحد الطاليبة رومية جايّة دايزة بالخف ديال بلاد الروم. طلب منّها تبيع ليه تيكيّة، وذاك السمسار كا يشوف. شافت فيه شوفة، وجبدت الكارني ومدّت ليه تيكيّة ومشات، ما بغات-ش تقبط منّه شقفة ديال 10 فرنك. بدا ذاك السمسار كا يعيّط ليها "إيه، ماضموزيل؛ بّروني فوطر ارجان".
واحد النهار، قال ليه صاحبه، سّي عبد الرحمن، اللي كان كا يهيأ حتّى هوّا الريسالة دياله فالسيكولوجيا، واللي عنده عالاقات بمؤسسات العيناية ببعض صحاب الاحتياجات الخاصة، بلّي "مسيو ومادام لوكًران" مشات عليهوم السيدة اللي كانت كا تعاونهوم، واللي كا تعتاني بالشيباني اللي فقد الذاكرة بعد واحد الحاديثة، ملّي كا تخرج المادام تّقضّى، وبلّي راهوم كا يفتّشو على شي واحد معقول اللي يبغي يبدا يجي مرة فالأسبوع باش ينظّف الزاج ديال السراجم ود-البالكون ويقابل "مسيو لوكًران" حتّى ترجع مادام من سوق المقاضي. قال ليه موحمّاد واخّا، ومشى معاه سي عبد الرحمن ورّاه الحيّ والدار وقدّمه للمسيو والمادام. ملّي سالى موحمّاد الخدمة، ورجعت مادام بعد شي ساعتين، عطاتو 50 فرنك. موحمّاد، اللي كان كا يصرف فالماكلة ما بين 6 إلى 10 د-الفرانك في النهار، جاتو ذيك الـ50 فرنك فساعتين بحال "يلا ضربتي الكلب الجيعان بشفنجة". بالصحّ، تمّ-تمّ حسّ بشي تاخوّوف. قارن بين هاذاك الأفوق ديال "التوسيع شوية على النفس" وبين واحد المجموعة ديال الطالابة اللي قبطاتهوم الباراكة ديال مولاة البلاد "نوطردام دو-باري". حيث كاين هاذيك الوقيتة ناس كثار جاو لباريس قبل عيمان وعيمان باش يحضر الميتريز أو الريسالة؛ وباش يوسّع الواحد منهوم شوية على راسه، كا يعاون القضية بشي بريكولاج د-الخدمة هنا ولهيه (في غاليب الأحيان المداومة الليلية أو بّـلونجور فشي مقهى أو مطعم). لاكين هاذاكشي كا يستنزف الجهد دياله ويوزّع الاهتيمام دياله بشكل كا يجلعه ما ينجز-شي الأعمال دياله، ويبدا يلقى صوعوبات فتجديد التسجيل دياله، ومن بعد كا يفقد المنحة دياله ويضطر يزيد فسوايع البريكولاج باش يخلّص الكرا والمعيشة ... ومن بعد كا يولّي "موناضيل بلا حدود" ويسالي غير الموظاهرات فالحي الجامعي والمشاركة فشي إذاعات ديال الجالية "الساخطة" ("راديو صولاي" ماثالاً؛ شوف هاذ الرابيط: هـــــنــــا) فين كا يطلق لسانه بالحديث عن "النيظام البوليسي الموتاسلّيط". وفالنيهاية، ما كا يبقاش يقدر يرجع للبلاد، ما-شي غير لأنه ما عمل والو فالمهمّة دياله كا طاليب، ويلا دخل للبلاد كا يصعاب عليه يرجع لباريس لأن إعادة التسجيل ما بقاتش عنده، والاكين كذلك لأن البعض كا يعتابر راسو "لاجئ سياسي" وهمي، بسباب شي تصريحات فلتات ليه هنا أو لهيه فالإذاعات والتاجمّوعات، حيث كا يعتاقد بأن عيون و ودنين "الوداديات" وصّلوها لـ"صحاب الحال" فالبلاد. تمّا كا يولّي "فاكانصي"/"زماكًري" بدون وضعية.
بعدما عمل موحمّاد البريكول المذكور مرّتين، واحد النهار، فنيهاية حصة العامال دياله معا الأستاذ الموشريف، بداو كا يستراحو شوية بالكلام الموباح؛ وتمّا دوى موحمّاد على التجريبة دياله د-البريكول. نطق الأستاذ بلباقة كبيرة، وقال ليه ما معناه: "مسيو؛ انا فبلاصتك ما نعمل-شي ذاكشّي. حنا تّافقنا باش تقضي معايا عام كامل متّفرغ للخدمة على ريسالتك، وقلتي بلّي من الناحية الميهانية/الأدارية، خاصّك ترجع للمغريب معا بيداية سبتمبر؛ وكا تعرف بلّي ما يمكن-شي إطلاقاً نعملو هاذ النواع من النيقاش الحيّ عن طريق المراسلة. نتا راك راشد، وكا تعرف بلّي باش يحصل الإنسان على شوي د-الفلوس، لازم ليه يخصّص لذاكشي شوي د-الوقت؛ وملّي يحصل على الفلوس، كا يطيحو عليه أفكار ويلزمه وقت آخر باش ينفق دوك الفراكات هنا ولهيه، نتا راك باقي شابّ وباريس كلّها إغراءات من كل نوع؛ وعلى كل حال نتا اللي تعرف".
ربط موحمّاد ما بين ذاكشّي اللي كان لاحظو عند كثير من الطلّاب اللي بداو كا يتسكّعو فباريس واللي ما بقى جامعهوم بالجو الجاميعي سوي المطعم الجاميعي (قبل ما يبداو يطاردوهوم الحراس بعد ما فقدو بيطاقة الطاليب ديال السنة الجارية) وبين التحليل الصوري اللي سمعه من عند الأستاذ، وقرّر يتخلّى على ذيك الـ50 فرنك أو 100 فالأسبوع. علم صاحبه، وقال ليه يخبر مسيو ومادام لوكًران بلّي غادي يدوز لعندهوم غير فالأسبوع الجاي ريثما يدبّرو على روسهوم.
واحد الوقيتة تزيّــر موحمّاد: ما بقى-شي عنده باش يشري الصباكًيتي والزبدة والمسايل الأخرى، لأن الحصيصة اللي كان كا يتّسنّى تسيفطها ليه المادام من الحساب البنكي فوجدة ما زال ما لقات معامن تسيفطها. هوّا ما كان-شي كا يهضر للأستاذ على الوضع المادّي دياله. كان، بالعكس، كا يحاول يبان "كوريكط" فحالته في حدود الإمكان: مرة فالأسبوع، كا يصبّن حوايجه فالحوض ديال البوطاجي الصغير ديال واحد "القنت-كوزينة" فالبرطمة فين ساكن، وكلّ يوم أربعا كا يمشي للسيمينير ديال المدراسة العليا (ENS) ساعة قبل الوقت، ويدّي معاه صاك فيه حوايج مصبّنين، ويدوز للدوش ديال الطلبة، ويدوّز طرف صابون. هاذ المرة حصل وما عنده باديل، لأن حتّى صاحبه كان شي أسبوع ما ذاز للدار. قرّر يدوي معا الأستاذ على الحصلة المادية دياله. قال ليه خاصّني 500 فرنك حتّى تسيفط لي مراتي الفلوس. بدا الأستاذ كا يشوف، وهوّا مسماري ما كا يخلط-شي العلاقات الميهنية بشي علاقات/اعتيبارات أخرى. شاف فيه شوية، ومشى جاب واحد الورقة ديال 500 فرنك، وقبطها فيديه، وقال لموحمّاد: يمتى غادي تردّها. قال ليه بعد 15 يوم، ومدّها ليه. ملّي قرّبت 15 يوم تفوت، ومازال ما جاو الفلوس، حصل ثاني موحمّاد وما بغى-شي يبان فعين الأستاذ فموقيف كا يشكّـ'ــك فالكلمة دياله. قرّر يدوي معا صاحبه، سي عبد الرحمان اللي هوّا طاليب بحاله، ولاكين كا يعمل شي بريكولات. طلب منو 500 فرنك لمودّة 15 يوم، وعطاها ليه. نهار تلاقى معا الأستاذ ردّ ليه 500 ف دياله فالموعيد. قال ليه الأستاذ: واش صافي متّيقن بلّي ما محتاجها باقى؟ يلا كنتي مازال محتاج، خلّيها عندك باش تكون فحالة تسمح ليك بالخدمة؛ جاوبه وقال ليه: لا صافي، ميرسي بوكو.
كان الطاليب الباحيث مرضي الوالدين، على ما ظهر فالنيهاية في باب الإشراف، بالرغم من كل عاراقيل مسيرة التيه السابقة فالراط، وربّما بفضلها. ما كا تفوت ثلث أيام أو ربعة حتى يعيّط عليه الأستاذ الموشريف فالتيليفون: "صباح الخير. راني قريت النص الأخير اللي دوّزتيه ليّا، وعملت عليه تعليقات، اش من نهار غادي تدوز عندي نتّناقشو عليه؟ ويلا حرّرتي شي حاجة جديدة، جيبها معاك".
كان فرانسوا ديل متّفرغ للبحث (كتوب ومقالات فالفونولوجيا العامة والفونولوجيا الخاصة ديال مجموعة من اللغات: الفرانسية، الطاكًالوكًـ الفيليبينية، والماندارين الصينية) فـ"المركز الوطني للبحث العلمي" (CNRS). ياالله كا يشارك، بشكل تاطوّعي، في بعض السيمينيرات لبيضع ساعات فالشهر، وما محوّط-شي نفسه بجيوش من الطالابة اللي يوجّدو معاه الدوكتوراه. كانت الريسالة ديال موحمّاد الريسالة الأولى اللي شرف عليها (والوحيدة فذيك الوقت، وربما زاد عليها شي وحدة أخرى في ما بعد). كان كا يصحّح جميع النصوص اللي كا يدوّز ليه الطاليب-الباحيث، ويعلّق عليها بعناية وتفصيل بالقلم الأحمر فالهاميش، وفي بعض الأحيان على ظهر الصفحة. ومن بعد كا يحدّد للطاليب موعيد فالشقة دياله الفوقانية (شقة عندها باب خاص فطابق خاص، مجهّزة وخاصة بيه كفاضاء ديال العمل مستقل عن الشقة ديال الحياة العائلية). تمّا كا يقضيو ما بين ساعتين إلى ثلاثة فالمناقشة ديال النص والتعليقات اللي عملها عليه حتّى يقتانع كل واحد. وهاكذا، تقريبا مرة على الأقل فالأسبوع، حتى كملت الماباحيث ديال الريسالة معا تمام العام، ودخل موحمّاد للبلاد والتاحق بالمؤسّاسة دياله فالشعبة ديال سيدي معافى فوجدة باش يستانف الخدمة ديالو وياخذ في نفس الوقت الحيصة د-الليسانيات ديال زاميله محمد الشامي اللي مقرر يجي لباريس باش يحضّر دكتوراه الدولة كيما تمّ الاتيفاق على ذاكشّي.
*
معا قرابة الصيف، بدا الطاليب-الباحيث فواحد الواتيرة سريعة د-الخدمة، باش يوفي فالاتيفاق دياله معا الأستاذ دياله. أي يكمّل التحرير ديال أقسام الريسالة دياله، ويقراها الأستاذ، ويتناقشو بزوج عليها قبل ما يرجع لوجدة فبداية سبتمبر 1984. اضطر يرفع من الواتيرة، علاحقّاش غادي تجي عنده زوجته وولده في شهر غشت باش يدوّزو معاه مودّة شهر؛ وعرف بلّي فهاذيك المودّة غادي ينقص شوية الاعتيكاف دياله فالخدمة. بالفيعل جاو عنده فـالحافيلة/الكار، من وجدة إلى الماحطّة الطوروقية ديال "ستالينغراد"، اللي غير قريبة من ساحة "الكولونيل فابيان" فين كان ساكن، وجابت الزوجة معاها شي شوي د-الفلوس من الحساب البنكي فوجدة. الولد كان قريب يقفل ثلث سنين، والزوجة كانت فالسنة الثالثة بقيسم الفرانسية فالكُليّة ديال وجدة. صاحب موحمّاد، سّي عبد الرحمن الداودي، قال ليه بلّي غادي يخلّي ليهوم الشقة خيلال هاذاك الشهر لأنه كانت عنده سكنى أخرى فالضاحية ديال باريس.
بدات واتيرة أخرى ديال الخدمة معا العائلة: شرى موحمّاد تذكيرة د-الميطرو ديال شهر لزوجته (الولد ما كا يخلّص-شي) ودار بيهوم دورات فباريس واحد ثلث ايام حتّى عرفت الزوجة الأماكن السياحية (صاكري-كور، اللي غير قريب، الحي اللاتيني، ساحة بوبور، تروكاديرو، شان دو-مارس، وأهم الحدائق ديال باريس) وعرفت كيف تستعمل شبكة الميطرو وتمشي فينمّا بغات باستيعمال خاريطة المدينة، وبقى هوّا كا ينفارد، من حين لحين، للخدمة دياله معا الأستاذ الموشريف واخّا بوتيرة بطيئة. معا نيهاية غشت، كانت الخدمة قريبة تسالي على الطريقة اللي تمّ الاتيفاق عليها. لاكيـــــــــــــــــن، فالليلة اللي فعشية الغدّ-ليها، غادي ثاني تاخذ الزوجة والولد الحافلة من ماحطّة "ستالينغراد" لوجدة، عبر كامل فرانسا واسبانيا، وعبر مالقة-مليلية، وقع اللي ما كان فالحسبان:
باتت الزوجة كا تتوجّع وتغوّت وتتقيّى حتّى صبح الحال. ملّي صبح الحال، خذاها موحمّاد، ذراعها على كتفه وتبعهوم الولد، ونزلو معا الدروج د-الخشب من الطابق السادس، ومشى بيها بنفس الوضعية (دراعها على كتفو) والولد تابعهوم، لواحد العيادة خاصة ديال الطب العامّ، جاب الله ما كانت بعيدة سيوى بشي 150م. فحصها الطبيب وعطاها "أورضوناص" باش تمشي فالحال للمستشفى (Hôpital Tenon؛ شوف الرابيط الآتي هــــــنــــــا) باش يجريو ليها عالمالية استيئصال الزائدة الدودية.
الصدمة كانت قويّة بسباب المرض الموصوف، والاكين كذلك بسباب انعيدام القدرة على أداء الكلفة ديال الاستيشفاء، لأن موحماد ما كانت عنده أي وضعية قانونية كا موقيم في فرانسا، وبالتالي ما عنده أيّ ضمان صيحّي أو اجتيماعي. كان تمّا واحد النصراني حاضر كا يشوف ويسمع. قال ليهوم: تّسنّاو حتّى نخرج من عند الطبيب وندّيكوم فسيارتي لـ"موستشفى تينون"، علاحقاش راه بعيد بزّاف، والسيدة في حالة ما تقدر-شي حتى لباب المستشفى، ومشى لشغله بلا طمع والا جميل، الله يخلف عليه.
ملّي جاو المومرّيضين ديال المستعجالات لقاعة الانتيظار، سوّلو موحمّاد اش كاين. تمّا ما عرف-شي موحمّاد اشنو اللي وحى ليه باش ما يعطيهوم-شي الأورضوناص ديال الطبيب، اللي شك فيها شك حدسي بلا ما يعرف على أي أساس. إنّما غير وصف ليهوم الأعراض ديال حالة السيّدة اللي مجبّدة قدّتمهوم على البنك. قيّسو ليها درجة الحرارة وقالو ليه: "ضاروري تدخل المستشفى". بدا كا يفسّر ليهوم "قصة حياته" كا طاليب ما عندو أيّ وضعية في فرانسا والا أي تغطية صحية أو اجتيماعية، لا هوّا والا زوجته. قالو ليه "حنا لا بد ندخّلو السيّدة للمستشفى عاجيلاً، وهاذيك المسايل ديال التسديد، تتكلّف بيها الهيئات المختصة". هزّوها وجبّدوها فـ"البرانكار" بسورعة، وزادو خلفة؛ وشعل الولد بالغوات "ماما، ماما".
رجع موحمّاد مدّابز غير معا الولد باش غير يخرج من القاعة وكا يقول ليه بلّي غدّا فالصباح غادي تبرا. رجعو للدار، وبدا غير كا يكذب على الولد ويشري ليه فالحلوى من عند السوسي... فالغد ليه قال ليه: يالله نمشيو عند مُامُاك، ومشاو للمستشفى بالميطرو فطريق طويلة فيها عيدّة تحويلات في "بيير لاشيز" و"كامبيطا" ... ملّي دخلو عليها فالغورفة ديالها النقية، ما لقاوها-شي عاملة عامالية على الزائدة الدودية. لقاوها معلّقين ليها صاشي ديال تبدال الدمّ. قالت ليهوم بلّي ماشي الزايدة الدودية اللي عندها، بل فقر الدم من الحديد والكوريات الحمراء (Anémie)، وعلى ذاكشّي بداو كا يحقنوها بالدمّ. بقات 15 يوم فالمستشفى، كا يزورها موحمّاد والولد ومعا صاحبه، سي عبد الرحمن بعض المرّات، الله يجازيه.
بدا موحمّاد مقابل الولد ليل ونهار. كايفطرو فالصباح، ويبدّل ليه حوايجو، ويخرج بيه للبّارك ديال "بيت شومان" (Buttes Chaumont) اللي غير قريب. كا يبقى الولد يلعب فـ"المانيج" معا واحد صاحبه (Celio) كان تّعارف معاه بسورعة من اليامات الأولى، ويبقى موحمّاد فوق شي مقعد كا يخدم بالكيفية المومكينة وعينيه على الولد. كا يرجع بيه يتّغدّى وينعس شوية، ويرجعو ثاني لنفس المكان. شحال من مرة، غير كا يجوع الولد فالعشية، كا يقول: "بابا، يالله نمشيو قبل ما يسدّ مول الصباكًيتي".
نهار الخروج ديال السيّدة من المستشفى بعد 15 يوم، وكانت استردّت صحّتها مزيان، عطاوها بيطاقة باش تدوز للشبّاك ديال التسديد: ثلاثة د-المليون بحساب الدرهم ديك الوقيتة. فالشباك، حكاو ثاني للمسؤول على وضعيّتهوم، وطلب منّهوم الجاوازات ديالهوم، ووقّعوا على 15 يوم ديال الاستيشفاء وواحد العاداد ديال صاشيات الدم، وقال ليهوم بالسلامة. تمّا عاد بدات ثاني عندهوم الليّـــة والهمّ ديال يمتى غادي يجيهوم، فوجدة، طالاب تسديد ثلث ملاين، ومنين غادي يقوّروها (الراتيب الشهري ديال "مساعد" كان ديك الوقيتة 3200 درهم).
كان سبق لموحمّاد، فنفس النهار اللي وقع فيه اللي وقع لزوجته، أنه مشى للماحطة الطوروقية ديال ستالينغراد، وأجل تذكيرة العودة ديال مراته بعدما خلّص واحد الدعيرة. دابا، غير ثلث إيام بعد خروجها من المستشفى، خذات الحافيلة هيّا والولد باش يرجعو لوجدة، فظروف موغامرة محفوفة بالأخطار ديال اشنو يمكن يحصل. كانت فينمّا وقفت الحافيلة كا تتاصل بالتيليفون، حتى وصلو لوجدة فالنهار الثالث.
عاد تمّا عمل الطاليب-الباحيث الحساب، وصاب بلّي غادية تلزمه على الأقل 15 يوم زيادة بعد موعيد الدخول الجاميعي اللي كان التازم باش يرجع فيه للمؤسّاسة دياله فوجدة. كتب رسالة للعاميد، الأستاذ الشابّي، كا يطلب فيها زيادة 15 يوم وكا يوضّح الأسباب. بعد أسبوع توصل بتيليغرام معا توقيع بالتاوصّول (Accusé de réception) كا يقول: "كا نطلب منك تلتاحق فالحين بالعامال ديالك". تمّا مشى عند الأستاذ دياله وطلب منّه يكتب ليه رسالة تعليل وتبرير بيناءً على برنامج إنجاز العامال وعلى الطارئ اللي طرأ. خذا الريسالة ورفقها بشهادوة الاستيشفاء د-الزوجة لمودّة 15 يوم، وبعث ذاكشّي من جديد للعاميد. فأقل من أسبوع، كا يتوصل بتيليغرام جديد بنفس الكيفية ديال الإشعار بالتاوصّول كا يقول "كا ننـبّهك للمرة الثانية تلتاحق بالعامال ديالك". صافي هاذ المرة، ما بقا-شي زاد كلام، وما جاوبش نيهائيا. تذكّر الشحفة والتطواف اللي كانو ذازو عليه باش يحصل غير على عام د-التافرّوغ بعدما شدّت عليه الشعبة د-العربية الباب فالربط، وفالأخير جاه قارار غريب من الوزارة كا يقول: "لا أرى مانعا في استفادتكم من التفرغ ... مع الاستمرار في أداء مهامّكم"! واللي جعلو يقول للكاتيب العامّ، السي أحمد الدرقاوي: "انا ماشي ماشي، يا إما قانونياً وإما حريكًـ".
قال دابا معا راسه بلّي حتّى هاذي فيها خير: دابا غادي نكًلس حتى نكمّل الخدمة ديالي مزيان بالطاريقة اللي تبّعتها معا الأستاذ، وتما عاد ندخل على خاطري؛ ويلا هداهوم الله وعملو لي "ابونصون دو-بوصط" هاذيك هيّا اللي غادي تشجّعني نرجع لباريس بصيفة دايمة. دابا تعرفت على الأوساط الجاميعية هنا فباريس، وكثير من الأساتيذة، وعلى راسهوم الموشريف، ثايقين مزيان فالسلوك ديالي فالخدمة وفي نوعية العامال ديالي، وما غاديش تكون الظوروف هنا أكفس من ظوروف العامال فالبلاد، يلا ما كانتشي أحسن منها بكثير. زاد باقي ثلاثة ديال الأسابيع وما-شي غير زوج، عاد رجع لوجدة ومعاه الريسالة كاملة محررة تحرير أولي معا التعليقات ديال الأستاذ الموشريف، وما بقى سيوى التحرير النيهائي والطبع على وراق الستانسيل.
-----------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres