(En Arabe) Lorsque l'on cherche à exporter de l'idéologie, du Maroc vers l'Orient
خطوة إلى الأمام:
من "الشيخ" إلى "الإمام"
على جادّة النهج الديموقراطي للفضلاء
توطئة صحفية
ضمن إشاراته الصميمية الدورية، أشهر الباحث منتصر حمادة على صفحته بالفايسبوك (Mountassir Hamada ) بتاريخ 12 يناير 2016 (00:08) إشارة خاطفة قال فيها:
[[ما أكثر الانتقادات التي توجه لجماعة "العدل والإحسان"؛ ولكن ما هو مؤكد، أن الجماعة، تبقى حركة إسلامية مغربية خالصة. هذه ميزة فريدة من نوعها، وخاصة بها دون سواها، على غرار تميزها أيضاً برفضها توظيف العنف ورفض الارتهان للخارج ورفض العمل السري]].
إضافة إلى سلسلة من تعاليق رواد ذلك الفضاء الاجتماعي الرحب بمختلف مضامينها وتقديراتها لمضمون الإشارة، استوقفتني بدوري تلك الإشارة لأنها كانت بالنسبة لي في كثير من عناصرها من باب "وقع الحافر على الحافر"، فعلقت عليها بما يلي: [ذلك عينُ الحقيقة، خصوصا وأن بعض الأطراف المنشقة في الشرق الأوسط كثيرا ما كانت قد راودت الجماعة عن نفسها فاستعصمت].
بعد أسبوع من ذلك، أي يومه 18 يناير 2016، تورد الصحافة ("المساء؛ 18 يناير 2016") مانشيطة رئيسية بالصفحة الأولى تقول: "تركيا توقف نشاطا لــ"العدل والإحسان وتمنع أرسلان من دخول أراضيها". ومما جاء في النص المندرج تحت ذلك ما يلي:
[... وأكد محمد حمداوي مسؤول العلاقات الخارجية لجماعة العدل والإحسان ... أن السلطات التركية منعت يوم الجمعة الماضي أرسلان، نائب الأمين العام والناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان، من دخول الأراضي التركية بعد أن وصل من الدار البيضاء رفقة قياديين من الجماعة (...)، مشيرا إلى أن الوفد كان من المقرر أن يشارك في مؤتمر أكاديمي. وأشار إلى أن أسباب منع الرجل الثاني في الجماعة والوفد المرافق له من دخول الأراضي التركية تبقى غامضة جدا (...). ومن جانبه، قال عمر امكّاسو، نائب رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان: [يبدو أن سوء فهم كبير وقع عند جهة ما في دولة تركيا، ربما بسبب ضغوط خارجية، مما دفعها إلى إنها أشغال المؤتمر الدولي الثاني لمؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات، الذي انعقد في اسطانبول في موضوع "التغيير في نظرية المنهاج النبوي عند الإمام عبد السلام ياسين بعد الجلسة الافتتاحية وانطلاق الجلسات العلمية" (...)ورغم تقديرنا للوضعية الأمنية الحرجة التي تمر بها تركيا وكونها مستهدفة محليا وإقليميا ودوليا بسبب تبنيها قضايا أمتنا العادلة ونجاح تجربتها بقيادة حزب العادالة والتنمية، فلا يسعنا إلا التعبير عن بالغ الأسف تجاه ما وقع]
لم أكن على علم بوجود "مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات". ذلك لأنني غير متتبع تتبّعا صحفيا لمستجدات العمل السياسي عموما، ناهيك عن تتبع جديد حركات الإسلام السياسي. لا أهتم من كل ذلك إلا بتطور الأفكار والمفاهيم وظهور المصطلحات (بما فيها مصطلح "التماسيح والعفاريت" مثلا، كماهيات سياسية تُلقى المسؤولية على عاتقها)، وذلك من زاوية نظر محض معرفية. وبما أن الأمر يتعلق بمؤسسة أكاديمية للأبحاث والدراسات، كما يدل على ذلك اسم تلك المؤسسة، وكما جاء في الكلمة الافتتاحية للسيد عمر امكاسو في المؤتمر المذكور ("مؤسسة علمية أكاديمية ... تهدف إلى إعداد المتخصصين في الدراسات المنهاجية وإلى المساهمة الفاعلة في تقدم البحث العلمي") قبل أن توقف السلطاتُ التركية أشغال المؤتمر وتمنعه، فقد استوقفني مفهوم/مصطلح واحد في عبارة تسمية المؤسسة. أنه لقب "الإمــــــــام".
هذا اللقب ليس لقبا ككل الألقاب؛ ولا أذكر أنّ من حُمِّــله اليومَ بعد وفاته كان يَحمله قيدَ حياته، التي عُرف خلالها بـ"عبد السلام ياسين"، ثم بـ"الشيخ عبد السلام ياسين". إنه لقب ذو دلالة ومضمون "تـثـويريـيـن" من عيار "ما العمل؟" أو "إلى الأمام"، وذلك باعتبار إطارِ ظرفيةِ ظهور استعماله فجأة اليومَ حيث تـلـقّـب البعضُ بـ"الخليفة" وحيث تدور رحى الصراع على أشدّه بين أقطاب ثلاثة في الشرق (جغرافيا وامتدادا أيديولوجيا) تتنازع تلك الأقطاب (إيران، السعودية وتركيا) من خلاله الشرعيةَ "العليا" والألقاب المرتبطة بها. وتتقوى تلك الدلالة وذلك المضمون للقب "الإمام" حينما يُدرِج نائب الدائرة السياسية للجماعة المذكورة، خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، التعريفَ بـ"نظرية المنهاج النبوي في التغيير" إدراجا صريحا في امتدادات ما "بعد الهبّة التي شهدتها أمّتنا في إطار ما يسمى بالريع العربي"، وذلك من أجل "تحكيم شرع الله"، مضيفا ومستشهدا بأقوال "الإمام" ما يلي، في أفق ما بعد حصول التغيير المنشود بـ"أسلوب الرفق": [وليس الرفق هوّ السكوت عن الماضي جُملة. فلا بد من ردّ المظالم، ولا بد من كنس القمامة (...)]؛ قبل أن يختم كلمته الافتتاحية بقوله: [ومع إلحاحه رحمه الله على الرفق سبيلا للتغيير، كان الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله يلح على مزاوجته بالجهر بكلمة الحق في وجه المستبدين وعصيانهم، ومدافعتهم وفضح استبدادهم وفسادهم بطرق سلمية".
تلك بعض المضامين التي أرادت "مؤسسة الإمام"، التي تأسست في استانبول سنة 2014 بناء على توصية من ملتقى سابق في نفس الحاضرة العثمانية سنة 2012 لما كانت تركيا تظن أن بإمكانها الركوب على موجة "الربيع" قبل أن تتطور الأمور في العراق والشام وإعلان "الخليفة" عن نفسه وإقامته لـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أن تصدرها وتنشرها في الشرق، بما في تلك المضامين، على مستوى آخر، وفي إيماءة إلى الديار، من إلحاح "المنهاج النبوي للتغيير" على العصيان المدني كسبيل للتغيير، ذلك العصيان الذي كثيرا ما اتُّهِمت الجماعةُ أمسِ واليومَ، عن حق أو باطل، بممارسته بشكل منهجي في ديارها قبل محاولة الجهر بالتبشير به خارج الديار.
عودة إلى مفهوم "الإمـــام" كمؤسسة ووظيفة ولقب
بالعودة إلى مسألة المفاهيم والمصطلحات والألقاب، سبق لي في نصوص كثيرة سابقة أن طرحت مسألة الضوابط التي تحكم حمل بعض الألقاب في أدبيات الحركات الإسلامية المعاصرة؛ وذلك من منطلق تساؤل معرفي محض. وأخر تلك النصوص نصّ بعنوان "العلاقة بين الدولة والملة والدين والفرد المدني" (نُشر في مجلة "الربيع" - المغرب؛ ع-1 (2015)؛ ص:60-80). ومما جاء في ذلك النص، في ما يتعلق بضرورة الهيكلة الداخلية الذاتية لفضاءات الفكر الإسلامي على مستوى المفاهيم والألقاب والوظائف، قصد تخليص ذلك الفكر من الفوضى والتسيب، ما يلي:
[[إنه إصلاح على مستوى فقه الهيكلة المؤسّسية الداخلية، بشكل يخـلـص الديانة الإسلامية من فوضوية جمهور العامّة، أفرادأ وجماعات، ممن يسمح له الوضع الحالي المفتوح بأن يصادر رموز وقاموس وشارات وتعابير وخطاب الدين الإسلامي بصفة عامة، ليضفي بها الشرعية على مختلف أوجه الجنوح الجاهلي الفردي والجماعي؛ أي الهيكلة الذاتية الداخلية المؤسّسية لوظائف العنصر البشري المشكّل للهيئات الدينية في فضاء اختصاصات تلك الهيئات، وذلك باعتبار الدين إطارا لمخاطبة عمق ضمائر الناس بقطع النظر عن مواقفهم السياسية أو اللاسياسية، لما فيه خلاصهم الروحي في الأبد، وسعادتهم الوقتية في المدينة. هذا القبيل من قُـبـُل الهيكلة ليس من قبيل مهامّ أجهزة الدولة المدنية في تدبيرها مثلا تدبيرا سياسيا براغماتيا ووقتيّا لمعطيات ما مثّـلنا له أعلاه بمفهوم "الثوابت" كما ترد في الأدبيات السياسية للمغرب الحديث. إنها هيكلة ذاتية داخلية للمؤسسة الدينية نفسها باعتبار هذه المؤسسة هيئة لا يمكن أن تَصلـُح فوضىً وسائبةً تماما كما لا يمكن لمؤسسة الدولة أن تصلـُح فوضى وسائبة بدون آليات تنظيمية. ولقد تم إنجاز ذلك القبيل من الهيكلة الذاتية الداخلية تاريخيا في كثير من الديانات التي أصبحت تتوفر على هيئات مهيكلة حسب مقاييس وآليات تنظيمية معلومة لانخراط الفرد كعضو ذي وظيفة ولقب في هيئة من الهيئات الدينية. وتعتبر الكنيسة الكاثوليكية في هذا الباب، منذ قرون، أبرز نموذج لهذا القبيل من الهيكلة، التي تمت عبر تجربة تاريخية طويلة من التداخلات والتفاوضات العسيرة مع هيئة الدولة الزمنية كان ما عرف بـ"الإصلاح الديني" أبرز منعطف من منعطفاتها، اكتسبت من خلال إفضاءاته كلٌّ من الهيئتين (الدولة والكنيسة) استقلاليتها من حيث الهيكلة ومن حيث فضاء الصلاحيات.
فما معنى وما مضمون لقب "العـــالِــم" (أو "الفقيه"، أو "الشيخ") اليومَ مثلا، كإطار من الأطر الدينية؟ وما هي الشروط الصورية اللازمة لصِحة قيامه ولحمل ذلك اللقب؟ وما هي مساطر ومراحلُ وخطواتُ اعتمادِ ذلك اللقب رسميا، كعنوان لعضوية ووظيفة حينما يتم الحديث مثلا عن هيئة مثل "هيئة العلماء"؟ مثل هذا السؤال لا يطرح إشكالا، في حظيرة أجهزة الدولة في إدارتها وتنظيم المؤسسات التي ترعاها، بالنسبة لأطر أخرى مثل الطبيب، والمهندس، والأستاذ، والقاضي، والمحامي، والموثّق، والعدل، والشرطي الضابط، والزعيم الحزبي، والنائب البرلماني، الخ.، الذين يتوفر لكل إطار منهم نظام خاص للحصول المبدئي على اللقب ككفاءة، ومساطرُ لاعتماد حامل الكفاءة لمزاولة الوظيفة؛ وذلك بشكل يمكـّـن من ضبط الحقل المعنيّ ضبطا إداريا مقننا يكون معه بالإمكان نفي الشرعية في مختلف حالات الانتحال باعتبار ذلك من قبيل "النصب والتدخل بغير صفة" أو "ادعاء لقب متعلق بصفة نظمها القانون العام أو قانون داخلي لهيئة من الهيئات دون استيفاء الشروط اللازمة لحمل ذلك اللقب". فمن ذا الذي يمكن مثلا أن يتلقّب بـ"خوري" أو بـ"مطران" أو "قسّ" أو "كاردينال" أو "بابا" أو "قدّيس" في الديانة المسيحية بمجرد تفعيله لسوسيولوجيا الإخوانيات والترويج والتلميع الإعلاميين؟
لعل استشعار هذه الحاجة إلى فقهيات هيكلة ذاتية صورية ومسطرية داخليه في الحقل الديني هو ما يمكن فهمه مما أسماه الفقيه محمد يسّف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى: ["إرساءَ قواعد المشيخة العلمية (...) وفقا لضوابط مؤسساتية"] و["الوعي بضرورة إرساء البعد المؤسساتي الذي تقتضيه روح العصر وتطوّر التنظيمات"]، وذلك في إشارة منه إلى الفوضى التي أحدثتها مثلا نماذج ما أسماه بـ["وافد يتغذّى بإمدادات نشطاء من خريجي مدارس المشرق، الذين أقبلوا إلى المغرب بحمولاتهم الفكرية المناهضة للثوابت، وتمركزوا في جامعاتنا يصنعون أطر الثقافة الغازية؛ بل بدأت بعض جامعاتنا نفسها تنتج الفكر المستورد، وتمكن له في أرضنا، وبدأت خصوصيات المغرب في التدين تتساقط تباعا تحت ضربات الفكر الخارجي"]. ("الوطن الآن"؛ 24 يناير 2013، ص:8).
ولعل هذه الإشكال الفكري الفقهي، النظري والعملي، المتعلق بمجرّد هيكلة هيئات الوظائف الدينية (بقطع النظر عن تحديد مجال صلاحيات تلك الهيئات وعن مدى معقولية اكتساب صفة الأهلية والصلاحية للحسم في شؤون سياسة الدينا من مجرد صفة "التفقه علوم المِلة" بعد ثبوت تلك الصفة حسب نظام مضبوط معين) هو ما طـُـرح مؤخرا كذلك كإشكال على الفقيه أحمد الريسوني، الذي سبق أن صرّح يوما بناء على تقديره الخاص قائلا: "إن أمير المؤمنين ليس عالما في الدين"، والذي عزا ضبابية وغموض كيفية حصول تلك صفة (أي صفة "العالم") إلى تدخل الأجهزة الأمنية بدل هيئة صورية مؤسسية أخرى واضحة في معالمها وأسس تشكيلها واختصاصاتها، مما لم يسمّه الفقيه ولم يتحدث عنه، وذلك لما صرح ذلك الفقيه بما يلي (بقطع النظر عن البُعد السجالي السياسي الذي يتعدى إشكالية الهيكلة الداخلية الذاتية للحقل الديني، والذي وظف فيه الشيخ تصريحَه):
["لقد حصلت تطورات على الصعيد الدنيوي لمؤسسات الدولة، أي على المستوى التشريعي والسياسي؛ لكن على الصعيد الديني، هناك منعٌ لأي تطوّر. فمغرب ما بعد الاستقلال لم يكن فيه شيء يسمى بـ'الانتخاب': المُلك بالوراثة والباقي بالتعيين. أما الآن، فقد صارت هناك انتخابات على عدة مستويات؛ لكن الشأن الديني لا زال على ما كان عليه منذ قرون. بل أكثر من ذلك فلكي يُعيَّن شخصٌ ما عضوا في المجلس العلمي، لا بد أن يمر عبر 'الديستي' و'لادجيد' وما إلى ذلك؛ وفي النهاية تصبح الملاحظة التي يكتبها ضبّاط في الاستخبارات هي الحاسمة، وليس العلم والقدرة والكفاءة. لذلك أنا أطالب - وبعبارة أخرى يفهمها الجميع - بدمقرطة الشأن الديني؛ فهو ليس أقل استحقاقا للديموقراطية والشفافية ...] ("المساء": 22 أكتوبر 2012، ص7).
فإذا ما جُرّد كِلا قولـَي الفقيهين، محمد يسف وأحمد الريسوني، من بُعديهما السياسيين المتعارضين، فإن الخلفية الموضوعية المشتركَ فيها بينهما هي الوعي بضرورة الاجتهاد من أجل تصور هيكلية ذاتية داخلية للمؤسسة الدينية بشكل أو بآخر.]]. انتهى المقتطف.
تصدير الأيديولوجيا المغربية، ومنع المؤتمر
لعل من ثوابت التاريخ أن الأيديولوجيا بضاعة شرقية بامتياز، تهبّ بها رياح "الشركًي". أما المغرب فما ينتجه عبارة عن تجارب براغماتية، سوسيو-سياسية وسوسيو-اقتصادية وعلمية وعمرانية نفعية وفنية وفلسفية أخلاقية؛ بل حتى ما يهبّ عليه من دوغمائيات الشرق ينتهي إلى أن يُعمِل فيه براغماتية المصالح المرسلة. فلتك التجارب البراغماتية النفعية هي كل ما يمكن لهذا البلد أن يصدّره تصديرا تبادليا نفعيا في محيطه، كما فعل ذلك عبر التاريخ، شمالا وجنوبا بحكم موقعه الجغرافي وتركيبته التاريخية. ولعل هذا الثابت الأنثروبو-ثقافي التاريخي، إذا ما ثبت أنه صحيح، هو ما يبدو أنه قد غاب عن منظمي مؤتمر التعريف والتبشير بــ"نظرية الإمام عبد السلام ياسين" المعروفة بـ"المنهاج النبوي في التغيير" في عُقر حاضرة بلاد الخلافة العثمانية التي لم تتوقف غربا إلا على مشارف الحدود الشرقية للمغرب. فلقد جاء في الكلمة الافتاحية المذكورة للسيد عمر امكاسو أن الأمر يتعلق بــ["التعريف بمشروع الإمام عبد السلام ياسين، مدارسةً وبسطا وترجمة ... وباعتبار هذا المشروع لم ينل حظه من التعريف في الأوساط العلمية والفكرية والأكاديمية نظرا لما ضرب عليه من الحصار"].
فإذ تمّ اليوم التعريف بمشروع التصدير لـ"مشروع الإمام" الذي وضّح نفس السيد أمكاسو مجمل مبادئه في كلمته الافتتاحية في ظل الظرفية المذكورة المشار إليها أعلاه، بما قد يفيد أن حضور الجماعة بشكل منتظم في تركيا ربما يطمح إلى تجاوز مجرد حضور الاستعمال والسخرة عن طريق استظهار الحافظ لصوت المعلم (la voix de son maître) على غرار حضور غيرها وهو كثير، فهل تحتاج الدولة التركية، التي لم تذعن اليوم لا لأمريكا ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا في أمور كثيرة عظام، إلى "ضغوط خارجية" (من طرف أي قوّة خارقة يا ترى؟) لكي تُقدم على وضع حدّ لمثل ذلك المؤتمر التبشيري وإشعار منظميه بأنه لم يعد مرغوبا فيهم، كما زعم السيد امكاسو نفسُه ذلك في تصريحه لجريدة "المساء" مما سبق ذكره؟ خصوصا وأن لقب "الإمــــام" بمرجعياته المذهبية التاريخية وبتجليات تحقيقه اليوم كمؤسّسة ثيوقراطية على تخوم تركيا له وقع خاص في آذان بلاد الخلافة العثمانية في هذه الظروف التي تتميز بالنهوض القوي الأخير لبلاد الأئمة.، وأن لدولة تركيا مشروعا موصوفا لم يعمل التطور الأخير للأمور في المنطقة إلا على رفع ما كان قد وضع عليه مؤقتا من سُـتـُر ظرفية (انظر هــــنــا / ماي 2009 ثم هــــنـــا / يناير 2016).
وأخيرا، فلعل كل هذا يؤكد ما أشار إليه الأستاذ منتصر حمادة من "أن جماعة العدل والإحسان تبقى حركة إسلامية مغربية خالصة" بقطع النظر، كما قال، عن كل ما يؤاخذ عليها؛ فذلك ما يفسر عدم الترحيب بها في المشرق حينما لا ترضى بمجرد وظيفة السخرة وتسعى إلى الترويج هناك لمشروعها: نظرية الإمام حول المنهاج النبوي في التغيير.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres