(En arabe) Lecture dans les signification d'un congrès partisan au Maroc
قراءة في دلالات مؤتمر حزبي
ثاقافة "الخُطة-أ، والخطةُ-ب" في حسم أمور السياسة
1- لازمةُ الدعوات المتكررة إلى "تأهيل الأحزاب" تترجم هاجسا دائما منذ مدة طويلة لدى عقل الدولة من أجل تجديد النخبة السياسية بما يحفظ التوازنات التي يراها ذلك العقل مناسِبة لحالة الاستعدادات الجمعية العامة للمجتمع المغربي في لحظاته الراهنة.
2- بعد تأهّل حزب قويّ، ذي مرجعية دينية وعلاقاتٍ خاصة محمولة عليه في الأثير، وحيازته لتلك المواصفات التأهيلية (التشبيب، والشكلية الديموقراطية الداخلية وعقد المؤتمرات في آوانها ...)، وفرضِ نفسِه على الساحة وحيدا بتلك المواصفات، بينما ظلت سائر الأحزاب الأخرى مستمرة في منطق آلياتها القديمة (غلبة ومركزية طبقة تشيخ باستمرار، تعطيل المؤتمرات أو حسم أمورها بالطرق التقليدية: إما عنفا أو انشقاقات (اليسار، الحركة الشعبية)، أو عن طريق تـــسويـــــــات كواليسية عبر آلية الشبكات العائلية بشكل يجعل المؤتمرات شكلية وطقوسية)؛ بعد كل ذلك، وجد عقل الدولة أن تلك التوازنات التي يراها ضرورية قد اخــــتـلـّـــت بشكل كبير.
3- كان من المناسب إذن حينئذ انتهاز تناقضات أقرب الأحزاب السياسية إلى الحزب الإسلامي، سواء من حيث المرجعية (الإسلام والعروبة) أم من حيث الاستراتيجية التاريخية والبعيدة التي تُسند، هنا وهناك أثيريا وبشكل تعميمي إلى لحزبين (الرغبة في استعمال نظام الحكم كمجرد واجهة من أجل الوصول إلى ممارسة حكم الحزب الوحيد مهما كانت الشكليات بعد التمكن من المفاصل الدائمة لهياكل الدولة، التي لا تتمثل طبعا في الجهاز التنفيذي) من أجل جعلها فرصة لتأهيله لاسترداد قوته وقدراته التعبوية على أسس جديدة ملائمة. ذلك الحزب الأقرب إلى الحزب الديني المذكور هو بطبيعة الحال الحزب الوطني العتيد الأول في المغرب.
4- رجح ذلك الاختيار من داخل بعض فاعلي الحزب ومن خارجه بعد الإنهاك الذي نال ذلك الحزب العتيد، وسلسلة الفضائح التي صاحبت توليه الأخير لمقاليد التسيير الجهاز التنفيذي، وكذا ما لوحظ من سأَم الشارع عامة من طبيعته الأُسَـرو-قراطية الحلقية على المستوى التنظيمي. لقد تعيّن، إذن، العملُ على فـــــــــتـــــــــح قـــــــوس، فتحا مؤقتا، يمكّن الحزب العتيد من مُسحة من التشبيب والتـــأهّــــل عن طريق التخلـّـص من الحـــــــرس القــديــــــــم في صفوفه، وتهيئة الظروف لتأقلمه مع الأساليب "الحديثة" على مستوى التنظيم ونوعية الخطاب والتواصل، قصد تأهـــــــلــــــه لإعادة التوازن في وجه الحزب الإسلامي الذي أصبح حاكما والذي تتوجّس كثيرٌ من الأطراف من سياسته المتناقضة في باب تفعيل الصلاحيات وتحمل المسؤوليات، وكذا من خطابه المزدوج ما بين ممارسة الحكم والمعارضة في آن واحد، وُجــودَ استراتيجية احتوائية شمولية متعددة الأبعاد.
5- إنه قوس الشباطية "الشعبية" والشعبوية، التي أريد لها أن تعمل على تــــكسيـــــــر التقاليد الأُسُرو-تنظيمية للحزب العتيد على المستوى التنظيمي لكي يتمكّـن، بعد إغلاق ذلك القوس، من استعادة نفس القوى السوسيو-اقتصادية التاريخية الفاعلة فِعلا على المستوى السوسيو-اقتصادي (في مقابل طبقة وسطى متحركة وحديثة التشكل، هي طبقة الحزب الإسلامي) لكي تعود للتعبير السياسي عن مصالحها وعن تصورها لسير المدينة، لكن بمنهجية عمل جديدة مناسبة للعصر وتحولاته.
6- "الصداقات" السياسية الأولى للشاباطية قد عكست وترجمت كل تلك التداخلات، وكذا اصطداماتُها السياسية الأولى التي تمثلت في المبادرة إلى إحداث البـــــــلوكـــــاج الأول على المستوى التنفيذي الذي دام أكثر من شهر بعد الانسحاب من الحكومة والدعوة إلى التحكيم الملكي ... ثم توالت الشعبوية منهجا في جميع الاتجاهات بعد أن فطن الزعيم الجديد للحزب العتيد إلى أن التسهيلات التي كان يُعتقَـد و/أو يَعتقِد أنه استفاد منها في فضاء عمله السياسي كانت عبارة عن تسهيلات استـــــخدامــــيـّــة من طرف مجهول، ولم تكن تعبيدا لأقرب طريق نحو سدة التسيير من طرف معلوم.
7- لكن يبدو، من خلال ما حصل في المؤتمر الأخير للحزب العتيد (الذي كان مؤتمرا تنظيميا على سبيل الحصر)، أن عملية إغلاق القوس الشعبوي الجارية لم تسفر عن أي تأهل ذي بال من النوع المشار إليه. فإذْ استمر طرفٌ في شعبويته، التي بها كان قد تمكّن من أجهزة الحزب، عمِد الطرف الثاني إلى حشد دعم نفس القوى التقليدية في عُقر البيوتات بدل النزول إلى الميدان بخطاب جديد وبرنامج واضح يجوب به الآفاق ليُقنع به قواعد الحزب؛ بل إنه أضاف إلى ذلك ما استفاده، نقلا عن تجربة الطرف الأول، كوسائل عمل للحسم بنفس أسلحة الخصم، كما صورت ذلك مشاهد "وقعة الصحون الطائرة" في المؤتمر الأخير.
8- لم يحصل أي شيء من مقاصديات "فتح القوس" إذا ما صحّت فرضيته. وذلك لأن التأهل للديموقراطية تشبّع فكريٌ وثقافي، إما أنه متوفر ،وإما أنه غير متوفر؛ وليس آليـــــــة وطقوسٍ شكلية تمارس على شكل "خُــــطـــة-أ" (Plan-A)، ويبقى الحسم دائما جاهزا على شكل "خطة-ب" (Plan-B) في حالة ما إذا لم تسفر "خطة-أ" عن النتيجة المحسوم في أمرها سلفا حسما قطعيا؛ وذلك على طريقة ما يطلق عليه "الصف الهندي" (File indienne).
وتتمثل قصة "الصف الهندي" في أن الهنود كانو قد تعلـّـموا من الإدارة الإنجليزية خلال فترة الاستعمار أن ينتظمو في الصف أمام الشبابيك؛ لكنهم اعتقدوا أن العملية مجرد طقس من الطقوس، وليست آلية زمنية نفعية لتدبير المصالح اليومية. فكانو يشكلون صفوفا عملاقة أمام مختلف أنواع الشبابيك (الخطـّة-أ)؛ لكن بمجرد افتتاح الشباك أو وصول الحافلة أو القطار، تنفرط الصفوف بسرعة البرق فيتكدس القوم على الشباك أو باب الحافلة ويتدافعون بالمناكب ويدوس بعضهم بعضا معتمدين على قواهم الفيزيقية (الخطة-ب) والغلبة للأثقل وزنا.
إن المسافة بين الشـــــكـــل والجـــــوهــــــر في تلك الثقافة التعاملية، في باب الانضباط (من التزام الصف أمام شباك، إلى ممارسة السياسة باسم الديموقراطية) لهي من قبيل المسافة التي تفصل ما بين مفهومي "الطـــهــــــارة" و"النــــظــــافـــة"، على الترتيب.
الصف الهندي لبراسانس:
https://www.youtube.com/watch?v=EQOR-GdLmz8
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres