OrBinah

(En arabe) Le modernistes réformateurs de la religion au Maroc

المصلحون الدينيون الجدد.

من "الاستدخال" و"الإدماج" إلى الاندماج، في مسيرة التفكير "الحداثي"

 

 

--------------

أثارت تدوينة حديثة في أحد المواقع الاجتماعية حول تجويز الإمام مالك الخمرَ "لإزالة غُصة" كما أورد ذلك الشيخ خليل في مختصره، جدلا كبيرا، التقى من خلاله تفكيران متعارضان ظاهريا، في ثقافة واحدة أعمق. وهو التقاء تمّ من منطلقين متعارضين: "المنطق الحداثي" كما هو ناشئ وكما يقدّم نفسه، والمنطق الفقهي، كما كان وما يزال. وقد كان فضاء الالتقاء بين المنطقين هو المناظرة بالنص الفقهي المؤسس على الاستشهاد بأقوال من قال شيئا، أي "منطق القولوجيا".

 

تمثيـــــل

القاعدة الجبرية، على سبيل أسلوب التشبيه، هي أن حاصل ضرب الموجب في السالب هو حاصل سالب؛ والقاعدة الفيزيائية هي أن التقاء المادّة بنقيض المادة (antimatière) هو العدم.

 

وصف وتقرير

أما من الناحية الوصفية التقريرية، فعلى مرّ قرون، كانت قد سادت الثقافة الفقهية بلا منازع، وسادت معها وبفضلها في علاقة متبادلة طبقة من الناس تتخذ من الذاكرة الحافظة أساس رأسمال لا-مادّي لاقتسام السلطة الزمنية مع الحاكم الزمني. يقضي الفرد من هذه الطبقة نصيبا من عمره في شحن ذاكرته بما قيل، في النصوص المؤسسة وفي تفسيراتها وتأويلاتها، من أقوال؛ فيفتي بذلك في شؤون حياة الناس في المدينة، بعد أن يصبح دماغه عبارة عن قرص صلب حيّ، ذكيّ ومنخرط في التدافع. اليوم، تغيرت أسس الولوج إلى المعلومة، ولم تعد هناك حاجة إلى تلك "الأقراص الصلبة الحيّة" بالنسبة لكل من يريد الولوج إلى المعلومة المعينة (بما فيها من قال ماذا؟) في الحين واللحظة، كيفما كانت طبيعة المعلومة.

 

وإذ كانت التفكيران المذكوران (الفقهي و"الحداثي") إنما يعكسان، في الواقع، تدافعا حول شؤون المدينة، لكن باستعمال قاموسين مختلفين (مقولات الفقه، ومقولات "الحداثة") في إطار ثقافة عليا عميقة مشتركة (ثقافة المناظرة بالاستشهاد وقول من قال)، فقد بادر أهل "الحداثة"، مع دمقرطة المعلومة، إلى تحويل أنفسهم إلى فقهاء متنكّرين بدون هندام مميّز، فسخّروا كشّافات البحث الشبكي في التنقيب اللحظي عن القول من الأقوال، المناسب للرد والمحاجّة في مناظرة الفقهاء الأصيلين ذهنية وهنداما. فلا غرابة إذن أن يعمد اليوم الشيوعي والاشتراكي والليبرالي إلى الاستشهاد بالأقوال من مختلف درجات استنباط الأحكام الشرعية. في قاموس السبعينات، كان هذا المنحى ينعت عموما بـ"الانتهازية" الفكرية.

 

ولم يكن هذا المنحى الأخير مجرد أمر عفوي حلّ دون إعمال تفكير. ففي اكتوبر 2012، أي مباشرة بعد الرجّة التي أحدثها، في وعي أهل الحداثة، وصولُ أهل الفقه إلى تدبير سدة السلطة التنفيذية، انعكس ذلك المنحى بشكل مفكَّر فيه جيدا، ومعبَّر عنه بوضوح، على ما جاء تحت عنوان "في التدارك الثقافي واللغوي"، ضمن وثيقة "بيان من أجل وحدة اليسار" الذي كان آخر بيانات الجيل من نوعه، والذي اتخذ شكل توبــــة بلباس "نقد ذاتي". إنه بيـــــان وقّعه مجموعة من المثقفين، من بينهم بعض السياسيين، وقد أفرد للمنحى الجديد المشار إليه فقرة بعنوان "في استدخال الشأن الديني". وقد ورد في تلك الفقرة من بين ما ورد ما يلي:

 

[[وقد آن أوان تدارك هذا الإهمال الخطير لموضوع الدين مما هو طاقة اجتماعية ورأسمــــــــال حـــــركــــــي في الحياة العامة. وليس معنى ذلك أن على قوى اليسار أن تلج مجال المنافسة على استخدام الدين في السياسة؛ وإنما عليها، من أجل الحد من هذا الاستخدام المفرط، أن تنشر في أوساطها وفي الجمهور الاجتماعي الأوسع ثقافة عقلانية وتنويرية في المسألة الدينية]].

 

وكنت، شخصيا، قد بعثت، على إثر صدور بيان "التوبة" الحداثية، برسالة إلى أحد موقعيها وهو من زملائي القدامى، أبديت فيها هذا القبيل من القراءة المعبّر عنه هنا لذلك البيان، فامتنع الزميل عن الردّ. وما زلت أحتفظ بتلك الرسالة المؤرخة بـ 15 أكتوبر 2012.

.

مُلحة من المُلح بالمناسبة

تتمثل هزلية سينيمائية من هزليات الثنائي الكوميدي الجزائري "لانسبّيكتور الطاهر ولابّرانتي" في القيام بمهمّة بوليسية لتعقب لائحة من المطالبين والتجسس عليهم لاستقاء المعلومات حولهم لفائدة مصالح الأمن. وكانت خطة العميلين لتعقب الفرد تتمثل في التنكّر والاندماج التامّ، هنداما وخطابا وسلوكا، في الوسط الذي يتحرك فيه الشخص المعني، حسب المهنة والسلوك الاجتماعي. وحصل أن تعقبا شخصين يقضيان لياليهما في علب الحانات؛ فاندمجا معهما في تعاطي الأقداح تكرّما منهما عليهما في إطار تعارفات السكارى وتوادّهم، وذلك قصد إسكارهما لاستخراج ما في جعبتهما. غير أن الذي حصل هو أن  البوليسين السرّيين قد ثمِلا قبل سكر ضحيتيهما المتعودتين على تحمّل التي كانت هي الداء، فانكشف أمر المهمة البوليسة بسبب ما أصبح العميلان يتفوّهان به بعد أن ذهبت الخمرة بوعيهما. 

 

محمد المدلاوي



11/08/2018
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres