(En Arabe) La guerre des hammams, aura-t-elle lieu au Maroc?
حرب الحمّامات؛ هــل تـقـع في المغرب؟
في سنة 1974 أنجز سهيل بنبركة فيلما بعنوان "حرب البترول لن تقع". لكن تلك الحرب قد وقعت بعد ذلك بأوجه مختلفة وما تزال أطوارها جارية؛ وذلك منذ قصة المدفع العملاق الذي قيل إن صدام حسين كان يعدّ لاستيراد قطعه من المعامل الأوروبية، ثم إقدامه بعد ذلك على غزو وضم ما أسماه بمحافظة الكويت.
بعيدا عن ذلك المستوى من مستويات اندلاع الحروب، أغنيت مكتبتي هذا الصباح بكتاب وقع عليه نظري لدى بعض الفرّاشة وهو بعنوان "إعلام الأنام بأحكام وآداب الحمّام، من الأحاديث والآثار وفقه علماء الأمصار؛ ويليه فتاوى الحمّام، للإمام أحمد بن تيمية شيخ الإسلام".
لقد كان عنوانا أثار فضولي.لأني كنت أعتقد، عن جهل، أن أدبيات القول وغير القول حول هذا الفضاء المظلم مقصورة على استيهامات وفانطاسمات مستشرقي الأمس واليوم حول العالم السحري لما يسمونه بــ"Bain maure" أو "Bain turc" (ضع إحدى هذه التسميات في نافذة كوكل ثم انقر على <Image> لترى نماذج من تلك الاستيهامات، قديمة وحديثها في باب المرئيات). لكني قرأت لكم اليوم:
قـــــــرأت لـــــكــــــم، لنزداد علما:
الكتاب يتحدث عنه مؤله في المقدمة كــ"رســالة" في موضوعه. وهو كتاب نشر سنة 2014؛ وهو من منشورات جريدة "السبيل" المغربية (http://assabil.ma/). أما المؤلف، محمد بن الحسين باقّـشيش (أبو مالك)، فهو أستاذ مغربي للتعليم العالي في كل من جامعة ابن زهر المغربية وجامعة الطائف السعودية. ويبدو أن الكتاب كان في أصله رسالة جامعية أنجزت في إطار التعاون الجامعي وغير الجامعي القائم بين المغرب والخليج، نظرا لما يطبع تحرير الكتاب من تحرّ دقيق في التوثيق الأكاديمي وفي تخريج الأحاديث المعتمدة وبيان درجات صحتها متنا وسندا، ونظرا لأن المؤلف يتحدث عن عمله بـلفظ "رسالة" كما ذكر، ولأن المقدمة مؤرخة بسنة 1992 بينما النشر مؤرخ بسنة 2014.
يتألف الكتاب من عدة أقسام، عنوان.أولها قسم "الأحاديث الواردة في الحمام"؛ وهذه محتوياته:
- الحمام قبل الإسلام. الأمر ببناء الحمام. - الحمام في عهد النبي ص وتحريم دخوله على النساء. - الإخبار عن وجود الحمامات بعد الفتوحات. - كراهية دخول الحمام للرجال والنساء. - الترخيص في دخول الحمام بشرط الاستتار. - شرط دخول الحمام للرجال وتحريمه على النساء. - الوعيد في دخول الحمام للنساء من غير علة.
ومما ورد في مستهل مقدمة الكتاب ما يلي:
[ومن بين القضايا التي أدت بكثير من المسلمين إلى هذا المستوى المتردي ما فشا فيهم من سفور وتبرج وعُري فاضح صارخ في الجنسين معا، إلى حدّ إظهار العورة المغلـّـظة أحيانا على كافة الاصعدة في الشوارع والاسواق والمسابح وشواطئ البحار، وضفاف الأنهار، وفي المنتزهات والحفلات، وفي الرياضة والمباريات، وأخيرا في الحمامات العمومية.
وانتقل المؤلف بعد ذلك مباشرة إلى تعريف حـــدّ العورة عند الرجل وحدّها عند المرأة معتمدا على أحاديث وآثار، فقال: [أما حدّ عورة الرجل، فهي ما بين السُرة والركبة] ... [وأما حدّ عورة المرآة، فإجماع العلماء أن بدنها كله عورة إلا ما استثناه الشرع من جواز إظهاره وهو الوجه والكفّان على القول الراجح عند أهل العلم، ... وذلك عند أمن الفتنة؛ وأما إذا لم تُؤمَن الفتنة، وخاصة في زماننا هذا، فالأحسن لها والأفضل أن تغطي وجهها وكفيها ...].
وفي معرض حديث المؤلف، مستشهدا دائما بأحاديث، عن الفخد باعتباره داخلا في حدّ عورة الرجل، التي تمتد ما بين السرة والركبة، قال [فهذان الحديثان يدلان على النهي عن كشف عورة الفخد مطلقا وفي جميع الأحوال، خلافا لما يفعله مقلدة اليهود والنصارى والمجوس من إبداء عورة الفخد إلى حدّ إظهار السوءة في الأماكن العامة والخاصة، غير مراعين لحرمة المسلم، معرضينه لرؤية العورات والمقبوحات على الرغم من أنفه، متبجحين بذلك ومفتخرين، لا يوجد من ينكر منكرهم ولا من يردع سفههم، والله المستعان]. ...
بيّن المؤلف بعد ذلك أنه سيقتصر في عمله على وجه واحد من أوجه السفور عن العورات، عورات النساء وعورات الرجال، ألا وهو وجه فضاء الحمّامات؛ فتحدث عن الحمام قبل الإسلام وبعد الإسلام معتمدا دائما على الأحاديث والآثار قبل أن يبدأ في تفصيل الأحوال والكيفيّات التي يجوز فيها وبها دخول الحمام بالنسبة للنساء وللرجال معتمدا دائما على رصيد من الأحاديث النبوية.(1) وذلك لأنه، حسب قوله، [قد كثر السؤال من الشباب المسلم والغيورين على هذا الدين عن وضعية هذه الحمامات وعن حكم الإسلام فيها، ومن يدخلها، وشروط ذلك؛ وهذه الأسئلة ناجمة عما يقع في هذه البيوت من الفوضى والمنكرات والتكشفات غير الأخلاقية على صعيد الذكور وعلى صعيد النساء؛ فإن كثيرا منهم يدخلون إليها عراة كما ولدتهم أمهاتهم ... محتمين بذلك وراء شعارهم الكاذب "الحرية الشخصية"! زيادة على ما يقع فيها من فواحش وشذوذ جنسي بالنسبة للجنسين؛ وهذا ما لا ينبغي السكوت عنه].
الحقيقة اليوم هي أنه لم يعد هناك سكوت عن شيء من ذلك، ولم تعد هناك حالة "ولا يوجد من ينكر منكرهم ولا من يردع سفههم "، خصوصا بعد ما طبع السنة من أحداث في الشواطئ والأسواق وأخيرا البيوت؛ إذ يبدو أنه، من بداية تسعسنات القرن الماضي (تاريخ إنجاز العمل) إلى اليوم، قد بلغ الرشدَ جيلُ ذلك "الشباب الغيور" الذي كانت أسئلته دافعا لتحرير الكتاب. فتلك المعاينة هي ما دعا إلى طرح سؤال عنوان هذه القراءة الخاطفة للكتاب، أي سؤال "حرب الحمامات؛ هل تقع في المغرب؟". ومن البديهي أن ليس المقصود هنا بحرب الحمامات هو ما يحصل أحيانا من تجاذب للشعَـر وتقاذف بالمراجل والقراقب من حين لآخر بين بعض مرتادات الحمّام.
------------------
(1) أحاديث نبوية من قبيل:
- "إنها ستُـفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمّامات؛ فلا يدخلنها الرجال إلا بالإزار، وامنعوا النساء إلا مريضة أو نفساء" (عن عبد الله بن العاص)؛
- "أيُّما امرأة دخلت الحمّام من غير علة ولا سقم تلتمس بياض وجهها، فسوّد الله وجهها يوم تبيضّ الوجوه" (حديث مكحول عن سلمان الفارسي)؛
- " ...، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا يدخل الحمّام" (حديث أبي أيوب)؛
- "الحمّام حرام على نساء أمتي" (حديث عائشة)؛
الخ.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres