(En arabe) L'tymologie du mot berbère TIMZGIDA "mosquée"
المعاجم متاحف تاريخية لا-مادية
(تأصيل كلمة /تيمزكًـيدا/ "مسجد" في الأمازيغية)
تمهـــيـــــــــــــد
قال أبو العلاء المعري:
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً * ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ودفيــــــــــنٍ على بقايا دفيــن* في طويل الأزمان والآباد.
وقال نيتشه في كتيّبهVérité et mensonge au sens extra-moral ما معناه "المعاجم مقابر حافلة بالمعلومات التاريخية"
مثلها مثل مورفولوجيا الأرض في ثبات معطيات الماضي فيها مهما تعاقب مفعول تضافر عوامل التعرية والنشاط الطاكطوني، تحتفظ المعاجم برصيد هائل من معطيات الماضي العمراني والسوسيو-اقتصادي والفكري.
وقد قمت شخصيا في هذا الباب، في أعمال سابقة منشورة، بتنقيبات حول تأصيل كثير من المفردات من معجم العربية لاستجلاء دلالاتها الدفينة (العروبة/الجمعة، اللهمّ/الله، ...)، وعلى الخصوص في المعجم الأمازيغي (ربّي/الله، تافاسكا/الأضحية، تيمزكًيدا/مسجد، با-مغار/بُّا-شّيخ، ...). ومن بين الأعمال المشار إليها، العمل الآتي:
Elmedlaoui, Mohamed (2006)-d. "Traduire le nom de Dieu dans le Coran : le cas du berbère". Pp. 105-115 in Dymitr Ibriszimow / Rainer Vossen / Harry Stroomer eds. Etudes Berbères III. Le nom, le prénom et autres articles. Berber Studies. Volume 14 (2006). Rüdiger Köppe Verlag. Cöln.
---י-----
في ما يلي سأتحدث عن قصة /تيمزكًيدا/، اسم مؤنّث صرفيا وبـصوت /g/ قبله صوت /z/، كمقابل تمزيغي للفظ /مســـجد/ ي اللغة العربية (اسم مذكر، بضوت سين قبل الحرف /ج/ الدي ينطق اليوم في عربية شمال إفريقيا بلفظ /j/ ).
تلخيص المعلومات اللازمة للتحليل:
ما يكتب في الألفبائية/الحرف العربي على شكل /ج/ (المقابل لحرف /ג/ في العبرية) صوت ينطق بلفظ [G] في كافة اللغات السامية؛ لكن ذلك الصوت خضع في كثير من أوجه العربية (بما فيها نطق الفصحى حاليا) إلى تطوّر تاريخي تدريجي من حيث المخرج والصفة، متدرجا من صوت [G] الطبقي الانغلاقي إلى صوت [Gj] الغاري المركّب إلى صوت [J] الأمامي الاحتكاكي. لكن ما تزال أوجه أخرى في العربية (اللهجة القاهرية وأحدى لهجتي اليمن) تنطقه [G] إلى اليوم.
التحـــليـــل
بينتُ في دراسة أكاديمية منشورة كيف أن ما يرسم في الحرف العربي على شكل /ج/ ينطق في جميع اللغات السامية بلفظ /g/ (صوت طبقي/vélaire المخرج، انغلاقي مجهور). وكذلك كان ينطق في أوجه العربية، منها ما لا يزال قائما إلى اليوم في اليمن ومصر على الخصوص. وقد تطوّر نطقه/لفظه بعد ذلك تديرجيا عن طريق "تغويرُ/palatalisation مخرجِه نحو الأمام في كثير من أوجه العربية، متدرجا من إخراج الطبقي/vélaire /G/، إلى إخراج اغاري مركب /palatal affriqué /Gj/، إلى إخراج أمامي احتكاكي /antérieur fricatif /j/ في نفس مخرج وكيفية إخراج الشين. وقد كان ما يكتب اليوم بحرف /ج/ ينطق في العربية الفصحى بالنطق ما قبل الأخير: الغاري المركب /Gj/ في عصر عالم الأصوات، ابن حنّي، كما يتضح ذلك من وصفه لإخراج ذلك الحرف في كتاب "سرّ صناعة الإعراب".
توثيق داراستي المشار إليها في الفقرة أعلاه:
Elmedlaoui, Mohamed (2011) “Système, typologie et changement diachronique : le cas *g et *q dans les études chamito-sémitiques”. Etudes et Documents Berbères. 29-30 (2010-2011). Pp. 133-153.
ومن خلال رصد المستمزغ الهولندي Van den Boogert، المتخصص في تحقيق المخطوطات الأمازيغية، لمراحل تطوّر تدوين مؤلفي أدبيات ما يعرف بـ"المازغي" للكلمات الأمازيغية المحتوية على /g/ تدوينا بالحرف العربي (مثل اكًـادير، تيـكًمـّي "منزل"، يـدكًل "أرز"، واكًـّاكًـ "عالِم"، يزناكًـن "صنهاجة"، ...) في المغرب والأندلس، مستعملين من أحرف الألفبائية العربية ما هو أقرب نطقا في جيل الناطقين بالعربية إلى صوت /g/ الأمازيغي، أي حرف /ج/ في مرحلة أولى، ثم حرف الكاف /كــ/ في مرحلة ثانية، حسب تطور القيمة الصوتية لنطق حرف /ج/ لدى الناطقين بالعربية حسب توالي الأجيال، يتأكد ذلك التطور للقيمة الصوتية المنطوقة لما يُكتب إلى اليوم بحرف /ج/ في نطق العربية في شمال إفريقيا، وفي المغرب والأندلس خاصة (أي التدرج من من نطق [G] إلى نطق [Gj] إلى نطق [j]). وقد تنبه بوخرت إلى أن ذلك التطور في نوعية الحرف المختار لتمثيل /g/ يعود إلى التطور الذي طرأ على نطق /ج/ في العربية. انظر الصفحة-365 من المرجع الآتي:
Boogert, Nico van den (2000) “Medieval Berber Orthography”. Pp. 357-77 in Salem Chaker & Anderjez Zaborski (Réunis par --) : Etudes Berbères et Chamito-Sémitiques ; Mélanges offert à Karl-G. Prasse. Ed. Salem Chaker. Peeters. Paris - Louvain.
وإذ كانت الأندلس خاصة فضاءً تداخلت فيه الديانات الثلاث (اليهودية والمسيحبة والإسلام) واللغات الكبرى الخمس (اللاتينية، والقشتالية الناشئة، والعبرية، والعربية، الأمازيغية)، وإذ بيّن المستمزغ المحقق المذكور، فان دن بوخرت، أن التدوينات الأولى لمتون "المازغي" الأمازيغية بالحرف العربي تعود إلى الفترة الأندلسية، فمن هناك اكتسبت الكلمة الدالة على "مَـسْــجِــد" في اللغة الأمازيغية صورتها الصوتية كمتقترض عربي مُؤَمزغ: تيــمزكًيدا/timzgida، بصوت /g/ مع قلب السين زايا وبعلامة التأنيــــــــــــــث /تيـ.../.
فزيادة على ما تمّ بينانه من أن النطق القديم لـما يرسم كحرف /ج/ في الكتابة العربية كان ما يزال في طور انتقالي من /G/ (طبقي) إلى /Gj/ (غاري) في الفترة الأندلسية، وإضافة إلى ما لا يزال سائدا في فونولوجيا الأمازيغية من مماثلة بالجهر أو بالهمس (كما في isd/izd "هــل" أو sdi/zdi "سيّدي"، وكما في اللهجة المصرية: مَـسكًـِــد/مَـزكًـِـد، مَصـضَـر/مَـزضَر)، تمّ كذلك تأنيث الكلمة الأمازيغية المقابلة لــ"مسجد" في ذلك الفضاء قياسا على مرجعية كل من اسمي ἐκκλησία/ekklesia "كنيـسة" مسيحية و כנסת [كنيسيت] "بيــعة" يهودية في المسيحية واليهودية على الترتيب؛ ومعنى الكلمتين في كل من اللغتين الإغريقوية/اللاتينية وما تفرع عنهما من جهة، واللغة العبرية من جهة ثانية، هو "المجمع"/"الجامع"/assemblée. وهو ما أعطى في لاتينية القرون الوسطى meschita كمقابل للفظ/معنى "مسجد"، وفي القشتالية/الإسبانية mezquita، ثم في الإيطالية القديمة الناشئة moscheta (وعلامة التأنيث في هذ اللغات الفتحة في آخر الكلمة) ثم في الفرنسية mosquée؛ وكلها أسماء مؤنثة مثل /تيـــمزكًيدا/ في الأمازيغية التي صدّرت أصل الكلمة بعلامة التأنيث في صرفها الخاص /تيــ..../.
--------------י-------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres