(EN ARABE) Hommage à Ahmed Ramzi
(1) Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
أحمد رمزي، رمز والاستقامة والكرامة
يودعنا في صمت
كما هي سُنة الحياة {فمنهم من قضى نحبَه ومنهم من ينتظر}ق.ك. ومغزى استحضار هذه الآية هنا هو أن جيلنا (جيل الكاتب)، على اختلاف طبقاته ومجالات نشاطها، يوجد اليوم في الخطوط الأمامية لجبهة ذلك الانتظار. فبعد ثلة من المعارف الذين جمعتني بهم علاقات مختلفة، والذين خصصت لهم في هذا الركن أو في غيره من المنابر كلمةَ وفاء بعدَ رحيل كل منهم في السنوات الأخيرة (حاييم الزعفراني، عمران المالح، سيمون ليفي، صالح الشرقي، أحمد الطيب العلج)، ها هو الفقيد أحمد رمزي يودعنا في صمت؛ إنه صمت في حياته، ما كان يخرقه سوى نشاط وفعالية عمله المهني الدؤوب في تحَـرّ وتفان بمختلف القطاعات التي عمل بها تباعا أو موازاة؛ ومنها قطاع الصحة في الميدان، كطبيب رئيسي بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، والقطاع الحكومي كوزير للصحة ثم وزير للأوقاف والشؤون الإسلامية (وأخيرا كرئيس للمجلس الأعلى لمالية الأوقاف العامة)، وقطاع التمثيل النيابي بالبرلمان (عن مدينة أكادير)، وقطاع الديبلوماسية، كسفير في السعودية وفي العراق في أكثر لحظات المنطقة تأزما (بداية بوادر الحركية الخمينية، احتلال المتمردين للمسجد الحرام بالسعودية، ثم الحرب العراقية الإيرانية)، وقطاع البحث العلمي الأكاديمي، كعضو وكمدير للشؤون العلمية ومدير للجلسات بأكاديمية المملكة المغربية والساهر المدقق على إعداد منشوراتها.
هذا المسار الغني والمتنوع، الذي يتراوح ما بين ممارسة الجراحة، والسياسية، والديبلوماسية، وتدبير الشأن الديني، مرّ في صمت إعلامي خلال حياة الفقيد، ثم عكسه كذلك الإعلام بعد رحيل ذلك الفقيد العالم، الفقيه، المتعدد الألسن (عربية، أمازيغية، فرنسية، إنجليزية) والعارف ببيوتات ومناقبيات الأولياء والصالحين، وعاشق الأدب والكِتاب والفن، المرحوم أحمد رمزي. ذلك أن هناك مجالا آخرَ أوسعَ في حياة الراحل، هو مجال العلم والثقافة والفنون، كان يتحرك فيه الفقيد في استقلال وتحرر من إكراهات المؤسسات. فللمرحوم أحمد رمزي في هذا الباب أوجه أخرى قليل من يعرفها، ولا يُنتظر اليوم من إعلاميي هذا البلد أن ينقبوا عنها ويكشفوها للناس بما أنهم لا يشكلون، إلى حد الساعة، في باب مهنتهم، التي يسمونها مع ذلك "مهنة المتاعب"، سوى صناديق تُـرجِع صدَى جذاذات وكالة أنباء رسمية. ولقد انعكس كل ذلك على "تغطية" أولئك المهنيين لنبإ رحيل الفقيد، سواء إخباراً (مجرد ترديد برقية تعزية جلالة الملك)، أو بالصورة (الدرس الحسني)، أو بالتحقيق والتعليق الذين لم يحصلا البتّة، لا في المكتوب، ولا في المرئي المسموع، لأنهما ليسا مما تنتجه وتُعلـّـبه مسبقا وكالاتُ الأنباء كجذاذات تحشى بها أعمدة الصحف؛ وهو ما جعل الحيز الذي شغله نبأ رحيل الممثل المصري، أحمد رمزي مثلا قبل شهرين، أكثر بكثير مما شغله اليوم نبأ رحيل سَمِيّـه المغربي، العالم المثقف وعاشق الفنون، الفقيه والطبيب، البرلماني والوزير والديبلوماسي، أحمد رمزي.
فإذا كان البعض القليل، من معارف الفقيد، يعلم أنه كان موسوعيا، ومن أكثر الناس شغفا وولعا بالقراءة، وباقتناء الكتب النفيسة المغطية لجميع المعارف القديمة والحديثة، والتي كلما التهمها قراءة وضاقت عنها رفوف خزانته، يقوم بأهدائها بسخاء إلى مؤسسات عمومية (خزانة كلية الشريعة بـ"أيت ملول"، ثم "الخزانة الوطنية بالرباط"، "المكتبة الوطنية للمملكة المغربية" حاليا)، إذا كان الأمر كذلك، فإن أقل بكثير من ذلك البعض يعرف بأن الطبيب، الفقيه، والعالم، أحمد رمزي كان من عشاق الفنون، والذواقين لها، والجاامعين الحافظين لتحفها المسجلة النادرة، وعلى الأخص منها التراث الموسيقى المغربي والموسيقى الكلاسيكية الغربية. ففي حفل إهدائه خزانتـَه الثانية للمكتبة الوطنية سنة 2006، عرض الفقيد أمام الحضور استعداده لإهداء رصيد ما كان يحتفظ به من تسجيلات نادرة من ذلك التراث لنفس تلك المؤسسة حينما تكون قد وفرت قسما مناسبا لذلك النمط من المحفوظات. وما زلت أتذكر الحماس الذي يتحدث به الفقيد عن روائع الموسيقى الكلاسيكية الغربية وأعلامها من مؤلفين، وعازفين، ومغنيين، ومغنيات، وأجواق فلارمونية شهيرة كلما سمح المقام بذلك. ولقد حدثني يوما في هذا الباب بحماس عن حفل موسيقي كلاسيكي حميمي كانت قد نظمته سفارة فرنسا بالسعودية لما كان سفيرا هناك، وكان من بين المدعوين، لمعرفة زملائه الديبلوماسيين بعشقه لذلك اللون الموسيقي الغربي ومعرفته به معرفة دراية. وإذ كان الأمر يتعلق بأداء إحدى العازفات على البيانو لقطعة كلاسيكية نادرة كان هو يحفظ لحنها عن ظهر قلب، فقد تقدم لتهنئة العازفة بعد انتهاء تصفيقات الجمهور، فأسر إليها قائلا في أدب بعد التهنئة: "لكن سيدتي، يبدو لي أنك قد اجتزأت من القطعة مسلكـَها الختامي الحق"؛ فباحت له العازفة مبتسمة في حرج خفيف بأنها كانت متعبة، وأنها قد "احتالت" فعلا في أدائها واضطرت إلى الإيهام بالختم أمام جمهور ما كانت تعتقد أن سيكون ضمنَه عشاقٌ محققون وذوو دراية.
لقد كان الفقيد يجمع في صمت، وبلا ضجيج، ما بين أبعاد التفقه في الدين دون حاجة إلى شارات هندامية، والوطنية المتجردة، والعلم الطبيعي، والأدب، والذوق الفني الرفيع من جهة، وبين العمل في باب اليبلوماسية، والعمل الحكومي، في حدود المهنية وإكراهات السياسة والحكم وطقوسهما في جيله من جهة ثانية؛ لقد كان خادم دولة بامتياز. وفي هذا الصدد، كان يقول، بعد أن تفرغ للعمل الأكاديمي، أنْ ليس أسعد في الحياة، بالنسبة لمن وجد نفسه في خدمة الدولة، من أن يجد الناسَ، بعد تقاعده، يكنون له المحبة، ويستمرون في إيلاءه نفسَ التقدير والاحترام. ولعل هذه الخصال مجتمعةً، خصالَ العلم والفن والكرامة، هي ما انعكس على مستوى تربية ذرية الفقيد. فنجله، كريم رمزي، الذي كان ضمن كوكبة خريجي المعهد المولوي إلى جانب ولي العهد (جلالة الملك محمد السادس حاليا) - والذي كانت ذهنية كل الذين يعتبرون الكفاءة والأهلية والاستعداد للوظائف ريعا سلاليا تخوله شجرةُ الميلاد ووسطُ النشأة، تـتـنبأ له "منطقيا" بمشوار سياسي؛ فكريم رمزي هذا لم يستسلم لإغراءات تلك الحظوة، الطارئة في حياة الشخص، فيعتبرها توجيها قدَريا، وتأهيلا "مبدئيا وطبيعيا"، لاختيار مشوار الحياة. فإذ "كان محفوفا بعناية أبوين متفتّحين وخيّرين، شجعاه دائما على اتباع ما يتناسب مع ميولاته"، على حد تعبير الصحفية مُونَى إزدّين (مغرس 2009)، فقد تميز نجل الفقيد بالاستجابة لبُعد من الأبعاد التي ورثها عن أبيه، ألا وهو البعد الفني. فبعد تكوين أول في العلوم السياسية والتواصلية بأمريكا، انتهى خريج المعهد المولوي باختيار فن التصوير الفوتوغرافي الراقي كمجال لتحقيق ذاته في حرية وكرامة (80 في المائة من العاطفة، و20 في المائة من المعرفة التقنية، حسب تعبيره)، وذلك بدل أن يستسلم لركوب موجة وجدَ نفسه على متنها بحكم ميلاده ووسطِ نشأته. "فزيادة على سهولة كبيرة في التواصل والمعاشرة، ورث الشاب عن أبيه أنفة وحسّا قويا بالكرامة"، على حد تعبير نفس الصحفية. رحم الله الفقيد أحمد رمزي، وأسكنه فسيح جناته، وبارك في ذريته، وألهم مواطنيه كيفَ يبَرّون به ويستفيدون مما خلـفه، وكيف يكرّمون ذكر أمثاله.
الراحل الدكتور أحمد رمزي:
- ينحدر بلدة تافراوت؛ وهو من
مواليد الدار البيضاء سنة 1939.
- تابع دراسته الابتدائية
والثانوية بنفس المدينة، والتحق بكلية الطب بمدينة موبيليي بفرنسا، حيت نال شهادة
الدكتوراه في الجراحة العامة.
- من 1963 إلى 1967، تقلد منصب مدبر مستشفى بمراكش.
- من 1969 إلى 1972 شغل منصب الطبيب الرئيسي
لعمالة أكادير
- من 25 أبريل 1974 إلى 14 مارس
1975 تولى وزارة الصحة.
- من 28 أبريل 1975 إلى 16 دجنبر 1976عمل سفيرا بالعراق
(في بداية بوادر الحركة الخمينية)، ثم بعد ذلك في المملكة العربية السعودية (عايش
هناك استيلاء المتشددين على المسجد الحرام 1979)
- عمل عضوا في البرلمان عن
مدينة أكادير
- عمل وزيرا للشؤون الإسلامية
- عضو أكاديمية المملكة
المغربية ومدير جلساتها المكلف بالشؤون العلمية والمنشورات
- توفي رحمه الله وهو في منصب رئيس المجلس الأعلى لحسابات الأوقاف العامة
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres