OrBinah

(EN ARABE) Formation et recherche scientifique menacées à l'université marocaine

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

 

 

تحــدّيـات جديـــــدة

أمام خطة التربية والتكوين والبحث العلمي في الجامعة المغربية

 

مع بداية النهضة العلمية الحديثة في أوروبا، وفي خضم اضطرابات حركة الإصلاح الديني التي دشنها مارتين لوثر ضد مؤسسة الكنيسة، قرر "مجلس طرانت" في منتصف القرن 16م أن يكون للكنيسة وحدها حق احتكار صلاحية  مراقبة وتأويل مضامين النظريات العلمية الجديدة المتكاثرة، على ضوء ربط تلك المضامين بحقائق الإيمان والعقيدة.

وقد كان الفيزيائي الإيطالي، الشاب حينئذ، جيوردانو برونو (Giordano Bruno 1548-1600)، أول ضحايا مؤسسة التفـتـيـش العلمي التابعة للكنيسة. فإذ توصل ذلك العالم إلى أن الفضاء الكوني فضاء لا نهائيُ الكِبـر، ولانهائيُ الصِغر، وأن به مجرّاتٍ أخرى غير المجرة المعهودة لأهل الأرض، فقد رأت الكنيسة في ذلك ما يناقض ما ورد في الكتاب المقدس، حسب رأيها، من حقائق حول الطبيعة وخلقها، فحكمت على ذلك العالم بما كانت تُحكُم به حينئذ على المتهمين بالزندقة والهرطقة، أي الإعدام حرقا (Le bucher)، ونفذ فيه ذلك الحكم في نهاية أطوار محاكمة دامت ثمانية أعوام. سنواتٍ بعد ذلك، جاء دور الفلكي الإيطالي المشهور كَاليلي (Galilio 1564-1642 مطوّر نظرية العالم البولوني كوبيرنك حول ميكانيكا النظام الشمسي. فإذ دافع كَاليلي عن نظريةٍ قـلبت التصوّرَ البطلـَـيـموسي القديم لحركات الأجرام السماوية رأسا على عقب، عن طريق الحسابات والتمثيلات التي أثبت من خلالها بأن المركز الثابت للمجموعة الشمسية هو الشمس، وليس الأرض، التي إنما هي كوكب يدور حول الشمس في نموذجه التمثيلي، فقد قُـدّم بدوره، في شيخوخته، لمحاكمة دامت عدة سنين؛ فلم ينج من الحكم بالإحراق الذي كان قد نُـفـذ في زميل شبابه بتهمة تعارض مضامين نظريته مع حقائق الإيمان، إلا بـ"تـوبـة" قسرية، ادعى من خلالها الشيخ المُتـعـبُ المنهَـك، الذي لم يعد له مثلُ عُنفوان فـتـوّة جيوردانو برونو، بأن ما كان قد توصل إليه، ودافع عنه، إن هو إلا هـرطقةُ طيشِ الشباب. قال ذلك جاثيا على ركبتيه أمام هيئة المحكمة الدينية يستجدي عطفها وصفحها.

في نفس الوقت تقريبا، لكن في ظروف سوسيو-سياسة مخالفة بعيدا عن مركز الكنيسة في إطاليا، قام خلاف علمي بين عالمين مفكرين، كل منهما راسخ في العلوم التجريـبيـة والفكر الفلسفي  والإيمان الديني على حد سواء، ألا وهما "روني ديكارت" و"بليز باسكال". كان ذلك الخلاف حول وجود أو عدم وجود الفراغ في الطبيعة. فإذ كان ديكارت ما يزال حينئذ يُجري تجاربه الفيزيائية في إطار النظرية الفيزيائية التي تقول بأن "الطبيعة لا تقبل الفراغ"، كان باسكال يدافع عن نظرية إمكان وجود الفراغ في الطبيعة، معتمدا على تجاربه في ذلك الباب، وأشهرها التجربة التي تفرّع عنها اختراع الباروميتر لقياس الضغط الجوي. وإذا كان ديكارت قد أطلق قولته المشهورة، التي تلقفها مِن حوله كل الذين ينبهرون بمجرد الصياغات اللفظية والبيانية الجميلة لما قال: ("إذا كان هناك من مكان في الطبيعة به فراغ، فلن يكون حتما سوى ذهن باسكال")، وإذ انتهى العلمُ الحديث مع ذلك بتصديقه، وإلى اليوم، لنظرية باسكال العلمية، وهو العالم الرياضي والفيزيائي الراسخ في إيمانه المسيحي، الذي يرى مع كل ذلك الرسوخ الصوفي، وينادي بما كان يرى، بأن الحقيقتين، الإيمانية والعلمية، ليستا من نفس الطبيعة، ولا يستقيم تبعا لذلك أن يحكم على إحداهما بمقاييس الأخرى بما أن الكتاب المقدس وأخبار الأنبياء والرسل ليس متونا ولا موسوعات في علوم الفلك والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والرياضيات وعلوم الأرض والبحار وعلوم الإنسان في ميادين النفس واللغة والمجتمع والسياسة والتاريخ؛ إذ كان كل ذلك كذلك، فإن ذينك العالمين المؤمنين، وبالرغم من عمق الخلاف العلمي بينهما ومن شراسة دفاع كل منهما عن نظريته العلمية في تفسير الظواهر الطبيعية الملاحَـظة وتوقع أوجهها مما لم يتم الوقوف عليه بعدُ بالاستقراء، فإنه لم يحاول قط أي منهما أن ينال من صاحبه اعتمادا على أبعاد العقيدة الدينية ولا أن يستقوي بمؤسسة دينية أو أتباع مذهب معين، إذ ظلت ظواهر الطبيعة وقواعد المنطق هي الحكم بينهما. 

وابتداء من التسعينات من القرن العشرين، وفي فضاء آخر لا حركة علمية فيه، بقدر ما يحاول أن يتموقع بالقياس إلى "الطوفان" العلمي الذي ابتدأ مع أمثال كوبيرنيك، وجيوردانو برونو، وكاليلي، وديكارت، وباسكال، وغيرهم، فحاق به من كل صَوب، وغلب عليه فغمَـرَه، ظهرت منظمات وهيئات "علمية" حدّدت كأهداف لها، ليس ركوب الموج قصد التأهل واللـّحاق بركب التقدم العلمي الذي كان قد فـك عنه أغلال محاكم التفتيش الكنسي منذ قرون، ولكن لمجرد تسخير برامج تكوين النشء في المدارس والجامعات للتدليل على أن كل النظريات والكشوفات العلمية التي تم تحقيقها هناك هي حقائق تم تشفيرها منذ الأزل في القرآن والسنة بأدوات لغوية للسان كوني، هو "اللسان العربي غير ذي عِـوَج". وقد حددت "هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" في هذا الإطار أهدافها وخطتها في الفضاء الذي ترى أنه يشكل عمقها الاستراتيجي وميدان عملها واشتغالها، من خلال بنودها التأسيسية التي من أهمها ما يلي:

((... 3-: "ربط علوم الكون بحقائق الإيمان، وإدراج مضامين الأبحاث التي أنجزتها الهيئة في برامج التعليم في كل المؤسسات، وعلى جميع المستويات"؛ ... 5-: "توجيه برامج البحث في الإعجاز [العلمي في القرآن والسنة] لكي تكون أداة من أدوات الدعوة"؛ ... 14-: "التدخل لدى المسؤولين عن التعليم الخصوصي والعمومي في المؤسسات التعليمية، ولدى المنظمات الإسلامية المعنية بالعلوم والثقافة من أجل إدراج الأبحاث التي تصادق عليها الهيئة، في المراحل المناسبة من مراحل الدراسة15-: "تحفيز الجامعات لفتح إمكانيات ولتشجيع التسجيل بالدراسات العليا في ميدان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وذلك عن طريق تخويل منح للدراسة")).

أما ما يتعلق بتنزيل تلك الخطة على أرض الواقع بالمغرب عن طريق العمل على استدراج مسؤولين مغاربة معنيين من أعلى المستويات للانخراط فيها، فهذه أهم خطواته: فقد نُظمت "الندوة المغربية الأولى للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" يومي 27-28 نوفمبر 2004؛ ثم تلا ذلك "المؤتمر الدولي الأول لهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" الذي انعقد بكلية الآداب � أكدال بالرباط سنة 2008؛ ثم كانت محاضرة الدكتور زغلول النجار رئيس "لجنة الإعجاز العلمي" بـ"المجلس الأعلى للشؤون الأسلامية" بمصر، التابعة أفقيا لـ"هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" التي أنشأها "المجلس العالمي الأعلى للمساجد" بالمملكة العربية السعودية، التابع بدوره لـ"رابطة العالم الإسلامي" الموجود مقرها  بمكة المكرمة، وذلك المكتبة الوطنية للمملكة المغربية يوم 11 ماي 2009 بعنوان "والبحر المسجور"؛ وهي محاضرة توافد إليها جمع غفير من طلبة وطالبات الشعب العلمية خاصة، كما حجت إليها كوكبة من المسؤولين المغاربة من أعلى المستويات، بمن فيهم زعماء بعض الأحزاب ممن لهم مسؤوليات حكومية عليا. وقد فتح المجال أمام الطلبة والطالبات لطرح أسئلتهم على الدكتور حول آفاق إدراج توجهاتهم التكوينية في إطار نظرية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وهم الذين يندرج تكوينهم في إطار خطة "إيميرجانس" (Emergence) المعلنة سنة 2006 لتخريج 10.000 مهندس في السنة قصد بناء المغرب الجديد على أساس من العناية بالبحث العلمي، وهو ما ينص عليه دستور المملكة لسنة 2011.

ثم كان هناك، أخيرا، اللقاء المتعدد الاختصاصات الذي نظمه "مساتير" الدراسات الإسلامية العليا المسمى "خصائص الخطاب الشرعي وأهميته في الحوار" يوم 6 يوليوز 2011 بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب-أكدال بالرباط بشراكة مع "الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" من جهة، و"المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" من جهة ثانية، والذي قدمت خلاله محاضرتان متكاملتان، إحداهما بعنوان "عالمية اللسان العربي: حقيقة قرآنية وتاريخية"، والأخرى بعنوان "إسهام الأمازيغ في العناية بعلوم العربية". وقد ركزت الأولى على استخدام منهج "حساب الجُمـّـل"  (Alpha numérologie) المبني على القيم العددية للأبجدية لتقديم بعض نماذج الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من جهة، ولإثبات كمالية أبجدية اللسان العربي من جهة ثانية، باعتبارها الأبجدية المهيأة، دون غيرها، لإنجاز تلك الكشوف، من حيث أن "ليس بها نقص ولا عِوج" كما هو شأن العبرية مثلا كما يرى المحاضر.

ولتوضيح استراتيجية الخطة بشكل مباشر لا مواربة فيه ولا عوج، ليس هناك ما هو أقنع من إيراد جزء من حوار كانت قد أجرته جريدة مغربية، على هامش ندوة 2004 المشار إليها أعلاه، مع الدكتور عبد الله القرني الذي كان قد شارك فيها، وهو حوار نشر تحت عنوان: (" الدكتور عبد الله القرني، عضو الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، في حوار مع 'التجديد': أقترح إنشاء مجلس استشاري وفرع نسائي للهيئة المغربية للأعجاز العلمي"). ومما جاء في  الاقتراح المشار إليه، قولُ الدكتور القرني ما يلي:

("... وإن وقائع الندوة تنم عن عمق الثقافة والتفكير المستقبلي لدى الباحثين المغاربة. وفي رأيي، أقترح على إخواني المغاربة إنشاء مجلس استشاري للهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، يكون من بين أعضائه الدكتور عباس الجراري، مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ورئيس المجلس العلمي للرباط، الشيخ عبد الله كديرة، وعميد الدراسات الإسلامية، فضيلة محمد بلبشير، وعميد كلية العلوم بالرباط، ورئيس منظمة الإيسيسكو، الدكتور التويجري، سائلا الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، ويبقى هذا مجرد اقتراح على إخواني المغاربة يتعاملون معه حسب ما بدا لهم.").

أما تفاصيل كل هذا، وكذا مناقشة لمضامين نظرية الإعجاز العلمي، فيمكن الاطلاع على كل ذلك في المقال الأخير بمدونة أوربينا:  https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-2517498-_en_arabe__1_miracles_scientifiques_coraniques_et_.html

-------------------------

 

محمد المدلاوي (لسانيّ: لغات سامية وأمازيغية)

 المعهد الجامعي للبحث العلمي - الرباط

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 

 



14/07/2011
5 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres