(En arabe) Excavations diachroniques d'Arabe Marocain (Allah-1 et Allah-2)
تنقيبات لسانية دياكرونية في الدارجة المغربية
- أوّلأ: استحداث فِعل /خشـقج/ وأوجه ومشتقاته في الاستعمالات الجديدة للمغاربة
(من /خشـــــــــــقج/ إلى /شخـــــــجق/ ثم /جخــــــــــجق/)
.
على إثر حادثة حصلت في الآفاق (حادثة الراحل خاشـــــــــــاقجي)، ظهر، في الاستعمال المغربي على المواقع الاجتماعية، فعل منحوت جديد: /خشــــقج/يخشـــــقج/خشــــقجة، وذلك للدلالة على أساليب معينة في الحياة والسلوك على مستوى الأفراد و/أو على أساليب في معالجة الأمور السياسة على مستوى الدول.
ونظرا لتضافر عَيب تنـــــــــــــــــافــــــر الأصوات في هذه الكلمة (اجتماعا وترتيبا)، بناء على أصول نحتها (/خ.ش.ق.ج/) مع مسألة دلالات ألفاظ المحاكاة الطبيعية (onomatopées، وبالرغم من أن الكلمة المستحدثة /خشـــقج/ تتضمن عنصر /قج/ التي تفيد في الدارجة المغربية "شنَق/خنَق"، فقد لاحظتُ شخصبا ظهورَ وجه جديد من أوجه استعمال هذا الفعل المنحوت الجديد ومشتقّاته (مصدر، اسم فاعل/مفعول)، وذلك عن طريق الميل إلى ما يعرف في الفونولوجيا بـ"القـــلب المكاني" (métathèse) لترتيب أصوات الكلمة جبذ/جبذ في الفصحى، لعن/نعل في الدارجة، اكًران/اكًنار في الأمازيغية،formage/fromage في الفرنسية كأمثلة)، فأصبح البعض يقول /شخـــــجق/يشخـــــجق/شخـــــجقة.
.
هذا الترتيب الجديد للأصوات في استعمال المغاربة للكلمة المنحوتة الجديدة يعمل على تخفيف تنافر الأصوات من جهة؛ ولعله سينتهي إلى إلي صيغة أقل تنافرا وأكثر خفة، على شكل كلمة شبه-تكرارية (réduplication)، أي على شكل /جخـــــجق/جخــــــجقةً؛ خصوصا وأن هذا الوجه، الذي ظهر بسرعة بعد الحادث (حوالي أسبوعين)، يتضمن عنصرا محاكيا (onomatopée) مسوّغا له، ألا وهو عنصر /جّـــخ/، في استحضار إيحائي غير واعٍ من طرف المستعمل، والذي يفيد "عملية الذبح" في قاموس الأطفال المحاكي، في الدارجة والأمازيغية (/دار ليه جّــخُّ/، /يسكر-اس جّوخّ؛ أي "ذبحه").
----------------------------
ثانيا: "الله"-1 و"الله"-2، في الاستعمالات اللغوية بالدارجة المغربية
(وأصل فعل /جعـــمل/ في الدارجة، ومعناه)
1- في النصف الأول من العشرية الأولى من الألفية، نشرت بحثين فيلولوجيّين (أحدهما بالعربية في المغرب، والثاني بالفرنسية خارج المغرب)، يفسران لماذا لم يدخل لفظ "الله"، اسم الجلال الأساسي الأول من بين الأسماء الحسنى، إلى معجم اللغة الأمازيغية على سبيل اقتراضٍ مُمَزّغ/مُؤمْزغ، كما تم اقتراض وتمزيغ/أمزغة مصطلحات عبادية من قبيل: /تازالّيت/ (بالتفخيم) "صلاة"، /وزوم/ (بالتفخيم) "صوم"، /تيمزكًيدا/ "مسجد" /زّكا/ "زكاة"، /لحيــجّ/ "حَـجّ"، ... (أما /تافاسكا/ "أضحية" فلها قصة أخرى عولجت في البحثين ولن أتناولها هنا)؛ ويفسّران لماذا لا يستعمل المعجم الأمازيغي إلى اليوم سوى /ربّي/ أو /سيدي ربّي/ (هذه التسمية المركبة الأخيرة انتقلت إلى الدارجة المغربية، التي تميزت بها عن الدوارج المشرقية). وقد بيّنت أن السبب في ذلك راجع إلى أن اعتناق الإسلام في شمال إفريقيا مثّل بالفعل منعطفا على مستوى الشعائر والعبادات، لكنه لم يمثل تغييرا جوهريا على مستوى عقيدة التوحيد بمختلف تصوراتها وأوجهها لما قبل الإسلام سوى بالنسبة للخاصّة. فعقيدة الدين السماوي التوحيدي كانت منتشرة في شمال إفريقيا في وجهيها اليهودي ثم المسيحي على نطاق واسع في ما عدا بعض الجيوب الوثنية و"الطبيعَتية". وقد كانت الكلمة الآرامية רבי /ربّي/ (اللغة الآرامية كانت قد غلبت على العبرية في الاستعمال اليومي حتى ضمن الجماعات اليهودية منذ بداية الأزمنة التلموذية والهاكًادية) هي الكلمة الدالة على اسم الجلال. وتلك الكلمة، في تأصيلها اللغوي، تدل في اللغات السامية عموما علي معنى /سيدي/مولاي/ (فقد أُسنِد إلى امرئ القيس مثلا قوله في مقتل أبيه:"بنو أسدٍ قتلو ربّهم * ألا كل شيء سواه جَلل)، وهو معنى يتداخل استعمال لفظه، في المجتمعات الأبوية، على الأب كذلك.
ومن هناك انتشرت عبارة /بابا ربّي/ (وهي في أصلها عبارة عن تركيب بدل تفسيري pléonasme بمعنى /سيدي مولاي/، على غرار /عين اغبال/ أو /العربية تاعرابت/) التي هي التسمية التي ما تزال تستعمل إلى اليوم في أمازيغية سوس للدلالة على اسم الجلال (مثلا، مردّدة: /انزار، آ-بابا ربّي/ "الشتا يا مولانا").
وكان قد نشب سجال بين بعض فقهاء مدينة فاس والعالم أبي الحسن اليوسي في شأن هذا الاستعمال الذي كان يرى فيه أولئك الفقهاء مظهرا من مظاهر الكفر؛ حتّى إن بعض الغلاة من المساجلين الملابزين بالقيم الإثنو-ثقافية قد قال:
إذا كنت في الفردوس جار البرابر * تحولتَ رَحْلاً من نعيم إلى سَقّــــر
يقولون للرحمان 'بابا' بزعمهــــم * و من قال للرحمان 'بابا' فقد كـفر
فردّ على اليوسي على ذلك بقوله على نفس البحر الطويل:
كفى بك جهلا أن تحنّ إلى سقّـــر * بديلا من الفردوس في خير مستقرّ
و تجهل معنى مستبينا مجـــــازه * لدى كل ذي فهم سليم و ذي نظــر
فإن أبا الانسان يدعوه أنـــــــــــه * كفيل و قيّوم رحيم به و بـَــــــــرّ
و من قال للرحمان 'بابا' فقد عَنى * به ذلك المعنى المجازَ و ما كفـــر
2- أما كلمة "الله" بلفظها [لّاه] (بالتفخيم)، فلا تستعمل في الأمازيغية سوى في بعض العبارات المسكوكة المأخوذة برمتها من العربية، مثل /ستاغفيرولّاه/ (بالتفخيم) "استغفر الله"، /لحمدوليلّاه/ "الحمد لله"، /ولّاه/ أو /لّاه/ (بالتفخيم) "واللهِ" (عبارة اليمين/الحلِف/القسَم)، الخ.
هذه الكلمة الأخيرة، المستعملة في سياق الحلِف/القسم (مثل: /لّاه يلا ردّيت ليك تيغرادك/ = /لّاه ار-اك لورخ تيغراض نك/) أو الدعاء (/لّاه ياخُد فيك الحقّ/ = /يمربّي اد كًيك يامز لحاقّ/)، قد انتقلت - من خلال استعراب المغاربة كليّا أو جزئيا - إلى الدارجة المغربية التي تشكلت بالتدريج عبر الأجيال على أساس من أرضية لغوية (substrat) أمازيغية، وذلك بلفظ [لّاه] أو بمجرّد ترخيمها [لّا] بالتفخيم في الحالتين (/لّاه يهنّيك/، /لّا يهنّيك/ "مع السلامة / صاحبتك السلامة").
3- تلك الكلمة (أداة القسم والدعاء) بوجهيها المفخمين، بتمامها أو بترخيمها (/لّاه/ أو /لّا/)، أصبحت في الدارجة المغربية عبارة عن مقابل تركيبي للأداة المصدرية في الأمازيغية /اد، في استعمالها الدعائي، التي تقتضي بصفة عامة فعلا بصيغة الطلب (Aoriste) في هذه اللغة، أي ما يقابل "لام الأمر" في الفصحى (في مثل /ولـِــتبقَ في هناء/ = /اد تغامات غ-لهنا/ في الأمازيغية)؛ وذلك في مثل قولهم بالأمازيغية /اد-ك يهنّا ربي/ ("لّلا يجعل ربّي يهنّيك " بالدارجة المغربية).
4- هذه الأداة (/اد/) في الأمازيغية، التي تناظر "لام الأمر" في الفصحى، بما تقتضيه هذه الأخيرة من صيغة جزم الفعل في الفوصحى، تقابلها في الفرنسية مثلا الأداةُ Que، بما تقتضيه من صيغة الطلب (Subjonctif) كما في قولهم: /Qu’un fléau s’abatte sur lui/ "لّاه/لّا يطيّـ'ـح عليه موصيبة".
وحين تستعمل أداة الدعاء هذه في الدارجية المغربية (/لّاه/ أو /لّا/ بالتفخيم) داخلةً على لفظ اسم الجلال /ربّي/، سواء كاملة (لّاه) أو مرخمة (لّا) بالتفخيم دائما، وذلك عن طريق استعمال فعل الجَـعْل (/لّاه/لّا يجعل ربّي ينجّـحـــ'ـــك حتّى تبدا تقرا وتقرّي/)، فإن "فعل الجعل" ذاك يقابل الفعل الوظيفي المبني للطلب في الفرنسية مثلا، ألا وهو puisse (/Puisse Dieu te couronne de succès/) أو مقابله الإنجليزي may (/May God bless you/ "لّاه/ّلّا يجعل ربّي يبارك فيك").
5- وبهذا المعنى، رُكّب من تلك الأداة في الدارجة المغربية أداة أخرى للدعاء بالنفي، ألا وهي الأداة /لّاه-لا/، التي خفف تشديدها بلفظ /لـــهلا/ (/لهلا يطيّح علينا باطل/).
6- ومن خلال تلك المستحدثات الأدَواتية في الدارجة المغربية، التي تمّ بيان كيف تمـّــت، انطلاقا من الأرضية الأمازيغية لتشكل الدارجة التاريخي، أصبح لكلمة /الله/ في النهاية وجهان في هذه السجلّ من سجلّات العربية (سجلّ الدارجة المغربية):
أ- وجه /الله-1/، الذي هو الوجه المعجمي للكلمة، أي اسم الجلال (/عطاك الله الزين والبها/)
ب- وجه /الله-2 (ندوّنه إملائبا بشكل /لّاه/ بالتفخيم، ويرخّم بلفظ /لّا/ بالتفخيم دائما)، الذي هو عبارة عن أداة للحلِف أو الدعاء ("لّاه/لّا ما على بالي"؛ "لّاه/لّا يجعل ربّي يعطيك الزين والبها حتّى ترضى")
ولا يصح أن يحل الوجه-ب، في صيغته المرخمة، محلّ والوجه-أ في الاستعمال. فلا يقال مثلا *"عطاك لّا الزين والبها".
7- أما فعل الجعل /جعـ'ــل/ (ذو الأصل العربي الفصيح) الذي تتعدّى به أداة الدعاء (لّاه/لّا، بالتفخيم) في الدارجة المغربية، فقد نَحتت له الدارجة المغربية في بعض المناطق (سوس، وربما حتى في الحوز) وجها آخر أشدّ قوة تعبيرية (expressivité)، وذلك عن طريق دمج مزجي بين /جعــ'ـــل/ و/عمــ'ـــل/ (إذ يقال كذلك /لّاه/لّا يعمـ'ــل ربّي يتاوي ليك الخير)، وذلك بلفظ /جعمـ'ــل/ ("لّاه/لّا يجعمـ'ــل ربّي يسهّل عليك، واليوم اليوم الخميس، ليلة الجمعة العزيزة عند الله").
-------------
وهذان الآن بحثان من الأبحاث المشار إليهما، في ما يتعلق باسم الجلال في الأمازيغية، الذي نشأت عنه التطورات المفصلة أعلاه عبر مسيرة تشكّل الدارجة المغربية:
- المدلاوي، محمد (2004) "اسم الجلال في'ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الأمازيغية"؛ ص 100-112 من كتاب: الترجمة بين الهواية والمهنية. وقائع ندوة. إعداد عز الدين الكتاني الإدريسي و ابراهيم الخطابي وعبد اللطيف زكي. جامعة محمد الخامس – السويسي و المعهد الجامعي للبحث العلمي- الرباط. أعيد نشر موسّعا بعنوان "ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية، ما بين وظيفة النقل وهموم النقاء المعجمي". في كتاب: المدلاوي محمد (2012) الموثق أعلاه؛ ص: 173-223.
- Elmedlaoui, Mohamed (2006)-d. "Traduire le nom de Dieu dans le Coran : le cas du berbère". Pp. 105-115 in Dymitr Ibriszimow / Rainer Vossen / Harry Stroomer eds. Etudes Berbères III. Le nom, le prénom et autres articles. Berber Studies. Volume 14 (2006). Rüdiger Köppe Verlag. Cöln.
---------------------------
ويمكن الاطلاع على بعض ما ورد في البحث الثاني، في القسم الأول من مقال أعمّ من حيث موضوعه، نشر في نهية العشرية الأولى من الألفية، وذلك عبر الرابط الآتي (باللغة الفرنسية)
https://books.openedition.org/cjb/234
-------------------------------------------------------------------------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres