OrBinah

(EN ARABE) Deux garde-corps pour chaque citoyen: sécurité et plein emploi

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

رجُـلا أمنٍ لكل مواطن،

حفظا للحق في الحياة وحلا لمعضلة التشغيل؟

 

    يبدو، حسب ما أوردته بعض الصحف الوطنية، أن السلطات الأمنية المركزية قد أخذت مأخذ الجد ما رددته بعض المواقع الاجتماعية من أن كائنا مجهولا، قيل إنه تاجر من أصل سوسي يخضع الآن ترابيا لقانون دولة من دول الحق والقانون هي الدانمارك، قد عمم عرضا بمكافأة من قيمة 75 ألف يورو لمن يأتيه برأس النائب البرلماني السيد المقري الإدريسي. وذلك على خلفية تداعيات محاضرة هذا الأخير في المشرق حول ما أسماه بـ"العرق المعين" في المغرب الذي ينتمي إليه بعض التجار المعروفين بالبخل (انظر هنــا)، وبناء على ما صرح به هذا الأخير من أنه تعرض أخيرا، على إثر ترويج الإعلام لتلك النازلة، لحملة مضايقات وشتائم وتهديدات عبر الهاتف؛ حيث عزمت تلك السلطات على توفير حماية الشخصية للسيد المقري الإدريسي.

ولقد تزامن الحديث عن توفير تلك الحماية الشخصية مع بث أشرطة تكفير شخصيات سياسية وفكرية من العيار الثقيل من الأموات والأحياء والهيئات، على لسان شخص يُحمد له أنه أسفر عن هويته بالصوت والصورة، وهو يصدر أحكامه التي قال عنها إنها حكم الله في حق أولئك الأشخاص والهيئات، وأن تنفيذ ما يترتب عليها من عقاب أمرٌ متروك لمن يهمه الأمر (بالمعنيين، الخاص والعام، لمرجعية "من يهمه الأمر"). إن تسارع الأحداث بهذا الشكل النوعي يبرر لديّ شخصيا إعادة مقتطفات مما كنت قد كتبته في أبريل الماضي (انظر هنــا) حينما كان الأستاذ عصيد هو من استهدف حيـنـئذ لحكم تكفيري صادر عن شخص آخر يرى هو كذلك أن كلامه يترجم حكم الله. فها هي المقتطفات:

[[لزمن قصير بعد صدور كتابي "مقامات في اللغات والعقليات؛ الهوية والتحديث ما بين التذكير والتأنيث" الذي نظمت له المكتبة الوطنية مشكورة قراءة تقديمية يوم 27 يناير 2010 كان الأستاذ أحمد عصيد من بين من شاركوا فيها، أيقظني رنين هاتفي النقال من نومة ضُحاي الأسبوعية على الساعة العاشرة يوم الأحد 7 مارس 2010؛. فكان الحوار الآتي من نصيبي "على الريق" كما يقال؛ وذلك مع كائن مجهول الهوية، ينم صوته الأحرش الستيني حينئذ عن حبال صوتية أنهكتها الخطابة أو اللجاجة على الأقل. وهذا نص الحوار:

1- ألو؛ نتا هوا  المدعوّ محمد المدلاوي؟ 2- نعام ا-سيدي.

1- هادا لمومتّيـل ديال حاماس فالرباط، للي كا يهضر معاك. 2- نعام ا-سيدي، مرحبا.

1- را حنا متبّعين الناشاط ديالك الصهيوني، وعارفينك؛ وراه يلا ما تكفّ على هاد-شّي، غادي نتّاخدو فحقـّــك إجراءات لحوكم بالإعدام (قطع المكالمة).

 

قـدّرت على التو أن الكيفية التي قدم بها الشخص نفسه تُـكسب المسألة بعدا آخر يتجاوز مجرد الوجه المدني المتعلق بالأمن الشخصي، فتوجهت في الحين إلى ديمومة الأمن، ثم إلى النيابة العامة في الغداة، حيث أودعت مقال شكاية ضد مجهول. ولقد عاود نفس الصوت تهديده عشرة أيام بعد ذلك وكان اليوم يوم أربعاء، بينما كنت في الطريق السيار متوجها إلى ملتقى بالصويرة حول هجرة اليهود المغاربيين، من تنظيم مركز جاك بيرك بتعاون مع مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.]]

 

الذي أعاد إلى ذهني حينئذ في ربيع 2013 ذكرى ذلك الشريط القصير الحزين، بعد ثلاث سنوات بالضبط من تلقي ذلك التهديد بالحكم بالإعدام الذي فضلت حينئذ عدم تسويقه إعلاميا، إشفاقا على صورة هذا البلد التي يحزنني أن تهتـز في ذهني أولا قبل غيره أكثر مما يخيفني التهديد في حد ذاته، هو ما عُرف خلال ذلك الربيع في الصحافة بقضية أحمد عصيد. ذلك أنه ليس الحزين في الأمر هو ما قد يحصل من أن تتوقف حياة هذا الشخص أو ذاك ذات لحظة وبغير سابق إنذار، بالرغم مما في ذلك طبعا من تراجيدية؛ فذلك القبيل من التوقف قد تتسبب فيه حافلة مجنونة، أو تيار كهربائي في الحمام، أو فيروس معين، أو مختل مخبول من صنف معين يستعجل متاع الدنيا أو متاع الآخرة عن طريق الإجهاز على الحياة حينما يشعر بأنه "معني بالأمر". إن مصدر الحزن هو ما تنذر به كل تلك الوقائع من تطبيع مع ذلك القبيل من التعامل مع الحياة تطبيعا يجعل من ذلك القبيل فلسفة مؤسـسية.

ولقد اختتم النص الذي منه اقتطف المسلك السابق بما يكاد أن يكون استسلاما واقعيا لفكرة افتراض كون هذا المجتمع محكوما عليه، بمقتضى منطق قدري معين، بالدوران في حلقيته السيزيفية، التي تتجه به اليوم إلى الدخول في طور تاريخي جديد من أطوار ما كان قد عرف بـ"القرون الوسطى"، التي ليست رقما تاريخيا وإنما هي عقلية نوعية يمكن أن تتحقق في كل زمان؛ وجيلنا الحالي على ذلك الدخول من الشاهدين. فلعل التقلبات التي كانت أجيال سابقة قريبة  قد اعتقدت أنها انتفاضات "يقظة" أو"نهضة" أو نفض لـقُـراق قرون لم تكن في حقيقة أمرها سوى أوجهٍ لـتململ وتقـلـّـب النائم الغاطّ في نومه من جنب إلى جنب.

كان المغرب، من خلال اغتيال عمر بنجلون، أول من دشن، في منتصف السبعينات من القرن العشرين، هذه الجولة الجديدة لذلك الوجه البشع التقليدي من أوجه إدارة التدافع الفكري والسياسي باسم القومية أو العقيدة في أوساط النخبة في علاقتها بأطرافها المكونة لها وبالجمهور، وبقطع النظر عن علاقة تلك الأوساط بالسلطة المؤسسية؛ إذ أن هذا الوجه الأخير من أوجه الإشكال أهوَن، نظرا لأنه وجه سياسي أكثر من كونه وجها فكريا. ثم سرقت مصر النجومية بعد ذلك في ميدان التدرج نحو الدوامة القرنوسطية، مع ما حصل لأمثال فرج فودة، ونصر أبو زيد، ونجيب محفوظ؛ ثم أخذت الآلة تحصد الفنانين في الجزائر (الشاب حُسني، معتوب لوناس)؛ ثم انطلق الربيع من تونس، فكانت مصادرة حق شكري بلعيد ثم محمد البراهمي في الحياة بنفس التهم وبإسناد الحكم إلى الله وإيكال تنفيذه لكل من يعنيه الأمر. ولذلك فإن المقال السابق قد اختتم بالقول:

[[إن قضيتي المختار الغزيوي ثم عصيد، وما كان قد مهد لهما من مبادرات إعادة تحميض وتحيين أدبيات الإفتاء بإهدار دم الحياة بشكل مؤسسي (انظر تذكير بهذا "أخبار اليوم" 6 يناير 2014؛ ص-1) أمور تشير إلى أن المغرب يتهيأ لتسوية أوتار آلته مع طبوع ما سمي بالربيع، وذلك رغم كل ما يقال عن التمييز والاستثناء كمفهومين تحليلين وتعليلين على مستويي النحو والسياسة.]].

 

ثم إنه قد جاءت الأشرطة الأخيرة للتكفير والتفسيق بالجملة الطائفية على أسس لم تعد عقدية (مفهوم "العلمانية") بل أصبحت تقحم الله مباشرة في الاصطفافات السياسية والنقابية والقطاعية (مفهوم "اليسارالحركة النسائية) لتـؤكد بقوة هذه المرة أن السير جار في ذلك المنحدر. وأمام كل هذا التدهور التاريخي الخطير، تتمادى الدولة من خلال مؤسساتها في الامتناع عن توفير وسائل المناعة والوقاية (مضامين التعليم والتربية والإعلام) ووسائل الردع (تفعيل ما هو قائم من القوانين، وردم ما فيها من ثغرات)، وتفضل بدلا من ذلك أن تنتظر حتى تصدر الأحكام هدر الدم باسم الله أو باسم تاجر سوسي عنكبوتي الماهية لتميز حينئذ من يستحق التمتع بحماية عمومية لشخصه عمن يتعين عليه أن يحمي نفسه بنفسه وبوسائله الخاصة بما في ذلك الاستسلام الجماعي للمنطق الجهنمي الذي يقول "تغدّى بالديب قبل ما يتعشّى بيك". العدل يقتضي في هذه الحالة توفير رجلي أمن شخصي لكل مواطن. ولعل هذا سيحل في نفس الوقت معضلة التشغيل؛ وذلك في انتظار تفعيل عمل المؤسسات وردم ما تشكو منه من ثغرات.



09/01/2014
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres