OrBinah

(En arabe). De la théorie du déterminisme historique de la géographie naturelle (le cas des affinités entre la Perse et certains pays de l’Afrique du Nord)

سؤال حول نظرية الحتمية التاريخية لمعطيات الجغرافيا الطبيعية ما بين الأمس واليوم

 

(هل من علاقة بين بلاد فارس وشمال إفريقيا؟)

 

 

 

1-  فصّل هيجل في كتابه La Raison dans l’Histoire/"العقل في التاريخ" معالم نظرية فلسفية له حول أنماط روح الفكر/العقل/العقلية، في علاقة تلك الأنماط بمعطيات الجغرافيا الطبيعية ( الماء من أنهار وبحار وضفاف وشواطئ متعرجة وأرخبيلات، الجبال، االمنبسطات، الأحراش، الصحاري...). وليس ابن خلدون في "المقدمة" ولا الإمام المخفي في "الراسالة الجامعة" هما من سيعارضان هيجل في باب هذه النظرية.

2-  من أفكار هيجل الفرعية في إطار تلك النظرية الفلسفية هو أن عنصر المـــــــــــاء، نهرا عظيما كان أم مضيقا لا يشكل في تاريخ قيام الدول والحضارات حواجز بدرجات مختلفة، خلافا للجبال والمرتفعات والأدغال، وأن منبسطات الأحراش تولّد الفكر الإطلاقي الوحيد البُعد ولا تساعد على انبثاق الفكر التعددي الجدلي/الديايكتيكي. وعلى أساس من ذلك فسّر هيجل نمطين كبيرين من أنماط الفكر والحضارة في العالم القديم للبحر المتوسط بمفومه التاريخي الواسع (صورة الخارطة) في حركيته عبر جهاته الأربع، هما نمطا: الفكر الإغريقو-لاتيني (المسيحي بعد ذلك) من جهة، والفكران اليهودي والإسلامي من جهة ثانية. وقد وافقت نظريةَ هيجل الفلسفية في ذلك تحليلاتُ "أطلس التاريخ (الصورة) حول التبادلات وقيام النوى الحضارية عبر الحقب التاريخية الأربع.

.

3-  كنت مع زميل لي شريك في أعمال البحث اللساني بشكل موسمي بباريس طيلة ما يفوق 30 سنة، نقوم من حين لآخر في آخر النهار بفسحة جولة في شوارع وأزقة باريس مشيا على الأقدام حينما يكون الطقس جميلا مغريا. كنا نتبادل الحديث على عواهنه تخلّصا من "مسماريات" الفونولوجيا. نتحدث عن الثقافة والفنون وعن السياسة والتاريخ بلا حدود، في إطار ما كان يعبر عنه زميلي أحيانا في نهاية الفسحة وعزم كل منّا على العودة إلى مقبعه، بقوله "Voilà, on a refait le monde".

ذات مرة، لعلها في نهاية الثمانينات الماضية، وبعد أن خرجنا من مقر عملنا في زنقة "كًي لوساك" بالدائرة الخامسة، وعبرنا أحد جسور نهر السين، ثم شارع سباصطوبول متجهين نحو الشمال، ثم شارع ماجينطا؛ وعلى مستوى مخرج محطة القطار "كًار دي-نور"، كنّا نتناقش راجلَين في إطار المباح بلا حدود دائما حول قضية من قضايا الساعة على مستوى التدافع الجيوستراتيجي القائم والمتحرك حينئد، قضية لا أذكر عينيتها بالبط. أنهيت وصلة من وصلات كلامي حول الموضوع، فنطق زميلي ممازحا: "ألاحظ، يا موهاميد، أنك مهووس بخطاطات التاريخ القديم، وغالبا ما تعود إلى إثارتها كلما تحدثنا عن أمور راهنة!". كانت ملاحظة في محلها.

.

4-  من المُلَح التي يتداولها المغاربة قولهم "كا تفتّش البعرة على ختها فشاريج الما وما ترتاح حتّى تصيبها". ذلك لأنه، من باب الوجه الآخر لقولهم "الطيور على أمثالها تقع"، تتسرّب قطع الروث التي تفرغها الدواب عند ورودها في مخرج النبع، وتنتهي متفرقة طافية على صفحة الماء بعيدا في صهريج العين. وتظل تلك القطع سابحة في اتجاهات مختلفة بشكل يبدو جزافيا/aléatoire إلى أن تتجمّع في الأخير بعد حين على شكل كوكبة متراصّة عائمة بمقتضى قانون التموّجات وطبيعة المادة.

.

5-  فما علاقة بعض أحراش شمال إفريقيا مثلا بأحراش ما بين بلاد الهند وبلاد الرافدين، يا ترى، على مستوى الفكر مناطق نفوذ الحضارات؟ إذا ما اقتصرنا على مجرد نهاية الحقبة التاريخية القديمة، سنلاحظ أن علَما من أعلام التأسيس للحضارة والفكر المسيحيين، الذي هو ابن سوق هراس، القدّيس أغوسطين، كان من المروّجين للفكر المانوي الفارسي (ديانة قائمة على ثنائية إلهي الخير والشر) قبل أن يتحوّل إلى المسيحية الناشئة حينئذ بعد اتخاذها دينا شبه رسمي للامبراطورية الرومانية المتأخرة في عهد الامبراطور قسطنطين الأول. وبعد ذلك التحول، شرع القدّيس، في إطار وضع اللبنات الفكرية للكنيسة المسيحية، في التصدي للفكر المانوي الفارسي المنتشر حينئذ في وسطه فكري كما ورد ذلك في كتاب "الاعترافات". أما مع بداية انتشار الإسلام في شمال إفريقيا، فقد كانت الدولة الرستمية الخارجية التي أسسها عبد الرحمن بن رستم بن كسرى الفارسي سنة 160-هـ (قبل عشر سنوات من تأسيس الدولة الإدريسية بالمغرب سنة 171-هـ)، وكانت عاصمتها تاهرت/تيارت ببلاد الجزائر الحالية، أوّل كيان سياسي في شمال إفريقيا ينفصل عن مركز الخلافة الإسلامية بالمشرق.

.

6-  فما علاقة هذه الإشارات المقتضبة على مستوى تاريخ الفكر وتدافع نفوذ القوى والحضارات، بكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مقدمة فريق الدول - مثل كوبا وألمانيا الشرقية وليبيا - التي انخرطت بقوة منذ البداية إلى جانب الجزائر في الصراع الجيو-استراتيجي المرتبط باسترجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية، حيث كانت تلك الجمهورية قد أوفدت وزير خارجيتها، علي أكبر ولاياتي، سنة 1984 إلى مخيمات تيندوف، فكان بذلك من الشخصيات الأولى، إلى جانب ثوريي المعسكر الشرقي من الفصائل الفلسطينية (نايف حواتمة، جورج حبش...)، التي قامت بنفس الشيء، وكذلك بنشاط أحد الأذرع الجهوية تلك الجمهورية، حزب الله، ميدانيا في صفوف البوليزاريو مما أثير بشأن السبب المباشر لقطع المغرب لعلاقاته الديبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية سنة 2009؟

حول ملابسات هذه النقطة الفرعية، انقر على الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-2-la-capitale-du-maroc-au-moyen-orient-a-propos-de-la-rupture-avec-l-iran

.

 

7-  فهل معنى كلّ هذا الذي سيق أنه – بعد سلسة القرارات "التوحّديّة" التي اتخذتها الجزائر، وآخرها قبل يوم أو يومين من تاريخه (9-6-2022) في حق إسبانيا – وبمقتضى النظرية الفلسفية لحتمية الجغرافية الطبيعية في انبثاق أنماط الفكر ونظم الحكم، لن يبقى في الميدان بخصوص التدافع الجيوسياسي بشمال إفريقيا في موضوع الصحراء المغربية سوى الجمهورتين الثوريتين،: الجمهورية الديموقراطية الشعبية بأذرعها، والجمهورية الإسلامية بأذرعها، بعد تبخر بقايا ألمانيا الشرقية في السنة الأخيرة في الموضوع، وبعد انشغال كوبـــا بمشاكلها الاقتصادية بالدرجة الأولى بالرغم من استمرارية سياسية ثورية خمسينية، ونظرا لكون روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا) لم تكن قط في مواجهة مفتوحة مع المغرب حتّى إبان الحرب الباردة وإلى اليوم في ما يتعلق بقضية الصحراء، وأن مصالحها مع الجزائر مقصورة اليوم، بالإضافة إلى سوق سلاح، على مصالح تسهيلات لموقع قدم في منطقة الساحل (مالي على الخصوص) وغرب إفريقيا؟

 

8-  استطراد طريف ذو صلة بالموضوع ("طنجة: اسم متنزه بمصر مشهور بمحاسنه]")

 

وعلى سبيل نوع من الاستطراد الطريف، أورد هذا النموذج لاختبار الباكالوريا-2013 في ثانوية جبايلي عبد الحفيظ؛ بلدية أولف؛ ولاية أدرار؛ الجزائر. يتعلق الأمر بالقصيدة البائية الشعوبية الشهيرة للشاعر العباسي، بشّار بن برد، يتغنّى من خلالها بأمــــــــــــجاد أسلافة الفرس وانتشــــــــار نفــــــــــوذهم في الآفاق؛ وقد ذكر في ربوع "طنــجة ذات العجب" (البيت-13). والطريف أو الغريب هو أن واضع أسئلة اختبار فهم القصيدة قد ارتأى مساعدة المرشح بشرح بعض ما تحتويه القصيدة من مفردات "الغريــــــــــب"، فقام بشرحها؛ ومن بين تلك المفردات التي قام بشرحها كلمة "طنجة" التي شرحها بقوله [طنجة: اسم متنزه بمصر مشهور بمحاسنه].

 

 الاختبار في اللغة والأدب

 

السند الشعري: قال بشار بن برد

 
1-
  هل من رسول مخبرٍ * عنّــي جميـــع العرب
2-
  من كان حيّا مـــنهـــم * ومن ثـوى في التّرب
3-
  بأنّــنـــي ذو حســـــب * عالٍ على ذي الحسب
4-
  جـدّي الذي أسموا بــه * كسرى وساسانُ أبـي 
5-
  كم لي وكم لي من أبٍ * بتاجــه مُعتًــصِــــــبِ
6-
  يسعى الهبانــيق لـــــه * بــــآنيــــات الذهــــب
7-
  لم يُســـقَ أقــطــــاب سقــــــىً * يُــــشرِبُــــها في الُعــــلـبِ
8-
  ولا حَــــدا قَـطُ أبـــــي * خـلـف بعــير جَـــرِبِ
9-
  كــلاّ ولا كان أبــــــي * يركـب شرجى قَـتــب
10-
  إنـــّا مُلــوكٌ لم نــزل * في سـالفـــات الحقب
11-
  نحن جلبنا الخيل من * "بلخٍ" بغــير الكـــذب
12-
  سرنا الى مصر بهـا * في جحـفل ذي لــجب
13-
  وجـادت الخيـل بنــــا * طنجـةَ ذات العـــجب
14-
  حتى رددنا الملك في * أهل النّــبي العـــربي 
15-
نحن ذوو التيجان والـ*ملك الأشـــم الأغلـب 

أثري رصيدي اللغوي :
الهبانيق : الخدم. العلب : وعاء جلدي. شرجى : كتفا البعير. جرب :مصاب بمرض الجرب.
الحقب :الأزمنة. جحفل :جيش كثير العدد. طنجة: اسم متنزه بمصر مشهور بمحاسنه

الأســـــــئـــــــــــــــــــــلــــــــــــــــ ــة 
اولا : البناء الفكري 6 نقاط 

1- من المخاَطَب في البيت الأول ؟ 1 ن
2- إلى أي أصل ينتسب الشاعر ؟ ما البيت الدّال على ذلك ؟ 1ن 
3-بم يفتخر الشاعر في الأبيات الأولى ؟ وهل ترى أن هذا الافتخار مبالغ فيه ؟ 1ن 
4- الى أي مدى وصل نفوذ قومه وسلطان مملكتهم ؟ وعلام يدل ذلك ؟ 1ن
5- لمن يوجه كلامه في الأبيات ( 7 الى 14 ) ؟هل هو معهم أو ضدهم ؟ وضح اجابتك 1.5ن
طرف 
ثانيا : البناء اللغوي 8 نقاط 
1- ما نمط النص ؟ أذكر خاصيتن من خصائصه 2ن
2- حدد نوع الأسلوب في البيت الخامس وغرضه البلاغي .5 .1ن
3- ما الضمير البارز في النص ؟ مثل له في النص ثم بين دوره 1.5ن
4- حدد نوع الصورة البيانية في قول االشاعر " وجادت الخيل بنا. ..العجب ' مبينا أثرها البلاغي 2ن
5- استخرج من الأبيات اسما مبنيا وآخر معربا 1ن
الوضعية الادماجية : 6نقاط
إن التطور الهائل الذي حصل في مختلف مجالات الحياة في العصر العباسي أوجدته ظروف خاصة 
فتحت المجال أمام الأدباء والعلماء والمفكرين فاخترعوا وابدعوا وجددوا "
تحدث عن أهم الأسباب موظفا النسبة وصيغتي التعجب السماعية وتشبيها 
ضع خطا أحمرا تحت المطلوب 
بالتوفيق والسداد.

 

 مصدر القصيدة: https://mawahib-djbeaili.yoo7.com/t1674-topic

 

.

 

9-  لو ترشحتُ، أنا صاحب هذه التدوينة، لاجتياز" اختبار اللغة العربية وآدابها" الذي تم سنة 2013 في ثانوية جبايلي بولاية أدرار الجزائرية  لكان فهمي للقصيدة كما يلي :

 

-  في إطار الآداب التي عرفت في تاريخ الأدب العربي بـ"الشــــــــعوبيّـــــــة"، بدأت القصيدة (وهي غير كاملة هنا، إذ لم أجد فيها أبياتا أحفظها عن ظهر قلب) باستعراض مظاهر "حضـــــــارة الفرس" في مقارنة لها بـ"بـــــــداوة العرب" (الأبيات 1-9).

-  أما الأبيات 10-15 فـتعكس الجنوح/الحنين التاريخي للفرس إلى بسط نفوذهم السلـــــــطوي/العســــــــكري في شمال إفريقيا انطلاقا من مصر على الأخص، وكذلك نفوذهم الأيديـــــــــو-مِــلّي/ديني المتمثل في زراديشتيـــــة الصراع الثنائي بين إله الخيــــــــر "Ahura Mazda" وإله الشـــــــــر/الشيطان "Ahriman"

- إنها الثنائية المانوية (Manichéisme) التي كان قد حاربها القديس أغوسطين بقوة في شمال غرب إفريقيا بعد أن كان معتنقا إياها قبل تحوله إلى المسيحية (انظر "اعترافات القديس أغوسطين")، والتي ما تزال مستمرة إلى اليوم في صيغة إسلامية (مفهوم "الشيطان الأكبر"/Le Grand Satan الذي لم يرد في نصوص الصحف الأولى من توراة وأناجيل والذي تسرب إلى الإسلام كقوة ألوهية شريكة).

- فقد أشار البيت-12 إلى سلسلة حملات الغزو الفارسي المتكررة عبر التاريخ لبلاد مصر واحتلالها ابتداء بغزو داريوس/Darius ثم قمبيز/Cambyses، والتي كان آخرها الغزو الذي تمّ سنة 618 ميلادية، أي لعشر سنوات فقط قبل ظهور الإسلام (البيت14 "حتّى رددنا الملك في* أهل النبيّ العربي").

-  أمّا البيت-13 (وجادت الخيل بنا* طنجة ذات العجب)، الذي فَسّر بشأنه واضعُ ورقةُ الاختبار كلمة "طنجة' بقوله ["طنجة: اسم منتزه بمصر مشهور بمحاسنه"] فهو إشارة إلى عجائب ما كان منتشرا في الشرق عبر مدرسة الإسكندرية من الميثولوجيات الهيلينية التي تتحدث عن "أساطين هرقـــل"/Colonnes d’Hercules  وعن "التيطاني أطلـــس"/Le Titan Atlas الذي كان قد عاقبه إله الآلهة زوس/Zeus بسبب ثورته على حكم "آلهة الأولمب" وعلى رأسهم زوس، فحكم عليه هذا الأخير بأن يحمل الدنيا على قفاه ثم مسخه صخرا يتمثل في جبال الأطلس ببلاد "طانجيس".

 

 

----------------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



09/06/2022
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres