OrBinah

(En arabe) !de la qualification de la structure d'une langue. Le cas de l'arabe

تأهيـــــــــــــــــل لغة معينة

(حالة تأهيل بنية/متن اللغة العربية)

 

 

 

1-  كثيرا ما يردّد مفهوم "تأهيـــــــــــــــل" لغة من اللغات غير المواكبة بما فيه الكفاية للتنافس في السوق اللغوية المحلية/الجهوية/العالمية. فما مضمون هذا المفهوم؟ يقال عن لغة معينة إنها مؤهلة أو غير مؤهلة، بدرجات متفاوتة، باعتبار ما تكون حاملا من حوامله من معرفة علمية ومن أدب وفكر يجعلها تواكب التطورات الملموسة على جميع الأصعدة. وهده "الحاملية" مرتبطة، في جدلية، بـــ"متـــــــــــن" اللغة في حدّ ذاتها من جهة، وبانخراط اللغة في سوق الإنتاج والتبادل من جهة ثانية. وهذه مواكبة تقاس بالقدرة الإنتاجية والتبادلية للغة المعينة، أي بقدرتها على تشكيل هـــــدف ومصـــــدر لحركة الترجمة والاستشهاد والتأثير، في جميع الحقول المذكورة. على المستوى المعرفي/العلمي، يتحقق ذلك الاقتدار بفضل توفر اللغة، بفضل جدلية الترجمة والإنتاج، على مصطلحات معرفة بدقة في معاجم مختلف الحقول المعرفية تمكّن من تمكين للغة في سوق إنتاج المعرفة.

 

2- أمّا تأهيل اللغة على مستوى ما يسمّى بــ"متـــــن" اللغة، وهو تأهيل ضروري بالنسبة للتأهيل على مستوى "حمولة المضامين" المشار إليها، فيتعلق بتطوير وتطويع بنيات اللغة نفسها على مستوى الأصوات والصرف والتركيب وصناعية المعجم العام إضافة إلى الإملائية في ما يتعلق بالمقروئية. وإذ كثيرا ما يروج شعار/مفهوم "التأهيل" في الأدبيات المعالجة للوضعية الوظيفية السوسيو-لغوية للغة العربية، فإن هناك حاجة على سبيل المثال إلى تأهيلها على مستوى الطاقة الاستيعابية الصوتية: إدخال مؤسّــــسي/منهجي للأحرف الدالة على بعض الأصوات الكثيرة الانتشار إلى قائمة الألفبائية، مثل ݣـ/g، ݡـ/v، ݒ/p، كما يتم نظير ذلك في إملائيات كثير من اللغات بالنسبة لأصوات غير أصيلة فيها.

 

3- أما على مستوى التركيب، أي عناصر بناء الجملة (اسم، فعل، حروف وروابط) ووظائف تلك العناصر (فاعلية/مفعولية، مبتدأ/خبر)، وفي علاقته ذلك بمدى دقة الإملائية في بيان مؤشّرات تلك وظائف فإن نظام "علامات الإعراب" في مقابل نظام "الرتبة" يشكل بدوره مستوى آخر للتأهيل بما يتناسب مع رفع الالتباسات بالنسبة للغةٍ لم تعد خاصية علامات الإعراب فيها ملَكة لدى أحد من متعلّميها.   

 

4- أما على مستوى الصرف، أي عناصر وآليات بناء الكلمة من أصل و"زوائد"، فإن الصرف العربي لحد الآن ظلّ بالأساس "صرفا لا-تعاقبياً" (non concatenative morphology)، أي أنه يقوم أساساً على أصل معجمي تجريدي مثل /ك.ت.ب/ تُـشتق منه، بواسطة نظام من الحركات (فتح، ضمّ، كسر) لا تُثبت إملائيا مختلفُ الصيغ الصرفية (صيغ الفعل المبني للمعلوم/المجهول، المصدر، اسم المكان، اسم الآلة مفردا وجمعا...)، وذلك مثل: /كــَـتــَـب/، /كـُـتـِـب/، /كـُـتـُـب/...(مع كل ما يتولّد عن ذلك من إبهام إملائي على مستوى المقروئية). أما خاصية "الصرف التعاقبي" (concatenative morphology) التي تتمثل في إلحاق لواحق تتصدر الأصل المعجمي كـ"صدر" للكلمة (prefix) و/أو أخرى تليه كـ"عجُز" للكلمة (suffix)، فهي خاصيّة لم تُطوّر منهجيا في اللغة العربية، بالرغم ممّا لهذه الخاصية من مزايا ذهنية في بيان العلاقات المنطقية/الرياضية بين مفاهيم مفردات المعجم، مزايا ترفع من قدرة اللغة على ضبط المفاهيم ببيان العلاقات المنطقية بينها بيانا معجميا مطردا.

 

5- فلنمثل بـعنصر "الصدر النـافي" (negative prefix) الوارد قبل قليل في التقابل بين "تعاقبي" و"لا-تعاقبي". هذا الأسلوب في بناء الكلمة ليس جديدا في المعجم العام للعربيّة. فمنذ قرون كانت تستعمل مصطلحات نظيرة لذلك، مثل "نهائي" / "لا-نهائي"، "إرادي" / "لا-إرادي" (ومن ذلك المصطلح الكلامي القديم "اللا-أدرية")؛ وهناك اليوم "ديموقراطي" / "لا-ديموقراطي"، "إنساني" / "لا-إنساني"، الخ. ومن هذا القبيل من صدور الكلمات الدالة على العلاقات المنطقية والتي تبرز الحاجة إليها من خلال تعامل العربية مع المفاهيم الجديدة وليس هناك عمل تأهيلي معجمي مؤسسي لتطويرها منهجيا، يمكن الإشارة إلى مجرد أمثلة: الصدور /anti-/، /inter-/، /trans-/، /bi-/، /-multi-/، // الخ. وعن بعض عناصر المركّبات مثل /géo-/، /physio-/، /phono-/ (باقتراض اللفظ في هذه الحالة لا بترجمته). هذا القبيل من أدوات بناء الكلمة، بما يبيّن من العلاقات المنطقية، لم يتمّ تطويره تطويرا منهجيا كأسلوب صرفي مطّرد في المعجم العربي الحديث، بالرغم من أن بوادر بعض أوجهه كانت قد وردت في بعض أدبيات العربية، لكنها لم تستغل استعلالا منهجيا. من ذلك مثلا صدر الكلمة /دو-/ في مصطلح مثل "الدو-بيت" (distique). كما أن محاولات استعمال صدور كلمات من قبيل /بَين-/ (inter-)، /عًـبـر-/ (trans-)، لم تحظ بقبول مؤسّـسي في الاستعمال وفي تبنّي الصناعة المعجمية والمصطلحية في هذه اللغة.

 

   6- نفس الشيء يمكن أن يقال عن مقابلات أعجاز الكلمات (suffixes) مما يمكن منهَــجة اقتراض لفــــــظه، مثل /-graphie/ (-غرافيا)، /-logie/ (-لوجيا)، /-phonie/ (-فونيا)، مع التمييز إملائيا، في هذه الحالة ما بين إملائية /كارطوغرافيا/ (اسم) وإملائية /كارطوغرافية/ (صفة: مؤنث /كارطوغرافي/). ومن بين المفردات الحديثة التي تتداول في الصحافة في هذه الأواخر كلمة "العربوفونيا"/"العربوفونية" قياسا على "الفرانكوفونيا"/"الفرانكوفونية"، الأنجلوفونيا/الانجلوفونية، بما تحمله أمثال هذه الكلمات من اقتراض أسلوب جديد لبناء الكلمات المركبة، أي "واو التركيب" (/عرب-و-فونيا)، تلك الواو التي نجدها كذلك في مركبات من قبيل /العربــــــو-امريكية/، /السوسيــــو-اقتصادية/، الخ..

------

 

نص قديم مكمّل: "تطوير العربية، وثقافة إعلان المبادئ"-2015

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-qualification-de-la-langue-arabe-et-declarations-de-principe

 

 

------------------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 

 

   



28/04/2022
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 347 autres membres