(En arabe) De la farce idyllique d’une coexistence symbiotique entre Juifs et Musulmans au Maroc
تفنيدا لأساطير "التعايش" في مدينة فاضلة مزعومة بين المسلمين واليهود في المغرب.
أبدأ الكلام بهذا الذي يلي. إنه نص عقد بيع وشراء بين مسلم ويهودي مغربيين من بلدة "إفران" بالأطلس الصغير، يعود إلى سنة 1262هـ الموافقة 1846م؛ وهو خطاطة/فرمولة تقليدية في تقاليد التوثيق في بابه. (منقول، بما في ذلك صورته المرفقة، من صفحة "إفران الأطلس الصغير" على الفايسبوك.
.
نــــــــص وثيقة العقــــد :
الحمدلله وحده وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
اشترى اللعيـــــــــــن الذمّــــــــي إعيش بن مخلود [مخلوف؟] بن إسحاق الصبّاغ من يهود ملاح سوق إفرانة، لعــــــــــن اللــــــــــه طائــــــــــفة اليهـــــــــود، من البائع له السيـــــــــــد إبراهيم بن محمد بن عبد الله الادزي الســـــــــــوقي الإفراني جميعَ نخلتين في سدود ببكر ساقية امندغ واحدة المسمية تمشيشت المعوجة في حقلة اُدم الفصّط والثانية المسمية تكًـمطّ النابتة في حفر ببكر الوالية القبلة. اشترى الاول من الثاني جميع ما ذكرنا ووصفنا ابتياعا صحيحا جائزا منجزا دون شرط يفسده، ببيع الرهن والإقالة بثمن عدته ونهايته إحدى وثلاثون أوقية فضة سكة المولى عبد الرحمان. قبض دلك قبضا وفيا باقراره لدينا بالقبض وأباح له غلاله دلك إلى الافتداء، وأحل محله كحلول ذي مال في ماله ودي المِلك الصحيح في مِلكه، وعلى السنّة من ذلك والمراجع بالدرك على فوائد الشريعة المحمودية. وهدا ما شهد به علي بتاريخ افتتاح ذي القعدة عام 1262 علم عبد ربه محمد بن محمد بن أحمد اكزوم التيسواكي الســـوقــــــي الافراني لطيفُ الله به؛ آمين.]]. (منقول من صفحة افران الاطلس الصغير(.
تعليقي على الوثيقة
بدأت بالوثيقة أعلاه كعينة من نماذج الحقائق الواقعية التي يتعين أن تُستحضر في كل محاولة لإعــــــادة صياغة السرديات المؤسِّسة، كما يتمّ ذلك منذ عقود، وعلى الخصوص منذ أشهر، وعلى الأخص منذ أسابيع في نهاية هذه السنة-2020 المزلزلة لكثير من القناعات، قديمها ومعاصرها. أعني سرديّــــــة "التعايش الملّي في أمن وسلام" بين المسلمين واليهود وبين اليهود والمسلمين، وعلى الأخص "في الأوساط الأمازيغية" كما تروي ذلك التعايش المزعوم كثيرٌ من السرديات، "إلى أن جاء الاستعمار والحركة الصهيونية وصنيعتمها، دولة إسرائيل فأفسدوا صرح تلك المدينة الفاضلة".
لا يتعلق الأمر في هذه الوثيقة باجتهاد شخصي لعدل من العدول لديه حساب شخصي مع المرتهن فقام بتصفيته من خلال تحرير عقد الرهن. فالأمر يتعلق في النص بـ"طائفة أهل الذمّة من اليهود" أينما كانوا؛ والوثيقة محررة على هدي خطاطة تحرير عدلي تقليدية /formulaire (تاوتّاقت) لا يتغير منها سوى عناصر موضوع العقد، وطبيعته، وأطرافه، وقيمته المالية، وتاريخه، ومحرره؛ وكنت قد حفظت وأنا طفل تلك الفرمولة حفظا لكثرة ما كان الوالد رحمه الله ينشر على الحصير أمامي كلّ مرة ركامَ حُقّين كبيرين من ملفوفات عقود المعاملات بحثا عن وثيقة معينة. وقد وقفت كذلك شخصيا من جهة أخرى على عدة نماذج من مثل هذه العقود التي يكون يهوديّ أحد طرفَي التعاقد فيها، لما شاركت في عمل فريق اعتكف لمدة أسبوع على جرد وتلخيص مضامين رصيد المكتوبات اليهودية-المغربية بفرع "جودايكا" بخزانة "جامعة يـال" بمدينة "نيو-هافن" سنة 2010. ويوجد من ذلك الكثير أيضا في حوزة كثير من الأفراد في كل نواحي المغرب؛ وتروج منه في هذه الأواخر بعض النماذج في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي.
إنه نموذج له أسُـسٌ في النصوص المؤسِّسة، وفي فقهيات وضعية أهل الذمة. ولا يتعلق أمر المضمون "الأيديو-سوسيو-ثقافي" لمثل هذه الوثيقة بظرفية زمكانية خاصّة؛ فبالإمكان استحضار السياسية الرسمية المنهجية لدولة الموحّدين مثلا في هذا الباب، وكذلك فتوى الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني وما ترتّب عنها من أحداث. ودعك عن مختلف أحداث ما عرف بهجومات "الطريتل" على أحياء "الملّاح" في فاس وتطوان وجرادة ومدن مغربية كثيرة على مرّ التاريخ، وأحدثها وأخفها ما حصل بعد حرب 1967 التي حُمِل فيها ما حصل من حصار الملاحات رجما بالحجارة هذه المرة ليس على حمولات المرجعية الدينية، ولكن على "مسؤولية" المغاربة اليهود المقيمين في وطنهم ووطن أجدادهم - باعتبارهم طائفة ودون تمييز - في موضوع القضية الفلسطينية...، وذلك قبل أن تعود تلك المرجعية القديمة، ابتداءً من تسعيننيات القرن-21، في مزج لها بالمرجعية الحديثة، على شكل آخر، شكل ما يعبّر عنه شعارا "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سيعود" و"هذا عار هذا عار، ياهودي موستاشار" اللذين أصبحا مردّدتَي كلّ مليونية من مليونيات العقود الأخيرة.
لن أزيد هنا أكثر من هذا على هذه الإشارات التاريخية، وليس هذا مكان عرض نماذج من الأدبيات المناظرة لدى الجماعات اليهودية المغربية في باب البكائيات التقليدية التي تمّ اتخاذها مقوّما وجوديا على مرّ العصور وإلى اليوم؛ وقد تأتي لذلك فرصة استجمع فيها ما تناثر من سابق مكتوباتي. سأكتفي فقط، في ما بقي من هذا النص، بعرض لمحات ممّا احتفظت به ذاكرة الطفولة من لقطات في باب هذه العلاقة المتوتّرة تاريخيا في جوهرها وما تزال، ولا تغيّر من ذلك رياح التحليقات المناسباتية الجذِلة العابرة شيئا حتّى الآن.
فهاهو الراوي يحكي لنا عن شخصية موحمّاد: إن أول ما استبطن هذا الموحمّاد في المحيط الذي وجد فيه نفسه هو أن هناك تمييزا تراتبيا طبيعيا بين فئات الناس، ما بين شريف وعامّي وأبيض البشرة وأسودها، وما بين عربي وشلح، وبين مسلم ويهودي... كان يسمع "واحد اليهودي حاشى السامعين"، "انا بالله وبالشراع؛ واش انا يهودي"... وكان أول ما شاهد فيه يهوديا في حياته بدوار "دار الشرفا"، لمّا أقبل صبية ثلاثة بقبّعاهم السوداء /شاشية/ على ظهر حمار إلى باب الزاوية يسألون عن الشريف "سيدي بنفضيل" في غرض بينه وبين أبيهم. تحلق حولهم صبية الدوّار في فضول: "= نتوما يهود؟ اشنو سميّتك نتا؟ - سميّيتي عازار. = هاهاها..."... لاحظ موحمّاد أن الصبية يتحدّثون مثل الآخرين وهم بيض البشرة بل على نصيب من الوسامة، وليسوا لا حراطين ولا سودا ممّن تعلّـم أن يعتبرهم محتقرين من أهل السخرة بطبيعة ما وجد عليه الوجود من حوله؛ ولا يميّز أولئك الصبية سوى تلك الشاشية الغريبة الموضوعة على الرأس... تعلّم إذن أن من سُـنِــــــن الوجـــــــود أنّ هناك تمييزا بديهيّا ما بين المســـــلمين واليـــــهود على مستوى معيّن، وما بين العــــــرب والشلـــــوح على مستوى آخر. كان قد استبطن تلك الخطاطة كمــــعطــــــــى اجتماعي بديهي لا يمكن تصورُ المجتمع على شكل آخر غيره، وأن لتلك التمايزات انعكاسات طبيعية على أسس التعامل والمعاملات. تعلّم كيف أن اطراد المعاملات لا يمنع من أن يكون هناك مزيج طــبيـــعي من الاحتقار والإعجاب والتحفظ وسوء النية المتبادلة بدرجات متفاوتة بين عشائر العرب وعشائر الشلوح، ولا من أن يكون هناك مـقــت دفين متبادل بين المسلمين واليهود، يحوّله منطقُ الغلبة من حين لآخر إلى احتقار وإذلال أو حتّى اعتداء من طرف الغالب حينما تسنح الفرصة.
أول ما انتبه موحمّاد إلى مثل تلك الاعتداءات كان يوم سمع الصبيةَ، وهو ابن حوالي أربع سنوات، وهم يتحدثون بإعجاب عمّا قام به أكبرهم سنّا "ابراهيم ولد كوما" أحد عِـيال شرفاء دوّار "دار الشرفا" بـ"إيكُودار"/المنابهة، بينما كان أولئك الصبية يرعون الأبقار في فدّان "تاوايفــسيت" في الطريق ما بين دوار "العوينة" ودوّار "أولاد حسّان" الذي كان يوجد به أقرب ملّاح لليهود. فقد كان أولئك الصبية منهمكين بقضبان الزيتون "الزلّاط" على قتل ثعبان/حنش صغير، إذ أقبل عليهم طفل يهودي من جهة دوّار "العوينة" ممتطيا حمارا ومتجها/عائدا إلى بيت أهله في "أولاد حسّان". اعترض سبيلَـه "براهيم ولد كوما"، وأمره أمرا بالنزول عن ظهر الدابّة فنزل الطفل. أمره ابراهيم للتو أن ينطق بشهادتي الإسلام، فرفض الطفل؛ فأخذ براهيم يسوّطه ظهره تسويطا مبرّحا بقضيب الزيتون الذي كان يخبط به الثعبان، ملحّا على انطاق الطفل البهودي بالشهادتين، فتمـسّـك اليهودي الصغير برفضه، وهو يبكي ويصرخ طالبا النجدة... صعُـب على الطفل موحمّاد أن يفهم ذلك بالبداهة، بالرغم من بداهاته السابقة المذكورة؛ ولكنه سمع بعد ذلك بسنين، في محيطه المسلم، تفسيرا يقول: إن اليهود يقومون في أحد أعيادهم بإعداد دجاجة مطهيّة كاملة لكل فرد من أفراد الأسرة، ما عدا الطفل الأصغر سنّا. وحينما يتساءل الطفل عن نصيبه، يجيبونه بأن محمدا، نبيّ المسلمين، هو من سرقها؛ وبذلك يربّون فيه كراهية الإسلام والمسلمين...
ولذلك كان صبية المسلمين قد تربّوا بدورهم على شتم اليهودي بأقذع الشتائم ("الله يحرق بوك، آ-اليهودي") وعلى البصق عليه بشكل مجّاني كلما مرّ بهم أو مرّوا به، وهم يعرفون، بمقتضى العُرف، أنه لن يردّ عليهم الشتم؛ كما أنهم كانوا يتسلوّن، كلما توفرت المناسبة، بملاحقة أي موكب جنائزي لليهود بالحجارة، وبترديد الشهادتين حينما يمرّ الموكب نحو مقبرة "ربّي داويد بن باروخ" الموجود في أحد القفار قرب "تينزرت " ...
تعلّم، بعد ذلك ببضع سنوات، في المدرسة/السكُيلة ،بدوّار "تاماصات"، شيئا آخر ينتمي هذه المرة إلى عالم "القرايـــــــــــــــة" وليس إلى أحاديث العجوزين، لالّة الزهرة الطالب، ودادا عبوش حول موقد الكانون في "تالحنيت" بدار الشرفا، ولا إلى كلام الخمّاس "براهيم ولد كوما". فقد سمع موحماد بن عبد الله درسَ المعلّم حول "البعثة المحمدية" والدعــــــــــــوة "التي بدأت سرّا ثم أصبحت جهرا". سمع كيف أن سَـميّه، محمدا بن عبد الله بن عبد المطّلب، كان يمشي ذات يوم قيظٍ في العراء، فأقبلت رقعة سحابة ووفّرت له الظل وحده، فرأى ذلك أحدُ الحكماء، فقال للقوم: إن على هذا الصبيّ علاماتِ النبوّة، اعتنوا به واحفظوه، فقد يتربّص به اليهود اليهود ليقتلوه، فاغتاظ موحمّاد، ولم يفهم لماذا كل هذا الحقد من طرف اليهود على كلّ ما هو خيرٌ ومن هو خيِّـــر.
تعلّم بعد ذلك أن يضمّ صوته إلى أصوات أترابه أثناء عودتهم مساء من المدرسة مساء يوم سوق "ثلاثاء إيكودار/المنابهة"، الذين كانو يشتمون كل يهودي ممطٍ دابّتَه عائدا من السوق: "وا اليهودي، وا اليهودي؛ الله يحرق بوك". لاحظ أن اليهود - وبشكل منهجي - لا يردّون على ذلك، بل يبدون كما لو أنهم لا يعبأون: كان الواحد منهم يشيح بوجهه حين يُنادي عليه تلاميذ المدرسة لشتمه والبصق عليه من بعيد.
وبالمقابل، كم كانت فرحة موحمّاد وحماسه وخشوعه ذات صباح يوم ذي ضباب من أيام سوق نفس ثلثاء إيكًودار الذي كان يبكّر إليه في نفس الفترة من عمره أيام العطل للاسترزاق من رزق الله (مساعدة الباعة أو مختلف أنواع السخرة): وجد الناس متحلقين في باب السوق الذي يحيط به سور. اقترب من ذلك فوجد امرأة مكتنزة جالسة ممدّدة ساقيها على الأرض، وأمامها أطاران: صورة للملك الراحل محمد الخامس، ووثيقة عليها صورتها لم يتبين طبيعتها. كات السيدة تنادي بصوت عال: "أشهاد والّاي يلاها يالله، وأشهاد وانّا موحمد راصوالله؛ والله ينعل طايفة اليهود..."، والناس بعمائمهم وأساكيمهم متخشّعون يرددون بالدارجة وبالشلحة "الحمد لله، الله ينصر اليسلام"، "تشكر ي-ربّي نحمد-اس ا-ينصر ربّي ليسلام د-يموسلمن".
تلك كانت حقيقة "تعايش المسلمين واليهود المغاربة"، بدون مساحيق أو جراحة تجميل. كان ذلك بالرغم من أن كلّ طرف من الطرفين كان ينعم يوميا - على مستوى الأفراد - بخدمات الطرف الآخر (وبصداقات حميمية شخصية) في إطار توزيع سوسيو-اقتصادي للعمل والخدمات حسب الإثنيات والفئات بصفة عامة. ولم ينسَ موحمّاد شعور الضيم الذي خيّم، بسبب الكساد، الذي استمر لعدة سنوات في محيط سوق" إيكودار" المذكور بعد الرحيل الجماعي بين عشية وضحاها ليهود ملّاحات "ولاد حسّان" و"تاكًاديرت" و"الولايجا" و"أولاد برّحيل"...: لم يعد هناك صانعو برادع مهَرة، ولا خيّاطات ومُرقّعات ملابس ماهرات، ولا أساكفة مهرة، ولا لحّامين وزنكيين وفضّيين أكفاء، ولا مشتري بيض ودجاج وجلود وصوف بالجملة، ولا جالبي مختلف أنواع القماش إلى الأسواق...
ففي باب الصداقات، يتذكر موحمّد بن عبد الله قصة موحمّاد ولد الحسين الكًمّاضي، الملقّب بــ"ولد العرجا" مع الإسكافي الجوّال، مسعود اليهودي. كان مسعود يرِد على دوّار "العوينة" كل أسبوعين أو ثلاثة لرتق نعال الناس رجالا ونساء. كان الأطفال والمراهقون يتحلّقون على ورشته بسببخفة روح دعابته. كان أصلع الرأس صلعَـَ "مجطة" قديمة. كان كثيرا ما يتسلط عليه صديقُه، موحمّاد ولد العرجا، بمختلف أوجه المشاكسة والشغب على سبيل الممازحة، معايرا إيها بــ"مسعود المجّوط". باغثه ذات مرة، فنزع الشاشية عن رأسه وفرّ قائلا: "شوفو طاسة المجّوط"، فقفز مسعود للتّو وتعقبّه جاريا حافي القدمين بين أزقة الدوّار حتّى استردّ شاشيته، وهو يخاصم: "وكّلنا عليك الله، آ-بن العرزا، ما تعرف-سي الفرق بين اللعب والبسالات...".
وفي يوم آخر أقبل عليه صديقه المشاغب، بن العرجا، فطلب منه أن يعيره حماره لنقل الحبوب إلى الطاحونة العمومية في دوّار "أيت صالح" بتينزرت، على بعد حوالي 3 كلم. أجابهمسعود بأنه لا يمكنه أن يُفرغ كل نعال الزبناء الموجودة في الجوالق/الشواري: "إذا كنت تتوفّر على جوالق، فخذ الدابّة؛ لكن يتعيّن عليك العودة قبل العصر، لأن اليوم يوم جمعة، ويتعيّن عليّ أن أكون في المنزل قبل غروب الشمس للإسبات". مع اقتراب موعد العصر، بدأ مسعود يتذمّر في انفعال "وكّلنا الله على بن العرزا...". وبمجرّد أن أذّن الطالب سّي الحسن لصلاة العصر، جمع مسعود ما تبقّى من نعال الزبناء في جوالقه، ووضع الجوالق على رأسه، وانطلق به عائدا إلى بيته في دوّار "تاكًاديرت" في "تنزرت" نفسها. التقيا في الطريق. قال مسعود اليهودي لـ"بن العرجا": "وكّلت عليك الله على هاذ العذاب... يوا ضروك، غير سير وصّل الطحين وردّ ليّا الحمار غدّا؛ ما يمكن-شي ليك تهز خُنيشات الطحين على راسك".
أما لقطة من لقطات قصة موحمّاد بن عبد الله مع خدمات مسعود اليهودي، وهو الذي كان من بين المواظبين على حضور حلقات اللغو حول ورشة مسعود، والذي كان من زبنائه في إصلاح نعليه "الميشلانيّـين" كلما احتاجا إلى رتق أو تبديل إبزيم أو إزالة مسمار يحفِـر العقب أو الأخمُص، فهي تلك التي يتذكر من خلالها موحمّاد استعدادات أحد الأعياد: وإن كان متعوّدا على المشي حافي القدمين إلى درجة أن قدميه قد كوّنا طبقة جلدية بلاستيكية المادّة من سمك عدّة ميليمترات، فإنه كان حريصا على حضور صلاة العيد في بيدر/نادر "ايت عومار" بقميصه/قشّاب الجديد منتعلا غير حافي القدمين.
كان قد وضع نعليه "المشلانيين" لدى مسعود اليهودي من أجل الإصلاح، وحصل أن لم يات مسعود إلى دوار "العوينة" في الأجل، بسبب احتدام الطلب عليه في دواوير متعددو بمناسبة اقتراب العيد. ناولته الواليدة 5-دريال، وأمرته أن يذهب إلى دوّار "تاكاديرت" ويسأل عن منزل مسعود، ففعل. طرق الباب فخرجت صبية صغيرة؛ قالت إن أباها في "الجامع". ذهبت في طلبه، فأقبل في ثوب نظيف ليس كثوب ورشة العمل. قال لموحمّاد: "آ-ولدي راه اليوم السبت؛ سير حتّى لغدّا... رجاه موحمّاد، فدخل إلى البيت وعاد بالنعلين المشلانيين مصلوحين. ناوله موحمّاد 5 د-الريال، فتردّد مسعود، في ما يشبه حرجا وقال: "اليوم السبت" ثم فكّر مليّا وقال "مدّها للبنيّة".
-----------------י--------------
يوا باراكا من الديبخشيات على الشاشات وعلى أعميدة منابر الموحلّـلين الموناسباتيّـين، وفــتدوينات المدوّنين الليبراليّين الزويّـنين.
-----------------י----------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres