(EN ARABE) De l'immunité parlementaire à la dérive politique
(1) Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
قيمة الحصانة ما بين السياسة والقانون
على مسؤولية صاحب الموقع
الواقــعـــة
الواقعة موضوع هذا النص واقعة تلخصها المانشيطات الصحفية الآتية:
1- مانشيط يومية "أخبار اليوم" (29 ديسمبر 2012؛ ص:1) الذي يقول: [مسؤول أمني، لنائب إسلامي: "سير تقو...، يلا كُـنـتي برلماني"؛ ثالث صدام بين جهات في السلطة والبيجيدي]. وقد استهل صاحبُ تغطية الواقعة جذاذتـَه الإخبارية بالتذكير بـ"صدامين" تاريخيين آخرين سابقين، ألا وهما - حسب تقدير وتعبيرصاحب الجذاذة-: ["منعُ رئيس الحكومة من الخطابة في ساحة عمومية في طنجة، وإقدام مسؤول أمني على سبِّ عضو الأمانة العامة لحزبه، عبد العالي حميّ الدين، أثناء تدخل عنيف ضد متظاهرين"].
2- مانشييط يومية "المساء" (29 ديسمبر 2012؛ ص:1) الذي يقول: [برلماني من الحزب الحاكم يتعرض للضرب و"التجرجير" أمام البرلمان].
3- مانشيط "أخبار اليوم" (فاتح يناير 2013) الذي يقول: ["سلخ" برلماني البيجيدي تحول إلى أزمة سياسية بين الداخلية ومجلس النواب].
ويمكن تلخيص أطوار الواقعة في أن نائبا برلمانيا ينتمي إلى التنظيم السياسي لرئيس الحكومة الحالية، قد ارتأى أن عضويته في هيئة تشريعية ورقابية هي البرلمان، صفةٌ تسمح له، أو ربما تفرض عليه بحكم تصوره لمهامها، أن "يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر"، حسب ما يراه "معروفا" أو "منكرا" في الإدارات، والمرافق، والأسواق، وعلى قارعة الطريق،(1) وذلك بشكل جزافي وبسلطة شخصية تنفيذية في الميدان على طريقة الكاوبُوي (justicier)، مستمدة من صفة الحصانة البرلمانية كما يتصورها، وكيفما كانت طبيعة النازلة، وأينما جرت أطوارها على الصعيد الترابي، ومهما كانت صفات ومسؤوليات فُرقائها.(2) ["ففي سابقة لم يُعرف لها مثيل، انهالت القوات العمومية، عشية أول أمس أمام مقر البرلمان بالرباط، بالضرب المبرّح على عبد الصمد الإدريسي، النائب البرلماني وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية (...)، أثناء تفريق مسيرة للأطر العليا المعطلة، بعد أن حاول النائب البرلماني تخليص إطار معطل من قبضة القوات العمومية (...)."] ("المساء"، نفس العدد؛ ص-1). ذلك أن ["النائب المنتمي إلى فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب توجه نحو المسؤولين الأمنيين المشرفين على عملية التدخل، وطلب منهم إصدار الأمر لعناصرهم بالكف عن تعنيف المتظاهرين."] ("أخبار اليوم"؛ 29 ديسمبر 2012، ص:3).
دلالات الواقعـــة
ويمكن تأملُ الواقعة ومساءلةُ أمرِها على صعيدين اثنين هما: (أ) صعيد المبادئ، أي التساؤل عن مدى حضور بُعد المشروعية والانضباط لقوانين الصلاحيات وللفصل بين السلط واحترام مساطر ممارستها في كل ما جرى؛ ثم (ب) الصعيد العملي البراغماتي، أي تأمل منطقِ آليةِ تآكلِ مفعول قيمة الصفة المعينة في الحلبة الاجتماعية (صفة رجل السلطة، رجل الأمن، نائب برلماني، الخ.)، ذلك التآكل الذي يترتب بالضرورة عن كل إفراط في استغلال تفعيل قيمة تلك الصفة، بمناسبة وبغير مناسبة، وذلك بقطع النظر عن طبيعة الأسس القانونية والأخلاقية لإشهار تلك الصفة.
فعلى الصعيد الأول، لا أحد ينكر على أي مواطن أن يكون له رأي وموقف سياسيان فيما يتعلق بأسلوب التعاطي مع قضية من القضايا، مثل قضية احتجاجات العاطلين من حاملي الشهادات التي تمثل خلفية الواقعة، سواء أتعلق الأمر بالجانب القانوني والأمني العمومي لتلك الاحتجاجات أم بجانبها الجوهري الاجتماعي، خصوصا إذا ما كان ذلك المواطن نائبا برلمانيا، وعلى الأخص إذا ما كان ينتمي إلى أغلبية ائتلاف حكومي. ففي هذه الحالة الأخيرة، تحدِّد القوانين الدستورية والمدنية والإدارية حدودَ الأطـُـر والمساطر التي تضبط كيفيات تعبير النواب عن مواقفهم السياسية وكذا أطر وسُبل العمل المؤسسي للدفع بالأمور في اتجاه تلك المواقف. فللهيئة التشريعية الرقابية لجانٌ متعددة، وظيفية دائمة، أو طارئة حسب الظرفيات والوقائع؛ ولها قنوات متنوعة لمساءلة الجهاز التنفيذي ومراقبة عمله في مختلف القطاعات والمجالات (التعليم، التشغيل، الحريات العامة، الخ.)؛ كما أن لتلك الهيئة مساطر لاقتراح مشاريع قوانين مما تراه أكثر ملائمة مما هو قائم في تلك المجالات. أما أن يركب كل نائب، من بين مئات النواب والمستشارين، رأسَه معتدّا بصفته وبحصانته، فينطلق في الأسواق والطرقات حسب هواه "يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر" بيده كفاروق (justicier)، وبشكل انتقائي يجعله من الناحية السياسية "مساندا" لحركة الشارع عَصرا، ومناصرا للعمل الحكومي ضُحىً في الغداة تحت قبة البرمان، فذلك أسلوب في العمل لا يُعتقد أن له أساسا في منظومة القوانين المغربية المسطرة على الأقل، وذلك بالرغم من أن ذلك الأسلوب الذي يسمونه "الشعبوية" ما يزال البعض مقتنعا بمردوديته السياسوية رغم كل التآكلات التي اعترت حتى نفعيته السياسوية الضيقة نفسها.
عن حصانة النائب وهيبة المؤسسة
لا شك أن لصفة الحصانة التي يتمتع بها النواب مقاصدَ دستورية، وأن لتفعيلها أطـُـرا صارمة يُحتّم القانون التقيد بها والانضباط لها حرصا على بلوغ تلك المقاصد. وعلى كل حال، فإن تلك المقاصد الدستورية التي يتوخى منها تمكين النائب من أداء مهامه الموصوفة، مقاصد لا يمكن خلطها بمردوديات التدافع السياسي الظرفي في الحلبة بين الفرقاء، واختزالها في النهاية اختزالا في تلك المردودية. ومما له دلالة في هذا الباب ما ورد اليوم (2 يناير 2013) على شكل مانشيط الصفحة الأولى ليومية "أخبار اليوم" الذي يقول: ["الملك يدخل على خط أزمة برلماني البيجيدي ويدعو بنكيران إلى تطبيق القانون"]. إنه القانون بكل بساطة، ولا شيء غير القانون، قانون احترام الصلاحيات والتقيّـد بأطـُر العمل وبمساطره، أي عدم تقديم المردودية السياسوية على قيمة احترام القانون، باعتبار من ينتمي ومن لا ينتمي إلى ما عبر عنه مانشيط سابق بـ"الحزب الحاكم" كما لو أنه يتحدث عن نظام صدّام، أو بن علي، أو مبارك، أو الأسد، وكما يبدو أن البعض يفضل أن يستمر سيرُ الواقعة في اتجاهه، أي في اتجاه التسييس بدل الاحتكام إلى القانون الذي لا يميز بين من ينتمي إلى هذا الحزب أو ذاك في إعطاء دلالة ما لفعل معين. فعن سؤال يقول: "هل لا زلت متمسكا برفع دعوى قضائية"، أجاب البرماني المعني قائلا: [الدعوى القضائية مسألة شخصية ولها مسار آخر؛ ولكني، وبطلب من الإخوة في الفريق (يقصد البرلماني لحزبه)، لن أرفعها الآن، إلى حين استنفاذ المسار السياسي (...). لكن إذا لم تُؤتِ المساعي السياسية أُكـلـها، فسوف ألجأ للقضاء]. إن السعي وراء أي أُكـْـل سياسي عن طريق التشويش المزايد على مسؤولي جهاز الأمن العمومي وإرباكهم في قلب الميدان وفي الحال في أدق اللحظات التي تخضع فيها أوامر الفعل الميداني لصرامة هرمية أمثال ذلك الجهاز لهو درجة الصفر في الثقافة القانونية والأخلاق السياسية وقيم المواطنة، وذلك مهما كان ما يمكن أن يقال عن هذا الفعل أو ذلك في الأماكن المؤسسية المخصصة للقول وللفعل السياسيين.
وإذا كانت للمؤسسة التشريعية هيبتها التي يتعين أن تحظى بالتوقير كما ألح على ذلك كل الذين لم يروا في أوجه الواقعة إلا مسّا بتلك الهيبة، فإن لجميع مؤسسات الدولة نفس الهيبة التي تضمنها القوانين، ومبدأ فصل السلط، والتخليق المؤسسي. وعلى كل حال، يبدأ قيام صرح هيبة المؤسسة التشريعية من انضباطها، كهيئة وكأعضاء، لمبدإ حدود الصلاحيات من جهة، ومن عملها من جهة ثانية على تخليق صفوفها أولا وقبل كل شيء، ليحس المواطن مهما كانت صفه ووظيفته بأن له هئية تمثيلية تفرض عليه احترامها. غير أن هذا لا يبدو قائما لحد الآن. ففي نفس اللحظات التي اختزل فيها الحديث عن أوجه الواقعة في مجرد المس بهيبة المؤسسة التشريعية، وكما لا يمر أسبوع دون نشر خبر من نفس قبيل ما يلي، نقرأ في الصفحات الأولى للصحف مانشيطات من هذا القبيل: [مجلس المستشارين مهدد بالشلل بعد متابعة أمنائه الثلاثة بتهم الفساد: إصدار شيكات بدون رصيد، تبديد أموال عمومية، الفساد الانتخابي]؛ [اعتقال برلماني متلبسا بتلقي 20 مليونا كـ"رشوة" من مقاول] ("المساء" 3 يناير 2013؛ ص3). فما هي نسبة المتورطين المنتمين إلى الهيئات التشريعية بالقياس إلى مجمل المتورطين في قضايا الفساد على الصعيد الوطني؟ فعوض أن تفرض الهيبة نفسها بالانضباط والمهنية والفعل التخليقي أولا وقبل كل شيء، يتجه الجميع اليوم من جديد إلى افتعال الدفاع عن تلك الهيبة عن طريق التصعيد السياسوي. فمن جهة، يهدد طرف من البرلمانيين، في حالة ما "إذا لم تؤت المساعي السياسية أكلها"، بالاقتداء بثقافة الاحتجاج رغم تآكل مفعولها بسبب استخفاف كل المعنيين ومنهم المؤسسة التشريعية (تجربة اعتصام قدماء الأسرى ليلا ونهارا أمام البرلمان لمدة سنة 2011-2012)، أي التهديد بـ[تنظيم فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب لوقفة احتجاجية، إلى جانب ردّهم لبطائق صفتهم البرلمانية وجوازات سفر البرلمان إلى الدولة] حسب ما نسبته يومية "الأخبار" (3 يناير، ص3) إلى البرلماني صاحب الواقعة، الذي أضاف [أن فريقه الذي أبدى تضامنه الكلي مع قضيته سيواصل النضال ضد ما أسماه "الفساد والاستبداد"]؛ ومن جهة ثانية، ندد طرف آخر من البرلمانيين بتلك "المساعي السياسية" التي استكثر فيها على الطرف الأول ضربه عصفورين بحجر واحد، أي: حصد المردود الشعبوي للواقعة المتمثل في مغازلة صوت الشارع من وراء جدارن البرلمان على حساب الأطراف الأخرى داخل القبة، لكن مع تجنب الصدام المؤسسي على أعلى المستويات في نفس الوقت، فانخرط هذا الطرف المندد في المزايدة وطالب بـ[[عقد اجتماع عاجل للجنتي الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، ولجلنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، مطالبا بحضور كل من وزير الداخلية ووزير العدل والحريات وكذلك المدير العام للأمن الوطني ... لمساءلة المسؤولين على ما اعتبرته مراسلة فريق الأصالة والمعاصرة "التعنيف الذي تعرض له عضو مجلس النواب (...). وإلى ذلك أكد فريق الأصالة والمعاصرة (...) أن ما وقع ويقع في مدينتي مراكش وفيكيك يتطلب استدعاء الحكومة لوضع النواب في صورة ما يجري وما وقع"]]. ("الأخبار"، 3 يناير 2013، ص1)
فهل وضعُ النواب في صورة ما يجري وما وقع في مراكش وفيكيك سيجعل للصورة الملتقطة عن بعد مفعولا في قبة البرلمان، في هذا الاتجاه أو ذاك، أكثر فاعلية من صورة القرب لمآت الأسرى الذين قضوا سنة كاملة ممتدين على الكارتون ليلا ونهارا في الرصيف أمام البرمان دون أن يزعجر ذلك أحدا؟
------------------
(1) يقول البرلماني المعني متحدثا عن عن اللجنة التي استمعت إليه مع وزير الداخلية [[... وقد استمعوا إليّ بعد توصلهم بالرواية الكاملة لعميد الشرطة وباشا حسان (...) حيث اتفق الاثنان على رواية واحدة (...) تفيد أنهما أخبراني بأن مكاني في البرلمان وليس في الشارع للدفاع عن المعطلين (...). وحتى إذا كان مكاني في البرلمان، ففي الحالة التي رأيت فيها القوات العمومية تجر معطلا، في خرق سافر للقانون، "ما عندى ما ندير في البرلمان"، لأن طبيعة عملي، بصفتي محاميا وحقوقيا وبرلمانيا، تفرض علي التدخل]]. (يومية "المساء" (2 يناير 2013، ص3). ثم أضاف البرلماني الحقوقي والقانوني قائلا فيما يتعلق بالجزاء الذي ينتظره من القضاء: [[أما فيما يتعلق بالشق الشخصي، فلن اسمح بأي مساومة للتصالح، ولا يمكنني تجاوز الموضوع، وأعتزم التوجه إلى القضاء، فهناك هيئة دفاع وطنية ستساندني؛ وشكايتي موجودة (...). وللإشارة، فلن أقبل أقل من توقيف في حق المتورطين الممثلين للسلطة التنفيذية اللذين ارتكبا خطأ جسيما في حق السلطة التشريعية]].
(2) بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية الجارية، أدلى رئيس مجلس النواب لجريدة العلم (12 أكتوبر 2012) بتصريح حول رهانات تلك السنة التشريعية، أعلنت عنه في مانشيطها الرئيسي باللون الأحمر على الشكل الآتي [[في حوار هام لرئيس مجلس النواب، كريم غلاب: رهاناتنا ثلاثة: تنزيل فعال وسليم للدستور- الارتقاء بالعمل البرلماني - تجويد التشريع والمراقبة]].
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres