(En arabe) Constructions pléonastiques arabo-berbère en arabe marocain (baba-sidi-moulay...))
"الإرداف الترجمي" الأمازيغو-عربي في الدارجة المغربية
تأصيل كلمة "مولى"/"مول" وما يتداخل معها في الدارجة المغربية.
(مول/مولاي، سيدي/لالّة)
---------------------------------------
سأل أحد أصدقاء صفحتي على الفايسبو قبل أيام (يناير 2019)، لم أعد أتذكر اسمه، عن تأصيل كلمة /مول/ في الدارجة المغربية ("مول الطاكًية، مول الزيعة، مول الشكارة، مول السبّاط ...)، فكان ذلك سبب تحرير النص الآتي في الموضوع.
.
كلمة /مـــول/ ترخيم في الدارجة المغربية لكلمة /مـــــولى/ العربية، بمعنى "صاحب"، بمفهوم مِلـــــكية المالك للشيء أو لــــــــزوم الشيء له (مولى نوبة = مول النوبة، مول البلاد، مول الموسطاش، مول اللحية، مول الصداع، مول العربية، مول الماط، مول الخُضرة، مول النخّالة، مول الضو، ...).
وكلمة /مولى/ في العربية من الأضداد؛ فهي تستعمل لـ"السيـــــــــد"، كما تستعمل لمن هو تحت ولايــــته ("المولــــى إدريس"، و"مـــــولاه راشد"). أما استعمالها في الدارجة المغربية، فهو ترجمة سوسيو-لغوية لـكلمة "بــــاب/بابا" التي تفيد في الأمازيغية "الأب" (/باباس/ "أبوه") أو "السيّــــــد" (/بابا ربّي/ = "سيدي ربّي"؛ /بابا حقّي/ = "سيدي حقي" ...) أو الــــــــربّ المــــالـــك (/باب ن-تكًمّي/ "ربّ البيت"، /باب ن-وولّي/ "صاحب الغنم"، /باب ن-يكًنوان/ "ربّ السموات").
وكانت قد نشبت خصومة بين بعض فقهاء القرويين وأبي علي اليوسي في شأن ما درج عليه الأمازيغ من إطلاق اللقب المركّب التفسيري المكوّن من الأمازيغية والآرامية في الفترة الهيودية-المسيحية، أي /بـــابـــا-ربّي/ على اسم الجلال حتّى بعد الإسلام (لفظ "الله" لم يدخل إلى القاموس الأمازيغي في ما عدا العبارات المسكوكة)، فتمّ تبادل منافرات نقائضية شعرية في المسألة بين الطرفين، كنت قد أوردت عينة منها سابقا (انقر هـــــنــــا).
وكلمة /باب/ ("أبٌ/ربّ/مالك/صاحب") مثلها مثل سائر أسماء القرابة (أب، أم، أخ، اخت، عمّ، ...) وأسماء الظروف (/دّو/ "تحت"، /يكًّي/ "فوق"، /تاما/ "قُرب" ...) من الأسماء الملازمة للإضافة في الأمازيغية، سواء الإضافة المباشرة (بابـــا، باباك، باباس، "أبي، أبوك، أبوه" على الترتيتب) أو بالإضافة بالأداة /ن-/؛ وحتّى في هذه الحالة الأخيرة تحتفظ كلمة /باب/ إضافتها المباشرة إلى ضمير الغائب (بابا-س "أبوه") ثم يضاف حاصل التركيب (باباس) إلى المضاف إليه المذكور، الذي يعود عليه الضمير المقدّم الزائد pronom pléonastique (/باباس ن-حماد/ "بُّاه ديال حماد"، /بُّايـــن حماد" بزيادة نون). وقد انعكست هذه الخاصية كذلك في الدارجة المغربية على مترجمات /باب/ أي مولى/مول، حيث بقيت ملازمة للإضافة (/مول كذا/، /مولى كذا/) بخلاف حال نظيرها /مولى/ في العربية الفصحى ("العبد والــــــــمولى").
.
وقد أدّت تقاليد الترجمة السوسيو-لسانية لكثير من الأسماء الأمازيغة بالمعنى إلى العربية، إلى انتشار كثير ممّا يسمّى بالفرنسية بـ/البليوناسم/ (pléonasme) في الدارجة المغربية، وهو ما سميته بـ"الإرداف الترجمي". من ذلك مثلا، في ما يتعلق بموضوع الثنائي سّيّــد/مولـــى، قولهم: /بابا-سيدي/، / بُّــا-سيدي/، /سيدي-مولاي/، /يا بابا، يا سيدي/، /دوّار-يغرم/، /جبل-ادار/، /كدية-تاوريرت/، /جنان-اكًافاي/، /العربية-تاعرابت/، /عين-اغبال/ (/اغبال/ "الينبوع")؛ وقد ثـلّـث الفرنسيون بعد الحماية التسمية الأخيرة، فقالوا La fontaine de Aïn Aghbal: ثلاث كلمات تفيد نفس الشيء ... الخ.
.
سيدي/مولاي في مقابل لالّـــــــة
أما المقابل المؤنث لـكلمة مولى/مول في العربية المغربية، فهو /لالّـــــة/؛ وهي كلمة أمازيغية الأصل (/لالّا/) بمعنى "سيّدة/مولاة" بنفس مفاهيم ملكية الشيء أو لزوم الشيء لصاحبه (/تاويّا د-لالّاس/ "الخادم ولالّاتها"). ومن باب التوسيع الدلالي في الأمازيغية، ممّا انتقل كذلك إلى الدارجة، إطلاق لقب /لالّا/ على الأخت الكبرى أو العمة أو كل امرأة كبيرة في السنّ من باب الاحترام. وقد تحولت لامها إلى نون في نطق تافيلالت فقيل /نــانّا/ (كما يقال لإسماعيل "سماعين"). وكان المرحوم الحسن الثاني قد تحدث يوما عن إحدى سيدات القصر في فترة تحكّم الصدر الأعظم بابا حماد [بُّـــا حماد] عُرفت في وسط القصر بــ /نانّا قاقنّا/ (أي "لالّة رقية").
وعلى غرار وجهي مولى/مول، طورت كلمة /لالّا/ في الأمازيغية صيغة مرخّمة هي /لال/ (/لال ن-تكًمّي/ "ربّة البيت" = "مولاة الدار"، /تاويّا د-لال نس/ "الخادم ومولاتها" = "الأمة ومالكتها"، /لال ن-تزارّارت/ "مولاة الكًـُلادة"، /لال ن-وفولكي/ "مولاة الزين").
وبما أن مول/مولى أصبح ملازما للإضافة في الدارجة، بناء على ما تُرجم عنه في الأمازيغية (/باب/ "رب، مالك، صاحب")، فإن صيغة التأنيث منه ملازمة لظهور تاء إضافة المؤنث في الدارجة (/مرا/، في مقابل /مراة فلان/ زوجة فلان")، وذلك بلفظ /مولاة/ (/مولاة الخادم/، مولاة الخال/، مولاة الصاك).
ونادرا ما تُترجَم كلمة /لالّا/ الأمازيغية في الدارجة بلفظ /سيدْتي/. فعلى خلاف أسامي الأولياء والصالحين و"رجال البلاد" ("مُّالين البلاد) التي تتراوح في المغرب ما بين /سيـــــدي فلان/ و/مــــولاي فلان/ (ونادرا: /بويا/ أي /بابا/ مثل بويا-عومار) اللتين هما في الأصل ترجمة للقب /بابا/ الدال، حسب السياق، على الأبوة أو الربوبية أو المِلكية (/بابا-ربّي = باب ن-يكًنوان)، تُلقّـب جميع الصالحات في المغرب بـ"لالّا" (لالّة شافية، لالّة ميمونة، لالّة عزيزة، لالّة تاعلّات)، وليس هناك سوي اسم الوليّة الصالحة /سيدتي فاطنة/ (الضاحية الجنوبية لمراكش)، التي أصبحت تنطق [سيتّي فاطنة] بإدغام الدال الساكنة في التاء، والتي هي ترجمة لتسمية /لالّا فاضمة/.
----------------------------
إحــــــــــــــــــــــالات
- من أجل تفاصيل أخرى حول تأصيل بعض أسماء/ألقاب الأعلام البشرية والمكانية في المغرب، انظر مقالين قصيرين لي (Mohamed Elmedlaoui) حول "شفشاون" و"غمارة" في ما بين الصفحات 127-134 من الكتاب الآتي:
Mezzine, M. J. Vignet-Zunz, F. Brigui (2018). Jbala, peuplement, langue et ruralité. Actes des rencontres de Chefchaouen, Taounate et Larache : 2011 - 2012 - 2014 – 2015. Coordination : M. Mezzine, J. Vignet-Zunz et F. Brigui. Centre d’Etudes et de Recherches sur les Jbala. 2018
- انظر كذلك القسم المعنون بــ Le lexique comme patrimoine immatériel في المقال الآتي:
Le patrimoine immatériel marocain https://books.openedition.org/cjb/234
- عن الضمير المقدّم الزائد في الأسماء الملازمة للإضافة (أسماء القرابة والظروف) في الأمازيغية، انظر النص الآتي:
"Note sur l’expression de la possession en berbère"
Fernand Bentolila https://linguistique-francaise-berbere.fr/?page_id=218
--------------------------------------------------------------------------------------------
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres