(En arabe) Comment les intellectuels marocain évacuent le problème de la fonction pédagogique de l’arabe marocain ?
الألية الخطابية لتحييــد المثقفين (عربوفونيين وفرانكوفونيين) لمسألة الوظيفة التربوية للعربية الدارجة
---------------------------
منذ مرافعة الأستاذ الفيلسوف والمؤرخ والكاتب المزدوج لسان الكتابة، عبد الله العروي، إلى المرافعة الأخيرة للكاتب الفرانكوفوني الشهير، الطاهر بن جلون، تتمثل الآلة الخطابية لتحييد مسألة الوظيفة التربوية للعربية الدارجة في المغرب في ما يلي (وباقي الأصوات عبارة عن أصوات مرددين وشرّاح أفكار كلّ معلّم أول):
1- المشكل مشكلٌ مزيّف؛ فالدارجة مستعملة فعلا وميدانيا في الروض وفي التعليم الأولي والثانوي وفي الجامعة، تقدم بها وتشرح بها مضامين مختلف العلوم؛ فما الداعي للضجة القائمة؟
2- فالضجة القائمة دعوة، إذن، إلى تدريـــــــــــــــــس لهجة عاميّة فقيرة يمتلكها المتمدرس أصلا قبل ولوج المؤسسات التربوية والتعليمية، وهي بذلك إنما تستهدف اللغة العربية الفصحى، التي تمثل لغة الهوية القومية والهوية الدينية الجامعة للكيانات القطرية، مما ينذر بالانقطاع تواصليا عن المحيط القومي وهوّياتيا وعن عمقه الحضاري.
وانطلاقا من هذا التصور لطبيعة المسألة، المشترك فيه ما بين المصنفين كعربوفونيين والمصنفين كفرانكوفونيين في أوساط النخبة المثقفة (التي تتخذ مهنيا من امتلاك لغة عالمة معينة أداة من أدوات اقتسام السلطة الرمزية) وكذا تابعيها من جمهور "يا أيها الناس"، تتشعب مواقف تلك النخبة إلى تصوّرات ثلاثة في ما يتعلق بتفسيرها لمحركات "الضجة":
أ- موقف تصوري يعزو الضجة إلى "اللوبي الفرانكوفوني" الذي يسعى إلى أن يتخذ من العربية الدارجة حصان طروادة لزيادة إضعاف العربية الفصحى، متنا ووضعية سوسيو-لغوية، تمهيدا لحلول الفرنسية محلها بشكل نهائي؛ ولذالك يدعو أصحاب هذا التصوّر، في إطار اعتراف تاكتيكي بضعف تأهل الفصحى في باب العلوم الحديثة، إلى إحلال الإنجليزية محل الوظيفة الحالية للفرنسية في المنظومة التعليمية المغربية، أملا في القطع المؤسسي مع اللغة الفرنسية التي شكلت منذ قرن من الزمان القناة التي انفتحت من خلالها أجيال من المغاربة انفعـــــــــالا وتفاعـــــــــــــــلا وبفاعــــليـّـــــــة على الفكر الحديث، بشكل لم يحصل للأقطار التي سادت فيها الإنجليزية. هذا الموقف التصوري خاص بالعربوفونيين، بقطع النظر عن البعدين الحركيين: القومي أو الإسلامي.
ب- موقف تصوري يعزو الضجة إلى "الحركة الأمازيغية" التي تسعى، حسب هذا التصوّر إلى تشجيع كل ما من شأنه إضعاف العربية الفصحى والقطع مع الأيديولوجيات التي ترى أنها مرتبطة بأدبياتها، بما فيها أيديولوجية مناهضة تلك الأدبيات للغة الأمازيغية (خلافا لبقية اللغات المتنافسة في المغرب، وفي مقدمتها الفرنسية التي إليها يرجع الفضل في التدوينات الأولى والدراسات الأساسية لمتن اللغة الأمازيغية في المؤسسات الأكاديمية الفرنسية ثم في الجامعة المغربية). هذا في حين أن كثيرا من نشطاء الحركة الأمازيغية ينظرون بعين الريبة إلى كل مبادرة تسعى إلى إيلاء العربية الدارجة وظيفة تربوية معينة لما يرون في ذلك من منافسة قوية للغة الأمازيغية من طرف الدارجة بكل ما تتمتع به هذه الأخيرة سلفا وفي الميدان من انتشار سوسيو-لغوي وفاعلية تواصلية على المستوى الوطني، يخترق الخصوصيات الجهوية.
الموقف التصوري الثاني (ب) يتداخل في حمله، في الحقيقة، كل من العربوفونيين والفرانكوفونيين (بالمفهوم السوسيو-لغوي الفئوي المصلحي للمصطلحين، وليس بمجرد مفهوم امتلاك لغة من اللغات).
-----
هذا عن سوسيولوجيا اتخاذ المواقف الأيديولوجية وتشكيل التصورات المرتبطة بها. أما من حيث مضامين الطرحين 1 و 2 أعلاه المصوغين لتمرير تلك المواقف والتصورات، فإن المعاينة الميدانية التي عاينها الطرح-1 صحيحة فعلا. لكن فيها وقوفا على "ويل للمصلين". فالذي يتعلق به الأمر في جوهر أسباب "الضجة" هو عدم ترك ذلك الاستعمال الفعلي الميداني للعربية الدارجة لمجرد التهريب التربوي والبيداغوجي على شكل ما يقابل الاقتصاد غير المهيكل (نوع من الفراشة التربوية). أي ضرورة مأسسة ذلك الدور وتلك الوظيفة التربوية عن طريق إيجاد حوامل ديداكتيكية وتكوينات مناسبة للمربين والمعلمين والأساتذة تجعل المكوّن والمتكون واثقا مما يفعل وليس مجرد شارد مهرب في وسطه التربوي.
الحوامل الديداكتيكية، ومنها الكتاب المدرسي في المستويات الأولى على الخصوص، يتعين أن تتصور على أساس من تلك الوظيفة التواصلية التمهيدية مع المحيط الأول للطفل في البيت والشارع والمدرسة والمجتمع الملموس والطبيعة المحيطية الملموسة ومع الخلفيات الثقافية والحضارية الملموسة في غير اغتراب حضاري ولا تقعير لغوي متمثل في هجر منهجي وطرد لكل ما هو معروف دارج على اللسان.
ومن أهم مواد الكتاب المدرسي الأولي، هناك مادة المعجم الأساسي. هذه المادة تكون مادة منتقاة ومحصاة الكلمات عينيا وعدديا في استحضار للمقتضيات التربوية المتعددة الأبعاد، مما هو من اختصاص البيداغوجيين. وتكون تلك المادة منجمّة تنجيما مناسبا على مراحل التدرج في سلك التربية والتعليم. كما أن ما يدخل من تلك المادة المعجمية في إطار التواصل مع المحيط الملموس للطفل، وفي إطار وظيفة التجسير اللغوي المتدرّج بين العربية الدارجة والعربية الفصحى، يتعين أن تراعى فيه الجوانب الصوتية والصرفية لكل كلمة مقترضة من الدارجة لإغناء معجم الفصحى بما يجعلها لغة حياة وليس مجرّد ألفاظ تحفظ حفظا طقوسيا. فكلمات من قبيل "بغرير" أو "قفطان" أو "شربيل" مثلا، تستقيم استقامة تامة على سَنَن القيود الصوتية والقواعد الصرفية للعربية الفصحى، تقبل التعريف (القفطانُ) والتنكير بالتنوين (قفطانٌ) جمع التكسير (قفاطينُ) وتحمل علامة الإعراب (ارتدت السيدة قفطاناً جميلا)، إضافة إلى أنها تحيل على مسميّات من صميم المحيط والحضارة. فهذا القبيل من الفحص هو ما يتعين أن يتم في اختيار موادّ إغناء معجم العربية الفصحى والتجسير بينها وبين سجلّ العربية الدارجة.
أما الطرح الثاني (2) أعلاه، فمحض بهتان وافتراء سجالي تتمثل الغاية منه في تهويل المسألة قصد تحييد المشكل التربوي وتشعيب المسألة وتحريفها نحو مطارحات أيديولوجية من قبيل ما أشير إليه في الموقفين التصورين (أ) و (ب).
--------------------
مرافعة عبد الله العروي (نوفمبر 2013)
.
مرافعة الطاهر بنجلون (سيبتمبر 2018)
http://fr.le360.ma/blog/le-coup-de-gueule/ne-derangez-pas-la-darija-174118
محمد المدلاوي
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres