(En arabe). A toute situation spécifique, un message spécifique. Les média et la Grande Guerre de Gaza.
لكل مقام مقال، ولكل مقال مقام.
من "الجزيرة" إلى "أي24-نيوز"
.
"لكل مقام مقال، أو "لكل مقال مقام" عبارةٌ كثيرا ما يتردّد لفظُها على الألسنة على سبيل الكلام المباح. فما جوهر معناها؟
1 المقصود بـ"المقــــــــام" هو نوعية الظــــرفية العامة القائمة أثناء إرسال/تلقّي "المقــــــال"، وذلك في علاقة المقال بالمخاطَب المستهدَف، وبالغـــاية من المقـــــال.
2 فأما "المقـــــال"، فتُـحدِّدُ نوعيتَـه اللغة ُأو السجلّ اللغوي، وكذلك القاموس، والأسلوب، ونبرة/لهجة الإلقاء أو الكتابة.
3 أما "الظرفيّــــة العامّــــــة"، فـتتداخل في تشكيلها ورسمها أحداثُ الســـــاعة، وأبعاد السوسيولوجيا و/أو السياسة، والأنماط الثقافية المعنية، وكيفية إدراك المخاطَب المستهدَف لكل من تلك الأبعاد.
4 أما "الغائيــــــة" المتوخاة من المقــــــال، فتــتفاوت مواقعُها، حسب موقف مُرسِل المقال، على درجات سُلّمَين مختلفين: (أ) سُلّمِ "تبليـــــــــغِ" ما يَعتقِد مرسِـلُ المقال أنه "الوقع"/"الحقيقة" إلى المخاطَب المستهدَف تبليغاً وصفياً، أو (ب) سُلّمِ ممارسةِ مفــــعولٍ وتأثيـــــرٍ تصوّريَين وسلوكيَين على المخاطَب المستهدَف في الاتجاه الذي يرتضيه مُصدِر رسالة المقــــــال.
5 المعارف الضرورية اللازمة لحيازة العلم بكيفية ملاءَمةِ الكلامِ لمقتضى الحال، حسب الأبعاد المذكورة، وكذا المهارات والتقنيات والتيكنولوجيات التي تُسخَّـر لتحقيق تلك الملاءَمة، متعددةٌ متقاطعة؛ وهي في تطوير مستمر، خصوصا في ميدان الإعـــــلام.
هذا ما لاحظته بارزا في قناة من قنوات الإعلام، قناة "أي24-نيوز" (إسرائيل، فرنسا، الولايات المتحدة) خلال السنتين الفارطتين (2023-2024)، فساورتني كثيرا فكرة صياغة ما لاحظته في خطّتها الإعلامية، وهي قناة ناطقة بكل من الإنجليزية، والفرنسية، والعربية، والعبرية.
6 تأسّـست هذه القناة سنة 2013 في أعقاب التقلّبات الكبرى التي وقعت في بعض دول شمال إفريقيا (تونس، ليبيا، مصر) وفي سوريا/الشام منذ 2011. يوجد المركز الاجتماعي للقناة بتل-أبيب، ولها استوديوهات جهوية في أماكن أخرى (افتُتحت مكاتبُ لها بالمغرب سنة 2022 أي بعد استئناف العلاقات مع إسرائيل سنة 2020). وقد أشرف على إدارتها الثريّ المغربي البيضاوي الأصل والفرنسي-الإسرائيلي الجنسية "فرانك ملّول"، المدير السابق لاستراتيجية "السمعي-البصري الخارجي" الفرنسي (AEF).
7 في السنوات العشر الأولى (2013-2023)، تميّزت مضامين برامج تلك القناة (أخبار، موائد حوارية، منوّعات) التي أنا من المواظبين على مشاهدة/الاستماع إليها متنقلا بين لغات البث، بغائيّات استــــــقطابيّـــة (باعتبار نوعية الجمهور، الذي تحدّده اللغة المستعمَلة من انجليزية، فرنسية، عربية، عبرية) بالنظر إلى نفوذ قنوات أخرى أقدم (مثل "قناة الجزيرة" مثلا بالنسبة لمستعملي العربية كلغة أولى)، وذلك في نوع من التنافسية - باعتبار "الجودة المهنيّة".
8 وخلال السنتين الأخيرتين (2023-2025) بما طبع ظرفيتَهما من أحداث كبرى وتقلبات متسارعة منذ اندلاع حرب بدأت ثنائية ثمّ أضحت متعددة الأطراف، حصل اضطراب كبير في برامج القناة، وفي نظام بثّ برامجها من هذا الاستوديو أو ذاك، وفي حصص هذه اللـــغة المستعملة أو تلك، وكذلك في الموارد البشرية لطاقم المقدّمين والمنشطين والمشاركين في موائد حوارات "التحليلات" السياسية والجيو-استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. لقد حصل مثلا تداخل في حَزَمات قنوات البث ما بين تلك القناة وقناة أخرى محض فرنسية هي فرانس24 (ولوج إلى إحداهما يفضي أحيانا إلى أخرى). وقد لوحظ في البدايات الأولى لظرفية اندلاع الحرب (بشكل مفاجئ بالنسبة للعموم على الأقل) اختفاء حصص البث بالعربية في مقابل طغيان حصص العبرية. لقد اشتهرت قولُ فيلسوف نظرية علوم الاتصال، مارشال ماكلوهان: "الرسالة هي القناة الحاملة" (The medium is the message). والقناة بهذا المفهوم تشمل كل أوجه الوسائــــل الحاملة للخطاب السمعي و/أو البصري: وسيلة اللـــــغة، وسيلة المنبـــــر، وسيلة المُصدِر المبــــاشر للخطاب ... فلمدة عدة أسابيع من بدء الحرب، بما تناسل حولها من أسئلة حارقة ذات علاقة بالسياسة الداخلية لإسرائيل وبما اكتنف ذلك في نفس الوقت من حاجة إلى التعبئة بلهجة خطاب قد لا يكون "لائقا سياسيا" على المستوى الخارجي، بدا كما لو أن هناك رغبة في قصر "نشر الغسيل الداخلي" على أهله دون الغير، فكانت اللغة العبرية هي اللغة المؤهلة للقيام بتلك الوظيفة السوسيو-لغوية. من أجل هذه الغاية، حتّى طاقم المدعوّيـن إلى موائد حواراتِ التتبّع والتعاليق "التحليلية" على الأحداث قد لحقه تناوب الظهور والاختفاء حسب مراحل الحرب (الاندلاع، الأوج وما صاحبه من أسئلة حول الأهداف، ثمّ بداية المفاوضات، ثم الاتفاق على الهدنة...). فقد حتّمت بعض تلك المراحل تغييب بعض الأوجه/الألسنة ثم تمّت العودة إليها بعد ذلك (من قبيل رفائيل يوروشالمي أو حاييم بيطون) لأن المصدَر المباشر للخطاب (المتحدث المباشر) هو نفسه جزء من الخطاب، بل صميم الخطاب باعتباره حاملا من الحوامل طبقا لمقول ماكــلوهان المذكور، ولا يحتاج (في "تطرفه" أو في "اعتداله" في هذا الاتجاه أو ذاك) إلى تسخير/توجيه فــــجّ ولا حتّى إلى مسايرةٍ تعقيبيّة مجّانية من طرف المنشِّط.
9 دع عنك في كل ذلك دور سائر أكسيسوارات إرسال الخطاب، مهارات السيناريو، والإخراج، والصورة من جانبها المهني (الإطار، الخلفية، الزاوية، الزوم، الإنارة) والآلي التيكنولوجي (الديفينيسيون)، في تسريب عناصر سيميولوجية إلى مضمون الخطاب اللغوي المباشر من حيث لا يشعر المتلقّي.
ومن بين كل الأطراف الرئيسة أو غير المباشرة التي انخرطت في الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023، كانت حركة حماس الطرف الذي اكتسب، من خلال الممارسة، أكبر نصيب من هذه التقنيات المتعددة الأبعاد، خصوصا من خلال الكيفية التي أدارت بها الحركة مسألة المفاوضات حول الرهائن، ثم سلسلة عمليات الإفراج المتبادل التي ما تزال جارية. وذلك إلى درجة أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلي قد تضايقت كثير من ذلك ولم تخف غيرتها من الأمر، كما يعبّر عن ذلك المقالُ الصحفي الآتي:
"La dernière parade grotesque du Hamas dupe des médias"
https://www.jforum.fr/la-derniere-parade-grotesque-du-hamas-dupe-des-medias.html
----------------------------
أسباب النزول
تذكرت قبل يومين كل هذه الملاحظات، خصوصا ما يتعلق منها بدور اختيار الظــــــرفية في تحديد مدى تقبّـــل أو عـــــدم تقبل أو مجرّد لامبالاة إزاء محتوىً معين من المحتويات. كان ذلك على إثر قراءتي لإحدى التدوينات الأخيرة لأحد الصحفيين المغاربة سابقا يتشفّى فيها من ملك الأردن ويكيل له من عبارات العيب والتعيير، تعليقا منه على اللقطة السمعية-البصرية التي أوردت تصريح الملك للرئيس الأمريكي في موضوع دعوة هذا الأخير إلى ترحيل أهل قطاع غزة. تذكرت للتوّ "تغطية" صحفية لنفس ذلك الصحفي نشرتها جريدته سنة 2011 بمناسبة زيارة الزعيم التركي للمغرب والتي كنت قد قمت بقراءة خاصة بي لها ونشرتها في مدونتي بنفس التاريخ بعنوان "حينما يُفرش العلَم المغربي لصورة الزعيم التركي". وقد بدا لي للتوّ أن أعيد تقاسمَ على جداري في فايسبوك رابطَ نص تلك القراءة على سبيل التذكير، مقرونا بتقاسم التدوينةِ المذكورة لنفس الصحفي المذكور. كان عدد قراءات نص تلك القراءة حسب عدّاد المدوّنة في تلك اللحظة يزيد قليلا عن 500 (خلال مدة 14 سنة)، فقـفـز هذا العدد بعد ذلك التذكير في ظرف ثلاثة أيام إلى 1012!
رابط نحو ذلك التقاسم التذكيري في الفايسبوك، ومنه إلى نص قراءة 2011:
محمد المدلاوي
https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 351 autres membres