(EN ARABE) A-t-on perverti le concept de "Droits de l'Homme"?
(1) Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
(2) نافذة التعليقات لا يظهر فيها الحرف العربي بشكله الصحيح بعد إرسال التعليق.
هل تـمّ تحريف مفهوم "حقوق الانسان" عن الجوهر؟
في إطار احتفالات الدخول الجامعي 2012-2013، نظم كل من المعهد الجامعي للبحث العلمي وجامعة محمد الخامس-السويسي يوم 10 أكتوبر 2012 محاضرة ألقاها الأستاذ محجوب الهيبة، المندوب ما بين الوزارات لحقوق الإنسان. وقد سطر المحاضر مختلف المراحل التي قطعها المغرب في مجال حقوق الإنسان في العشرية الأخيرة، سواء على مستوى الممارسة (تجربة هيئة الأنصاف والمصالحة) أم على مستوى المبادئ (التوقيع على الاتفاقيات الدولية، دستور 2011). وقد تلت المحاضرة مناقشة غنية، كان من بين ما طرح فيها مسألة المفهوم السائد اليوم في المغرب خاصة حول "حقوق الإنسان".
فمن المعلوم أن وراء ذلك المفهوم، في تصوره الأول، خلفية فلسفية متكاملة يمكن إرجاعها إلى فكر فلسفة الأنوار، في تصور هذا الفكر لماهية الانسان في المدينة. وهو فكر ليبرالي في جوهره، يشكل الفرد المدني محوره، من حيث حقوقه الطبيعية البدئية، بما هو كائن ذو كرامة وجدارة لا تتفرعان لا عن ظرفية الميلاد، ولا عن الجنس أو العرق الإثني، ولا عن طبيعة النوع البيولوجي، ولا عن لون البشرة أو شكل القسمات، ولا عن الانتماءات الهوياتية من عقيدة ولغة وثقافة؛ وكذلك من حيث هو كائن ذو ضمير حر هو مقر المسؤولية، ويتمتع بحرية التفكير وحرية التعبير، ويتملك بنفسه تمامية جسده سالما، ولا طرف آخر بمخوّل أن يتصرف في ذلك الجسد غيره.
هذا هو جوهر إعلان الأمم المتحدة سنة 1948، الذي يتفرع مباشرة عن الإعلان الأول سنة 1789 بعد الثورة الفرنسية، والذي صوتت عليه 50 دولة من أصل 58، وامتنعت ثمان دول عن التصويت، من بينها جنوب إفريقيا الأبارثايد (بسبب فقرة المساواة بقطع النظر عن الولادة أو العرق)، والمملكة العربية السعودية (بسبب فقرة المساواة بين الرجل والمرأة)، ودول المعسكر الشيوعي (بسبب مفهوم حقوق الإنسان ما بين الفرد والجماعة).
ذلك الجوهر الأصلي شيءٌ غيرُ ما استحال إليه مفهوم "حقوق الانسان" في استعمالات العقود الأخيرة على إثر مختلف إعادة الصياغات المتتالية بفعل أفكار مختلف الأنظمة الجمعية (النظم الشيوعية والدينية بمختلف ألوانها درجاتها مذهبيتها)؛ حيث تم تحريف ذلك المفهوم في استعمالات كثير من الهيئات نحو مجالات التدبير السوسيو-اقتصادي والسوسيو-سياسي في أبواب ما يتعلق بتدبير السلط وتوزيع الخيرات والخدمات والتحملات ("الحق" في العمل، في الصحة، في التعليم، في السكن، في الترفيه، الخ.) مما يشكل شأنه، في واقع الأمر، مدارس مختلفة في نظريات الاقتصاد السياسي والنظريات الدستورية والسياسية (من النظام الشيوعي إلى النظام الرأسمال مرورا بأنظمة الريع). فإذا كانت مثلا كل من الولايات المتحدة من جهة، وفرنسا أو الدول الاسكاندنافية من جهة ثانية، في النظام الرأسمالي، متفقة جميعا على فلسفة حقوق الانسان بمفهومها الصحيح الأول، فإن مسألة الدور التدبيري للدولة على المستوى السيوسيو-اقتصادي (من أقصى الليبرالية إلى أقصى السوسيو-ديموقراطية) في تدبير توزيع الخيرات والخدمات والتحملات، مسألةٌ تشكل، في حظيرة هذه الدول، مدرستين توجد منهما الولايات المتحدة والدول الاسكاندنافية على طرفي نقيض (الدولة المحايدة من جهة، والدولة الكافلة من جهة ثانية)، بينما توجد منهما فرنسا في الوسط؛ وينعكس كل ذلك، في كل بلد من هذه البلدان، على نظام الضرائب، بحيث إنه كلما كانت زادت تحملات كفالة الدولة، كلما زادت تحملات الإسهام الضريبي للأفراد في صناديقها المحلية أو المركزية. فإذا كانت الولايات المتحدة مثلا لا تضمن للفرد لا العمل، ولا التعليم، ولا الصحة، ولا السكن، فليس معنى هذا أنها لا تضمن اليوم تفعيل حقوق الإنسان بمفهومها الصحيح بنفس الدرجة التي تُضمن بها تلك الحقوق في الدول الاسكاندنافية، بل وأكثر مما هو عليه حالها في فرنسا (نظام العدالة، وحرية التعبير مثلا). فالشق الثاني لنفس الفكر، فكر حرية الفرد وجدارته بقطع النظر عن النوع والانتماء واللون والميلاد، وكذا استقلاليته في التصرف في مصيره، بكل ما يشكله ذلك من ضمانات تكافؤ الفرص لتحقيق مشروع الحياة كما يختاره الفرد، يعتبر هناك دفعا بمفهوم استقلالية الفرد وتحكمه في مصيره بمبادراته واختياراته، نحو مزيد من تفعيل الحقوق وتحمّل المسؤولية. وعدم فهم هذه الفلسفة هو ما يجعل الكثير يستغرب لماذا يرفض معظم الأمريكيون أن تنوب عنهم الدولة في تأمين الخدمات الاجتماعية مقابل ما يترتب على ذلك من ضرائب ترتفع كلما كان الفرد أكثر عملا وإنتاجية بينما يتساوى الجميع في الاستفادة من الكفالة.
فبهذا المفهوم الفلسفي لحقوق الانسان، لا تشكل الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المخاطب الوحيد لأي حركة من حركات حقوق الإنسان. فالدولة ليست مخاطبا إلا من حيث ضرورة تلاؤم دساتيرها قوانينها المدنية والجنائية والإدارية وممارسات أجهزتها مع مبادئ الإعلان الكوني لحقوق الإنسان. ولكن المجتمع كذلك مخاطب على جميع مستويات تنظيمه من الأسرة إلى المنظمة أو الفرقة أو الزاوية إلى مختلف الجماعات غير المهيكلة بما في ذلك جموع الشارع، تلك الفضاءات التي غالبا ما تكون المسرح اليومي لإهدار كثير من أوجه حقوق الإنسان بمفهومها الجوهري على مستويات حرية الضمير والتعبير والكرامة والتصرف في الذات. ولذلك فإن فلسفة مبادئ حقوق الإنسان قد واجهت في بداية نشأتها ليس جهاز الدولة العتيقة فحسب، بل كذلك وعلى الخصوص مختلف المؤسسات الاجتماعية المهدرة لتلك الحقوق. وهذا يفضي في النهاية إلى نقطة البداية، ألا وهي أن مبادئ حقوق الإنسان فكر متكامل، وأن التربية بمفهومها الواسع هي أساس ضمان إحقاق تلك المبادئ؛ وقد أشار المحاضر أثناء المناقشة إلى هذه النقطة لما بين في سياق حديثه عن ضمانات عدم تكرار تجربة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بأن تغيير الذهنيات والعقليات هو الضمانة االأساس. وحينما نتحدث عن تغيير الذهنيات يقفز دور التربية وثقافة فكر الأنوار إلى الواجهة.
إن قفز الأيديولوجيات التحررية (الوطنية، القومية، الهوياتية) والأيديولوجيات الانعتاقية الطبقية (الفكر الشيوعي والاشتراكي) على أرضية فلسفة فكر الأنوار، وعدم الاحتفال بها في باب إنتاج الخطاب وفي باب فلسفة التربية وبرامجها من جهة، وما نتج عن ذلك عمليا من تحريف سياسي لمفهوم "حقوق الانسان" كما برز ذلك المفهوم في فلسفته الأولى، وذلك عن طريق تعويم المفهوم في مجالات سياسة التدبير السوسيو-اقتصادي من جهة ثانية، هو ما يجعل كثيرا من الهيئات المتناسلة اليوم والحاملة لشعار "حقوق الانسان" تشكل في غالب الأحيان مجرد تغطية تحريفية تمكـّـن عمليا من تجنب تناول وطرح الأوجه الحقيقية لانتهاك حقوق الانسان بالمفهوم الصحيح لتلك الحقوق كما تم بيانه أعلاه، وذلك بكثرة حديثها عن ما لا يحصى من الحقوق الاجتماعية والسياسية، منافسة بذلك للهيئات النقابية والسياسية ومشوشة عليها في نفس الوقت بالحلول محلها. كل هذا يعود في الحقيقة، بالنسبة للمغرب، إلى الظروف السياسية الخاصة التي نشأت فيها حركة حقوق الإنسان كوجه من أوجه مراجعة تجربة سياسية خاصة قامت في أصلها على أساس مرجعيات فكرية لا علاقة لها بفلسفة فكر الأنوار.
البقية عبر الرابط الآتي
-----------------------------------------------------------------------
(2) نافذة التعليقات لا يظهر فيها الحرف العربي بشكله الصحيح بعد إرسال التعليق.
استخراج تعليق-Yassine
[في واقع الأمر، المقال جد مركز. وأنطلق في كلمتي من "وأن
التربية بمفهومها الواسع هي أساس ضمان إحقاق تلك المبادئ" لأ تساءل: إلى أي
حد تتفوق برامجنا التعليمية- خاصة في مرحلة الإعدادي - في تمرير قيم حقوق الإنسان،
بشكل جدي وهادف؟]
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres