(EN ARABE) 8-Que signifie le drapeau amazighe?-8
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Windows)
الوعي بمفهوم الدولة الوطنية
9- من "ميثاق أكادير" إلى "نداء أكادير"
القسم الأول عبر الرابط الآتي
فإذ حصل كل ما ذكر في الحلقة السابقة تدريجيا بعد "ميثاق أكادير" (1991)، وفي العشرية الأخيرة على الأخص وبشكل حثيث ومكثف، فإن "نداء أكادير" الأخير (2012) قد نسخ نسخا سلفيا كل ما ورد في ذلك الميثاق. فإذ تحولت ماهية تلك الوثيقة من "ميثاق"، بما يفيده هذا المصطلح من معاني التوافق التعددي، إلى "نداء" بما يحمله هذا المصطلح من معاني "الدعوة" و"الاستنفار" الموجهة "للرأي العام الوطني والمغاربي والدولي"، فقد اختفى من نص تلك الوثيقة كل من مفهوم "الوحدة انطلاقا من التنوع" ومبدأ كون إنعاش وتطوير الأمازيغية "مسؤولية وطنية".
لقد استعاضت ديباجة ذلك النداء عن كل ذلك بإحالتها ليس على مجمل التوافقات التي تمت على المستوى الوطني في الميدان المعني، بقطع النظر عن تفاصيل وخصوصيات آليات تمامها، ولكن على "مختلف محطات النضال والعمل الأمازيغي، إضافة إلى البيانات والمواثيق والأرضيات والأوراق التي أنتجتها الحركة الأمازيغية بتعدد مكوناتها"، وعلى "وضعية الأمازيغية لغة وثقافة وهوية سواء في المغرب أو في تامازغا وفي بلدان الدياسبورا". ولقد ورد لفظ "تامازغا" (الذي سبق للأستاذ أحمد عصيد أن قال بأنه "لا يعني كيانا دولتيا أو مشروعا سياسيا") تسع مرات في نص ذلك النداء، جاعلا اليوم من كيان إثنو-جغرافي لا-وطني (أي "العالم الأمازيغي" على غرار "العالم العربي" مثلا) بُعدا أساسيا رسميا من أبعاد الخطاب السياسي الأمازيغي المغربي. بل إن نداء أكادير قد بلور وكرس رسميا كذلك مفهوما إثنيا جديدا، موازيا للكيان الجغرافي "تامازغا"، ألا وهو مفهوم "المُزوغة" (أي المقابل السيميتري لـ"العروبة" مثلا)، وذلك بالرغم من أن النص العربي لم يسمح بتلفيظ ذلك المفهوم لمجرد أسباب توليد اشتقاقي غير معهود. فالنص الفرنسي لـ"نداء أكادير حول الأمازيغية" يحمل عنوان (Appel d'Agadir en faveur de l'amazighitéé)، أي "نداء أكادير من أجل المزوغة". وقد تكررت كلمة amazighité في النص الفرنسي خمس مرات كمقابل للفظ "الأمازيغية" الملتبس معناه ومرماه في السياقات الخمسة المقابلة في النص العربي. وإذ كان "ميثاق أكادير الخاص بالحقوق اللغوية والثقافية" باعتباره وثيقة وطنية قد صدر موقعا من طرف ست جمعيات ثقافية مغربية (الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية (تاماينوت)، جمعية الجامعة الصيفية، الجمعية الثقافية لغريس (تيلـ'ـلّي)، جمعية إلماس الثقافية، الجمعية الثقافية بسوس)، فإن "نداء أكادير من أجل المزوغة"، ونظرا لطابعه "المافوق-وطني" أو "الماوراء-وطني"، بقي غفلا من التوقيع، مما عدا قول مقدته ما يلي:
"نظمت جمعية الجامعة الصيفية في دورتها العاشرة بأكادير، بتاريخ: 13 و14 و15 يوليوز 2012، ندوة دولية في موضوع: "تفعيل دسترة الأمازيغية: تحديات وآفاق". وقد حضر اللقاء فاعلون جمعويون ومثقفون وباحثون أكاديميون من مختلف مناطق المغرب، وكذا من خارج المغرب وخاصة من الجزائر وفرنسا وبلجيكا (...)؛ وفي ختام اللقاء أصدر المشاركون نداء أكاديرالمصادق عليه في الجلسة الختامية؛ وهذا نصه]
وإذ سبقت الإشارة إلى أن "أوجه ممانعة الدولة الوطنية تتراوح عادة، في تجاذب تكاملي، ما بين الدفاع عن المحلية الضيقة أو الجهوية من جهة، وبين الانخراط الأيديولوجي في مختلف أطر الأمميات والقوميات الطوباوية المنازعة لمشروعية الدولة االوطنية القطرية من جهة ثانية"، فقد تراوح خطاب نص "نداء أكادير" الأخير ما بين مطالبة محلية من قبيل "إنصاف المتضررين من عمليات التحديد الإداري لأملاك الدولة في إطار مقتضيات ظهير 3 / 01 / 1916 الخاص بنظام تحديد أملاك الدولة"، و"إقرار حق الساكنة في الاستفادة من ثروات مجالها الطبيعي (مثل المناجم والمياه والغابات وغيرها)، و حتى "إنصاف المتضررين من اعتداءات الخنزير البري أو الرعي غير المشروع" من جهة، وبين توصيات أممية في إطار كيان "تامازغا"، من قبيل العمل على "التعاون العلمي في مختلف المجالات المعرفية المتعلقة بالأمازيغية، وخاصة منها مجال اللغة؛ وذلك بهدف جمع وتدوين وتوحيد اللغة الأمازيغية على صعيد تامازغا"، وعلى التضامن "مع أمازيغ أزاواض في نضالهم المشروع من أجل دولة ديمقراطية حداثية" من جهة ثانية.
إن ظهور لفظي "تامازغا" (في مقابل "العالم العربي" مثلا) و l'amazighité (في مقابل "العروبة" مثلا) بشكل رسمي في آخر وثيقة من الوثائق التاريخية البارزة للحركة الأمازيغية بالمغرب (ميثاق أكادير 1991، بيان بوزنيقة 2000، نداء أكادير 2012) لهو وجه تأكيدي لما سبق أن قيل بشأن آليات ممانعة قيام الدولة الوطنية المركزية بصفة عامة، خصوصا إذا ما قامت تلك الدولة على أسس اختزالية؛ ذلك لما قيل أعلاه ما يلي:
[... كل هذه السمات تجعل في النهاية من أي إفضاءٍ نهائيٍ محتملٍ لتلك الآلية الرافضية عبارة عن استنساخ مضاد محتمل، عنصرا عنصرا على جهتي محور التماثل، لنفس الخطاطة الاختزالية الإقصائية للجهاز الدولتي الذي يخفق في توفير الشروط التعاقدية المشار إليها واللازمة لقيام الدولة الوطنية الحداثية، والذي تناهضه تلك القوى بمقتضى تعارض طبيعتيهما]
وفي إطار ما سبقت الإشارة إليه كذلك مما يطبع حركات ممانعة الدولة الوطنية القطرية بصفة عامة من أوجه هوَس رمزيات وشارات التميّـز (obsession de symbolisme distinctif) التي لا تقصد لذاتها باعتبار غائية واقعية عملية معينة في إطار حقوق وخدمات المواطنة لصالح مواطنين فعليين، بقدر ما تساق كمجرد تعبير وجودي عن ذاتية الحركة نفسها، لم يفت "نداء أكادير" أن يجعل في مقدمة، وعلى رأس مطالبه المستعجلة، ما يلي، في إطار وتحت عنوان "الانخراط المسؤول في تفعيل ترسيم الأمازيغية":
"اتخاذ الإجراءات والتدابير التمهيدية في مختلف المرافق العمومية القابلة للإنجاز في آجال قريبة (مثل التشوير وإدماج الأمازيغية في جواز السفر وفي البطاقة الوطنية وفي رخص السياقة وفي واجهات مختلف المؤسسات، وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية للترجمة الفورية من وإلى الأمازيغية في البرلمان وغيره من المرافق العمومية، مع استعمال الأمازيغية في محطات القطارات والمطارات وفي الخدمات بالطائرات والقطارات والبواخر وفي رؤوس الأوراق الإدارية (en-têtes) ، وغيرها)".
هذا في الوقت الذي تيّسر فيه بسرعة فائقة إصدار نص "نداء أكادير من أجل المزوغة" بكل من العربية والفرنسية والإنجليزية، بينما لا يُعرف لماذا لم يصدر بعدُ لحد الآن (15 غشت 2012) نصُّ ذلك النداء بالأمازيغية إذا ما كان سيتم يوما التوصل إلى صياغته كنموذج من نماذج وثيقة رسمية أمازيغية مصادق عليها من طرف مختلف "الفاعلين الجمعويين والمثقفين والباحثين الأكاديميين من مختلف مناطق المغرب، وكذا من خارج المغرب وخاصة من الجزائر وفرنسا وبلجيكا "
خلاصة القول في تفرعات الحديث عن دلالات "العلم الأمازيغي"
هذه التفاصيل، المتتبعة لتطور الخطاب الأمازيغي في المغرب، الذي انتهى من خلال "نداء أكادير" الأخير إلى وجه سيميتري مقابل لنفس الاختزالية الهوياتية التي كانت سائدة كسياسة عمومية، والتي كان "ميثاق أكادير" قد نبه إلى مناقضتها للتاريخ وللواقع، هي ما يعطي في النهاية معنى ملموسا لما قيل سابقا بشأن طبيعة قوى مقاومة التغييرات التاريخية الملازمة لإقامة أسس الدولة الوطنية القطرية الحداثية، وذلك حين قيل أعلاه ما نعيده نصه في ما يلي:
[بالرغم من المظهر المجدد لبعض المفاهيم التي تفيض ثانويا وسطحيا عن مختلف استراتيجيات توظيف الخطاب كآلية من آليات الممانعة، فإن تلك الآليات، في عمق وجوهر وظيفتها، تعبيرٌ بطرق مختلفة عن أوجه متنوعة من أوجه المحافظة التاريخية باعتبار أن إنجاز إقامة الدولة الوطنية الحداثية وفق الشروط اللازمة المشار إلى بعضها أعلاه إنجاز تاريخي مهمّ في مجتمع من المجتمعات. وبالرغم من صلابة القوة الذاتية للمحافظة ومقاومة التغيير كمنطق عام، فإن مختلف قوى هذه الآلية، باعتبار أنها إنما تمثل تحالفا موضوعيا ظرفيا لأطياف التضامنات الداخلية (solidarités internes) العتيقة للمجتمع القديم (مجتمع مجالات الأنماط الزراعية/الرعوية)، المتناقضةِ مصالحُها الخاصة تاريخيا مع مصلحة جهاز الدولة المركزية كيفما جوهره السياسي، وباعتبار تلك الآلية في جوهرها مجرد ردود فعل رافضية، أقول: فإن مختلف تلك القوى تبقى رغم كل ذلك قوىً تفتقر، بحكم طبيعتها تلك، إلى التجانس العضوي فيما بينها، ولا تتوفر تبعا لذلك على أي تماسك بنيوي وفكري يخترق ويتنظم مجمل المجتمعَ في إطار ترابي موصوف مؤسسيا، بشكل يؤهلها، كقوة اجتماعية وفكرية، لطرح بدائل أكثر تماسكا وعقالنية وترشيدا من النموذج الدولتي الذي تقاومه بالرمزيات، والذي يشكل قيامُه نقيضَها الأساسي المرحلي، المعلـِّـق في مرحليته لتناقضاتها البنيوية الداخلية.]
ذلك التتبع، الذي انطلق من معالجة الباحث أحمد عصيد للتساؤل حول دلالات العلم الأمازيغي، تتبُّعٌ قد اعتمد على رصد وتقصي الأحداث والوقائع، وعلى تحليل الخطاب، وكذا على نتائج دراسات وصفية وتحليلية تناولت أوجها كثيرة من أوجه المسألة الأمازيغية في إطار العلوم الإنسانية المعنية وبمناهجها. وبالرغم من أن الطابع الصحفي التعميمي لتحرير نص هذا التتبع قد فرض تجنب تفاصيل توثيقات البحث الأكاديمي بمسطرية مراجعه وإحالاته المعيارية، فإن الغاية منه هو تقديم نموذج لما يتعين أن تكون عليه الأمور لتجاوز ما تمت الإشارة إليه سابقا من وجود قطيعة إبستيمولوجية تامة في خطاب الفكر المغربي المعاصر ما بين الدراسات السوسيو-لوجية والأنثروبولوجية على قلتها من جهة، والدراسات السياسية من جهة ثانية. إن من شأن ذلك التجاوز أن يكون مفيدا ليس فقط بالنسبة للبحث العلمي المجرد، باعتباره قيمة ترقوية فكرية في حد ذاته، ولكن كذلك بالنسبة لترقية الأيديولوجيا نحو الانتقال من لحظة فكر التناقض الثنائي التضادي الإقصائي المطلق بين الأطروحة ونقيضها إلى لحظة فكر التركيب بين طرفي التناقض في أطروحة جديدة جامعة لجوهريهما ومتجاوزة في نفس الوقت لتناقضيتهما، وكذا لترقية الفعل الحركي الملموس نفسه، نتيجة لذلك، على صعيد الممارسة والتعامل التدافعي مع الواقع، وذلك بفضل فهم أكثر عقلانية وأقل عاطفية لآليات الدوافع العميقة الكامنة وراء كل أطروحة وتحت مظاهرها الفينومينولوجية التي يشكلها الخطاب الملموس والمواقف الملموسة على الصعيد السطحي.
-----------------------
(3) في عرض له بعنوان "الأمازيغية والعلوم الاجتماعية في المغرب" كان قد قـدمه يوم 8 ماي 2004 في ملتقى نظمته "الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" بمقر "وكالة المغرب العربي للأنباء" بالرباط، بين الباحث، عبد الحي المودن، كيف أن الحركة الأمازيغية بقيت لحد الآن، سواء كذات منتجة للخطاب، أم كموضوع لإنتاج خطاب تحليلي واصف، رهينة ما أسماه الباحث بـ"الخطاب الشعبي"، ولم يُطوَّر بشأنها لا خطاب رفيع في فلسفة الأخلاق والمدينة، ولا دراسات واصفة وتحليلية متقيدة بمقولات ومناهج االعلوم الإنسانية المعنية (سوسيولوجيا، أنثروبولوجيا).
والحقيقة أن الحركة الأمازيغية على الأخص، من حيث هي ذات منتجة للخطاب، قد تميزت، في السنين الأخيرة أكثر من غيرها من الحركات الجماهيرية، ليس فقط بإهمال الجانب الفلسفي والعلمي، بل بنوع من التضايق والاحتقار والرفض لقيمة كل ما يمت في الموضوع إلى ذلك بصلة، وذلك إلى درجة أن أدبياتها قد ابتدعت مصطلحا قدحيا للتنقيص من قيمة الفلسفة والعلوم المعنية؛ إنه مصطلح "الأكاديماوية" الذي يَعتبر الطابع المتجرد للفكر الأكاديمي برودة ونزوعا رجعيين يهددان حرارية النفس النضالي للحركة. وهذا وجه آخر مفارق من أوجه طابع المحافظة الثاوي لدى تلك الحركة.
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres