(EN ARABE) 4-Etat civil au Maroc: quel rôle pour l'intellectuel aujourd'hui?
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS/AUTRES, puis sur ARABE(Windows).
الدولة المدنية وشروط قيامها
4- دور وظيفة "المثقف" وموقعه اليوم في المدينة
في عموده الأسبوعي الأخير بصحيفة "العرب" اللندنية (12 مارس 2014)، نشر الأستاذ شرف الدين ماجدولين نصا بعنوان "السياسة والأدب والصمت"، تناول فيه علاقة خطاب المبادئ والقيم في فضاء مؤسسة المدينة (أي، كل ما يتعلق بقيم الحقيقة، والحق، والجماليات) بالممارسة السياسة فيها. وقد ختم الكاتب عموده القصير بقوله: [أسُوق كل هذا الكلام عن الأدب والسياسة والصمت، عزيزي القارئ، لأجيب عن سؤال إنكاري طالما طـُرح في الآونة الأخيرة، عن "صمت المثقفين العرب" بصدد هذه المأساة أو تلك من المحن والكوارث الإنسانية التي أعقبت ما سمي بالربيع العربي؛ حيث أجد أنه صمت ذو كنه سياسي (وهو صمت نسبي طبعا). وفي شتى الأحوال، هو صمت للبقاء خارج السياسة وللبقاء في نطاق الأدب. والنتيجة هي أنه بات خارجهما معا، وخارج الأخلاق] (انظر النص هــنــا).
وقبل ذلك بأسبوع (3 مارس 2014)، وفي عودة، تأملية هذه المرة، إلى حدث رحيل المفكر وعالم الاجتماع المغربي، المرحوم محمد كًسوس، نشر الأستاذ عبد الجليل الحجمري في الصحيفة الإليكترونية Quid.ma نصا بالفرنسية له علاقة تكامل مع بالسابق؛ وترجمة عنوانه هي: "لكن، يا تُرى، من قد يصبح له بمثابة أفلاطون؟". الضمير في السؤال عائد على المرحوم محمد كًسوس، بينما وظيفة أفلاطون المشار إليها فيه تحيل على كون أفلاطون كان هو الذي أسس الأكاديمية، وجمع تعاليم أستاذه سقراط التي بقيت شفهية طيلة حياته، فدونها أفلاطون وروّجها بعد تنفيذ حكم الإعدام في حق أستاذه بتهمة إفساد عقول الشباب وإنكار وجود آلهة الأولمب. وقد ورد في النص المذكور ما يلي:
[لقد قيل كل شيء من خلال كلمات التأبين المؤثرة، والشهادات الحزينة، التي حركت مشاعرنا جميعا غداة رحيل وميلنا وصديقنا سّي محمد كسوس (...)؛ فما عسى أن أضيف إلى ذلك الإجماع الهائل على التحميد والتنويه؟ (...). أكيد، هناك بعض الأصوات النشاز التي تنطلق من تفكير مضبّـب ومُغرض. أقصد بعض الكتابات التي تقارن الراحل بسقراط؛ وهي الكتابات التي استرعت اهتمامي. فإذْ يوجد هناك ما يبرر إجراء مثل تلك المقارنة في مجملها، فإني أتساءل مع نفسي: "لكن، يا تُرى، في هذه الحالة، من عسى أن يصبح له بمثابة أفلاطون؟" (...). كنّا قد التحقنا معا بكلية الآداب بالرباط في نفس السنة (1969)؛ كان هو من أجل تدريس مادة كانت تبدو مشاغبة (السوسيولوجيا)؛ أما أنا فقد التحقت بها قصد تدريس مادة غير ذات بأس. ربطتني إليه على التو علاقة تقدير قوية قوامها الصداقة والإعجاب؛ ولكني لم أجرؤ يوما على أن أفصح له عما كان يشغل بالي في شأنه؛ أعني: "لماذا كان، كما كان، متمردا إلى تلك الدرجة ضد الكتابة، على غرار ما كان عليه سقراط؟"].
وقبل أن يعود الأستاذ االحجمري إلى الختم بتعداد مناقب الفقيد، وخصاله الإنسانية والأخلاقية، وطول باعه المعرفي، وإيمانه بأن "من شأن العلم أن ينير طريق السياسة، وأن من شأن العمل السياسي أن يغني العلم"، وبعد أن تحدث عن حسّه التربوي البعيد المدى الذي جعله لا يغادر الكلية كما غادرها زملاء له على إثر "الإغلاق المؤسف" لمعهد السوسيولوجيا، ذلك الحس الذي يبدو أن الفقيد كان يراهن انطلاقا منه على إمكانية أن يظهر من بين أجيال طلبته من يقوم بوظيفة أفلاطون بالنسبة لسقراط، فيعمد إلى ما بثه أستاذه شفهيا من معرفة ليتنشله بالتدوين والكتابة من حالة الشفهية المعرّضة بطبعها للتبخر، قبل كل ذلك، أشار الكاتب إلى فكرة جوهرية نسبها إلى فقيد السوسيولوجيا المغربية الآخر، بُول باسكون، الذي قال (بالمعنى لا بالحرف حسب الكاتب) ما يلي في شأن منهجين من مناهج السوسيولوجيا والعلوم الإنسانية عامة، كانا يتعارضان، ويغلب أحدهما على الآخر في ذلك الجيل: [إن منطق مختبر البحث منطق يتعارض مع منطق الخلية الحزبية؛ وهو لا يصلح لهذا الأخير، ولا يتوافق معه، ولا يمكن أن يندمج فيه]. وقد علق الكاتب على ذلك القول بقوله:
[إن الذي حظي في النهاية بتصديق مستقبل الأيام له هو بُول باسكون. فجميع الباحثين الذي تحولوا إلى سياسيين، وسواء أأفلحوا أم أخفقوا، قد حرموا جامعة بلدنا من قفزة نحو الأمام، كان بإمكانها أن تكون حاسمة في سباقنا نحو الحداثة] (النص الكامل هــنــا).
معالجتا كل من الكاتبين لمسألة المساحة المتأرجحة للمفكر ما بين دائرة الأخلاق والجماليات والإنسانيات عامة من جهة، ودائرة الممارسة السياسية بمختلف أوجهها ودرجاتها من جهة ثانية، معالجتان متكاملتان؛ اتخذت الأولى طابعا عاما شديد الإيجاز، واتخذت الثانية طابعا تشخيص حالة (case study) بشكل أكثر تفصيلا، وتلتقيان معا في تقويمهما الضمني لتجربة جيل كامل من الأجيال، هو جيلنا كذلك إلى حد ما؛ ذلك الجيل الذي ولج إلى الساحتين الفكرية والسياسية في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، جيل كان مذهب مدبّري الشأن السياسي فيه هو الحذر من الحركة الفكرية في المدينة، بل إساءة الظن بدورها؛ وكان مذهب مفكريه هو اتخاذ حركة الاجتهاد في دائرة الأخلاق والجماليات والإنسانيات عامة حصان طروادة نحو الفعل السياسي، حتى إنهم نحتوا مصطلح "الالتزام" حينئذ حتى في باب الجماليات الإبداعية كمفهوم من المفاهيم النقدية الأكاديمية في إطار نظرية "المثقف العضوي". وإذا ما صحّ ما ورد في "باب في أن العلماء أبعد الناس عن [التوفق في ممارسة] السياسة" من مقدمة ابن خلدون، وصحّ أن اجتماع قلبي المثقف والسياسي في جوف امرئ واحد أمر لا يحصل أبدا، إلا عرَضا من خلال أشخاص هم سياسيون بالأساس وأوتوا، إلى جانب ذلك، نصيبا من الثقافة والمهارة الخطابة يسخّرونه في ممارسة السياسة، فلا غرو إذن، بعد أن انتهت مغامرة الجيل إلى ما انتهت إليه بحكم منطق التاريخ، أن يلوذ اليوم مثقفو ذلك الجيل المذكور بصمت يجد الاستاذ ماجدولين أنه صمتٌ ذو خلفية تجربة سياسية استخلص منها مثقفو ذلك الجيل، بعد حين من الدهر، ضرورة بقاءهم خارج السياسة، فإذا بهم وقد باتوا خارج دوائر الممارسة السياسة، ووظيفة المثقف، والمسؤولية على السواء، حسب ما فهمت من المقالين.
فالمثقف بصفة عامة قد أضحى حينئذ "مثقفا عضويا" في حركة. أي حركة؟ إنها "حركة التغيير" في "معركة المصير". تغيير ماذا؟ إنه "تغيير الأوضاع". وقد باتت مهمة ذلك "المثقف العضوي" في إطار شعار "الالتزام" متمثلة ليس في إنتاج وتطوير أشكال الإبداع الفني إذا كان مجاله هو الإبداع، ولا في تهذيب الأذواق الفنية والجمالية والرقي بها إذا كان مجاله هو النقد، ولا في توفير المعرفة بآليات اشتغال مختلف أوجه الواقع الاجتماعي إذا كان المثقف باحثا في الإنسانيات، ولا في أي تطوير عقلاني لبعد من أبعاد النظريات الأخلاقية أو المعرفية إذا كان المثقف مفكرا فيلسوفا. إن تلك المهمة قد باتت حينئذ تتمثل في "توعية الجماهير" بـ"حقيقة الأوضاع المزرية" وإعداد مشاتل من وخلايا وكتائب من المناضلين من مختلف الدرجات قصد "خوض غمار معركة التغيير" في يوم من الأيام.
وقد بلغ ذلك المفهوم الذي تم تكوينه عن وظيفة المثقف من القوة، أنه حتى في مجال الإبداع ونقد الإبداع، الذي كانت تغلب عليه حينئذ القصيدة ونقد القصيدة (ودعك عن مجالات علوم الأخلاق والمجتمع) نظرا لكون السينيما لم تبرز بعدُ ولكون الفن التشكيلي وحتى المسرح يتحركان حينئذ خارج المواكبة النقدية بمفاهيمها ومصطلحاتها ونظرياتها، لقد بلغ ذلك المفهوم من القوة إلى درجة أن جميع التدافعات الإقصائية التي كانت تحرك فئة المبدعين والنقاد داخل اتحاداتهم وأطرهم المهنية كانت تقوم دائما على أسس الانتماءات التنظيمية السياسية، ولم يقم أبدا وجه منها على أساس وجه من أوجه نظريات الأشكال الفنية المعنية.
ومن الجزئيات التي أتذكرها، بالنسبة للكيفية التي انعكست بها تلك التصورات على ساحة الدراسات الأدبية خاصة، التي كانت مجال تكويني الجامعي الأول، هو أن كل ذلك القلق المنهجي كان قد دفع بي سنة 1980، لما بدأت بوادر الأزمة تلوح في أفق تلك الساحة على شكل ما كان يتردد كثيرا تحت عنوان "أزمة النقد"، إلى تحرير مقال مطول ختمت به مشواري القصير في ذلك المجال؛ وكان المقال يحمل عنوان: "أزمة نقد أم أزمة أدب؟". كان مقالا ضمنته تشخيصا مفصلا لما تم تلخيصه أعلاه في الفقرتين الأخيرتين. وقد بعثت به حينئذ إلى زميلي الاستاذ والشاعر محمد بنيس، الذي كان يصدر مجلة "الثقافة الجديدة"، فتم نشره بها (عدد 16؛ 1980؛ ص:54-86) بعنوان بديل لطفته المجلة بمبادرة منها بصيغة: "من النقد إلى الأدب".
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 347 autres membres