OrBinah

(EN ARABE) 9-Des lois organiques sur les langues et la culture

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menuen haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

ورش اللغات والثقافة

11- عن اللغات النفعية

 

القسم الأول عبر الرابط الآتي:

 https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9721204-_en_arabe__1_des_lois_organique_sur_les_langues_et.html

كما هي القاعدة السوسيو-لغوية في الميدان، في كل زمان ومكان، المغرب كان وما يزال قطرا متعدد اللغات، لغات ذات وظائف مختلفة تتطور حسب عوامل التاريخ، وذلك منذ ظهوره ككيان سوسيو-سياسي على صفحة الحقبة التاريخية. ومن منطلق الواقع الأنثروبو-لغوي الموضوعي الراهن لهذا الكيان، وكذلك باعتبار نص وروح الدستور الجديد  للمملكة المغربية، الذي ترجم ذلك الواقع، تنقسم اللغات المتداولة في المغرب إلى فئتين وظيفيتين: (أ) اللغات الهوياتية، التي هي نفعية في نفس الوقت باعتبار وظائفها التواصلية والإدماجية في قطاعات ومستويات مختلفة؛ ويتعلق الأمر بأوجه الأمازيغية وبأوجه ومستويات العربية، وكذا الرافد العبري،  ثم (ب) اللغات المحض نفعية، أي اللغات الأجنبية.

فإذ سبق أن تم تناول اللغات الهوياتية في الحلقات السابقة من جهة، وإذ تناوبت اللغات النفعية المحض في الحقبة التاريخية، حسب تقلبات برصة السوق اللغوية العالمية والإقليمية، من البونيقية (وجه شمال-إفريقي من أوجه الفينيقية)، إلى الإغريقية، ثم اللاتينية، ثم اللغات الرومانية الجنوبية (إسبانية وإيطالية)، ثم الفرنسية منذ النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وأخيرا الإنجليزية منذ الستينات من القرن العشرين ("بعثة السلام"، ثم "اللجنة المغربية الأمريكية للتبادل الاقتصادي والثقافي") من جهة ثانية؛ وإذ في إطار تلك التعددية اللغوية التاريخية بالضبط ساهم الكيان المغربي بكل ما ساهم به عبر التاريخ في صرح الفكر والحضارة الكونيين، فإن أبرز اللغات المحض-نفعية، في اللحظة الراهنة بالمغرب، بمقتضى تطورات نفس تلك السوق اللغوية العالمية في العصور الحديثة، هما اللغة الفرنسية ثم اللغة الإنجليزية.

          وفي هذا الإطار، فإن اللغة التي تنافس في بعض الميادين بالمغرب كلا من اللغة العربية والأمازغية منافسة حقة هي اللغة الفرنسية، تماما كما تفعل ذلك اللغةُ الإنكليزية في أقطار أخرى من رقعة استعمال العربية؛ وذلك خصوصا في ميادين التعليم من الأساسي إلى الجامعي الأولي، وفي الادارة، والاقتصاد والمالية، والمرافق السوسيو-اقتصادية، ووسائل الاتصال. أما على مستوى البحث العلمي والتكنولوجي فليس هناك منافسة بين اللغتين الفرنسية والعربية في المغرب لحد الآن، ولا بينها وبين الإنجليزية في أقطار أخرى من رقعة استعمالها. وذلك، من جهة، باعتبار أن اللغة العربية لم تصل بعد، حتى الآن، إلى مستوى التأهل العلمي الفعلي على أرض الواقع وذلك بمقاييس نوعية ما تنتجه وتحمله وتنقله حتى الآن من رصيد معرفي بالقياس إلى مؤشرات سوق تبادل البحث العلمي الحديث، وباعتبار ما تتـوفر عليه من ترسانة مصطلحية مصقولة ومتقاسمة ورائجة للتعبير عن ذلك الرصيد وتبليغه. ومن جهة أخرى، ليست هناك منافسة علمية بين تينك اللغتين (العربية والفرنسية) في المغرب، ولا في غيره، نظرا لأنه، ابتداء من مستوى متقدم معين من مستويات البحث العلمي المتطور، في جميع حقول المعرفية، بما فيها العلوم الإنسانية (لسانيات، سوسيولوجيا، إنسيات)، أضحت الإنكليزية منذ عقود هي الرائدة والسائدة على نحو متزايد، وذلك في المغرب وفي غيره من بلدان العالم، بما في ذلك فرنسا نفسها.(1)

غير أنه، بالرغم من المنافسة الميدانية المشار إليها أعلاه، ولا سيما في ميدان التعليم والتواصل، ولاعتبارات تاريخية خاصة بمسيرة تطور المغرب المعاصر، تظل اللغة الفرنسية عمليا إلى حد الآن، وفي حدود مستويات معينة من مستويات التحكم في المعرفة والتواصل، أداةً للتواصل ونقل المعارف، استطاعت بواسطتها أجيال من النخبة المغربية إجمالا، منذ بعثات أواخر القرن 19 إلى باريس، أن تنفتح على العالم وعلى الفكر الكوني الحديث. وقد كانت اللغة الفرنسية منذ ذلك الحين القناة والوسيلة اللتين أتيح بواسطتهما نقل وتوطين الأفكار الرئيسية من الرصيد المعرفي الكوني الحديث في العلوم، والفلسفة، والآداب، والسياسة، والاقتصاد، والإدارة، إلى حيز الفكر المغربي في إجماله، الذي تمكن بفضل ذلك من أن يتلمس سبيل الحداثة أكثر من غيره في ببيئـتـه الإقليمية. وتظل تلك اللغة بالتالي على رأس اللغات النفعية في الزمن الحديث بالنسبة إلى المغرب في مستويات وسطى معينة، وإن أضحت للإنجليزية المكانة الأولى في المستويات المتقدمة؛ كما تظل أيسر تلك اللغات النفعية اكتسابا بأقل كلفة عمومية بالنسبة إلى أطر الدولة في تلك المستويات. كما أن اللغة الفرنسية هي اللغة المتجذرة، أكثر من غيرها، في الأرشيف والمحفوظات المتعلقة بالمغرب سواء منها ما بقي داخل الوطن أو ما تم ترحيله؛ وهي اللغة الحاملة والناقلة، أكثر من غيرها، لمجمل رصيد أولى المعارف العلمية الحديثة المتعلقة بالمغرب في مجالات الطبيعة (جغرافيا، جيولوجيا) والإنسان والمجتمع (بشريات، لغويات أركيولوجيا) من كل ما لا يزال ينتظر إعادة النشر والترجمة قصد تملكه تملكا واعيا، في أطار ورشة تأسيس سوق وطنية للتبادل العلمي في مجال العلوم الإنسانية (أعمال دوتي، مولييراس، باصي، مارسي، ماسينيون، بيرك، باسكون، كالان)، وذلك بما يمكّــن من استيعاب تلك المادة الدراسية الميدانية استيعابا محيّنا حداثيا قصد فهم الأوجه الجديدة لتجلي آليات سوسيو-اقتصادية وسوسيو-ثقافية وسوسيو-سياسية قديمة متجذرة (العلاقة بين البادية والحاضرة، مختلف أبعاد وأوجه تأسيس المشروعية السياسية). كما لا تزال تلك اللغة بالنسبة للمغرب أداة لا يمكن الاستغناء عنها في باب التبادل الاقتصادي في محيطه الأورو-متوسطي التقليدي وفي باب التواصل الديبلوماسي والتبادل الاقتصادي في محيطه الإفريقي المباشر برمته، الذي أصبحت تلك اللغة لغة وطنية رسمية في كثير من أقطاره، تمكنت الديبلوماسية والمقاولة المغربية بفضلها من أيجاد موطئ قدم لهما فيه.

أهمية اللغات متحركة في السوق العالمية للغات :

لائحة اللغات من ذوات أهمية عالمية أو إقليمية معينة، وكذا سُلّمية تلك الأهمية ليستا مما هو قار ومعطى بالإطلاق إلى الأبد. فالآرامية كانت حاملة للفكر العلمي والفلسفي من إيران إلى شمال أفريقيا، وذلك دون أن تكون وراء انتشارها قوة عسكرية؛ وكذلك كان الشأن بالنسبة للإغريقية في شمال أفريقيا. والفارسية اليوم، وكذا التركية،  أصبحتا متحركتين من حيث أهميتهما الإقليمية بعد المستجدات الأيديولوجية والجيو-سياسية التي طبعت الربع قرن الأخير. وكذلك الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، والألمانية، لم يعد لكل منها نفس الترتيب من حيث الأهمية والانتشار والقطاعية (علوم طبيعية ورياضية، أدب وفلسفة، دبلوماسية، اقتصاد) الذي كان لها في بداية القرن العشرين. ولذلك تصور الميثاق الوطني للتربية والتكوين (المادتان 117، 118 من الركيزة التاسعة) تلقين تلك اللغات على شكل برامج نظامية، أو مَصُوغات ومجزوءات خارج-نظامية (modules hors curricula) حاملة لمضامين (علمية أو ثقافية) يتم تحديدها حسب حاجيات ظرفية معينة وقاطاعات معينة، وتخضع لمراجعات دورية تأخذ بيعن الاعتبار تطور تلك الحركية وتلك الحاجيات  حسب تطور الظرفيات.

وهذه الآن بعض مهام وحاجيات الزمن والفضاء المغربيين في المديين، المتوسط والبعيد،  مما له تعلقٌ بسياسة اللغات الأجنبية:

ü    مهمة اللحاق بقافلة النهضة العلمية وتأسيس بؤر مندمجة لإنتاج ونقل وترويج المعرفة العلمية (المرشح حاليا: انجليزية، فرنسية، ألمانية، الخ)؛

ü    مهمة إعادة تأهيل الاقتصاد، والديبلوماسية، والإعلام، واكتشاف أسواق جديدة، وآفاق ديبلوماسية جديدة للتلاؤم مع المعطيات الاقتصادية، والجيوسياسية، والأوفاق العالمية والجهوية المستجدة (تضاف هنا: الاسبانية بسعة انتشارها، التركية بنفوذ تطورها السياسي والاقتصادي الجهوي، والعبرية الحديثة ذات نفس الخصائص على المستوى الجهوي، الخ)؛

ü    مهمة إعادة تجديد وتأهيل الوعي الديني ومقارنة الأديان على ضوء المستجدات الأيديولوجية التي طبعت العالم منذ انتهاء الحرب الباردة وعودة ظهور الفرق المذهبية الدينية كأطر للسياسة فاعلة قطريا، وجهويا، عالميا، وما يتطلبه ذلك التجديد من تأسيس علوم مقارنةِ الأديان (فيلولوجيا الصحف الأولى، تحقيق الكتب المقدسة، الفِرَق والملل والنِحَل، لفائف البحر الميت، الخ.) على ضوء تطور العلوم الإنسانية وتطور فلسفة الأخلاق والاستخلاف في إطار العولمة والكونية. وتحتل هنا العبرانية –وهي وجه من أوجه الرافد العبري للهوية المغربية- مكانة خاصة، وتضاف إليها اليوم الفارسية لما أصبح للحركة الشيعية من نفوذ سياسي وأيديولوجي، ولإيران من نفوذ جيوسياسي جهوي واسع.

ü    مهمة تأهيل اللغات الوطنية وتدبير مجالاتها ووظائفها في علاقة ذلك بأوجه القرابة الصنافية (typologique) والتاريخية (génétique) بينها وبين لغة مثل اللغة العبرية، وبالتجربة العلمية لهذه الأخيرة في ميدان التأهل الذاتي والتخطيط اللغوي الإحيائي بعد قرون من التحجر في قوالب الوظيفة القداسية؛

ü    مهمة إعادة تملك التراث المغربي-الأندلسي في ميادين علوم اللغة والأدب والفلسفة والطبيعة، المحقـّق منه وما لا يزال مخطوطا وللعبرانية (لغة وحرفا) وكذلك مهمة ردم ثغرات المعرفة الانثروبولوجية والسوسيو-اقتصادية والاثنو-ثقافية والفنية والموسيقية لتاريخ المغرب باعتبار أن أوجها هامة من التواريخ القطاعية المغربية مؤلفة باللغة العبرانية أو بالعربية المهودة (judéo-arabe) المدونة بالحرف العبري. وللعبرانية (لغة وحرفا)  في هذا الباب كذلك وظيفة جد متميزة؛

يتعين إذن، اعتبار كل ما سبق أثناء تحديد الأوجه الملموسة الحالية للاعتبارات العامة، التي أسس عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين رسمَ تصوّر تدبير الشأن اللغوي عامة في المغرب، وشأن اللغات الأجنبية خاصة، تلك الاعتبارات المتمثلة فيما يلي (ص. 50؛ الركيزة 9 ؛ ترجمةً عن النص الفرنسي) :

·      تعدد الروافد المساهمة في إخصاب تراث البلاد؛

·       الوضعية الجيو-ستراتيجية للبلاد كملتقى حضارات؛

·      علاقات الجوار في أبعادها المغاربية، والإفرقية، والأوروبية؛

·      متطلبات إدراج البلاد في آفاق الانفتاح والاتصال على الصعيد الدولي؛

·      ضرورة التحكم في ناصية العلوم والتيكنولوجيا المتقدمة؛

 

والخلاصة هي أن اللغاتُ الأجنبية، باعتبارها وسائل، ووسائط، وأدوات، لا تطلب لذاتها كمقاصد وغايات؛ وإنما تُطلب لما تحمله من مضامين مما تدعو الحاجة التنموية إليه في فترة معينة من فترات تطور بلد ما؛ فهي لغات نفعية. ولذلك ربط الميثاق الوطني للتربية والتكوين تعليم اللغة الأجنبية بمجزوءات ذات مضامين تُمكّن من تحصيل اللغة المعينة في أفق استعمالات وظيفية متصوّرة سلفا حسب وضعية اللغة المعنية عالميا وجهويا، وبالقياس إلى علاقاتها التاريخية أو الحاضرة بتاريخ المغرب، أو بحاضره، أو بآفاقه المستقبلية. تقول المادة 117 من الركيزة التاسعة:

"ستعمل الجامعات وسائر مؤسسات التعليم العالي [في إطار عشرية تدبير اللغات الأجنبية] على توفير مجزوءات تكوينية في اللغة العربية وفي اللغات الأجنبية مرتبطة بمضامين علمية أو تكنولوجية أو ثقافية من شأنها أن تجعل التحصيل منفتحا على استعمال وظيفي".

-----------------

(1) عمل صاحب هذا المقال أربع مرات كباحث بالمركز الوطني للبحث العلمي بباريس منذ 1986 كان حصيلتها كتابان في علم الأصوات اللغوية و15 مقالا منشورا في دوريات متخصصة. وليس من بين كل ذلك سوى مقالين حررا ونشرا بالمفرنسية، أما الباقي فهو بالإنجليزية؛ ذلك أن سياسية الحمائية الفرانكوفونية لا تطبق في ميدان البحث العلمي الذي تهدف سياسته هناك أولا وقبل كل شيء إلى إنتاج المعرفة في مختلف مؤسسات البحث، والسبق إلى تسجيلها ونشرها على أوسع نطاق.



28/03/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres