OrBinah

(EN ARABE) 2-La société marocaine, est-elle corrompue-2

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

 

هل المجتمع المغربي مجتمع فاسد؟

2- الحصانة

 

انطلاقا من تقديم السيد عبد السلام أبودرار، رئيس "الهيئة المركزية لمقاومة الرشوة" لعرض بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء (11 فبرار 2012)، حيث عرّف الجمهورَ بالمفاهيم الحقوقية والقانونية لسلوك الارتشاء والإرشاء، وبحالة المجتمع المغربي في هذا الباب على جميع المستويات، الرسمية الإدارية العمومية، والمدنية، والمقاولاتية، رابطا كل ذلك ليس فقط بالنظم السياسية والإدارية والسوسيو-اقتصادية القائمة، ولكن كذلك بنوعية القيم الثقافية السائدة، في علاقة هذه القيم بمضامين المنظومة التربوية في مختلف فضاءات التنشئة (بيت، مدرسة، جامعة، فضاءات دينية، الخ)، طرَحَ نصُّ الحلقة السابقة سؤالا حول ما إذا كان المجتمع المغربي قد مأسَسَ سلوكَ الفساد بشكل يجعل هذه الظاهرة تتوفر في الذهنية على نظام يجعلها تعيد إنتاج نفسها.

وتلخيص سيميولوجيا النظام الفكري المحرك لتلك لآلية ذلك النظام هو أن الارتشاء خاصة، والفساد عامة، لم يعد في الأذهان سُبة أخلاقية بمقتضى العقل الأخلاقي؛ فقد أصبح في تلك الأذهان حقا من حقوق المتورط فيه بما أن هذا الأخير يعتقد بأنه ليس وحيدا في ممارسة ما يمارسه، وبأنه من المفارِق للعقل أن يَـنهى المجتمعُ من خلال قوانينه عن سلوك ويأتيَ مثـلـَه في إجماع مُعبَّـرٍ عنه بالتقسيط واحدا واحدا على مستوى الأفراد؛ وبذلك يصبح الابتزاز، عن طريق التهديد بتوسيع دائرة الفضح، نهجا مطردا لدى المتورطين ممن يحصل أن تُحرّك ملفاتهم.

وبقطع النظر عن دور مؤسسات التنشئة التربوية الأساسية في هذا الباب، مما يمكن العودة إليه لاحقا، فإن الحقيقة هي أن هذه المأسسة لآلية الفساد تتعدى دائرة الوعي الأخلاقي على مستوى الفرد إلى مستوى اشتغال المؤسسات الجمعية، وفي مقدمتها التنظيمات الحزبية التي تؤطر المواطنين بعد تنشئتهم في المدرسة والبيت والجامعة؛ وبذلك يصبح الأمر آلية جمعية وليس مجرد شعور أخلاقي فردي. ذلك أن هذه التنظيمات ما تزال أوجهها التنظيمية الجمعية تشكّل جوهرها، وذلك على حساب هوياتها الأخلاقية والفكرية التي تصوغها أدبياتها المؤسِّسة، متى ما كانت هناك أدبيات من ذلك القبيل. أي أن الهوية العشائرية، في تلك التنظيمات، ما تزال مقدَّمة على الهوية الأخلاقية والأيديولوجية؛ أي أن تلك الهوية التنظيمية الجمعية ما تزال وسيلة وغاية في نفس الوقت، بدل أن يكون تحقيق القيم هو الغاية.

وهكذا، فما أن يتم مثلا  تحريك ملف فساد في حق فرد من الأفراد، حتى تهب عشيرته السياسية لتقدِّم الأمر، بشكل مسبق ومن حيث المبدأ، وحتى قبل التحقيق والمحاكمة، بأنه مجرد مؤامرة تستهدف التنظيم السياسي المعني الذي يكون ذلك الفرد قد انتمى إليه. وإذ تحريكُ الملفات، بمختلف أشكاله ومستوياته، إنما يتم، من الناحية العملية، على يد طرف موصوف ومسمى بعينه (صحيفة، مكتب حسابات، نيابة عامة، طرف مدني مسمى)، فإن آلية إضفاء طابع المؤامرة على ذلك التحريك تتمثل في الحديث، في ما يتعلق به، عن فعل ماهيات عنـقائيـة، تُـذكر وليس لها مرجع مدني موصوف ومسؤول. قد يعبر عن تلك الماهيات بـ"خصوم الديموقراطية"، أو بـ"الحزب السرّي" أو "جيوب مقاومة التغيير" أو "الاستـئـصالـييـن" الخ.، وذلك حسب الفترات وحسب قواميس مختلف العشائر؛ إلا أن منطق الآلية يبقى هو نفسه.

هذه الفلسفة الأخلاقية الخاصة، التي لا تعترف عمليا بالمسؤولية المدنية للفرد، من حيث إنها تذيبها في سديم السمعة السياسية للجماعة، تجعل في الأخير من انخراط الفرد في الحزب المعين حصولا مسبقا على العصمة الأخلاقية. ويترتب على تلك العصمة المفترضة المكتسبة في النهاية حصول ذلك الفرد، عمليا، وبمقتضى السياسة، وحتى بمقتضى بعض أوجه القانون، على ترس الحصانة.

إنه ليكفي استرجاع تطورات مختلف الملفات، قديمها وحديثها، ليقف الملاحظ على اطراد اشتغال هذه الآلية. وبذلك يصبح للحصانة، من الناحية العملية، أوجه ثلاثة: "الحصانة المعاملاتية" عن طريق ابتزاز شركاء الفساد بالفضح، و"الحصانة السياسية" عن طريق الاحتماء التنظيمي، و"الحصانة القانونية" (برلمانية أو حكومية) التي يسعى الوجهان السابقان للحصول عليها. هذا بعض ما يعنيه السؤال حول ما إذا كان المجتمع المغربي مجتمعا فاسدا.

 

وكنموذج لأصداء التفعيل المكولس للآلية المذكورة لأوجه الحصانة، هذه مقتطفات صحفية ذات دلالة في آخر الملفات تحريكا؛ وذلك بقطع النظر عن مدى صحة تفاصيل وجزئيات الأمور:

[يبدو أن يد السياسة دخلت على خط التحقيق القضائي الجاري في ملف خالد عليوة، الرئيس المدير العام السابق للبنك العقاري والسياحي، والوزير الاتحادي السابق، وذلك لإنقاذه من متابعة قضائية في ملف ثقيل بدأه أحمد الميداوي، ومطلوب من وزير العدل، مصطفى الرميد. إتمامه. وعلمت 'أخبار اليوم' من مصادر متطابقة في الحكومة ووسط حزب الاتحاد الاشتراكي، أن هناك اتحاديين، من بينهم ادريس لشكر، يجرون اتصالات مكثفة للضغط على الحكومة من أجل حفظ ملف زميلهم. ... ولما سألت 'أخبار اليوم' إدريس لشكر عن صحة الأمر، اكتفى بالقول إن "هذا السؤال بوليسي"] (أخبار اليوم. 21 فبراير 2012؛ العنوان الرئيسي). [في أول خرجة إعلامية بعد منح البرلمان الثقة لحكومته، رد عبد الإله بنكيران على محمد اليازغي، الذي انتقد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المؤسسات العمومية الاستراتيجية. ... وحول محاربة الفساد، وما إذا كانت هناك ضغوط على الحكومة من أطراف سياسية في اتجاه عدم تحريك ملف القرض العقاري والسياحي، قال رئيس الحكومة: "ليس لي علم بوجود أي ضغوط من أي جهة"؛ وأضاف: "ملفات الفساد كانت متحركة قبل مجيء وزير العدل الحالي؛ لكن الرميد كانت له جرأة دفعها في مسارها الطبيعي؛ ولا أظن أن وزير العدل سيتوقف". لكنه استدرك قائلا: "ليست كل الملفات المطروحة لها نفس درجة الخطورة، أو أن أصحابها يجب أن يدخلوا السجن"، وأضاف: "لسنا هنا لمطاردة الساحرات وإثارة الرعب في المجتمع"] (أخبار اليوم: 24 فبراير 2012؛ العنوان الرئيسي).

 



23/02/2012
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres