OrBinah

(EN ARABE) 1-De la sagesse amazighe-1

من جواهر الحِكمة الأمازيغية القديمة

 

الحِكم والأمثال والرأي المصوغ ديوان عبقريات ثقافات الأقوام والأمم في صياغة تجاربها؛ وبما أن كل الأقوام من آدم، وأن آدم من تراب الجنة، فإن جواهر تلك الأقوال تظل واحدة، وإن اختلفت صياغاتها. وإذْ جاءنا اليومَ المُطهّـرُ، فهذه عيّـنة من الأقوال الأمازيغية القديمة، نثرا وشعرا،على سبيل تذكـير الجيل بها للتأمل والاعتبار. وإذ وافق المطهّـر هذه السنة موسمَ حَمارّة القيظ وصخبَ "الحِراك"، فإن هذا الاستعراض لا يقصد منه معاكسةُ مَن صاغ أقصى ما لا يمكن يتحمّله أيّ ذي حساسية في قول بعضهم في باب العُسر: "رْمضانْ وشّــلـْحة!"، وفي رواية أخرى: "صّـهْـدْ وشّـلحة!"؛ اللهم إني صائم.

 

أ- في الإيمان والتعبد:

(1) {يزوار-د  سكسو  تاژالـّــيت} "الكُسكُس مقدَّم على الصلاة" (مثل قبائلي)؛

(2) {يزوار-د  وعبـّـود  لمعبود} "اللـُقمة مقدَّمةٌ عن التعبـّد" (مثال سوسي).

يترجم هذان المثلان فهماً للتعبّد (الذي هو أضيق من التدين)، مفادُه أن العمل لتلبية الحاجات الأساسية للإنسان مقدَّم، بحكم طبائع الأمور، على كل شعيرة أو نسك كما يستفاد مفهومُ ذلك من منطوق الحديث: {كاد الفقر أن يكون كفرا}  (رواه أحمد بن منيع عن أنس مرفوعا). وتجدر الإشارة إلى أن نفس التعميم التجريبي مصوغ في أدبيات الفقهيات اليهودية بصيغة أخرى، من خلال الأثر القائل: ("إيم إين قـيميح  إين توراه")، أي "ما لم يكن هناك قمح، لا تكون هناك توراة".

ومن الطرائف ذات الدلالة في هذا الباب، ما حكاه أحد المعارف من العصاميين من تجار سوس الأقصى في أواخر ثمانينات القرن الماضي، من أنه، لما كان في ورشة بناء مسكنه الأول في المدينة، أيام كان في بدايات تأسيس الرأسمال، احتاج ذات مرة إلى "عْشْرالاف ريـال" لأداء مستحقات الورشة، فتردد في الالتجاء إلى أبيه نظرا لمعرفته بصرامة هذا الأخير في تدبير الأعمال؛ إلا أنه اضطر في الأخير إلى الأقدام على ذلك. أجابه الأب العجوز واضعا يده اليمنى على الجيب الداخلي التقليدي للجبة السوسية، ذي الأزرار السلسلية (zip) والذي يكون لجهة الشِمال على مستوى القلب، فقال : {وهوي ا-يوي حنـّا؛ عشرالاف ريـال وكان اد-داري  يلاّن غ-لجيــبّ ينو؛ ماش ار-سرسنت  تـّــژالاّغ} "لا يا بني العزيز؛ عشرة آلاف ريـال، هو بالضبط ما في جيبي؛ وأنا في حاجة إليها لأداء صلواتي". من دون أن يفتي على غيره في الأمر، يضيف الشيخ السوسي هنا شرطا آخر إلى شرط تلبية حاجة البطن، ألا وهو حدٌّ أدنى من ضمانات راحة البال، لكي يكون حسب رأيه للصلاة معنى في خشوع. بالطبع لا يرجح أن نفترض أن مصدر تلك القناعة هو قراءته للإنجيل الذي يقول: {بيمقوم أوصارخا، شام يهيي ليبخا}: "حيثما يوجد كنزُك، هناك يكون قلبُـك".

 

ب- في أسس الأخلاق والسعي:

(3) {دّونيت ترا بدّان ايت لعاقل د-لمال} "الحياة في حاجة مستمرة لأولي الألباب والأموال" (شعر).

(4) {رّزّا  مقـّورن ورا  تـّـعمّـار اقلاّل يخوان} "العمامة الضخمة لا تملأ الرأس الفارغ".

(5) {لارزاق  دّو  وضار ن-يان ا-غ  لاّن} "إنما الأرزاق تحت أخمص قدم المرء" (أي "في الحركة بركة").

(6) {وانّا يكَـــنّ  غ-وسمّـيض  يغ  ترغا  تافوكت، راتّ  ياغ وصمّـيض غ-تكَــرست} "من يستمتع بالقيلولة في الظل في حَـمارّة القيظ  سيعاني من برد سبارّة القُـرّ  في فصل الشتاء". (أنظر مزيدا في مؤلفات محمد المستاوي)

 

ج- في االتربية والقيم:

(7) {يوف يان يسوان  اليلي يان  ف-يـكـّا  وديس  نس} "لأن يتجرع  المرءُ الدفلى خيرٌ من أن يكون أسير بطنـُه" (شعر).

(8) {يزوار-د سوينكَــم ساول} "التفكيـر مقدَّمُ على القول".

(9) {اوال ا-يكان بنادم} "الكلمة هي المرء".

(10) {يغ  ور  يرژي  يخف، يــجـّـي،  ورا  يقُــّــاي  اوال} "ما لم يشجّ الرأس ثم يبرأ، لا يحتفظ بالكلام" (شعر).

(11) {اد-اكـُّ  يكَـان لاخيار ن-ما يكُـرا يان، د-لعاليم، ا-يس يسّـغـر  ارّاو نس} "أفضل ما ينفـق فيه المرء هو توظيف عالم يعلم له ذريته" (نظم: علي بن موحماد الكَرسيفي).

(12) {يوف وقــّاريض يفكا يان ف-لقــُّـران  الف ن-ودينار ن-ورغ ف-لجيهاد} "درهم يُنفق في [تعليم] القرآن خيرٌ من ألف دينار ذهبي تُصرف في الجهاد" (نظم علي بن موحماد الكرسيفي ؛ نفس المعنى ورد في الأبيات 184-188 من 'بحر الدموع' للهوزالي).

 

د- في التواصل وتبليغ العلم:

(13) {ماني غ-يلاّ لكتاب ينّان: ور يزري اد-يمل يان دّين ن-ربّي ي-لاقوام س-لمازغي؟} "أين يوجد ذاك الكتاب الذي يحرّم تعليم الأقوام دينهم باللسان الأمازيغي؟" (براهيم ازناكَـ؛ القرن 16 ميلادي).

(14) {نضمغ لابيات ن-لمورشيد س-لكلام ن-يمازيغن؛ يان-تنت يسلاّن يفهم-تنت، ور يحتاجا ماد-اس يمّالن} "نظمت 'المرشد المعين' باللسان الأمازيغي؛ كل من سمعه يفهمه دون حاجة إلى من يشرح له" (نظم: لحاسان بن براهيم العروسي).

(15) {ا-لباري تاعلا عاون-يّي، ريغ ادّ-ناوي اوال-لـّي ينضم يبنوعاشير داغ، س-واوال ن-تشلحيت، اد-نيت كَـيس يفهم يان يكَان لومّي، اد-اكُّـ داغ ور يجهل دّين} "اللهم وفقني، أيها الباري تعالى؛ لقد عزمت على نقل ما نظمه ابن عاشر إلى اللسان الشلحي، حتى يتمكن من فهمه من هو أمّي، فلا يبقى جاهلا للدين" (نظم: لماداني بن موحمّاد التوغماوي).

(16) {كيكَـان د-لـّـوغا اد-انغ يملا لباري؛ كرا يكًان رّسول د-لـّوغا نس ار-يسّ يتـّـبايان؛ لعارابي يكَا لـّـوغا  ن-خاتيمو لانبيا؛ يان يكَان امازيغ يفهم-ت س-لمازغي} "ما أكثر الألسن التي ألهمنا الباري إياها؛ واللسان العربي هو لغة خاتم الأنبياء؛ ومن هو أمازيغي سيفهم [رسالته] باللغة الأمازيغية" (نظم: براهيم ازناكًـ "عقيدة الشيخ").

(17) {يكَـّـوت نيت ماد-ت ياد ينضمن، ماشّان يدروس ما-ت يبـّـنّ باهرا، اد-ت يفهم يان يجهلن؛ اشكو ار-كَيس سمونن اوال ن-تمازيغت د-وين تاعرابت لـّي ور فهيمن يمازيغين، ار يتــّـمنعو لمعنا نس ف-يان ور يفهيمن غ-يمازيغن، ار يتيدروس ماد-كَـيسن يفهمن} "ما أكثر ما ألـّفوا [في نوع المازغي]؛ لكن قلما كان ذلك جيد الوضوح حتى يفهمه الأمّي؛ ذلك أنهم يخلطون فيه الكلام الأمازيغي بمفردات عربية لا يفقهها الأمازيغيون؛ فيستغلق المعنى على غير المتعلم منهم، ويقل من يفهم منهم" (نظم: حماد التاميلي بداية القرن 19 ميلادي). (أنظر مزيدا فيThe Berber Literary Tradition of the Sous  Boogert)

 

تعليق وخـــلاصـات

مجموعة الآراء المعبر عنها في باب التواصل والتبليغ {(13)-(17)} تبين أمورا مهمة يتعين استحضارها لرفع بعض البداهت عن بعض ما يروج اليوم في خطابيات السجال الثقافي والهوياتي بناء على مجرد الجهل المترتب عن انقطاع سند العلم. أولها هو أن تسمية "اوال امازيغ" أو "يلس امازيغ"، بمعنى "اللغة الأمازيغية"، أو "اللسان الأمازيغي"، تسمية كانت متداولة منذ قرون، وليست، كما يتوهم ذلك بعض "المتخصصين" ويروجونه كمعطى استقرائي، مجردَ ابتداع من طرف ما يسمى اليوم بـ"الحركة الأمازيغية"، يقصد منه الالتفاف على "حقيقة الواقع اللهجي" ("الشلحة، الزيانية، القلعية، الريفية، الخ."). أما الأمر الثاني فهو أن همّ تبليغ الناس ما يتعين تبليغه كان همّا سوسيو-لسانيا وسوسيو-ثقافيا قديما، وليس صنيع "السياسة البربرية" لفرنسا (لا اليوطي ولا "الظهير البربري")، ولا كانت صياغته وليدة أدبيات نفس "الحركة الأمازيغية" الحديثة، التي لم تولد إلا مع منتصف الستينات من القرن 21، والتي ما يزال البعض يرفع نسبها ونسب ذلك الهم إلى فراش الماريشال. أما الأمر الثالث، وهو مجرد تفصيل، فيعكسه ما ينكـره كل من براهيم ازناكَـ في (13)، وحماد التاميلي في (17)، ألا وهو السلطة الرمزية التي تحاول طبقة من أصحاب القلم عبر الأجيال أن تستمدها من تملكها لأداة لغوية كـ"عملة صعبة" في السوق اللغوية العامة، وذلك إما باستعمالها للسان غير مفهوم البتة من طرف العموم في باب مصالحه ومرافقه الحيوية، وإما بتلغيم لغة التعامل مع ذلك العموم بمصطلحات إغرابية قصد الترويع والإفزاع والتعجيز عن طريق التعميّة، بشكل يُـبقي المخاطـَب على الدوام أسيرا لكهنوت صاحب الخطاب، كما يخضع المحتاج لمحترف الربا. وإذ كان ما يتعين تبليغه للناس محصورا، في ثقافة مجتمع المؤلفين المذكورين، في تلقين الناس أسس الإيمان والعبادات باعتبار ذلك أهم أوجه التأطير والإشراك الاجتماعي إلى جانب أوجهه أخرى، مثل طقوس أحواش والأعراس ومواسم الأولياء، فإن تعدد أوجه ما يحاول المجتمع الحديث تبليغه للمواطن (إعلام، توعية، تربية، تأهيل، مشاركة وانخراط، الخ.) يجعل نفس الهموم التبليغية مستمرة القيام، لكن بصيغ أخرى، وبسيميولوجيا عُملات سوسيو-لغوية أخرى من مستجدات معطيات الوقت.

البقية عبر الرابط الآتي

 https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-2597655-_en_arabe__2_de_la_sagesse_amazighe_2.html

 



08/08/2011
3 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres