(EN ARABE) 1-"Le peuple", une entité problématique au Maroc de la Constitution 2011
Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)
الشعـب الذي،
ذلك الكائنُ الإشكاليّ والفاعلُ المرفوع
- القسم الأول -
حكاية تمهيدية: الفرّوج الـــذي ...
زعموا أن أحدهم رأى فرّوجا بلديا في رحبة الدجاج بسوق شعبية فـ"نظر إليه بعين الرحمة"، أي أنه اشتهاه اشتهاءً وتذكر ما يُحدّث به مُحدّث "دقائق الأخبار في ذكر الجنة والنار"، من أن الواحد من الأبرار، في الحياة الأخرى بالجنة بعد البعث والنشور والحساب والميزان والسراط، يَـنظر إلى طائر جميل محلق من طيور الجنة، فإذا ما اشتهته نفسُه الراضية المرضية، يسقط أمامه في وشك اللمح بالبصر وهو مشويّ ذهبيّ مُحمرّ في طبق من ذهب. وإذ كان ذلك الناظر بعين أمعائه إنما هو في سوق هذه الدنيا، القائمة موازينها على أسس أخرى في باب الحصول على ما تشتهي الأنفسُ وتلذّ الأعينُ، فإنه لم يجد سوى أن مدّ يده إلى جيبه، فغرف بعضا من رصيد عرق جبينه، وأدى ثمن الديك المشتهى، بعد أن وزنه البائع ثم ذبحه معلقا في الهواء بلا بسملة ولا استقبال ثاني القبلتين كما هو من الشروط السبعة للذكاة. عاد المشتهي إلى البيت توا فناول زوجته مشروع وليمة الأُمسية، وأوصاها بها خيرا وعناية، ثم عاد إلى السوق للنظر في أمر الضروريات.
ولما عاد في المساء، بعد أن صلى العشائين في المسجد مع الجماعة، استقبلته صاحبته التي تؤويه وكان اسمها 'حْـرْكة'، وهي متجهّمة الوجه قائلة له: "اقتل هذا القط اليوم وليس غدا! ألم أقل لك غيرما مرة بأني أرى في عينيه دائما علامات التلصص؟ فبعد أن قمت بتـنـقـّية الفرّوج ومعالجته بأطيب الأعشاب وأنفذ التوابل وأزكى الأفاويه، تركته لحظات ليتشبّع برحيق كل ذلك؛ ولما عدت إليه وجدت قطك المُدلل وقد التهمه". وبذلك تهاوت بغثة كل قصور سيناريوهات الوليمة، وما بعد الوليمة، من كل الاستيهامات والفانطسمات التي كانت تفسد على المشتهي خشوعَ صلاته قبيل قليل. انقض في غضب على القط المجرم فأخذه من ذيله بعنف وهمّ بالضرب به عرضَ الحائط، ربما استدراكا منه لما اعتقد أنه قد فاته من قولهم: "فـنـّهار لـّـوّل كا يموت المشّ". لكن، وبما أنه كان ممن يكدّ ويمارس، فعرف من خلال الممارسة بأن أساس الدنيا هو "هاك و-ارا"، وأن لكل شيء فيها وفي الطبيعة مقابلا، وأن "الأثر يدل على المؤثر كما تدل البعرة على البعير"، فقد استرعى انتباهه، على التوّ، وزنُ ذلك القط المعلق من ذيله في قبضته، فقال: "ولله لأقـتـلنّ هذا الحيوان اللئيم شرّ قِـتـلة، الآن وليس غدا، لكن بعد أن أقوم بوزنه؛ آتـني إذن بميزاني القديم مع مثاقيله، أيتها الصاحبة!". وإذ فعلت 'حْرْكة' على الفور منتظرة تنفيذ حكم القسم في حق القط المجرم بتلصصه، ثم وزَن المشتهي المحروم ما وزَنَ، كانت مفاجأته الثانية: التفت المحروم إلى 'حْرْكة'، زوجتِه وصاحبتِه التي تؤويه مستغربا: ("قولي لي يا هذه؛ القط يزن كيلوغرامين كما تشهد بذلك كفتا الميزان السويّـتان عدلا، وكما ترى عيناك الناظرتين شزرا؛ والديك يزن كيلوغرامين كما شهد على ذلك بائع الدجاج ("و-لعروبيـّا مْجـبـّدين") فترجمه إلى دراهم سلمتها له من جيبي ريالات ريالات؛ فما الذي يتحرك في كفة الميزان الآن يا حْرْكـَة؟ إن كان هو "المشّ"، فأين الفروج؟ وإن كان هو الفرّوج، فوالله لتأكلـنـّه وحدك دفعة واحدة مسلوقا في ماء تلك البـِرْكة وبدون توابل"). وللقصة تفرّع من نوع "الفلاش-باك" يكشف النقاب عن أنه قد كان هناك، في الواقع في خبايا مسرح الأحداث، من لا يعنيه السعي لا في الحقول، ولا في الأوراش، ولا في الأسواق وغير ذلك من كل ما يشكل فضاء الحياة الدنيا في حقيقتها، أي من لا شغل له سوى أن يحضُرَ إذا غابوا، وأن يحفظ إذا نَسُوا، وينظرَ إذا تواروا، ويطرد الجنّ والكآبة عن الحُرُمات عبر طقوس وولائم خاصة حينما يغيـّـبُـهم السعيُ والانتشار في الأرض لقضاء شؤون الدنيا قبل التفرغ لأداء فروض الآخرة فلا يبقى مع حُرُمات أهلهم خلال غيابهم سوى بعض القطط التائهة ترعاهم، ونفرٌ من الجن يحوم حولهم.
الحراك والدستور، والشعب الـــذي ...
الذي يذكـّر بالمنطق البسيط لهذه الحكاية الطريفة الثلاثية الشخصيات، بقطع النظر عن حمولاتها الأنثروبولوجية الخاصة في باب إسناد قيم الخير والشر وأدوارهما، هو ما وازى موسم الاحتفال بالشأن الدستوري خلال شهر يونيو 2011 من "حراك" سمّوه بـ"العربي" بسبب انطلاقه من "المغرب العربي"، واتفقت لغتُه وشعاراتُه، وكذا تغطيته الإعلامية، المستقلة وغير المستقلة، من خلال تحليلاتها، على إسناد القيام به إلى ماهية كتلوية إشكالية سمّوها "الشعب" باعتبار هذا الأخير فاعلا "مرفوعا" يتحدث عنه الغير. هذا الكائن الإشكالي والفاعل المرفوع، عُـبِّـر له، بضمير الغائب، من خلال مختلف فصول ذلك "الحراك العربي"، عن لائحة طويلة وعريضة من الإرادات، كلها مسندة إلى ضمير الغائب، بصيغة: "الشعب يريد كذا" (على غرار قول المصريين في التبرير: "إلـكَــومهورْ عايزْ كيذا"). وكان آخر تلك الإرادات المعبر عنها بـ"التصويت" الصاخب هو شعار "الشعب يريد مقاطعة الدستور". ولقد كانت لائحة الجماعات، والفرق، والأحزاب، والجمعيات، والمنظمات التي عبر باسم ذلك الكائن عن تلك الإرادة القوية، لائحة طويلة بدورها. وإذ لكل من تلك الهيئات أشياخ، ومجالس، ومكاتب وطنية، وزعماء، وقادة، وأمناء عامون، ونواب، ونواب النواب، وشبيبة، وقطاعات نسائية، وغير ذلك من أوجه الهيكلة والتجذر، فقد أصدر كل فريق بلاغا رسميا خاصا به، إضافة إلى شعارات "الحراك المشترك" وإلى النداءات في الإعلام العمومي، وحتى المناشير المدسوسة في صناديق البريد العادي والإليكتروني يوم الاستفتاء نفسه، بلاغات رسمية تصوغ كلها تلك "الإرادة الشعبية" صياغة رسمية لا لبس فيها: ("الشعب يقاطع الدستور الممنوح، الذي لا يرقى، ...، ولا يحقق ...").
وقد أُعلنت الآن نتائج الاستفتاء، فكانت نسبة المشاركة فيه حول الذات الدستورية هي أغلبية 73 %. وهذه الذات المصوَّت بشأنها، ولفائدتها بالإيجاب بنسبة 98 %، هي مرشحٌ وحيد، ذو طبيعة معنوية تجريدية، لا يعد الناخبين لا بالزيادة في الأجور مع التقليص من كلفة الشغل، ولا بسكن وسيارة لكل مواطن، ولا يمكنه تعبئة أصوات الناخبين وشراء مضمون أصواتهم، لا بالولائم، ولا بالسيولية النقدية أو بالمناصب الشبحية أو الفعلية، ولا بأي وجه من أوجه المحاباة. وقد تحققت مع ذلك تلك النسبة، بعد أن لم تكن المشاركة في انتخابات 2007 تتعدى 37 %، مع أن المرشحين في هذه الأخيرة كانوا أشخاصا من لحم ودم، وممن يشتهون بدورهم ما يشتهون وما أكثر ما يشتهون، ومن لهم حسابات مالية شخصية لا يتردد كثير منهم في استعمالها ليس فقط في الحملات الانتخابية بوجهها الإعلامي أو الفولكلوري المشروع، ولكن كذلك على شكل شراء مباشر لذمم من يضعون ذممهم في المزاد غير العلني مما يدينه الجميع ويمارسه الكثير؛ ومع أن الوعود المباشرة في باب الشغل والأجر والسكن والصحة والتربية قد تنافس في إجزالها المتنافسون حينئذ على المقاعد.
يوجد الملاحظ ، اليوم إذن باختصار، أمام معادلة ازدادت من خلالها المشاركة بنسبة حوالي 100 ما بين استشارتي 2007 و 2011، بالرغم من اختلاف أسس التعبئة فيهما. فمن هي إذن هذه الأغلبية المعبر عنها في الاستشارة الأخيرة؟ إذا قلنا بكل بساطة بأنها هي الشعب، بالمفهوم العادي الشفاف للكلمة، فأين هو ذلك "الشعب الإشكالي الذي"، أي ذلك "الشعب الذي" كثر الحديث عنه بضمير الغائب بالقول: "الشعب يريد مقاطعة الدستور"، وبالقول بأن غيره إنما هم كمشة من "البلطجية" على حد تعبير من تُعـلـّمهم القنواتُ المشرقية الأسماء التركية أو غير التركية فيقولون "هذا لسان عربي مبين"، كمشة من القطط "البلطجية" على غرار ذلك القط الذي اتهمته المسماة 'حركة'، مهربة الوليمة في الحكاية إلى صاحبها الذي لا تؤويه، معتبرة إياه قطا "بلطجيا" مندسا للتلصص عليها في ولائمها الموازية مع الذي عقد عليها للمتعة على نهج أو منهاج العرف؟ وإذ بقية الكتلة الناخبة إنما هي 27 %، فإن نمطا واحدا فقط من أنماط "الحساب" يمكنه أن يسمح بحمل رصيد هذا الرقم وتحويله جملة إلى الحساب السياسي المشترك لمجموع الهيئات التي نادت بقوة بمقاطعة الدستور، والتي أجمعت على اختيار موقف الغوص في ضباب "المقاطعة" بدل تصويت بجلاء بـ"لا" قابل للإحصاء، وذلك رغبة منها في مصادرة جميع أصوات كل من لم يصوت لسبب أو لآخر، بما في ذلك أصوات أسرتي الصغيرة التي حالت تعقيدات تحويل التسجيل دون الإدلاء بها في اتجاه أو في آخر بالرغم أن بعض أفراد تلك الأسرة قد بلغ بهم الحماس، بمجرد طرحت مسودة الدستور، أن علقوا العلم الوطني في الشرفة لمدة ثلاثة أيام. ذلك النمط من الحساب (حساب من يصادر مجمل نسبة عدم المشاركة لحسابه) هو ما يعبـِّر عنه المثل الشعبي بقوله: "لـّي كا-يحسب بوحدو، كا- شيط لو". أما مناهج مؤسسات الدراسات السوسيو-سياسية، فإنها مضطرة في أمثال هذه الحالات إلى أن تـقـتطع من أقلية 27 % مجموعَ مقدرات النسبة العادية لعدم المشاركة، التي تتراوح أسبابها ما بين أحوال الطقس، والظروف الشخصية الطارئة، ومشاكل البطاقة وتحويل التسجيل، وعدم التحمس في أقصى الأحوال، كما هو الحال في كل الديمقراطيات. وفي انتظار أن يتم تقدير تلك النسبة الفرعية من طرف المعاهد المختصة، ما عسى أن يتبقى ليحوّل إلى الحساب المشترك لكل تلك "الهيئات" التي نادت، بقوة وباسم "الشعب"، بمقاطعة الاستفتاء حول الدستور، فـتـتـقاسمه تلك الهيئات فيما بينها إما بالمساواة "الشعبية" وإما بأي نسبـيـة "ديمقراطية" أخرى باعتبار ثقل موازين هذا المنهاج أو ذلك النهج؟ وكم سيكون حينئذ نصيب كل زعيم من مجمل قطيع "الشعب الذي"؟
تبقى كلمة أخيرة بخصوص نسبة 98 % من الكتلة المشاركة، التي صوتت بـ"نعم". صحيح أنها نسبة غير مطمئنة ولا تدعو كثيرا إلى الفخر باعتبار مؤشرات معايير الوعي والممارسة الديموقراطية؛ إلا أنها تعكس مع ذلك بأمانة روح الحملة الانتخابية من حيث أن لم تكن هناك في الواقع ولو هيئة سياسية واحدة من هيئات تأطير المواطنين قد استفادت من الحرية التي استفاد منها حتى المنادون بالمقاطعة (boycott التي تعني مناهضة مبدأ الاستشارة) لتحث مناضليها والمتعاطفين معها على التصويت بـ"لا". فالنسبة إذن منطقية.
إن منطق هذا الحساب الابتدائي الذي لا يحتاج إدراكه لا إلى استحضار رياضيات مدرسة نيكولا بورباكي ولا إلى إعادة صياغتها، منطق جليّ لا يشوّش على دلالاته إلا بعض المبادرات الغبيـة سياسيا، من قبيل مبادرات بعض الأذكياء جدا، مثل ذلك الشخص الفضولي من سكان إقامة مفتوحة على أطول شارع رئيسي من الشوارع القديمة بالعاصمة، الذي بادر في فضول، فاتصل بمن اتصل، وحصل على لافتـتين من النسيج المقوى المشمع، مكتوب عليهما ["سكان إقامة 'س' بالإجماع: نعم للدستور"]، ثم أمر طاقم حراس الإقامة برفعهما في عرض مدخلي الإقامة. أضف إلى ذلك أن العبارة مقرونة بصورة لجلالة الملك مطبوعة بالألوان الأربعة على أرضية اللافتة، كما لو أن الاستفتاء قائم على شخص الملك أو على مبدإ الملكية وليس على فصول الدستور، إذ ذلك هو المفهوم المستفاد من منطوق الخطاب الإجمالي لللافتة. ولقد قام بعض السكان بتوثيق اللافتـتين بتصويرهما، ربما في أفق رفع دعوى على من صادر وباع إرادتهم السياسية لمجهول، تلك الإرادة التي يضمنها الدستور القديم والجديد، وذلك ابتغاء واشتراء لثمن وهمي قليل بالطريقة القديمة، وعلى حساب مصداقية العملية الاستفتائية برمّتها؛ مع أن "بيع الفضولي لا يصح" حتى في فقه المعاملات التجارية ولو تم على أساس تسليم الثمن لمالك البضاعة. فيكفي في هذا الباب، باب المصداقية، أن تنشر مثل تلك اللافتات، وهي ناطقة ليس باسم أحزاب نيابة عن مناضليها، ولكن باسم سكان حي، أو عمال إدارة أو مقاولة، يكفي ذلك لكي يتم الطعن جملة في تلك المصداقية أمام العالم الذي يراقب المغرب وغير المغرب، ويحدد كثيرا من الأمور على أساس مصداقية المؤسسات والممارسات فيه.
ومن ذلك القبيل، وما هو أفظع منه، ما قامت به أطراف أخرى من الحماسيين الذين أفسدوا صفاء سبورة الحساب عن طريق الخلط بين السياسة والدين، لمّا أقحموا المسجد بشكل مؤسسي في الحملة من أجل "التصويت على الدستور بنعم" (وليس حتى من أجل المشاركة المواطنة الحرة باعتبارها من قيم الحياة الجماعية) مصداقا لقول من أقواله تعالى في التنزيل، مع أن المساجد لله ولجماعة المؤمنين في شؤونهم الروحية، بينما الدستور لمؤسسة الوطن ولكل واحد من المواطنين، بلا وصاية غيبية على الضمير الأخلاقي-السياسي لأي أحد في شأن أمور الدنيا التي يضبطها ما تم التوافق عليه من القوانين، ومنها القوانين التي تضمن حرية المشاركة وعدم المشاركة، والتصويت بـ"لا" أو بـ"نعم"، والتصويت لفائدة هذا أو ذلك. وعلى كل حال، ومن جهة أخرى، فإن مثل هذا الإقحام للسياسة في حرم المساجد، وتسخير المساجد كبرصة السياسة، الذي هو تصرف مرفوض في حد ذاته من الناحيتين العقلية والأخلاقية، والذي لا تدينه مع ذلك بعض الأطراف، رسمية كانت أم شبه رسمية، أم غير رسمية، إلا حينما لا يكون الفعل في صالحها سياسيا، هو سلوك قال في شأنه الشاعر في الحالة الأخيرة (حالة: حرامٌ عليكم، حلالٌ علينا) ما يلي:
لا تـنـهَ عن خُـلـُق وتأتيَ مثلـَه * عارٌ عليك، إذا فعـلتَ، عظيمُ
---------------------
القسم الأخير عبر الرابط الآتي:
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 345 autres membres