OrBinah

(En Arabe) De la circularité: Islam vs. Musulmans



عن حَـلَـقيّـة "الإسلام في مقابل المسلمين"

أو ما يشبه

كلاميات "الذات في مقابل الصفات"

 أو

"نظرية الكسب" الأشعرية/الماتُـريديّة

-------------------

 

 

 

على هامش سؤال إحدى التدوينات الفايسبوكية السابقة على ما جرى من ردود فعل اجتماعية على إثر كارثة جريمة سيدي شامهاروش (الأسبوع الثالث من ديسمبر 2018: ذبح سائحتين شابّتين في مخيمهما ليلا على يد عصابة من أربعة مغاربة باسم الجهاد الإسلامي)، والتي تقول: [ما الذي يجعل من مدوّنةَ نصوصٍ مؤسّـِسَة بعينها، دون غيرها، تشكِّل اليوم إطارا قابلا لإضفاء المشروعية على إجرام المجرمين، بمن فيهم ذوو السوابق؟]؛ على هامش ذلك، هذه بعض الملاحظات التقريرية:

 

1-  من ثوابت تفكير المسلمين المعاصرين أنه كلما صدر عن بعضهم، وباسم الإسلام، فعلٌ إجرامي يتحدّى في فظاعته شعورَ أخلاق الفطرة، بقطع النظر عن العقيدة والمِلة (وأقصى أوجه ذلك قتل المدنيين غيلةً)، هناك ثابت لحظتين فكريتين اثنتين، تُحيّد إحداهما الأخرى، فتستمر حَـلَـقيّة ما كان على ما كانت عليه:

 

(أ‌)           لحظة "تنبيه" البعض، في أوج هول الجزع والفزع، إلى أن لِما تمّ اقترافه من جرم أسُـساً صريحة في بعض النصوص الدينية المؤسِّـسة، بدرجاتها المتفاوتة (قرآن، حديث، مكتوبات أئمة الإسلام، وفتاوى المفتين، وما ترويه نصوص سيَـر السلَـف والفتوحات كقدوة للمسلمين)،

 

(ب‌)       لحظة ردّ البعض الآخر على ذلك، في نفس أوج هول الجزع والفزع، بالقول إن ما يعتمده مقترفو تلك الأفعال ينمّ عن عــــــــدم فهــــــمهم لتلك النصوص (نصوص "القتل" و"القتال" و"الإرهاب" و"النهي عن المنكر" بصريح العبارة اللغوية)، وأن الإسلام والمسلمين براء من تلك الجرائم الفظيعة بمختلف أشكال اقترافها.

.

2-  فإضافة إلى مختلف آيات الحرب والقتال ("وقاتلوا ..."، "فاقتلوا ...) في النصوص التي يشير إلها الطرف (أ)، والتي يرى الطرف (ب) أنّ الجمهور من المسلمين لا يفـــــهمــــها، وبالتالي فإن الإسلام والمسلمين "الحقيقيين" منها براء، نكتفي بإيراد الآية والحديث الآتيين على سبيل التمثيل الملموس:

 

-       {فإذا انسلخَ الأشهرُ الحُرُم فــــاقــــتــلـــوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم واقعُدوا لهم كلَّ مرصَدٍ؛ فـــــــإن تـــابـــــــوا وأقاموا الصـــــــــلاة وأتَوا الـــزكـــــــــــاة فخلّوا سبيلهم، إن لله غفور رحيم}.ق.ك./التوبة:5

.

-       "أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّــــــــــــاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّــــــــــــلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكـــــــــــاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَـــــــمُوا مِنِّي دِمَـــــــــاءَهُمْ وأَمْــــــــــوَالَهم إِلاَّ بحَـــــــــقِّ الإِســــــلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ". حديث نبوي مُتفقٌ عليه.

.

3-  الطرحان (أ) و(ب) أعلاه، كلاهما صحيح على مستواه الخاصّ. فالطرح الأول صحيح من حيث إن المضمون اللغوي للنصين السابقين، المسوقَين على سبيل التمثيل، واضـــــــــح صريـــــــــح باعتبار دلالات معـــــجم اللغة العربية وتركيــــــــبها اللذين هما أساسُ تلقين تلك  المضامين للعموم من خلال مختلف أســـــاليــــب (تلقين، تحفيظ،) وحــــــوامـــل (مكتوبات، مُذاعات) وقـــــنـــوات (كتاتيب، رياض أطفال، مدرسة، إذاعات، تلفزات) برامج التنشئة/التربية الأولى والوسطى؛ خصوصا وأن مثل تلك النصوص المؤسِّـسة  تنقش في الذاكرة الطرية نقشا عن طريق التحفيــــــــظ والتلقيـــــــن حتى قبل أن يكتسب الناشئ درجة معينة من درجات امتلاك معجم وتركيب اللغة العربية، فلا يكتشف المضامين اللغوية لما نُقش في ذاكرته، كمُعطىً من المعطيات الأولى، سوى بعد حين، فيعتبره من المســــلّـمــــــات البديهية الطبيعية التي تشكل عدسة نظرته الأساسية إلى الوجود؛ وعلى الأخص إذا ما عُرِف أن ذلك الزاد الملقَّـن بالتحـــفيـــــظ في طراوة ذاكرة الصبا يتمّ تكوينه على أرضية مما تمّت الإشارة إليه من المرويات المتعلقة بمعاني سيـــــر التاريخ وبتسيير شؤون المجتمع وإقامة المديــــــنـــة وبمفهوم رسالة استـــــــخــــــــلاف الإنسان في الأرض والكون (مكتوبات أئمة الإسلام، وفتاوى المفتين، وما ترويه نصوص سيَـر السلَـف والفتوحات كقدوة للمسلمين).

.

 

أما الطرح الثاني (ب) فهو كذلك صحيح على مستواه الخاص: مستوى التحقيقات الفيلولوجية، والتأويلات التفسيرية بمختلف الأدوات المنهجية اللغوية، والبيانية، والأصولية باعتبار فلسفة المقاصد بناء على "أسباب النزول"، وحتّى الباطنية الصوفية الإشراقية العرفانية (...). غير أن كل هذا لا يشكل جوابا على التنبيه (أ) الذي تم تفصيله في الفقرة أعلاه، بقدر ما يطرح المســــــــــألة التربــــــــوية في تكامله مع ذلك التنبيه. فلا يتعلق الأمر، في جوهر الطرح/التنبيه (أ)، بالدعوة إلى إعادة "جمع" القرآن و/أو السنّة، كما حصل ذلك بالملموس تاريخيا في فترة جدّ مركّزة زمنيا، أو بتعليق أو إسقـــــاط نصّ من النصوص، كما يدعو إلى مثل ذلك مثلا بعضُ المفكرين اليهود اليومَ في شأن الكتاب السادس من كـتـب الكتاب المقدّس في اليهودية (كتاب يوشع بن نون) بسبب ما يتضمنه ذلك الكتاب من رعب يتحدّى أخلاق الفطرة في وصفه لفتح بلاد كنعان، وبدعوى أن ذلك الكتاب لم يُضمّ إلى مجموع الكتاب المقدّس سوى في عهد نفي اليهود إلى بابل. ومن بين تلك الدعوات دعوة Karle S. Ehrlich في عرض له بالمؤتمر السادس للجمعية الأوروبية للدراسات اليهودية (طليطلة، يوليوز 1998) الذي شاركتُ فيه شخصيا بدراسة حول ترجمة عبرية للقرآن. عنوان عرض كارل إيرليش هو "يوشع، اليهودية والإبــــــادة الجماعيـــــة" (انظر نصّ العرض هـــنــــا ضمن أعمال المؤتمر؛ بالإنجليزية). وبخصوص بعض القراءات المعاصرة لكتاب يوشع بن نون، انظر نصّا تعميميا عبر الرابط الآتي (هـــنــــا، بالإنجليزية).

.

 إن ما هو مطروح كإشكال هو بالأحرى مســــــألة تنشـــــئــة وتربــــويــة: مسألة التميـــيـــــــز بين مضـــــــاميـــــنِ مــــــدوّنــــــةِ ما يُقدّم للناشئة في أطوار التـــــنشئـــة الأولى والمتوسطة، الذي سيــشكّل في بســــاطته وبلغته العاديـــــــة ومفاهيمه العـــــــادية الرصيد المشتركَ العامّ بين مطلق الناس مهما كان المشوار اللاحق للفرد في حياة المدينة من جهة، وبين المدونــــــة التاريخيّـــة المتراكمة بمختلف طبائعها ومكاناتها كنصوص مؤسِّـــسة وتأويلاتٍ واجتهاداتٍ، ممّا يُترك أمره لفئــــة الخاصّـــــــة من المتخصصين بمختلف وظائفهم الأكاديمية والاجتماعية من محقـــــــقين دارسين، ومفسّـــرين مؤولين، ومن دعـــــــــاة وموجِّهين منتظمين في هيئات المجتمع المهيكلة والمؤسسة في المدينة. أما بغير هذا، فسيظل دين الإسلام، كما كان وكما هو عليه لحد الآن، ماهيــــــة كلاميّــــة خلافيّـــة لا هيئة له تميّزه عن مختلف جُنــــوحات جمهور المسلمين، بمن فيهم سوادُ دهمائهمفالنصّان السابقان في الفقرة-2 وأمثالهما هو بالضبط ما يتبـقّى منقوشا في ذاكرة من يُطلِق عليهم الإنجليز Dropout of school ("مجارح الجامع" بالدارجة المغربية)، ثم يردّده من اصطادته من بينهم أحابيل التطرف من على رصيف الهشاشة السوسيو-اقتصادية أو من أغوتهم مواقع التطرف من بعض من أكملوا تعليما "عاليا" معيّنا واخترقوا الجامعة والمؤسسات يبثون فيها أدبيّاتهم (انظر هــــنــــا بخصوص استشهاد قتلة سيدي شامهاروش بنفس النصّــين في شريط إعلانهم ولائَهم لـ"الخليفة"، قبيل إقدامهم على فعلهم).

 

.

وأخيرا هذا نموذج من نماذج الاجتهادات في باب تأهيل دين من الأديان ليساير تطور التاريخ الكوني بما فيه تطوّر مفهوم الاستــــــخلاف (انقر هــــنـــــا)

----------------------

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques



21/12/2018
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres