OrBinah

(ARABE) Lorsque l'unanimisme intellectuel remplace l'unanimisme politique au Maroc d'aujourd'hui

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Window)

 

حينما تخلـُـف ثقافة الإجماع الفكري تقاليدَ الإجماع السياسي

في مغرب اليوم

 

 

في الماضي القريب، كان يُصوت في المغرب على القضايا الكبرى بإجماع  99%، وكانت "المؤتمرات" الحزبية تصادق على جميع وثائق المؤتمر وتؤكد زعيم الحزب في صفته القيادية بالإجماع التام كذلك عن طريق التصفيق. وبعد بعض تجارب فض الخلاف بالهراوات، يتضح جليا أن تلك التقاليد السياسية في طريقها اليوم إلى زوال إلى حد بعيد. ونفس الشيء يلاحظ في الممارسة السياسية على مستوى الهيئات التشريعية. أكيد إذن أن ثقافة التدافع السياسيي قد أخذت تتغير، رغم كل يمكن أن يلاحظ أو يقال. فما هي حقيقة الأمر في ساحة التدافع الفكري، التي هي ساحة من يسمون بالمثقفين والمفكرين والأكاديميين؟

الزوبعة اللولبية الوحيدة التيار، التي غذّاها الإعلام مؤخرا حول لغة التعليم الأولي وما قبل المدرسي، تشي بأن ثقافة الإجماع الفكري قد أخذت تخلف تقاليد الإجماع السياسي؛ وذلك بالرغم من كل المظاهر السطحية التي قد توحي بعكس ذلك. فلأول مرة يتجلى التدافع في باب الاجتهادات الفكرية بالمغرب، على شكل زوبعة تحركها ريح عاتية واحدة، مندفعة في اتجاه لولبي واحد يغذي قوّتـَه بنفس لولبيته الذاتية.

فكما أن بعض العواصف الاستوائية تندلع شرارتها، في أيّ جو ثقيل قَـلِـق التوازنات باعتبار مواطن الضغط والرطوبة والحرارة، انطلاقا من مجرد خبْط فراشة لجناحيها خبْطا تتولد عنه على التو تداعيات طقسية متصاعدة تنتهي إلى عاصفة هوجاء، فكذلك ما حصل لما ألقت توصية ملتقىً عاديٍّ، مثل جميع الملتقيات الجمعوية، التي قد تكون منبرا غير مباشر لطرف من الأطراف "الذي يفضّل عدمَ الإفصاح عن هويته" كما تقول الصحافة، بحجر في بِرْكة راكدة منذ ثلاث سنوات (أي منذ التصويت على دستور 2011) كـ"اجتهاد من بين الاجتهادات والمساهمات" في باب ما يتعلق بترشيد وعقلنة الواقع اللغوي بالبلاد في علاقته بمنظومة التربية والتعليم.

فـفي الماضي كان كلّ ما يمتّ بصلة إلى موضوع الواقع اللغوي (في علاقته بالتعليم وبغير التعليم) يحدث تقاطبا صداميا بين كل من يصنفون بـ"العروبين"، أو"التقليدانيين" أو"المتدينين" من جهة، وكل من يوصفون بـ"الفرانكوفونيين" (ويصنف ضمنهم "المزوغيون"، حسب تعبير أكاديمي مستحدث، كمجرد أحفاد)، أو"الحداثيين" أو"العلمانيين" من جهة ثانية. أما هذه المرة، فقد التأم شمل كل هذه الفرق التئامَ إجماع - من كاتب فرانكوفوني بالفعل مثل الطاهر بن جلون إلى بعض من يعلن نفسه كـ"لغوي/لسانيّ" ويقدم نفسه كداعية "متتدين" ويصنفه غيره كـ"تقليداني" و"عروبي، مثل السيد المقري الإدريسي، مرورا بمفكرين وأكاديميين مرموقين ومُؤَعْـلـَـمين و"مُمَديَـزين" – لقد التأم شمل كل ذلك الكوكطيل الأيديولوجي على دق ناقوس الخطر وإنذار الأمة بما يحدق بها من كيد من يسعي إلى "تقويض الوحدة الوطنية" وإلى "عزل المغرب عن محيطه التاريخي والطبيعي"، وذلك على إثر صدور التوصية المذكورة سابقا؛ تلك التوصية التي لم يساعد الإعلامَ على إعطائها الحجمَ الذي اكتسبته في النهاية إلا كونُ "الطبيعة لا تقبل الفراغ" كما كان يقال، لا في حقل الفيزياء ولا في حقل الأفكار الاجتهادية، ولا في حقل السياسة خصوصا، وعلى الأخص بعد ما طرحه الدستور الجديد كأجندة مهامّ للمدى القريب والمتوسط في بابي اللغات والتعليم، من ضرورة إعمال للاجتهاد قصد التقدم بتشخيصات وتصورات بشأنهما.

فالخلاصة الموضوعية المستفادة، إذن، من الإجماع الفكري الذي حصل حول الاكتفاء بإدانة التوصية المشار إليها إدانة مبدئية من حيث مضمونها، وحتى باعتبار مسطرية قنوات تقديمها، هو أن ليس هناك إشكال على الإطلاق في موضوع الحقل الذي تناولته تلك التوصية. فهل هذا صحيح؟ وإن لم يكن ذلك صحيحا، فماذا قدمت الأطراف الأخرى المعنية كتشخيصات خبرات ملموسة وميدانية، وكاجتهادات مقترحات شفافة في باب ما كـلـّـف به الدستور تلك الهيئات السياسية والمدنية والأكاديمية المعنية فيما يتعلق بترشيد شأن الحقلينـ التعليمي واللغوي، في ترابطهما وتعالقهما؟

الإجماع في الممارسة السياسة أمر خطير لأنه مؤشر يدل على احتقان وانسداد قنوات تصريف التدافع الذي هو من الخصائص الطبيعية الذاتية لتدبير المصالح؛ أما في باب الفكر فهو أخطر وأفظع، لأنه مؤشر يدل على إفلاس الفكر الجماعي باعتباره عاجزا عن طرح وصياغة الأسئلة وتصور الإشكاليات، فيركن إلى إعلان وإعادة إعلان مبادئ إطلاقية أزلية مُجمَع عليها إلى الأبد، ويقف عند ذلك الحد إلى الأبد.

الإجماع السياسي يؤدي، إذا ما طال، إلى انفجار سوسيو-سياسي (ثورة تاريخية أو مجرد عصيان وانشطار وتفكك أوصال)، وذلك تحت ضغط الاحتقانات التي أنما يترجم تراكمَها؛ أما الإجماع الفكري فهو بمثابة مخدر جمعي يتلاشى من خلاله العقل الجمعي بفعل ارتياحه إلى يقينياته الأزلية، إلى أن يفارق دائرة الحياة الفاعلة ويلتحق بديوان أخبار الأولين بشكل لا يحس به الجيل، كما يحصل في حالات الاختناق الفردي أو الجماعي بالغاز دون شعور.

 



27/12/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 345 autres membres