OrBinah

(EN ARABE) Le feuilleton Al-Kawassir: une réconceptualisation d’un nationalisme à l’épreuve

ما هو الرهان بين "الكواسر" و"الخواسر

قراءة في جِـدّيات "الكواسر"

تمهيدا للحديث عن هزليات "الخواسر"

 

-  منذ اليوم الموالي (ثاني رمضان الجاري) لبث الحلقة الأولى على "القناة الثانية" المغربية من مسلسل هزلياتٍ يسمّى "الخواسر"، أصبح ذلك المسلسل محط رهان أيديولوجي على شكل خطاب سياسي يخاطب هيئات الحكامة والحكومة والقضاء.

- فما مضمون ذلك الرهان، بما أن "الخواسر" عبارة عن محاكاة ساخرة (parodie) للمسلسل السوري الشهير المعروف بـ"الكواسر"؟

-  هذه قراءة خاصة لمضمون مسلسل "الكواسر" (الذي يمكن مشاهدة حلقات منه على اليوتوب)، تمهيدا للحديث عن هزليات فكاهيات "الخواسر"، بعد أن تتجلـّى معالمُها التي لم يتضح منها لحدّ الآن حتى سوى المظهر السوسيو-لغوي للحوار، الذي انقضّ عليه - حسب ما أوردته الصحافة - بعضُ من قدّمَتهم تلك الصحافة كخبراء في علوم اللسانيات (انظر هـــنــا)، وذلك في إطار سُخرة "علمية" استراتيجية عامة تتعلق بـ"ترشيد وتأهيل" الحقل اللغوي بالمغرب على "أسس سليمة" ذات عمق معين لا يشكّل المغربُ مركزَه على كل حال (انظر هــنـــا):

 ------------------------------------------

 

مع نهاية التسعينات، ولبضع سنوات من حرب الخليج الأولى التي أطاحت بأسس النظام البعثي العراقي الذي كان يمثل آخر قلاع حُلم الوحدة القومية العربية بعد ضمه "محافظة الكويت"، ظهرت بوادر الأزمة الثالثة من أزمات تلك القومية، بعد هزيمتي 1948 ثم 1967؛ وبذلك بدأت تتوارى رموز مرجعبات وسط الجزيرة من مقومات تلك القومية، بما في ذلك وجهها المصري بالتبنّي. إذ ذاك بدأت بوادر حفريات فانطازية لإعادة تحميض الأصول الفكرية والأدبية والأسطورية المؤسِّسة لتلك العصبية بالمفهوم الخلدوني للكلمة، وذلك في اتجاه زحزحة مركزها في الفضاء من وسط الجزيرة إلى شمالها الغربي، منطقة الشام.

 

 

في إطار حركيّة تلك المراجعة للأساطير التي تقوم عليها كل العصبيات، وقطعا مع تقاليد أعمال من قبيل "عنترة بن شدّاد العبسي"، أو "صلاح الدين الأيوبي"، أو "الرسالة"، أو "خالد بن الوليد"، وكل ما تم استيحاءه مما تحدثنا عنه كتب الأدب الجاهلي من أيام العرب ما بين قبائلها المسماة، من عدنانية وقحطانية (هـــنــا)، أو مما يحدثنا عن تاريخ الإسلام من استمرار مغلـّـف لتلك الأيام الجاهلية تحت يافطات خلافات فرقٍ ومذاهبَ مسمّاةٍ بأسمائها في تأويل جوهر المِلـّـة (هــنـــا)، ظهر من بين ما ظهر فجأة على الصعيد تطور الاساليب والأجناس في الأدب والفن والسينيما، موجةٌ متلاحقة الدفعات من المسلسلات السينيمائية السورية من نوع "الميولدراما التاريخية" ذات الطابع الفانطاسطيقي، تتراوح عناوينها ما بين "البواسل"، و"الجوارح"، و"الكواسر".

 

إنها مسلسلات تمجّد بطولات العصبية بين القبائل وتتفنّن وصف إرهاب وفظاعات حملات الغزو فيما بينها، وتتميز كلـّها بالإحالة على ماضٍ تاريخي مُبهم ومجهولِ الماهيات في ما يتعلق بأبعاد الفضاء المكاني (أين؟)، والإطار الزمني (متى؟)، والعنصر البشري (مَن؟)، ممّا عدا الإشارة إلى بُعد العروبة بشكل خفيّ في ثنايا كل ذلك؛ إذ أن أسماء كل القبائل والشخصيات (شقيف، الوهّاج، الباشق، الليث) أسماء فانطاسطيقية موضوعة.

وهذا ملخص جزء من أحد تلك المسلسلات، مسلسل "الكواسر" الذي كان قد ألهب الجمهور في نهاية التسعينات من القرن العشرين، كما ورد ذلك التلخيص في موسوعة ويكيبيديا:

[[بداية هذا الجزء كانت بعودة ابن الوهاج إلى قبيلته مع ابنته العنقاء وولده الباشق، اما أسامة فقد مات، وعُقاب بقي في قبيلة الاشعث ولم يعد معهم؛ وهكذا انتهى دوره في هذا الجزء. كانت هناك قبيلة تتشكل من مجموعة لصوص تسمى بقبيلة شقيف تهاجم وتفتك بجميع القبائل يذبحون الاطفال قبل الرجال والنساء قبل المقاتلين. يعثر شقيف على طفل صغير مع عنيزه؛ وهذا الطفل هو ليث ابن أسامة ابن الوهاج. عندما أحسّ ابن الوهاج بالذنب لأنه قتل ولده أسامة، قرر البحث عن حفيده، ليث، ليحل مكان أبيه، هاجم شقيف قبيلة ابن الوهاج ومعه الكاسر (ليث سابقاً). كانوا يظنون انها مثل باقي القبائل وأنهم سوف ينهبون منها كيف ما يشاءون، ولكنهم تفاجأوا بفرسان الجوارح الذين طلعوا عليهم من كل جهه فهزموهم شر هزيمه، وانسحبوا خاسرين، ولم يعلموا آل الوهاج من هاجمهم. وتمضي الأيام ويجد شقيف رجلاً عربيا يدعى خالدا، فيأكل من زاده ثم يقتل أهله جميعاً دون رحمة. فما كان من خالد إلا الثأر والانتقام فطعنه طعنه جعلته عقيماً، ثم وضع لهم سمهين عند باب بيته إشارة إلى التهديد، ثم سرق جواده وقتل فرسانه. وعندما قرر قتل شقيف قبض عليه رجالُه، وقبلها كان شقيف قد هاجم قبيلة الاشعث التي يقطنها عُقاب ابن الوهاج فقتل الاشعث وقتل حفيده وقتل ابن عقاب وهو شاهين؛ فذهب ضرار ابن الاشعث إلى آل الوهاج ليخبرهم بما حدث ويطلب منهم العون على شقيف. وأخبرهم بان عقاب قد مات بمرض الطاعون، وأن ولده الصغير قد قٌتل على يد شقيف. عندها وعده ابن الوهاج بالنصرة؛ فذهبوا على رأس جيش كبير لقتل شقيف، وكان الباشق هو قائد الجيش ولكنه كان ماكرا؛ فلقد سقط أمامهم مقتولا؛ وبعد أن ذهبوا قام وجهز للانتقام منهم. اما الكاسر فقد أتت به الصدفه إلى قبيلة الوهاج ليعالج صديقه، اكاي؛ وهناك أحبته هديل وخرج يغتسل فنزع الملابس ورأت أمه الوشم الذي على كتفه، فتم التعرّف على أنه ليث ابن أسامة. التقى جيش الكواسر بقيادة شقيف وجيش الجوارح بقيادة خالد والباشق فقتل خالد شقيف وقطع ذريته وانتصر آل الوهاج ومات شقيف]].

 

فما العلاقة بين هذا الوصف، الذي كان قبل حوالي عشرين سنة عبارة عن قصة وسيناريو تفتّـق عن ما يشبه "عصفا ذهنيا" (brain storming) أو جعجعة ذهنية للقريحة والخيال في أعماق لا-شعورِ وعْيٍ جمعي شقـيّ ومأزوم ببلاد البعـثـَـيـن، فألهب الجُموع في بلاد البعث وحيثما استنار قومٌ بفانوسه واستظلوا بـظلـّه، شبّب مخيـّـلة تلك الجموع وأذكى حماسها من جديد بعد سلسلة النكبات، وذلك في ما يشبه تمرينات وتسخينات وترويضات تصعيدية وتعزيمات استحضاريه  لأهواء قوى الأرواح الماردة المكبوسة في قمقم سلطة وحيدةِ الأبعاد الإثنية واللغوية والسياسية والمِلـّية والمذهبية؛ ما العلاقة إذن بين ذلك الوصف التخييلي وبين ما يجري اليوم على الأرض في نفس الربوع وفي أماكن منها معروفة وبإحداثيتها الجعرفية وباسمائها (الرقّة، الرمادية، كوباني، تدمر، الخ.) ، وبماهيات جمعية لعنصرها البشري لها اسماؤها وأبطالها المعروفون بألقابهم الحركية يتناولها الإعلام الحيّ، تلك الماهيات الجمعية من لحم ودم التي هي اليوم وقود طواحن غزوات حروب لا يقل "منطقها" سوريالية عن "منطق" مسلسلات "الكواسر" و"الجوارح" و"البواسل

 

لقد كان ضروريا في المرحلة الانتقالية لفك الارتباط،  ثم لتحويل المرجعيات على صعيد أبعاد المكان والماهيات، أن تُترك تلك الإبعاد في مسلسل "الكواسر" وأمثاله من تلك الموجة الفنية المذكورة غُفْلا مبهمةً، تمهيدا لتكريس أبعادٍ بديلة لمقومات العصبية القومية، حسب مبدإ "التخلية قبل التحلية" كما يقول الفقهاء.

 

لقد صدقت الرؤيا (والرؤيا والعرفان عقلٌ مشرقي كنعاني)، فكانت عمليةً لإعادة تحميض أصول المرجعيات، وتمّت بذلك زحزحة مركز ثقل العصبية القومية، في الفضاء، نحو الشام الكنعانية، موازاة مع بُعد آخر من أبعاد التحييـن، يتمثل في الدمج المزجي في الأذهان بين العروبة والكنعانية؛ إذ أصبح يتم الحديث اليوم عن "العرب الكنعانييـن" أو "الكنعانييـن العرب". بل إن هذه المَفهَمة الجديدة والصياغة التحييــنية لأسس تلك العصبية قد وازتها حركية "أكاديمية" جدية للنبش في التاريخ والأركيولوجيا والفيلولوجيا وعلم اللغة المقارن، بمناهج حشوية طبعا، كما حصل في السنوات الأخيرة من خلال النزاع بين العصبية العدنانية بوسط الجزيرة والعصبية الكنعانية بالشام في ما يتعلق بأبوّة أصول شعوب شمال إفريقيا على اعتبار أن  الولد للفراش وعلى أساس اعتبارات أخرى 'أكاديمية' (انظر هــــنــا).



20/06/2015
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres