OrBinah

(EN ARABE) L'entité de la littérature marocaine; quid à propos du Malhun?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Window

 

ماهية الأدب المغربي في تصوّر برامج التكوين والبحث؟

عودة من جديد إلى وضعية الملحون

كتاب الجاحظ، الشهير: "البيان والتبيين"، الذي يعتبر من أمهات مصادر الأدب العربي ومن من أرقى أوجه ما يدل عليه عنوانه في مفهوم هذا الأدب، هو كتاب في حد ذاته عبارةٌ عن ديوان نكت وأخبار من الحياة اليومية والتخييلية حول الأدوار الاجتماعية للفئات وأصحاب الحرف، من خياطين ومعلمين ومهرّجين ونُدماء وغيرهم (قصص حول غباء الخياطين ومحدودية أفق ورأي المعلمين، أو قصة ذلك النديم الذي سقطت أسنانه في الطست بينما كان يمضمض فمه بعد الأكل، أو قصة ذلك الشاعر الهجاء الذي تخلص منه الخليفة باقتلاع ثناياه السفلى ليدلع لسانه فيتعذر عليه إخراج الحروف، أو قصة ذلك الصعلوك الذي كان يقصد رحبة بضواحي حيه في وقت معلوم من النهار فينهق نهيقا فترد عليه الحمير من كل حدب وصوب، الخ.)، إضافة إلى ما يتخلل كل ذلك من استطرادات وتعليقات الكاتب. ... ثم كان بعد الجاحظ أبو العلاء المعري ... وأحمد شوقي ... ونجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل وبطله "زيطة" في "زقاق المدق" ...، والبياتي، ومحمود درويش بمرثياته الوطنية والقومية، الخ. فكان الأدب العربي، كما كانت بقية الآداب القومية والوطنية والإنسانية.  فما هو إذن موضوع الأدب عامة، بما يجمع شتات مثل هذا الطيف غير المتجانس من أوجه القول المعتبر أثرا أدبيا في تاريخ الأدب العربي وغير العربي؟

فأما ابن خلدون، فبعد أن حدّد بمقولات منطقية، في مقدمته، لكل علم من علوم عصره عامة موضوعا ومنهجا، وبعد أن حدد على الأخص مواضيع ومناهج علوم اللغة العربية وما يتصل بها (نحو، صرف، معجم، معاني، بيان بديع، تفسير)، انتهى به التفكير في شأن موضوع "الأدب" إلى القول بمصطلحات منطقية ما يلي:

"هذا العلم لا موضوع له يُنظرُ في إثبات عوارضه أو نفيها‏.‏ وإنما المقصود منه، عند أهل اللسان، ثمرته؛ وهي الإجادة في فني المنظوم والمنثور على أساليب العرب ومناحيهم".

في عصر ابن خلدون لم تكن علوم السيميولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية قد استقلت بعدُ موضوعا ومناهج، بالرغم من أن مقدمة ذلك العالم تنطوي على بوادر أوجه من علوم المجتمع؛ ولذلك، فبعد أن تقاسمت في ذهنه علومُ اللغة التي ذكرها خارطةَ مواضيع ومناهج ما يتعلق بآثار "المقول" في محيطه الثقافي، لم يتبق هناك موضوع ولا منهج متميزين وخاصين بما عرف في عصره بـ"الأدب".

وقد جاء الشكلانيون الروس بعد ابن خلدون بقرون، بعد قيام واستقلال علم اللسانيات (صوتيات، نحو، صرف، معجم، دلالة)، في تواز مع قيام علوم السيميولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية، فتصوروا للأدب بمفهومه العام الشمولي موضوعا ومنهجا مستقلا عن كل تلك العلوم، أي البحث في العناصر المتعددة المتحولة التراتب والمستمرة التناسخ، التي تجعل من الأثر المقول المعين، في منظومة ثقافية معينة، أثرا ذا قيمة أدبية ("littérarité")". معنى هذا أن موضوع ومنهج الأبحاث والدراسات الأدبية ليسا مفهومين إطلاقيين قارين معطيين في الغيب، وإنما يتم تأسيسهما وبناؤهما وإعادة بنائهما باستمرار، حسب تطور المنظومات السوسيو-ثقافية.

في هذا الصدد، كان هذا الموقع قد خصص في خريف 2011 سلسلة من النصوص لموضوع  "الدراسات الأدبية في شعب العربية بالجامعة المغربـية". وقد تم التساؤل في ثنايا أحد تلك النصوص عن نوعية التصور القائم حاليا، والمستوعَـب رسميا، في ما يتعلق بمفهوم الثقافة المغربية عامة، وبالمصادر والمظانّ والحوامل الحاضنة والناقلة للعناصر المتعددة، المتداخلة والمتكاملة لتلك الثقافة (انظر نصا ذا صلة، بالفرنسية). وقد تم الوقوف حينئذ بشكل خاص عند حامل واحد مهم من بين تلك الحوامل، إلا وهو فن الملحون، بأوجهه الأدبية والموسيقية والطقوسية الاحتفالية. وتم أخيرا التساؤل في ثنايا تلك السلسلة عن موقع مثل كل ذلك من مناهج الدراسات الأدبية بالجامعة المغربية وبمؤسسات التكوين والبعث الثقافي المختلفة. وقد تم التأكيد على أن مشروعية هذا السؤال مبنية ليس فقط على المزايا الأدبية والفنية العالية لشعر الملحون في حد ذاته، المعروف من تلك المزايا وما لم يدركه العمومُ بعدُ (العروض والقافية مثلا)، ولا على مجرد صدق ما يعكسه ذلك الفن من أوجه طبائع المجتمع المغربي والهوية المغربية؛ بل تنبني تلك المشروعية، كذلك، على واقع ما تم إنجازه أكاديميا على الصعيدين الوطني والعالمي من أبحاث ودراسات وفّرت الأدوات المفهومية والاصطلاحية الواصفة لمقومات ذلك الفن، من حيث معجم شعره وعروض نظمه، وبنيات قصائده، وموسيقى أدائه، وهي كلها عناصر قابلة اليوم للتبليغ الأكاديمي والتربوي، ولا يستلزم تلقينُ وتعميم عناصرها الأساسية (أوفاق التدوين، تقنية التقطيع العروضي مثلا) أكثر من بضع ورشات للعمل.

مناسبة التذكير بهذه التساؤلات اليوم (انظر صيغة مختصرة لهذا التذكير بالفرنسية) هو ما تم مؤخرا من مناقشة أطروحة جامعية أمريكية ثانية حول فن الملحون في غشت الماضي لصاحبتها ميلاني ماكَـيدو (Melanie Magidow) تحت عنوان هذا ترجمته: "التضامن المتعدد الثقافات: أداءات شعر الملحون في المغرب" (جامعة تيكساس، غشت 2013). إنها الأطروحة الثانية في الموضوع بعد أطروحة فيليب سكويلر (Philip Schuyler)، وترجمة عنوانها: "الملحون: انصهار التقاليد العامية والفنية العالمة في أحد أشكال الأغنية المغربية" (جامعة واشنطن 1974).

فبينما كان سكويلر قد ركز دراسته على الجوانب البنائية الصورية والشكلية للمادة الملحونية ذاتها (عروض، إيقاع، لحن)، تناولت اليوم ماكيدو بالبحث والدراسة والتفسير جانب الوظائف السوسيو-ثقافية التي يتم ضمانها من خلال إنتاج وأداء واستهلاك المادة الملحونية، وذلك على مستوى صيرورة "بناء وإعادة بناء الهوية الوطنية المغربية". فبعد تقديم نبذة مفصلة عن تاريخ نشأة الملحون وانتشاره، وبناءً على فحصِ ومعالجةِ مادة متنوعة، مدونة أو مغناة، وكذا معاينة إثنو-موسيقية ميداينة لمختلف أوجه أداءات هذا الفن الاحتفالية، المفتوح منها أو الحلقي الحميمي، بما تتميز به تلك الأداءات من تداخل الطبوع فيها، واختلاف أعمار وجنس ولغة المنخرطين فيها بقطع النظر عن انتماءاتهم الإثنية أوالاجتماعية أو حتى الأيديولوجية والهندامية، بناء على كل ذلك، صدّرت الباحثة أطرحتها بخلاصة تقول فيها (ترجمة عن الإنجليزية):

[تبين هذه الأطروحة كيف أن المغارية يشهرون ويؤولون فن الملحون في سبيلهم لبناء وإعادة بناء متواصلـَـين للهوية الوطنية] (ص.5). [ومهما يكن أمر الترحالات التاريخية لفن الملحون، فإن هذا الفن قد تم تمثله في مغرب اليوم باعتباره النوع الأدبي الوطني الذي يمثل أبرز أوجه الإبداع الأدبي للأمة لما قبل الحداثة المعاصرة] (ص.6).

وقد فتحت الباحثة الشابة ميلاني ماكيدو لفن الملحون موقعا خاصا بها سمته "كان يا ما كان" ضمنته مقاطع مصورة من أداء هذا الفن، وهذا رابط نحوه:  http://www.melaniemagidow.com/link/recordings/#comment-21


والحقيقة أنه، زيادة على أهمية الدلالات السميولوطيقية للمضامين الأدبية والشعرية لفن الملحون، وكذلك لأوجه أداءاته الموسيقة والاحتفالية، في باب ما يتعلق بفهم جيد لآليات التماسك السويو-ثقافي للمجتمع المغربي، هناك أيضا أوجه أخرى ذات قيمة علمية وفكرية تتعدى اهتمامات المجتمع المغربي. فالخصائص العروضية العجيبة لشعر الملحون، كما تمت صياغتها في السنين الأخيرة، وطنيا وعالميا (1)، هي اليوم في طريقها نحو شد اهتمام الباحثين الأكاديميين إليها خاصة على الصعيد العالمي في باب الدراسات العروضية المقارنة والبحث في جوامع العروض العام.

كل هذا عبارة عن أوجه قليلة من بين أوجه كثيرة مما يبرر التساؤلات السابقة. وبالعودة إلى ما تم به استهلال هذا المقال، يمكن القول بأن القيمة السوسيوثقافية والهوياتية التاريخية لمادة من قبيل ما أورده الجاحظ في عصره إنما تمثل بالنسبة لعرب ما بعد الفتح الإسلامي، والانتشار في "الأمصار"، وتأسيس دول العصبيات فيها بالمفهوم الخلدوني للعصبية، وحاجتهم في كل ذلك إلى مرجعيات إثنو-ثقافية تصمد بهم في وجه التحولات السريعة المستجدة، إنما هي قيمة بمثابة قيمة مرويات "سيدي عْـلي بادّي" أو "رْمّانة وبرطال" أو "حْديدّان" من المنثور مثلا، أو القصائد الملحونية "حمُّـان" او "الزْرْدة" أو "الخْصام" من المنظوم، بالنسبة لمغاربة اليوم في إطار صيرورة بناء وإعادة بناء الهوية الوطنية المستقلة في إطار الدولة الحداثية التي لم تعد العصبية الإثنو-لغوية أساسها،  وفي ظل التحولات المحيطية السريعة المصاحبة على صعيد المجتمع وعلى الصعيدين الجهوي والعالمي. فهذا ما يفسر الإقبال المنقطع النظير الذي استقبل به الجمهور المغربي، بقطع النظر عن انتماءات الجيل أو الفئة، مثل تلك المرويات بعد أن بادر الفن السابع إلى تحويلها إلى أعمال سينمائية، بينما ما يزال عالم الأدب يولـّي وجه نحو الشرق والغرب ليبحث للمغاربة عن مادة تشكل مواضيع للدراسات الأدبية. وفي هذا الصدد، ورد في يومية "الخبر" (2 أكتوبر 2013) على لسان الفنانة المقتدرة، نعيمة المشرقي ما يلي تحت عنوان "حتى لو لبسنا جلبابا لن يصبح النص المقتبس مغربيا":

[ترى الممثلة نعيمة المشرقي، أن الإطلاع على النص المسرحي من شروطها الأساسية للمشاركة في أي عمل لأنه العمود الفقري الذي ينبنى عليه العمل، (...)، معتبرة أن مشكل الكثير من الأعمال هو غياب النصوص القوية. وتضيف نعيمة المشرقي: «أسعد حينما تمنح لجنة الدعم الأسبقية للأعمال التي تعتمد على نصوص مسرحية مغربية، لأنه من غير الصائب أن نعتمد على نصوص أجنبية مقتبسة؛ فلدينا أقلام كثيرة. صحيح أن الاقتباس جميل، لكن حتى متى؟ (...).وأرى أن من واجبنا وحقنا وحق كل المغاربة خلق وكتابة نصوص مغربية، خصوصا الأعمال التي تستفيد من دعم وزارة الثقافة. في نظري، لا يجب أن نبقى أوفياء لمبدإ أخذ أعمال كتاب عرب أو غربيين ونكتفي بالاقتباس ونرتدي الجلباب حتى نمغربهم (...). لدينا مبدعون كتاب، يجب أن يهتموا بالمسرح وأن يكتبوا لنا أشياء يمكن أن تمسرح. فيجب ألا نبقى غرباء في بلدنا وفي أدائنا ومسرحنا. إن لبست الجلباب لن يصبح النص مغربيا. ولا يمكن أن نبقى خداما للنصوص الغربية إلى الأبد.... إن الضعف في المسرح المغربي سببه النص المسرحي الذي لا نهتم به (...). أعتقد أن هناك كتابا رائعين مثل الراحل الطيب لعلج، وأعتبر أن من خلال أعماله استطاع أن يخلق لغة مسرحية قوية انطلاقا من الملحون والكلام المغربي المحض الذي كان يتغنى به الصنايعية المغاربة، وخلق اعتمادا على الدارجة المغربية الجميلة نصوصا أدبية فنية ثقافية أعطت حركية للمسرح المغربي. هنالك أيضا الراحل سعيد صديقي، وهو شقيق الطيب الصديقي، وكان من أجمل الأقلام، هناك السيد عبد الكريم برشيد، الأستاذ الرمضاني من وجدة... إلخ. وأرى أنه ينبغي أن نوقظ الغيرة لدينا لندافع عن نص مغربي أصلي، وهو موجود ويجب علينا قبوله والتخلي عن السهولة في اقتباس أعمال أجنبية»].

-------------------

نص آخر مكمل:  https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-concepts-et-terminologie-en-litterature-marocaine

==============

(1) انظر  على سبيل المثال:

المدلاوي، محمد (2012) رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب؛ مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون. منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي -الرباط

Elmedlaoui, Mohamed (2013, to appear) "What does the Moroccan Malhun meter compute, and how?"; to appear in: The Form of Structure and the Structure of Forms. Brill. 

 



03/10/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres