OrBinah

(EN ARABE) Registres de la langue arabe et leurs problèmes pédagogiques

سِجِلّات اللغة العربية، وإشكالاتها التربوية

من التعميم والتهويل إلى التشخيصات الملموسة

 

 

صحيح أنه لم يعد أمرُ العلاقة بين العربية الفصحى والعربية المغربية، في علاقتهما معا بالإشكال التربوي، أمرا يحوز مزية الحدث الصحفي التي يبدو أنها شرطُ قيام اهتمام من يُعتبرون أو من يَعتبرون أنفسهم ذوي القول الفصل في الأمر. لكنّ هذا لا يجعل الإشكال يرتفع بمجرد خفوت السجال حوله. كما أن التعميمات المبدئية والشعارات الفضفاضة التي يرفعها "ذوو القول الفصل" في تصوّرهم وتصويرهم لطبيعة تلك العلاقة بين سِجلـَّي العربية في ارتباطها بالإشكال التربوي تعميمات وشعارات لا تقدم في باب معالجة جُماع الأمر شيئا عمليا ملموسا.

فقد دأبت كثير من الأصوات على الحديث منذ سنين عمّا يسميه الأستاذ عبد القادر الفاسي الفهري مثلا بـ"المُتّصل اللغوي العربي"، الذي يشكّـل حدّيه كلٌّ من العربية المُعربة الفصحى من جهة، وأوجه العربية الدارجة من جهة ثانية، والذي يتعين تدبير تطوّره تدبيرا مؤسّسيا، عن طريق التدخل الأكاديمي والسوسيو-تربوي، قصد تسريع تجسير المسافة بين ذينك الحدّين عبر بروز لغة عربية وظيفية بسيطة ومروّضة القدرات التوليدية والتعبيرية، ومؤهّلة بشكل يجعلها تجمع ما بين وظائف التواصل العادي اليومي في البيت والشارع والمرافق العمومية ووظائف التربية والتكوين والبحث العلمي (حول هذا التأهيل، انظر هــنــا). هذا التدخل المؤسسي، الأكاديمي والسوسيو-تربوي الطموح، الذي نصّت عليه المادة 112 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، يستلزم التوفرَ على خطط عملية متكاملة على كافة الاصعدة المعنيّة، وإعدادَ أدواتِ عملٍ ملموسة، من دراسات أكاديمية وصفية لأوجه ذلك "المتصل اللغوي" بما فيه وجهه الدارج على الألسن، ومن تشخيصات سوسيو-لسانية وسوسيو-تربوية، واستشرافات من نفس القبيل، مبنيةٍ على أساس متين من تلك التشخيصات في أفق تلك الغايات.

فإضافة إلى ذلك التعميم المتعلق بمفهوم "المتصل اللغوي العربي"، وفي خضم السجال العمومي الذي كان قد نشب في خريف 2013 على شكل فرجة إلهاب للمشاعر حول الموضوع، والذي دشنه الأستاذ عبد الله العروي باستجواب معه قُدّم حينئذ في حلقات بعنوان "التدريس بالدارجة يروم تقويض الوحدة الوطنية"، يمكن إجمال رأي الأستاذ العروي في الموضوع في قوله، في نهاية الأمر، حول الدور الوظيفي الذي يسعى البعض إلى إسناده بشكل مؤسسي لسجل العربية المغربية الدارجة، ما يلي جوابا عن سؤال من أسئلة مستجوبه:

سؤال:  "ما هو هذا الحد الأدنى الذي تتحدثون عنه الآن على مستوى اعتماد التدريس بالدارجة المغربية في المدرسة المغربية عوض العربية ؟"

جواب:  [هذا الحد الأدنى هو ما يدعو إليه الراغبون في اعتماد اللغة الدارجة لغة للتدريس و الكتابة، و يحددون مجاله في مسألة ضمان حدوث التواصل، وضمان سبيل نجاح الطفل لما يلتحق بالمدرسة، في تحقيق الفهم و الاستيعاب بلغته الأم. لمزيد من التوضيح فالحد الأدنى الذي يطالب به الدعاة إلى اعتماد الدارجة في التدريس، يتمثل حسب ما يدعون إليه، في التحدث إلى الطفل بلغته الأم التي تربى على التحدث بها و اكتسب مهارات فهمها و استيعاب معانيها، في مرحلة روض الأطفال و السنوات الثلاث الأولى من التعليم الابتدائي. هذا المستوى الذي هو الحد الأدنى لما يطالبون به، إما هو موجود ومتحقق عمليا في تدريس الطفل لما يلتحق بالمدرسة، ولا يحتاج إلى تلك الدعوة التي لا محل لها مما هو عليه الأمر الواقع في العملية التعليمية بالمدرسة المغربية، وإما أنه غير موجود، وعلينا العمل على إيجاده و تحقيقه بالملموس حتى نجد حلا لهذا المشكل] (انظر هــنــا)

 

وفي نفس هذا الاتجاه، يقول الأستاذ بنسالم حميش ما يلي حول الموضوع، في أحد مقالاته الصحفية الأخيرة بعنوان [عيوش مُشَرمِل .. ودعوته للدارجة تشبه خطة "ليوطي"]:

[3- إن المقتدر على قراءة نص دارجي يسهل عليه أكثر قراءة أيّ نص بعربية ميسورة ولو لم تُشكل حروفها، وهذا ما يمكن تبيّـُنه والبرهنة عليه عند التلامذة المبتدئين؛ إذ تمكنهم هاته من إدراك قرابتها العضوية بتلك ...]

 

هذه الأفكار الثلاثة المتكاملة (فكرة "المتصل اللغوي" وتطوير "لغة وسطى وظيفية" وطيعة، وفكرة "الحد التربوي الأدنى" وفكرة "التسهيل القابل للتبني والبرهنة عليه")، ما الجدوى منها إذا لم يتهيأ الأكاديميون المعنيون ولم تتهيأ الهيئات المعنية للقيام بالخطوات العملية الصغيرة الملموسة اللازمة للتنزيل المؤسسي الفعلى لها (أي لتلك الأفكار) على مختلف الأصعدة المعنية؟ ما جدوى التلويح بمثل تلك الوصفات العامة كشعارات فضفاضة في غياب تلك الخطوات العملية، خصوصا حينما يتم إغراق تلك الأفكار في خضم زبَد من الاتهامات التهويلية السهلة التقليدية التي دأبت ثقافة الذهنية العامة على أن تتخذ منها رُقىً وتعاويذ زجرية للهروب من مواجهة المشاكل عن طريق إرجاءات التحييد والإقبار؟

فعلى مستوى التشخيص مثلا، ما هي الماهية البنيوية للعربية المغربية الدارجة، وما هي علاقتها البنيوية بالعربية الفصحى، وما هو اتجاه تطورها البنيوي والسوسيو-لغوي، وما هي الكيفية الأمثل لكتابتها في أفق أيّ دور محتمل لها في تجسير المسافة بينها وبين الفصحى (انظر هــنــا)، وما هي العراقل التي تعاني منها هذه الأخيرة على مستوى التوليد والكتابة في باب تأقلمها التأهيلي مع متطلبات المحيط العصري (انظر هــنــا

كلّ سؤال من هذه الاسئلة يستلزم اليومَ إنجاز دراسات وصفية وتشخيصية خاصة؛ وكل استمرار في مقاربة الموضوع في عموميته بالشكل الذي تتمّ به تلك المقاربة لحدّ الآن، إنما هو تمادٍ في ترسيخ ثقافة اللغو كنهج عام في باب التخطيط والتدبير.

وبما أنه لا بُدّ ممّا ليس منه بُدّ، وأنه يتعيّن دائما، لقطع المسافات الكبيرة، أن يتم الشروع بخطوات صغيرة، فقد تمّ إنجاز دراسة لسانية وصفية لسِجلّ لعربية المغربية الدارجة، محررة بنفس السجل اللغوي، وذلك في مشروع كتاب بعنوان:

اَلْعَرَبِيَّةُ اْلْمَغْرِبِيّةُ اْلْدَارِجَةُ قَـــوَاعِـــد: اَلْمُعَجَمُ، اَلأصْوَاتُ، اَلإمْلائية، اَلْصَرْفُ وَاْلْتَرْكِيبُ

(كِتَابٌ مُحَرَّرٌ بِعَرَبِيّةٍ مَغْرِبِيّةٍ وُسْطَى)

 

وهذا رابط نحو نص تقديم ذلك الكتاب، وهو نص محرّر بدوره بنفس ذلك السجل اللغوي:

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-marocain-grammaire-orthographe-du-darija-presentation-d-un-ms

-----------------------------------------------------------------------

 

محمد المدلاوي (المعهد الجامعي للبحث العلمي - الرباط)

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 



05/05/2015
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres