OrBinah

(EN ARABE) L'Holocauste et le concept: "Istikhlaaf"

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

 

واقعة الهولوكوست ما بين مستوى حسّ فِـكـر الاستخلاف

ومستوى البراغماتية السياسية

 

 

أصدرت مؤسسة "مشروع علاء الدين" (Projet Aladin) يوم 16 يناير 2012 بلاغا يقول: "لأول مرة يحصل هذا في بلد مسلم : التلفزة العمومية التركية، TRT، تشرع ابتداء من 26 يناير في بث شريط 'الشـوا' (Shoah) لصاحبه  لانزمان (Lanzmann)، وذلك عشية اليوم العالمي لتخليد ذكرى الهولوكوست".

جميع الوقائع التاريخية العظمى التي تنجُم عن الأيديولوجيات لا تلبث أن تستبدّ الأديولوجيات من جديد بذكراها، فتحّورَ واقعيتها التاريخية إلى خُطاطات أيديولوجية فرعية مختلفة، تُعيد تحميضَ صورة ملامحها بما يُعيد تأويل دلالاتها. ولا تشِذُّ واقعة الهولوكوست (Holocauste) عن غيرها في هذا الباب. وتتراوح التوهيمات الأيديولوجية المتناقضة التي استبدت اليومَ بهذه الواقعة ما بين الإنكارية (Négationnisme) القائلة بأن الأمر يتعلق بسيناريو مختلـَـق بعدِياً، أو التنسيب المُهوِّن لمدى ونوعية الواقعة ولدلالاتها، أو حتى الاعتراف بواقيّعة الواقعة مقرونا بتبرير أيديولوجي لها من جهة، وبين الاسترداد الأيديولوجي لدلالات تلك الواقعة في الاستخدام السياسي على مختلف الأصعدة من جهة أخرى.

هذا الاتجاه الغالب على مُيول الأذهان، بحكم الاستعدادات الأنثروبولوجية الفطرية للناس، هو ما يجعل من الصعب تعميم إدراجِ تَـصوُّرِ تلك الواقعة في إطار فلسفة أخلاقية عقلانية تتعامل مع الواقعة وذكراها في استقلال عن تشويش التوهيمات الأيديولوجية المستخدِمة لتلك الواقعة، إثباتا أو نفيا، وفي فصل لتلك الدلالات، وللمسؤوليات الأخلاقية التي تترتب عليها، عن مصالحِ تدافعاتِ الظرفية القائمة.

ولعل روح هذا الموقف الأخير هو ما يُحرك مبادرة "مشروع علاء الدين" الذي انخرطت في هيئاته التنظيمية شخصياتٌ من مختلف أنحاء العالم، ومن مختلف الديانات والقطاعات، ومنها شخصيات مغربية؛ هذا المشروع الذي انطلق بمقر اليونيسكو بباريس في ربيع 2009، والذي بعث العاهل المغربي، محمد السادس، إلى المشاركين في جلسةِ افتتاحِ انطلاقته رسالةً جاء فيها على الخصوص، في صميم موضوع الهولوكوست، ما معناه:

((إنها لمسؤوليةٌ واختيارٌ فريدٌ، إذا ما كان هناك اختيارٌ؛ لأنه لا أحد منّا - أيتها السيدات، أيها السادة - بإمكانه أن يدعي حيازةَ قراءة للهولوكوست لا تكون إطلاقية، غير قابلة للطعن، ولا تنازل فيها ولا توافق، تلك التنازلات والتوافقات التي تفرضها إما ظرفيات ما هو راهن، أو تنجُم عن ذاكرة آثمة من حيث كونها ذاكرة انتقائية. فأما قراءتي للهولوكوست، وكذا قراءة شعبي له، فإنها ليست قراءة من فقد الذاكرة. إن قراءتنا هي قراءة جرح تاريخي نعرف كيف نسجله في أشد فصول التاريخ الكوني ألما. وبإمكان غيري أن يؤكد لكم في هذا الباب، عن حقّ، في ما يخص المغرب، أن قولي هذا ليس جديد،ا وأنه أبعدُ ما يكون عن عبارات المناسبات. وإذا ما ذكّرتُ به اليوم في إيجاز، فمن أجل أن يرسُم فريق تفكيركم، "مشروع علاء الدين"، كهدفٍ ذي أولوية من بين أهدافه، مهمةَ إخبار بقية العالم بما كانت عليه المقاومة ضد النازية في بلدان كبلدي بفضاء العالم الإسلامي، ممن عرفوا كيف يقولون لا للهمجية النازية وللقوانين الإجرامية لحكومة فيشي).

وفي نفس الاتجاه، قال المستشار الملكي أندرى أزولاي، رئيس مؤسسة "أنّـا ليند" (Anna Lindh) والعضو المؤسِّس بمكتب التنفيذي لـ"مشروع علاء الدين" في ملتقى "أوسفيتش-يبركيناو" (Auschwitz Birkenau ) للذكرى 66 للهولوكوست ما معناه:

((لا يمكن أن تنفصل مقاومةُ معاداة السامية (Antisémitisme) عن مقاومة الإسلاموفوبيا (Islamophobie). فحينما كانت الهمجية غربية وأوروبية الموطن، كان المغرب وبلدان أخرى في الفضاء العربي-الإسلامي هو المكان الذي انطلقت منه الإشارات الضوئية للحداثة وللقيم الإنسانية التي كانت قد هجرت حينئذ بقية المنطقة)).

إن تطوير تصور عقلاني عن نمط أيديولوجي فريد في باب نظم الحكم مثل النظام النازي، وعن واقعة الهولوكوست ودلالاتها الكبرى في باب فلسفة الأخلاق ومفهوم الاستخلاف في الأرض بما يعنيه ذلك المفهوم من مسؤولية كونية لمن يؤمن به، يبقى لحد الآن بين الثغرات الكبرى في فكر هذين الفضاءين، الجنوبي والشرقي للبحر الأبيض متوسط اللذين طبعا سنة 2011 بـ"حراكهما" التاريخي الذي ما تزال تداعياته لم تتضح بعد على الصعيد السياسي؛ فما القول إذن بتداعياتهما على الصعيد الفكري؟

وبالرجوع إلى حدث قبول تركيا ببث شريط لانزمان حول الهولوكوست، تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة "علاء الدين" المذكورة كانت قد قامت بدبلجة هذا الشريط كتابيا بأهم لغات الفضاء الإسلامي، العربية والفارسية والتركية، وكانت السلطات الإيرانية طبعا قد عارضت بث الشريط بل إنها عملت كل ما في وسعها تقنيا كي تشوش على بث فضائية المعارضة الإيرانية اللاجئة في أمريكا لذلك الشريط. وفي هذا السياق يبدو أن إقدام تركيا على ما أقدمت عليه بخصوص الموقف من الهولوكوست ينطوي على وجهين اثنين: وجه جوهري فكري يسجله التاريخ بمقتضى منطقه، المستقـل بطبيعته عن النوايا البراغماتية الفاعلين، ووجه التعاطي السياسي البراغماتي مع الواقعة. فليس مجرد صدفة أن يتزامن قبول تركيا بثّ شريط لانزمان حول الهولوكست على إحدى قنواتها مع استعدادات البرلمان الفرنسي منذ أشهر للمصادقة على مشروع قانون يجرّم إنكارية كل الإبادات الجماعية التي تعترف بها الدولة الفرنسية، بما في ذلك ما عرف بـإبادة الارمينيين في تركيا ما بين 1915 و1916، وذلك بعقوبة سنة سجنا و45000 أورو. وإذا كان ردّ الفعل التركي على ما حصل أمس من مصادقة البرلمان الفنسي في النهاية على ذلك القانون شديدا، مع اتهام صحافتها للأوساط السياسية الفرنسية، يمينها ويسارها، باتخاذ تلك المسألة وسيلة في الحملة الانتخابية الرئاسية تجاه النصف مليون ناخب أرميني الأصل، فإن رئيس حكومة تركيا، السيد أردوغان، قد صرح بأن السلطات التركية ستعمل، زيادة على ما هددت به فرنسا من تدابير عقابية، على تنظيم حملة لوبوية في أوساط السيناطورات الفرنسيين من أجل الطعن في دستورية ذلك القانون لدى الغرفة الدستورية الفرنسية. لكن يبدو، من خلال ظرفيات وملابسات الأمور، بأن استجابة تركيا لطلب مؤسسة علاء الدين ببث شريط لانزمان حول الهولوكوست كان يندرج، هو نفسه، في إطار استراتيجية لوبوية استباقية تجاه ناخبة وجماعات الضغط ليس في فرنسا فقط (الناخبة اليهودية على الخصوص) ،ولكن عبر العالم وفي إسرائيل وأمريكا على الأخص، وذلك بشكل يجعل اعتراف تركيا الضمني بالهولوكوست من خلال بثها شريط لانزمان نوعا من المقايضة مقابل سكوت الأطراف الأخرى عن واقعة إبادة الأرمن.

هذا التداخل في الأمور ما بين ما ينتمي، من أبعاد الواقعة المعينة، إلى مستوى فلسفة الأخلاق والانخراط في الدائرة الكونية المعولمة لمسؤولية الاستخلاف، وما ينتمي منها إلى مستوى التعامل معها في حلبة اللعبة السياسية، وهما وجهان ملازمان للوضعية البشرية، تداخل يطرح ضرورة الفصل المنهجي بين المستويين. المستوى الأول مستوى فلسفي فكري وتربوي، والثاني عمليّ براغماتي في إطار التدافع.

ومن بين الأوجه الفلسفة الأخلاقية للمستوى لأول، زيادة على بُعد مسؤولية الاستخلاف، التساؤل مثلا عن القيمة الأخلاقية للتجريم الجنائي للموقف الإنكاري حينما يكون فرديا، خصوصا على مستوى الرأي "التاريخي" والإبداع الفني (أدب، سينيما، مسرح، فنون تشكيلية الخ.)، في علاقة ذلك بقيمة حرية التفكير والتعبير. أما إذا إذا اتخذ الأمر شكل حَسْم على المستوى المؤسسي (دولة، جماعة، حزب)، إثباتا أو نفيا دوغمايين، فإن الأمر أكثر وضوحا من ناحية فلسفة الأخلاق؛ لأن الحسم على ذلك المستوى فيه وصاية مؤسسية واضحة على الضمائر والآراء الفردية. فإذا قال وزير الخارجية التركي بشأن ما أقدم عليه البرلمان الفرنسي بـ"أن محاكم التفتيش في طريق عودتها إلى فرنسا"، فلعل ذلك حقّ باعتبار التساؤل الأخلاقي السلف الذكر. ولكن، ولكي لا يكون ذلك القول حقا يُخفي من ورائه باطلا، فما على تركيا إلا أن تعمل بمفهوم منطوق وزير خارجيتها، فلا تجرّمَ على أرضها من يتحدث عما عرف بإبادة الأرمن. وفي هذا الصدد قال الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة لأرمينيا في أكتوبر 2011، لمّا غير موقفه السياسي من ملف إبادة الأرمن (الذي كان قد قدم للبرلمان منذ 2004)، وذلك في أفق الحملة الانتخابية الرئاسية ما يلي: "إبادة الأرمن الجماعية واقعةٌ تاريخية ... وإن تركيا، التي هي بلد عظيم، ستعظم أكثر إذا ما راجعت تاريخها كما فعل ذلك كثير من البلدان في العالم [في إشارة إلى ألمانيا على الأخص]. أننا نصبح دائما أكثر قوة حينما ننظر سويا إلى تاريخنا". هذا بدوره كلام يحتاج إلى ما يرفع عنه احتمال كونه من جهته حقا يُخفي من ورائه باطلا.

البقية عبر الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-5817863-_en_arabe___2_l_holocauste_et_le_concept__istikhla.html



19/01/2012
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres