OrBinah

(EN ARABE) Evènement et non-évènement dans les média

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

 

الحدثُ واللا-حدثُ في الإعلام

 

الأمور في حد ذاتها متنوعة ولا دلالة لها من حيث هي، خارج هموم الإنسان وقلقه الموضوعي أو الفوبي. وحتى في هذه الدائرة الخاصة، تبقى الأمور متفاوته الأهمية حسب حِزمة الهموم الراهنة في اللحظة المعينة. فهل تساءل المرء يوما ما الذي يرشح أمرا ما في الإعلام ليشكل "حدثا"؟

فكلمة "الحدث" مشتقة من "الحدوث"، أي "الوقوع والحصول"، وكذلك من "الحداثة"، أي الجِدّة؛ ولكن ليس كل حادث وقَعَ، ولا كل ما هو حديث بالقياس إلى ما هو قديم، يشكل حدثا إعلاميا.

مناسبة التساؤل السابق هما عنصران إعلاميان مغربيان. أولهما ما ورد في ركن صغير، "حديث اليوم"، لمدير يومية "العلم" (24 فبراير 2012)، السيد عبد الله البقالي الذي يقول فيه صاحبه بمناسبة موصوفة، هي المبرر لما قال حين قال:

[المغاربة لا يمانعون في السير قدما نحو تكريس الانفتاح؛ وبذلك فإن عودة قناة الجزيرة القطرية إلى الرباط لا تمثل حرجا للمغاربة ... لكن هذا الشعب يرفض أن يتحول إلى خنوع أو ابتزاز من أي طرف كان. ... لذلك لن يقبل هذا الشعب أن يقع المس أو التشويش أو الإساءة لهذه الثوابت، وإن تعلق الأمر بقناة الجزيرة ...].

 

أما العنصر الإعلامي الثاني الذي يبرر التساؤل السابق، فهو مانشيط كبير تصدّر الصفحة الأولى ليومية المساء (23 فبراير 2012) مزيّنا من اليمين والشمال بصورتين مكبّرتين من حجم حوالي 50 في المائة، لكل من أندري أزولاي، وجاكوب كوهن؛ ويقول المانشيط:

{أزولاي في قفص الاتهام بــ'التجسس للموساد'}.

 

وإذ المفعول الانطباعي القوي إنما يكمن في مضمون ما يفيده العنوان بمقتضى الإفادة اللغوية، بقطع النظر عن مضمون متن النص الداخلي للجذاذة الإعلامية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما الذي رشّح مضمون تلك الجذاذة لكي يشكل "حدثا إعلاميا" ويُـتخذ له عنوان من ذلك الحجم وبتلك الصياغة، ليتبوأ مانشيط الصفحة الأولى في يومية من اليوميات، بدل أن يُـركن نص تلك الجذاذة في زاوية "المختلفات"؟ فهل يتعلق الأمر بخبر جديد تم تناقله صحةً أو كذبا؟ أم هو خبر قديم مهم،ّ استجدّت بشأنه معطيات جديدة، تصحيحا أو تكذيبا أو تدقيقا؟

في غياب عناصر الإجابة عن هذين السؤالين الأخيرين، نظرا لانتفاء ما يتعلق بهما في نص الجذاذة المذكورة التي أوردتها "يومية المساء" واتخذت منها "حدثا إعلاميا"، ينطلق الملاحظ من منطق عدم مجانية الأمور في مثل هذه الأحوال، ليتساءل عن نوعية الطرف أو الأطراف التي يمكن أن تكون وراء صنع حدث إعلامي من ذلك "الخبر"، صدقا كان ذلك "الخبر" أم كذبا.

ذلك لأن أندري أزولاي ليس مجرد مواطن في بلد ما من بلدان العالم - والبلد هنا هو المغرب –، مواطن له كذلك حضور معين على الصعيد الدولي كخبير وفاعل على أصعدة معينة، تماما كما أن لسائر  مواطنيه نفس صفةَ المواطنة، وكما أن لبعضهم مثلَ ذلك  الحضور على الصعيد الدولي، سواء كانوا رجال أعمال أم مثقفين أم غير ذلك. إن أزولاي، وفيما يتعلق بالدلالات السياسية لما أسند إليه صدقا أو كذبا، هو بالدرجة الأولى مستشار لعاهل المملكة المغربية على عهد ملكين؛ وأي تسريب دلالي سياسي لما رُوج بشأنه من خلال المانشيط المذكور، يشكل حكما بالدرجة الأولى على الإطار المؤسسي الذي يستمد منه صفة المستشار ويمارسها فيه؛ إنه حكم على الدولة المغربية في نهاية المطاف، وليس على شخص من الأشخاص، كيفما كان جرْسُ اسمه، أو لون بشرته،  أو طوطم عشيرته؛ إذ الشخص في مثل هذه الأحوال عبارة عن قناة ومَـعبَـر ظرفياتي مناسب لتصريف ما يراد تسريـبـه.

وبما أن الآفاق التواصلية للإنسان تخلصه يوما بعد يوم من استبداد ووصاية بعض المنابر إذا ما رغب في ذلك، فما أن يجري المرءُ بحثا بسيطا في بضع دقائق حتى يكتشف ما يلي:

إنه يكتشف أن اتهامات الروائي جاكوب كوهن لأندري أزولاي، التي أوردتها يومية "المساء" في صفحتها الأولى يوم 23 فبراير 2012 ناسبة إياها إلى قناة "الجزيرة.نت"، تعود إلى ما ورد في رواية "ربيع السيّانيم" (= "ربيع المخبرين") التي كان قد أصدرها جاكوب كوهن في أبريل 2010، أي قبل سنتين، والتي يقول موقع "الجزيرة.نت" بأن المسؤولين المغاربة يناهضون ترويجها بسبب ما أورد الكاتب فيها مما أسماه الموقع بـ:

["آرائه المخالفة للخطاب الرسمي المغربي القائل بأن اليهود لم يتعرضوا لأي معاملة سيئة على مر تاريخ البلاد؛ كما اكتشفوا مواقفه النقدية إزاء ما أسماها "سياسة الحوار بين الرباط وتل أبيب" التي يقوم عليها، خير قيام، أحد يهود البلاط، السايان أندريه أزولاي (أي "المخبر أندري أزولاي"].

 

وبزياد البحث دقائق أخرى، يكتشف كل من يريد ذلك أن قناة "الجزيرة.نت" أنما اصطادت جذاذتها حول اتهامات ذلك الروائي من موقع نشرة demanonline.com التي هي امتداد لأسبوعية Demain المغربية المحظورة، التي كان يصدرها السيد علي المرابط. وقد نددت هذه النشرة الإليكترونية الأخيرة بتلك السرقة الإعلامية الجزيرية بقولها:

[إن نشرة "دومان"، هذا المنبر المتواضع الذي يعمل دائما من أجل تعـسير هضم البسطيلة المغربية، هي أول من نشر خبرا عن تصريحات جاكوب كوهن ... إلا أن زميلا قليل الاكتراث من موقع "الجزيرة.نت" التي يمتلكها زوج الشيخة موزة، قد تلقف الخبر دون أن يشير إلينا].

 

بما أن الأمور لا تكون أبدا مجانية في باب ترشيح منبر إعلامي لملف من الملفات ليصنع الحدث الإعلامي، سواء أكان ذلك الملف ثقيلا أم فارغا، فإن الأسئلة السابقة تكون الآن قد استوفت إجاباتها بمحض المنطق، منطق: "من هي الجهة الحقيقية التي يفترض أن تتضرر فعلا من الجذاذة الأخبارية، بقطع النظر عن مدى صحة مضمونها؟ ومن هي الجهة التي يفترض تستفيد من ترويجها؟":

فإذ أصبحت للمغرب في المدة الأخيرة سياسة نشيطة من خلال تعامله السياسي الداخلي والدستوري مع ما عرف بـ"الحراك" (العربي وغير العربي)، الذي تذكي جذوته أطرافٌ معينة في اتجاهات بعينها بالرغم من أن أسسه الموضوعية قائمة، وإذ استأنف هذا البلدُ، في نفس المدة ديبلوماسية متميزة من خلال مواقفه من التطورات في كل من ليبيا ثم سوريا على وجه الخصوص، التي يعارض التدخل العسكري فيها عكس ما تدفع نحوه بعض الأجندات، وكذا في مجلس الأمن، وفي الاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وفي منطقة الساحل بما في ذلك موريطانيا، فإن هناك من جهة ثانية أطرافا أصبحت منذ زمن تحلم بإعادة رسم خارطة المشرق وشمال إفريقيا انطلاقا من أجندتها الخاصة. ولذلك لا يتردد إعلام تلك الأطراف في اختلاس العُملات الإعلامية لمواقع أمثال نشرة Demain المناهضة – كما تقول عن نفسها - "لهضم البسطيلة المغربية"، ولا تتردد تلك الأطراف في ترويج تلك العملة كعملة صعبة إعلامية، وذلك على صدر صفحات بعض اليوميات المغربية المتخصصة في "الملفات"، مستعملة في ذلك تقنية كرة الثلج لتصنع الحدث الإعلامي في اتجاه الغاية المتوخاة، وذلك كلما لم يكن هناك حدثٌ في الوقت المناسب. والتقنية معروفة؛ إنها تحريك الفكرة المعينة، مهما كانت طبيعتها، ولو انطلاقا من أحشاء عمل روائي، أي تحريكها - مثل كرة الثلج التي تتضخم كلما تم تحريكها - وذلك نحو عُش عنكبوتي مغمور مثل عُش موقع "دومان" في مرحلة الحضانة؛ ومنه تُسترجع، على سبيل التبني، إلى فراش موقع "الجزيرة.نيت" الأكثر أناقة وجاذبية؛ ومنه إلى صدر منبر يومية مغربية تتولى في النهاية تعليـب الفكرة، الروائية الأصل، على شكل حدث صحفي يستحق مانشيط يوميا، وذلك بعد سنتين من صدور الرواية التي كانت قد أنجبت تلك الفكرة في لامبالاة تامة من أقلام الدهر.

بعد هذا، لا يدري المرء ما هو تقويم الأستاذ عبد الله البقالي لحظوظ نجاعة تحذيراته في ركن "حديث اليوم" المشار إليه من جريدته، في الوقت الذي نشطت فيه مغازلة المرور إلى "كرموس" التينة عن طريق تسلّـق شجرة الخروب، وذلك من خلال خطة التمييز بين الدولة والحكومة، ومد طعم الجزرة للواحدة من أجل إيصال ضربة العصا إلى رأس الأخرى.

نص ذو علاقة بالموضوع:

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-2004015-_en_arabe__qatar_israel_1__ce_que_al_jazeera_sembl.html



29/02/2012
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres