OrBinah

(EN ARABE) 1-L'Etat civil et la "structuration du champ religieux"; quelle cohérence possible?

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS/AUTRES, puis sur ARABE(Windows).

 

 

مفهوم الدولة المدنية ومفهوم "الثوابت" في هيكلة الحقل الديني

أي تماسك نظري أو عملي ممكن؟

 

في الحلقة السابقة مع إحالاتها، تم عرضٌ مقتضب لبعض عناصر نظرية الفيلسوف ورجل الدين الألماني موسى مانديلسون (القرن 18م) حول الدولة والمدنية (حول أهم أسس تلك النظرية، انظر هــنــا). هذه النظرية التي ترى، من حيث المبدإ، أن [فضيلتي "الدولة" و"الدين" هما دعامتا الحياة الاجتماعية]. غير أن تينك الفضيلتين عرفتا، على صعيد الواقع، حسب مانديلسون، صراعا مدمّرا عبر التاريخ حول الصلاحيات وحول رسم حدود فضاءاتها أو قطاعاتها. [فعندما تتواجهان في الميدان، فإن النوع البشري هو الذي يشكل ضحية لشقاقهما؛ أما حينما تتحدان وتشكلان هيئة واحدة، فإن أنبل فضيلة من فضائل خلاص وسعادة الإنسان يكون قد ضاع. ذلك أنه قلما تتفقان على شيء آخر غير طرد فضيلة أخلاقية ثالثة ممن مملكتهما، ألا وهي فضيلة "حرية الضمير"].

وقد خلصت تلك النظرية التي تهدف إلى [إقامة توازن بين تينك المؤسستين لكي لا تظلا عبئا على الحياة الاجتماعية] إلى أنه [ ليس هناك من سبيل للرقي بالقناعات، وبالتالي، لتحسين القيم الأخلاقية، غير سبيل الإقــناع بالموعظة الحسنة. فالقوانين والتشريعات لا تغير المعتقدات. والعقاب القسري أو التواب المجاني لا يولّـدان مبادئ، ولا يهذبان أيّ أخلاق].

وبناء على ذلك، ومن أجل صلاح الدولة وضمان حرية الضمير في نفس الوقت، فإن [على الدولة ألا تتدخل بشكل مباشر في حلبة أي خلاف فكري أو ملـّي، ولا أن تعمل على إذكائه باستعمال سلطتها. لإنها إنما تعمل في الحقيقة ضد مصالحها حينما تعمل على منع التفكير والتساؤل أو عندما تسمح للخصومات بأن تتم بأساليب أخرى غير الحوار العقلاني. فهي ليست في حاجة إلى أن تنشغل بتفاصيل كل المبادئ التي يقوم عليها أو يرفضها أي مذهب قائم سائد أو أي مذهب آخر مسموح به فقط].

وبناء على هذا كذلك، فإن نظرية مانديلسون ترى في مفهوم وحدة الملة أو المذهب، كمقوم من مقومات الدولة، شيئا منافيا للحق الطبيعي، من حيث إن ذلك يتنافي مع المبدإ الأخلاقي المطلق المتمثل في حرية الضمير على مستوى الفرد، وفي مبدإ التسامح على مستوى الجماعة. إن شعارا من ذلك القبيل، حين يصبح مبدأ من المبادئ المؤسسة للدولة، يعلق القبول الحقوقي في حاضرة المدينة بتخلي الفرد أو الجماعة عما يكون لديه من قناعة في باب الاعتقاد. بينما المبدأ الأخلاقى الأسمى لا يسمح للدولة بأن تعلق أي حق من الحقوق باعتناق مذهب معين، ولا أن تجعل من اعتناق مذهب معين صفة تخول امتيازات مدنية أو سلطوية معينة.

وإذ أكد مانديلسون على الإقناع والتربية كأساس للسمو بأخلاق المواطنة من حيث المبدأ، نظرا لأن [القوانين والتشريعات لا تغير المعتقدات، وأن العقاب القسري والتواب المجاني لا يولّـدان مبادئ، ولا يهذبان أي أخلاق]، فإنه قد استدرك على صعيد علاقة المبدإ بالواقع قائلا:

[لكن إذا كان طابعُ أمة، ومستوى التهذيب الثقافى الذي بلغته، والنمو الديموغرافي المقابل لتطور مواردها، في حالة من تعقُّـد العلاقات والروابط في حظيرتها من خلال أوجُه الترفِ المفرط وغير ذلك من الأسباب؛ إذا كان كل ذلك يجعل قيادةَ تلك الأمة بالإقناع وحْـدَه أمرا متعذرا، فإن للدولة أن تلجأ حينئذ إلى إجراءات عمومية، وقوانين قهرية].

وعلى ضوء هذه الجدلية ما بين المبادئ الأخلاقية المقاصدية العامة من جهة، ومعطيات الواقع التاريخي للمجتمع من جهة ثانية، قام مانديلسون بإعطاء تفسير يبرر تاريخيا نظرية الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز حول "العقد الاجتماعي" كما صاغه هذا الأخير في إطار الظروف التاريخية للمجتمع الإنجليزي لعصره:

[[فلقد عاش توامس هوبز  في فترة كان فيها التعصب المقرون بمفهوم مشوَّه للحرية لم يعد يعرف حدودا، وكان فيها ذلك التعصب مستعدا ليعرك السلطة الملَـكية تحت الأقدام وليـقوّضَ هذه المؤسسةَ كليا. وإذ كان هوبز قد سئم من استشراء الفتنة المدنية - وهو الميـّال بطبعه [كمفكـر] إلى حياة تأملية هادئة - فقد اعتبر الهناء والسلامة [المدنيـين] أعظم أوجه الخلاص والسعادة [في المدينة]، بقطع النظر عن كيفية حصولهما. وهو يرى أن هاتين المزيتين لا يضمنهما إلا وحدةُ غير منقوصةٍ لأعْـلى سلطةٍ في الدولة [أي سلطة الحاكم]. فهو يعتـقد، إذن، أن رفاه وسعادة الحياة العامة لن يكونا إلا أحسنَ ضمانا حينما يصبح كل شيء - بما في ذلك أحكامُـنا [الفكرية] حول الصواب والخطإ - خاضعا للقوة العليا للسلطة الزمنية في المدينة]].

وفي إطار هذه العلاقة الجدلية ما بين العقل المحض ومعطيات الواقع، في تصور منظومة حقوقية معينة، كثيرا ما يتساءل بعض المفكرين اليوم في المغرب عن مدى التماسك والانسجام على المستوى النظري ما بين المناداة بمبادئ الحرية والديموقراطية والدولة المدنية من جهة، والتنصيص في نفس الوقت من جهة ثانية على مبادئ أخرى من قبيل وحدة الملة و/أو المذهب الديني للدولة. هذه التساؤلات منطقية على مستوى عقلانية الفكر الأخلاقي المحض؛ ولكن يتعين تصور وصياغة أجوبة واقعية عنها، أو على الأقل إعادة صياغة أسئلة أخرى أكثر تفاعلا مع الواقع الفكري والثقافي والأخلاقي العام، على ضوء التطورات التاريخية المتسارعة التي طبعت المحيط الداخلي والإقليمي للمغرب في السنوات الأخيرة على شكل ما عرف بـ"الربيع" أو بـ"الحراك"، الذي بدأت بعض إفضاءات تجاربه تتـشكل اليوم على أرض الواقع في اتجاهات متنوعة خصوصا في مصر وليبيا وسوريا وتونس.

من بين تلك الأسئلة الجديدة الممكنة، والمتفاعلة مع الواقع ومع المبادئ المقاصدية في نفس الوقت، هو التساؤل عما إذا لم يكن ما أصبح يعبر عنه في الأدبيات السياسية المغربية بـ"الثوابت" في باب "هيكلة الحقل الديني" مـُـعطىً من المعطيات التي لا تتوفر في أماكن أخرى، ويشكل بذلك، في هذه المرحلة التاريخية، مكسبا وقائيا ثمينا يتعين الوعي الفكري والسياسي بأهميته في إطار مقصدية الصلاح العام وعلى طريق الانتقال الديموقراطي المناسب للمرحلة التاريخية، خارج أي مسلك من مسالك النكوص التي زاغت نحوها التطورات في أماكن أخرى في المحيط الفكري والجيو-سياسي للمغرب.

هذا القبيل الأخير من الأسئلة يستمد مشروعيته من معطى سوسيو-ثقافي وأيديو-فكري عام يتمثل في أن المغرب يسبح في محيط عام (من إيران والخليج إلى تركيا وبلاد الساحل) ما تزال المرجعيات المذهبية (ملية كانت أم قومية) تشكل فيه أساس مشروعية الدولة، وذلك بأشكال مؤسساتية مختلفة وبدرجات متفاوتة من الجنوح نحو النفوذ الجيو-سياسي (إيران، السعودية، تركيا)، بل نحو نفوذ فاتح بالغزو في السنين الأخيرة (الحركات الجهادية)؛ وذلك في ظل فراغ تاريخي في باب تجديد الفكر الديني بما يتلاءم مع ما حققته البشرية من منجزات هائلة في باب هيكلة الحقل السياسي؛ ومن بين ذلك مفاهيم قيم حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وآليات التداول الديموقراطي للسلطة ومفهوم الدولة المدنية في إطار دولة وطنية تكون إطارا بنيويا ضروريا لهيكلة المجتمع لكي يدبر شؤونه العامة، وليتأهل احتمالا بعد ذلك للانخراط بنيويا وبشكل مضبوط الحقوق والالتزامات في أي تكتل آخر مهيكل أوسع مما تتوفر له الشروط؛ وذلك بدل أن ينظر إلى الدولة الوطنية كعقبة أمام أمميات هلامية بديلة تختلف تصورات قيمها حسب تناسخ الأيديولوجيات..

ففي ما يتعلق بذلك الصعيد، صعيد هيكلة الحقل الديني، وبموازاة مع مهمة العمل الفكري والتربوي المؤسسي من أجل تجديد الفكر الديني، يتعين من الناحية التصورية على كل تحليل وتقويم لواقع مفهوم حرية الضمير، وحرية ممارسة الشعائر على أرض الواقع مما ينص عليه الدستور، أن يميز ما بين حالتين مختلفتين تمام الاختلاف إلا وهما:

1- التوفر على قناعة تأملية أو روحية، بما قد يرتبط بها أو لا يرتبط من ممارسات شعائرية فردية أو جماعية، كان دائما واقعا وحقا طبيعيين لكل كائن بشري في إطار السعي إلى إعطاء معنى لحياته وللوجود والسعي نحو الخلاص والسعادة الروحية بما يتوافق وحرية الضمير التي هي أسمى مبدإ أخلاقي حقوقي؛

2- غير أن الوضعية الحقوقية والقانونية تختلف اختلافا جوهريا حينما يصبح الانخراط في إطار ملي أو مذهبي داخل الملة انخراطا تنظيميا لمساندة أو مناهضة نموذج من نماذج تدبير شؤون المجتمع والمدينة، خصوصا على شكل مواقف معينة لصالح أو ضد دولة قائمة أو مشروع نموذج دولة، كيفما كانت طبيعتها التنظيمية المؤسسية (حكم فردي، حاكمية الله، حكم طغمة، حكم عشيرة، حكم حزب بأيديولوجية معينة).

هذا الاختلاف الأخير يتحقق عمليا على صعيد الممارسة عن طريق تحريف أطر طقوس وشعائر الجماعة المعينة (مرددات، ممارسات، شعارات، شارات خارجية) إلى علامات انتماء وانضباط داخل تنظيم وبرنامج يهدف إلى الاستيلاء على السلطة لتدبير الشؤون المدنية للمجتمع (أحوال شخصية، حريات فردية وجماعية، توزيع العمل والثروة، نمط الإنتاج والتوزيع والتبادل، الخ. ؛ انظر  .هــنـــا). أي أن ذلك يتمثل في النهاية إلى تحويل فضاءات الجماعة المعينة من فضاءات للاستجابة إلى الحاجيات الروحية بما يعطي معنى للحياة والوجود، إلى مجالس ومحافل لتصريف خطاب تعبوي ضد عيـنيّـة أو طبيعة هيئة الدولة القائمة و/أو من أجل نموذج بديل للدولة (انظر نموذجا لهذا هنـــــــا). هذا مع أنه، إذ لا يصلح الناسُ فوضى لا نظام لهم، وإذ يضمن الدستور حرية التعبير عن الأفكار والآراء السياسية ويرسم آليات تداول السلطة، فإن قوانين الحريات العامة، والمنظمات السياسية، والحملات الانتخابية، قد وضعت لممارسة تلك الحريات ولسبل المشاركة في ذلك التداول على السلطة أطرا وآليات تنظيمية لا يصبح للحرية معنى غير مشوه وغير فوضوي (مثل ذلك المعنى الذي تحدث عنه مانديلسون بخصوص ظروف صياغة نطرية طوماس هوبز) إلا بالتزام جميع الفرقاء بحدودها، أي بحدود تلك الأطر القانونية

----------------------------------

التكملة عبر هذا الرابط

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-2-concept-de-l-etat-civil-deconfessionnalisation-de-la-conscience-et-deterritorialisation-de-la-confession

------------------------------

علق الزميل، الأستاذ عز الدين بونّيت على هذا النص كما هو معروض من خلال رابط على جدار الفيسبوك بما يلي:

 [[إصرار الخطاب الرسمي على أننا ننتمي إلى المذهب المالكي في الفقه، والمذهب الأشعري في العقيدة، ومنهج الجنيد في التصوف، هي أيضا صيغة أخرى للقول إننا سنة وشيعة (وربما إباضية) في الان نفسه. وهذه واحدة من مميزات هذا الربع من أرض المسلمين، لعبت فيها الجغرافيا دورا كبيرا.. فقد كانت أرض المغرب، إلى حدود الكشوف الجغرافية الكبرى، تشكل نهاية العالم المعروف في القرون الوسطى. وهذا الوضع جعل منها مستقرا لكل الهاربين من صراعات الشرق الدموية؛يصلون إليها وقد فرضوا على أنفسهم التساكن الاضطراري؛ فلا أرض بعد ذلك يمكنهم الفرار إليها.

نشأت عن هذا الموقع الجغرافي خبرة كبرى في التعايش لدى المجموعات البشرية والمذاهب الفكرية والعقدية التي كانت تصل إلى هنا. كما ان تلك المذاهب كانت تصل وقد فقدت كثيرا من فورانها وسخونتها التي تكون لها في المنبع، تماما مثل حمم البركان التي تبرد وتصل حد التجمد كلما ابتعدت عن بؤرة البركان.. محمد بن تومرت عرف كيف يمزج في دعوته بين مكونات المعتقدات الشيعية وبين مقومات الفكر المعادي للفلسفة وللتصوف الشعبي معا (لدى السنة)، عندما ادعى أنه المهدي، مستندا في الآن نفسه إلى الغزالي. والأمثلة كثيرة، آخرها سلوك تقبيل يد الملك الذي يرجعه عبد الله العروي إلى التقاليد الشيعية، والعبارة المآثورة في مراسلاتنا الرسمية التي تحيل على صفة الإمام، وهي ليست من الصفات ولا من الوظائف الدستورية للملك أمير المؤمنين (في بعده السني)]]



19/02/2014
1 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres