OrBinah

(EN ARABE) 1-Une lecture dans le Manifeste sur les richesses au Maroc-1

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur (ARABE(Window). Ou bien, aller dansOUTILS et faire les mêmes démarches.

 

قراءة في البيان حول الثروة في المغرب

(1) ما بين الوجهين، السويسو-اقتصادي والسياسي

 

البيان الذي وقعته مجموعة واسعة من المواطنين والمواطنات مؤخرا حول مسألة تدبير الثروة في البلاد، بيان هامّ من الناحية السوسيو-سياسية، ويستدعي قراءتين: قراءة على مستوى الشكل، وقراءة على مستوى المضمون.

فمن حيث الشكل، (1) هناك أولا سابقة في هذا الباب، تتمثل في نوع من الجانتلمانية الإنجليزية، تتجلى في تصدير لائحة الموقعين على البيان بأسماء العنصر النسوي مجتمعة. (2) ثم هناك تلك اللهجة الهادئة، واللغة الرصينة من حيث قاموسها ومضامين جملها، اللتان صيغ بهما البيان. (3) ثم هناك - في تكامل مع هذا المظهر الثاني - ما تترجمه بالفعل تلك اللائحة من طابع تعدّدي المشارب والمثاقيل السياسية والفكرية (سياسيون، حقوقيون، مثقفون، صحفيون، مسؤولون سابقون) نابع من المجتمع المدني (بما أن الموقيعن وقعوا كأشخاص) ويخترق مجمل الخارطة السياسية بأطيافها الأيديولوجية في نفس الوقت، كما سطر تقديمُ النداء ذلك. (4) وأخيرا، فإن البيان - بانطلاقه تصريحيا من خطاب العرش (30 يوليوز 2014) المتعلق بمختلف أوجه الثروة وبمعايير قياسها وتوزيعها، معتبرا ذلك الخطاب ["قد هيأ شرطا مواتيا لفتح نقاش حقيقي وبناء وعميق حول قضايا الثروة وإنتاجها وتوزيعها، وحول العدالة والفوارق الاجتماعية "]، يكون البيان بذلك ممارسة مواطنة تندرج في إطار مؤسَّسي من حيث إن الدستور ينص على دور المجتمع المدني في الشأن العام، ومن حيث إن الخطاب الملكي نفسه، في دعوته للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى إعداد دراسة حول أوجه الثروة والرخاء بمعاييرهما الحديثة (المادية وغير المادية) وتوزيعهما في المجتمع، مع صياغة توصيات عملية بناء على تلك الدراسة، قد قرر أيضا أن يتم نشر تقرير تلك الدراسة وتوصياتها، داعيا في نفس الوقت ["الحكومة والبرلمان، وكل المؤسسات المعنية، والقوى الحية للأمة، للانكباب على دراسة التوصيات البناءة التي يتضمنها، والعمل على تفعيلها"]، وذلك ["حتى لا يبقى التقرير الختامي لهذه الدراسة حبرا على ورق، أو مادة للاستهلاك الإعلامي فقط].

كل هذه المظاهر الشكلية، المريحة في باب اسلوب التدافع السياسي في شأن أمور الحياة والعادة، لا تسمح باعتبارها نظيرا مثلا للكيفية التي يتم بها تصريف الأمور في بريطانيا هذه الأيام في شأن مصيري تاريخيا يتعلق بالوحدة السيادية الترابية للوطن (حملة الاستفتاء حول استقلال إقليم سكوتلاندا التي شكلت الشؤون السوسيو-اقتصادية والمالية محركها)؛ ولكنها مع ذلك مظاهرُ تعكس المسافة التاريخية الشاسعة التي تفصل بينها وبين أساليب أخرى راهنة، في أماكن أخرى قريبة أو بعيدة، من التناحر المدمِّر الذي يهلك الزرع والضرع والنسل، والدائر حول خلط شيطاني جهنمي لمعيـشيات الحياة والعادة بماورائيات الحياة والعبادة.

 

أما على مستوى المضمون، فإن البيان يشكو من خلط بين بعض المفاهيم، ومن قفز غير متماسك المنطق ما بين المقدمات والنتائج. المفهومان الاساسيان اللذان تمَّ الخلطُ بينهما خلطاً مكّن من القفز من مقدمتين تشخيصيتين اقتصاديتين اتفق عليهما الجميع ( أ- تحقيق تقدم لا ينكر، ب- سوء انعكاس ذلك على التماسك الاجتماعي)، إلى "استنتاج" سياسي لا يترتب منطقيا عن تينك المقدمتين، هما مفهوم "الليبرالية الاقتصادية" بمختلف أوجهها و درجاتها - وهو مفهوم في الاقتصاد - ومفهوم "الديموقراطية السياسية" بمختلف أوجهها (برلمانية، رئاسية، شبه رئاسية) - وهو مفهوم سياسي من مفاهيم نظريات أسس الشرعية والحكم.

فتدبير شأن الثروة، من حيث آليات خلقها (الاستثمار، الإنتاج، الادخار) ومقاييس وآليات توزيعها (الاستهلاك، القدرة الشرائية، الضرائب والاقتطاعات، التغطيات والمُقاصات، التوازنات والتضامنات الجهوية) ينتمي إلى باب الاختيارات الاقتصادية لنظام من أنظمة الحكم، قد يكون نظاما ديموقراطيا (برلمانيا أو رئاسيا أو شبه رئاسي) أو قد يكون نظاما تحكّميا توطاليطاريا بمختلف أشكاله (ديكتاتورية حزب، أتوقراطية، ثيوقراطية)؛ أي أن الأمر يتعلق بنظرية الدور الذي يوكل إلى الدولة في آلية الاقتصاد إنتاجا وتوزيعا، وذلك من أقصى أوجه اقتصاد السوق الحرة الكلاسيكي (استراليا، سويسرا، كندا) إلى أقصى أوجه الاقتصاد الاجتماعي (السويد، الترويج، فينلاندة).

فلا علاقة استلزامية، إذن، بين أي شكل أو درجة من الديموقراطية كنظام حكم تُـتداول فيه السلطة بناء على مختلف أشكال استشارة الشعب، وأي شكل أو درجة من الاقتصاد الليبرالي أو الاقتصاد الاجتماعي.

 

لقد انطلق تحليل البيان من قوله: ["إننا ننطلق من المعاينة التي تفيد بأنه على الرغم من بعض المكتسبات التي لا يمكن إنكارها في عدد من المجالات، فإن الوضعية التي توجد فيها بلادنا تبعث على القلق (...). فالنمو الاقتصادي يبقى ضعيفا وهشا، ويعاني من إعاقة بالغة بفعل عوامل متعددة، من بينها ضعف تنافسية القطاعات المنتجة". ثم يضيف: "يعتري الثروات المنتجة سوء توزيع كبير (...). فلا يتم تطوير الخدمات الاجتماعية بوتيرة قادرة على الاستجابة لحاجات السكان، بل إنها تعرف تراجعات كثيرة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الخدمات الصحية الأساسية"].

معنى ذلك أن تشخيص البيان متكامل ومتناغم مع ما جاء في الخطاب الملكي المذكور الذي يقول: ["ومن هنا، فإن من حقنا جميعا أن نتساءل : هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة ، وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات؟"].

انطلاقا من ذلك التشخيص والمعاينة لطبيعة المرحلة التي أصبح عليها الاقتصاد بناء على نوعية القوانين والتدابير الضابطة لعجلته لحد الآن، والتي أعاد فيها البيان ما ورد في الخطاب الملكي، وبدل أن يتقدم ذلك البيان بمقتراحات عملية في اتجاه تصويب ما يراه قد أصبح يشكل خللا في المنظومة السوسيو-اقتصادية (شروط التنافسية ما بين اقتصاد السوق والاقتصاد الاجتماعي التضامني واقتصاد الريع، السياسة الضريبية، الخوصصة  والتحملات الاجتماعية للدولة، السياسة الجهوية، الخ.)، قفز البيان إلى استـنتاج حكم سياسي تأسيسي حول طبيعة نظام الحكم، هو الآتي:

["من البديهي أن تكون أسباب هذه الوضعية متعددة، والمسؤوليات متقاسمة (...). ولكن التوجهات العميقة والمستمرة لا يمكن أن تعزى فقط إلى المكلفين بتنفيذ السياسات العمومية"، "بل تتعلق أساسا بالاختيارات الكبرى التي تمت (...) في إطار الحكم المطلق للملك الراحل الحسن الثاني. والتي لم تتم إعادة النظر في جوهرها خلال الخمسة عشرة سنة من الحكم الحالي" (...). "لقد أضاف التعديل الدستوري لسنة 2011 صفة "الملكية البرلمانية" إلى نظام الحكم، غير أن الدستور نفسه لم يتضمن مقتضيات كفيلة بترجمتها إلى اختصاصات السلط والعلاقات بينها، حيث إنه احتفظ للملك بالاختصاصات الاستراتيجية والمُهَيْكِلة على المدى البعيد، وحصر باقي المؤسسات في نطاق تدبير السياسات العمومية (...). وهذا الأمر مخالف لمنطق كل نظام ديمقراطي جدير بهذا الوصف"...].

فهل هذا الحكم الإطلاقي الأخير على مضمون الدستور في باب السلط والصلاحيات حُكم صحيح على ضوء قراءةٍ جدية لفصول الدستور؟ أم أن الأمر يتعلق بخطاب جزافي يُـنظـّر بوعي أو بغير وعي لتكريس ومأسسة ما استمر الآن حوالي عقدين من تقاليد التشبث بالمناصب التشريعية والتنفيذية كمجرد ريع سياسي، مع تصديرٍ خطابي للمسؤوليات في باب ترشيد الفضاء السوسيو-اقتصادي، ومحاربة الريع والفساد، وتخليق وترشيد الإدارة، وإصلاح القضاء وغير ذلك؛ أي الإلقاء دائما بكل المسؤوليات على عاتقِ مجهول في مستنقع "التماسيح" و"العفاريت"، تلك الكائنات العنقائية المتلونة التي حلت اليوم محل  تسميّات الأمس من "خصوم الديموقراطية" و"الحزب السري" و"جيوب المقاومة" (انظر هــنــا)، إنه خطاب لمأسسة التملص المنهجي من مسؤوليات ما تمّ وما لم يتمّ، بما في ذلك - بعد دستور 2011 - مسؤولية رئيس الحكومة في التوقيع بالعطف على الظهائر الملكية (الفصل 42 من الدستور)، ومسؤوليته ومسؤولية أي عضو من  أعضاء حكومته في الاستقالة إذا ما رأى أن هناك عوائق في وجه تحمله لمسؤوليته كاملة، وهي استقالات يضمنها اليوم الدستور (الفصل 47) ولم تعد نوعا من العصيان قد يستتبع ما قد يستتبع، بدليل أنه قد مارس تلك الاستقالة فريق حكومي كامل بعد هذا الدستور؟



17/09/2014
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres