OrBinah

(Arabe) Le discours politique comme objet de recherche

الخطاب السياسي كمادة للبحث العلمي

(ورقة عمل لفريق للبحث؛ ربيع 2015)

 

يمكن القول باختصار شديد، وعلى شكل مجرد خطاطة، أن العلوم السياسية ظلت قائمة في المغرب، فيما يغلب عليها،  على المفهوم الكلاسيكي، أي على على دراسات أوجه معمارية الفعل السياسي ونوعية تنظيماته وكيفية اشتغالها على مستوى الدولة الوطنية وعلى مستوى علاقات السياسة الدولية، وكذا على دراسة المعمارية الهيكلية والعلاقات الوظيفية القائمة بين تلك التنظيمات في الدولة الوطنية (ممارسة السلطة، معارضة) من حيث تدبير السلط (تشريعية، تنفيذذية، قضائية)، أي القانون الدستوري، ومن حيث تدبير العلاقات بين الدول، ثنائيا وكونيا، في علاقة ذلك بالمؤسسات والمنظمات الدولية. ولا يشذ عن ذلك إلا قليل (كتابات أمثال محمد بردوزي، عبد الله ساعف، وأخيرا سعيد بنيس وآخرون قليل)

غير أن الدراسات السياسية اليوم، وعلى الخصوص على مستوى الدولة القطرية المعينة، قد أخذت منذ عقود تستدخل أوجها أخرى لمعطيات الفعل السياسي كمواضيع للبحث العلمي الأكاديمي، من شأن كثير من آليات ذلك الفعل السياسي أن تظل غير مفهومة في غياب معرفة علمية بها، أي بتلك المواضيع الجديدة.

من بين تلك المواضيع الجديدة، هناك "الخطاب السياسي". فـللـنشاط السياسي عبر التاريخ والمجتمعات مستويان يتجلى عليهما: مستوى الفعل والممارسة (البراكسيس) ومستوى القول والخطاب (اللوغوس). الخطاب السياسي يتجلى في أدبيات النصوص المؤسِّسة (دساتير، مواثيق، مقررات وتوصيات المؤتمرات) وأدبيات الفاعلين السياسيين أفرادا ومنظمات وهيئات (برامج سياسية، حملات انتخابية، تصريحات، بيانات، بلاغات). وهو، أي الخطاب السياسي، قابل للدراسة العلمية من وأجه متعددة من قبيل ما يلي مما ليس على سبيل الحصر:

- نوعية المعجم المستعمل، ومضامين ومرجعيات ألفاظه ما بين المسمى الملموس والماهيات العنقائية من قبيل "خصوم الديموقراطية"، "جيوب المقاومة"،  "الحزب السري" "الدولة العميقة"، "التماسيح والعفاريت"، الخ.).

- نوعية حُجج الإقناع ومرجعيات قيمها ما بين قيم وشعارات السوسيو-اقتصادي والسوسيو-اجتماعي من جهة، قيم وشعارات الأخلاقي والديني والهوياتي بمختلف أبعاده.

- نوعية الحجاج التعبوي ما بين درجات العقلانية والملموسية (أرقام، حسابات، إحصائات، تشخيصات، تحليلات، تسمية المسميات بأسمائها، الخ.) ودرجاتِ الخطابية (تعميمات،  تشبيهات استعارية، تقريضات وتبجيلات، تجريحات وتقريعات، تهريجات وتهييجات، تنكيتات، الهمز واللمز والتلميح بدل التصريح، خطاب المؤامرة، الخ.).

- أساليب رواية الأحداث السياسية البراغماتية وإكسابها معنى بعد حين بشكل 'تعليلي' بََعدي يُضفي عليها 'تماسكا' و'عقلانية' معيّنين على مستوى الحدث المعين في علاقته بالظرفية وبالمدى البعيد على مستوى الفاعل السياسي الفردي أو الجمعي، الخ.

 

وعلى مستوى دراسة هذا القبيل من أوجه التي لم يسق منها إلا عينة، تلتقي العلوم السياسية بالعلوم الأنثروبولوجية (أنثروبو-ثقافية، أنثروبو-لغوية ) التي تتناول نماذج بناء عناصر الهويات المختلفة (أساطير مؤسِّسة، مخيالات جمعية)، وآليات اشتغال تلك العناصر الثقافية الهوياتية وإدراجها في الخطاب السياسي (مثلا لقب "بوحمارة"؛ شعار "بن عرفة يا الحمار، شوف سيدك فالقامار" مثلا) وتشغيلها في والفعل السياسي، وذلك في تكامل معرفي بين ذينك العلمين (علم السياسة وعلم الأنثروبولوجيا) من أجل تشخيص وفهم وتفسير الظاهرة السياسية المعينة في مكان وزمان سوسيو-سياسين معينين. وبذلك يمكن رصد تطور السياسة والفكر السياسي ليس فقط من خلال تتبع تطور المؤسّسات والنصوص الدستورية، ولكن كذلك من خلال تتبع تطور الخطاب السياسي العمومي.

وبذلك تندرج الدراسة العلمية للخطاب السياسي في صميم اختصاص مجموعة البحث  مثل فريق "جيو-سياسة، هويّات وهجرات" (Géopolitique, Identités et Migration) التابعة للمعهد الجامعي للبحث العلمي؛ خصوصا إذا ما تم استحضار بُـعدِ حركية وهجرة المفاهيم والمرجعيات والشعارات في ما يتعلق ببناء وإعادة بناء الأطر الهوياتية.

---------------

 

انظر كذلك سلسلة نصوص (2011) تحت عنوان "مسألة القيم في موسم 'الحراك' " عبر الرابط الآتي

 

https://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-1-l-ethique-la-politique-l-ecole-et-la-rue-quel-rapport-1

 

محمد المدلاوي

المعهد الجامعي للبحث العلمي



13/02/2016
6 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres