OrBinah

(EN ARABE) Pèlerinage juif au Maroc: un aspect du patrimoine immatériel

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

مواسم ومحاجّ المسلمين واليهود المغاربة.

وحدة الجوهر الأنثروبو-ثقافي، واختلاف الأطر

 

حوار مع الأستاذ محمد المدلاوي

(أسبوعية "الوطن الآن" المغربية ع:525 27 يونيو 2013. ص: 15)

أجرى الحوار منير كتاوي

 

تعرف عدد من المدن والقرى المغربية مواسم دينية لليهود، يقدمون إليها من الداخل والخارج، هل يمكن الحديث عن صحوة دينية يهودية في المغرب؟

 

 

المواسم بصفة عامة أطرٌ اجتماعية ملموسة، لها بالدرجة الأولى وظائف سوسيو-ثقافية وسوسيو-اقتصادية؛ غير أنها تتقاطع وتتداخل دائما، على مستوى الرمزيات والشارات ووسائل التعبئة والشرعية والتواصل، مع أطر أخرى أوسع وأكثر تجريدا، كإطاري الدين والسياسة؛ وذلك بمضامين فرعية من ذينك الإطارين تـتـغير حسب تبدل الأحوال.  وعلى مستوى ذلك التقاطع والتداخل مع هذين الإطارين الأخيرين، يكتسب الموسم المعين خصوصيته في ظرفية معينة. وبناء على ذلك، فإن المواسم التي تعرفها كثير من القرى والمدن المغربية والتي تتميز، زيادة على أبعادها السوسيو-ثقافية المشتركة، بحضور البعد اليهودي فيها كصفة مميزة، مواسمُ لا تختلف في شيء، من حيث الجوهر، عن بقية المواسم بالمغرب. فكما أن إعادة تحيـيـن أشكال وحيويات المواسم عند المسلمين المغاربة في العشريات الأخيرة لا تسمح مفهوميا بربطها ربطا جوهريا بالدين الإسلامي، فيقال عنها مثلا إنها تعكس صحوة دينية أو عكس ذلك، فإن نفس الشيء يصدق على مواسم الجماعات اليهودية. فكل تلك المواسم، كيفما كانت خصوصياتها تندرج في ما يعرف اليوم بالتراث غير المادي لكل أمة، كأصناف الموسيقى والرقص والمهارات الخاصة المختلفة، ويشكل مختلفُ أوجه هيكلتها رصيدا معرفيا مهما في باب المعرفة الأنثروبو-ثقافية بالآليات الذهنية والسلوكية العميقة لحركية المجتمع في تعامله مع المحيط الذي هو جزء منه. فكما أن خارطة الأسواق الأسبوعية من مختلف الأهميات مثلا ليست خارطة اعتباطية بالقياس إلى معطيات الجغرافيا الطبيعية والاقتصادية والبشرية، فكذلك خارطة المواسم السنوية.

وبالعودة إلى المواسم المغربية اليهودية على وجه الخصوص، أضيف فأقول إنها مرتبطة بظاهرة أنثروبو-ثقافية أوسع هي ظاهرة دور مؤسسة الأولياء والصالحين في تاريخ هيكلة المجتمع المغربي، في مقابل أطر أخرى أقل شأنا في المغرب كالقبيلة والعشيرة. وفي هذا الصدد كذلك، ليس هناك تميز على مستوى التشكيلة البشرية للمجتمع المغربي بشأنها. فإذا كان شأن ما يزخر به المغرب من أقطاب الأولياء والصالحين المسلمين من مختلف الدرجات، بالقياس بلدان أخرى، أمرا معروفا، فإن ما ليس معروفا بما فيه الكفاية هو أن نظير ذلك التميز موجود كذلك فيما يتعلق بالعدد الهائل من الأولياء الصالحين اليهود. ويمكن لمن أراد معرفة ذلك أن يعود إلى كتابَي كل من لويس فوانو (Pèlerinages Judéo musulmans du Maroc) و إساكار بن عمي (Culte des saints et pèlerinages judéo musulmans au  Maroc)؛ فسيجد في هذين الكتابين، من جهة أخرى، وهذا أمر ذو دلالة، كثيرا من الأولياء المشتركين ما بين اليهود والمسلمين في المغرب.

 

في نظرك ما الذي يغري استمرار هذه المناسبات الدينية سواء في المغرب أو تونس؟

 

إنه ما ذكرت؛ أي الأبعاد الثقافية بصفة عامة. أما تونس على وجه الخصوص، فإن ما تميزت به هو احتضانها لأقدم بيعة يهودية في شمال إفريقيا هي بيعة "الغريبة" الموجودة بجزيرة جربة، والتي حيكت حولها كثير من الأساطير الفولكلورية التي ترفع تاريخ بنائها إلى القرن السابع قبل الميلاد على إثر تخريب الهيكل الأول على يد نبوخذنصر. غير أنه يتعين إضافة ما يلي بخصوص التاريخ الحديث للجماعات اليهودية بالمغرب. فعلى إثر الهجرة اليهودية التاريخية المكثفة للجماعات لليهودية المغربية، التي تمت ما بين الخمسينات والسبعينات من القرن العشرين، والتي تداخلت في مجرياتها عوامل متعددة أهمها عمل الحركة الصهيونية وقيام دولة إسرائيل وانعكاساته السياسية على جميع الأصعدة، أصبح للموروث الثقافي المغربي لتلك الجماعات شأن خاص في إعادة بناء خصوصيتها الهوياتية، خصوصا في إسرائيل حيث تعرضت إلى حدود الثمانينات لاستصغار إثنو-ثقافي حاد ترتبت عنه انعكاسات على مستوى  فرص الترقي السوسيو-اقتصادي والسياسي، فحصل أن عاد جيل جديد إلى خصوصيات الأبعاد الهوياتية (اتفاضة وادي الصليب، حركة الزعيم النقابي يهوشواع بيريز بأشضوض، حركة الفهود السود سنة 1971) التي كان الجيل المهاجر قد عمل على طمسها التماسا للاندماج. وكمجرد أشارة دالة في هذا الباب، مما له تعلق مباشر بموضوع أسئلتك، كنت قد أشرت في كتيبي "عن الذاكرة والهوية" (منشورات 'شراع' ع:64) إلى ذلك اليهودي المغربي الذي كان قد رفع دعوى ضد الوكالة اليهودية بإسرائيل في ما يتعلق بترتيب هجرته، والذي صرح للصحافة بأنه إنما كسب تلك الدعوى بفضل ما حصل له من أن أحد الأولياء اليهود المدفونين في المغرب قد وقف عليه في منامه وقدم له النصح؛ ويتعلق الأمر بالولي اليهودي ربي داويد بن باروخ المدفون في عراء جنوب تينزرت وشرقي المنابهة بمنطقة سوس.

 

من خلال الكتاب الأخير لـ "إيلي مالكا" بعنوان "العوائد العتيقة الإسرائيلة بالمغرب، من المهد إلى اللحد"، يلاحظ أنها في بعض الحالات مشتركة مع عادات المغاربة المسلمين؛ ومع ذلك يلاحظ نوع من التبرم الاجتماعي لليهود في المغرب. كيف تفسر هذا الأمر؟

 

أود أولا أن أنوه بتعريفك، من خلال هذا السؤال، بالعالم الفذ إيلي مالكا. فكتابه الذي أشرتَ إليه، والذي صدر أول ما صدر سنة 1962 ضمن مكتبة غنية ومتنوعة من مؤلفات ذلك الباحث، يعتبر من النصوص الوصفية الأنثروبو-ثقافية المغربية الرائدة والتي لم تكتب لها استمرارية. وبالإضافة إلى المضامين الوصفية النادرة، كـُـتب ذلك الكتاب بلغة عربية فصحى لم يعد لها اليوم نظير، لا من حيث فصاحتها، ولا من حيث قدرتها على سبك ألفاظ جيدة للمفاهيم التي تتعدى نطاق الثقافة العربية الإسلامية في ذلك الوقت.

ثم أود ثانيا، أن أرفع وجها من أوجه الالتباس الذي قد يترتب لدى البعض بسبب تطور معاني الألفاظ. ففي الفترة التي كتب فيها الكتاب (نهاية الخمسينات)، كان هناك لفظان مستعملان، حسب السياق ومستوى الخطاب، للدلالة على الجماعات اليهودية؛ أي لفظا "اليهود" و"بنو إسرائيل" (Juifs, Israélites). وفي هذا السياق التاريخي الذي لم تنتشر بعدُ فيه كلمة "إسرائيل" محمولةً على الدولة العبرية التي كانت قد أقيمت قبل عشر سنوات من ذلك، كان لفظ "Israélite" هو اللفظ المستعمل في أوساط المدارس الأنثروبولوجية الفرانكوفونية للدلالة على "يهودي"، وذلك بدل "Juif" الذي أصبحت له حمولات إثنية خاصة خصوصا على إثر تداعيات حادثة دريفوس. وبناء على ذلك، فإن عبارة "العوائد الإسرائيلية"، إنما هي ترجمة الوقت لعبارة "Les coutumes israélites".

أما ما أشرت إليه من حالات العناصر المشترك فيها ما بين المسلمين واليهود في باب العوائد والطقوس فمرجعه إلى ما سبقت الإشارة إليه من أن الأطر الدينية والسياسية إنما هي أطر شكلية لما هو ثقافي عميق يخترق  جوهرُه تلك الأطرَ أفقيا وعموديا، في نفس الوقت الذي يتخذ منها رمزيات وشارات ووسائل لاكتساب الشرعية وللتعبئة والتواصل.

 

شكل دستور فاتح يوليوز 2011 سابقة في التنصيص على أن من بين روافد الهوية المغربية، المكون العبري. ومع ذلك يلاحظ نوع من الإقصاء الرسمي لهذا المكون، سواء في الأنشطة الرسمية أو في الحضور الثقافي والفني في وسائل الإعلام الرسمية. فهل يتعلق الأمر بنص هو عبارة عن حبر على ورق؟

 

أبدا، لا يتعلق الأمر بحبر على ورق في اعتقادي. فدستور 2011 دستور تمخض عن نقاش حيّ وعميق عكس من خلال حدته ونتائجه متوسط ما تسمح به تدافعات الفكر المغربي الحالي في مختلف القطاعات السياسية والثقافية. غير أن الدستور، كقانون أسمى، مثله في ذلك مثل أي قانون عاديّ كقانون السير مثلا، ليس رقية سحرية تعفي الجميع. إنه إطار للعمل في إطار معادلة المسؤولية، أي التكامل بين الحق والواجب. والمسؤولية مفهوم مدني يحتل فيه الفرد مكانة الصدارة مهما كان مستوى عمله في معمارية المجمع. ذلك لأن المؤسسات باختلاف مستوياتها (حكومية، إدارية، تربوية، إعلامية، صحفية، أكاديمية) إنما يحركها أفراد مدنيون، كل في موقعه ووظيفته. فعندما أقدمت أنت مثلا، باعتبارك صحفيا، على فتح هذا الملف، أعتقد أن ذلك كان مبادرة منك في إطار عملك ووظيفتك ومسؤوليتك كما تقدرها، وليس مجرد تنفيذ لتعليمات "رسمية" من طرف تجريدي مجهول لا هوية مدنية له كمسؤول فلاني. أعتقد أن هذا هو التصور الذي يتعين أن تكسر بواسطته حلقيةُ اللا-مسؤولية ما بين ما يسمى بـ"الجهات الرسمية" التي استحدث لها قاموس التنصل من المسؤولية موادّ معجمية عنقائية من قبيل "التماسيح والعفاريت" وبين الفرد المدني من لحم ودم. هذا التصور، إضافة إلى بعده الفكري المحض، هو من صميم ما يستفاد كمفهوم ملموس للمسؤولية من روح الدستور الجديد.

 



01/07/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres