OrBinah

(EN ARABE) Lecture dans le témoignage d'un Saharoui revenant des camps de Tindouf

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller vers la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAG, puis sur CODAGE (puis éventuellement sur PLUS), et enfin sur ARABE(Windows)

 

قراءة في شهادة عائد من تيندوف

 

في لقاء تواصلي بعنوان "شهادة عائد من تيندوف" تمّ في المكتبة الوطنية بتأطير من الأستاذ حسن أوريد مساء يوم 21 أكتوبر 2014، قدم السيد البُّـيهي حماتي، وهو في الأربعينيات من عمره، شهادة عن وضعية جيل عاش حياته كاملة في منفى عن وطنه، موزعة بين المخيمات ومدن الجزائر وبين ليبيا وكوبا وغيرها من الدول، بلا هوية معلومة، ولا استقرار سوسيو-اقتصادي، ولا حياة مدنية وسياسية مؤسسية.

إصافة إلى عرض مختلف أوجه المعاناة الناتجة عن تلك الوضعية التي عُلـِّـقت فيها كافة أبعاد حق المواطنة، وإلى عرض نوعية العلاقات القائمة بين قيادة جبهة البوليزاريو بجماهير المخيمات التي توجد فعلا تحت إدارتها من جهة ، وبالسلطات الجزائرية التي تقرر في كل ما هو خارجي، حسب صاحب الشهادة من جهة ثانية، قدم الشاهد رؤيته الخاصة لنزاع الصحراء كما كوّن تلك الرؤية بمجهوده الخاص من خلال التجربة والتحرر المتدرج من فرمطة خطاب الجبهة لأدمغة جماهير المخيمات. وتتمثل تلك الرؤية في أن أصل جوهر النزاع هو مشكل مغربي-مغربي، ركِبت عليه أطراف متعددة لأهداف جيو-استراتيجية واقتصادية، في ظرفية عالمية كانت تطبعها الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي وحلفائه بالعالم الثالث، والمعسكر الغربي وحلفائه. ذلك المشكل المغربي-مغربي حسب صاحب الشهادة، كان هو مشكل مسيرة تدبير السياسة والسلطة وتوزيع الثروات المادية والمعنوية بين المركز والهوامش منذ استقلال الأجزاء الشمالية من الوطن. وفي هذا الصدد، كثيرا ما ردّد صاحب الشهادة إشارةَ مقارنةٍ إلى أحداث منطقة الريف في أواخر الخمسينات من القرن العشرين؛ وفي ذلك إشارة إلى سلسلة من المغامرات الخمسينية (تافيلالت، الريف) ثم الستينية وأهمها جميعا فكرة "البؤرة الثورية" التي انطلقت في السبعينات في أدبيات اليسار الطلابي والتي صاغتها تنظيميا لأول مرة وثيقة من وثائق المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب بحضور المرحوم الوالي مصطفى السيد وجماعة من رفاقه (انظر هــنــا أو هــنــا أو هــنــا).

 

أما في ما يتعلق بآفاق الحل، فهي بالنسبة إليه رهينة بمدى قدرة مغرب اليوم على التقدم الفعلي في مسار ما حققه ليس فقط على مستوى الإنجازات الاقتصادية والتأهيلية لمجال التراب الوطني في إطار من التوازنات الجهوية، ولكن خصوصا على مستوى إعادة توزيع الصلاحيات بين السلطة المركزية والهيئات الجهوية ذات الخصوصيات الطبيعية والاقتصادية والسوسيو-ثقافية في إطار مفهوم جديد للتنمية يشكل فيه الإنسان المواطن فعلا صلب أهداف التنمية، وكذا على مستوى السير قدما على درب ما تحقق في باب تجربة الإنصاف والمصالحة على مستوى الأفراد والجماعات والجهات، أي "استكمال الوحدة الترابية بناء على إنجاز الوحدة الوطنية" على حد تعبيره. وفي هذا الصدد يرى السيد البُّـيهي بأن خيار الحكم الذاتي يشكل الإطار الأنسب لحل مشكل الاقاليم الجنوبية، شريطة أن تتم صياغته طبقا لروح التوجه الديموقراطي الذي انخرط فيه المغرب، وأن يتم تصوره كخيار موجه للمواطنين وليس كورقة ديبلوماسية لإقناع أطراف اللعبة الأممية، وهذا يتطلب إجراءات عملية قبلية، تجعل من فضاء الأقاليم الجنوبية فضاءاتِ مواطـَـنةٍ جذّابة سياسيا وسوسيو-اقتصاديا وثقافيا بالنسبة للجميع وخاصة لمن لا يزالون في المخيمات.

وفي هذا الباب يشاطر السيد البّـيهي كل الأصوات التي تندد بسياسة الاعتماد على الأعيان والمستفيدين من دوام التوتر عبر الريع السلطوي والسياسي والاقتصادي والتي تندد كذلك بسياسة "المؤلفة قلوبهم" المتبعة تجاه المواطنين العاديين وتجاه العائدين على الخصوص عبر ما يعرف بـخطة "الكارطية" (بطاقة الإنعاش)، هذه الخطة المهدرة للكرامة من حيث اختزالها للمواطنة لدى فئة من الشعب المغربي في مجرد ولاء مؤدى عنه من طرف فئة آخرى والتي لا تقدم لجماهير المخيمات من بديل للعيش على الإعانات الدولية في المخيمات إلا بديلا مشابها يتمثل في إعانة وإحسانات "الكارطية" عند العودة؛ وذلك بدل فسح المجال أمام ظهور جيل مدني شابّ جديد مشارك اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. مفاد كل ذلك، على حدّ تعبير السيد البُّـيهي هو أن "مقومات الوحدة الوطنية هي أساس الوحدة الترابية"، أي ما معناه، أن مسيرة استكمال الوحدة الترابية مرتبطة ارتباطا جدليا في النهاية بمسيرة التحول الديموقراطي، أي بالقطع النهائي مع السياسة التي أدت في السابق إلى اتخاذ مشكل الصحراء ذلك الوجه الذي اتخذه من خلال منطلق "البؤرة الثورية". وذلك في أفق استكمال الوحدة الترابية في إطار استكمال المصالحة الوطنية على أسس دستورية وسياسية وثقافية جهاتية، تتماشى مع أفق الهيكلة الحداثية اللامركزية للدولة الحديثة. وفي اتجاه هذا التصور، كان قد نشر في شهر نوفمبر 2010 حوار أجراه السيد حسن الطالب مع كاتب هذا العمود ورد فيه ما يلي كخلاصة:

 

[وبذلك يكون ملف استكمال الوحدة الترابية، باسترجاع الأقاليم الصحراوية، بوجهه الجديد منذ السبعينات، قد فتح موضوعيا كـ"ورشة للتغير السياسي" وذلك في استقلال موضوعي عن النيات البدئية الذاتية المختلفة للفرقاء السياسيين. فمن المنطقي إذن إلا يتم طيّ ذلك الملف نهائيا إلا بالذهاب نحو الأمام في منطق هذه الورشة الكبرى. وأعتقد أن المغرب يتوفر اليوم - وفي كثير من التجديد - على الأطر الفكرية والسياسية للسير قدما في هذا الاتجاه. فــثقافة التعددية، قد ترسخت مؤسّسيا لدى كافة الفرقاء من خلال تجربة المسلسل الديموقراطي رغم كل علاّته؛ ثم كانت تجربة الإنصاف والمصالحة وحقوق الإنسان المسترجِعة لكرامة المواطن، بكل ما لا يزال يُنتظر من تلك التجربة في باب ملف الصحراء بالضبط؛ ثم كانت هناك تجربة التعددية اللغوية والثقافية التي أخذ نطاق عريض من المغاربة يسترد بفضلها تدريجيا مقومات المواطنة الحقة بعد نصف قرن من الإنكار والتي كرسها الدستور الجديد؛ إضافة إلى تجربة مدونة الأسرة التي حررت طاقات جديدة، وأخيرا مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية، ومشروع الجهوية بصفة عامة، في ارتباط المشروعين بسياسة الاستثمار والتنمية في العنصر البشري أولا. وهكذا يتضح أنه بفضل تضافر وتفاعل عدة تصورات وممارسات مرحلية مختلفة متفاعلة مع ظروفها الموضوعية القائمة لدى مختلف القوى الحية منذ السبعينات - بما في ذلك بالضبط مرحلة تصور "البؤرة الثورية" في الأقاليم الجنوبية حينئذ بالنسبة لتصور البعض لسبل إنجاز التغيير الديموقراطي في المغرب - أضحى هذا المغرب اليوم في طريقه إلى أن يصبح "بؤرة ديموقراطية" استقطابية في محيطه. ويتضح موضوعيا بالمناسبة، بمقتضى المنطق الرابط ما بين كل هذه التجارب، أن مشروع الحكم الذاتي ليس مجرد خطوة ديبلوماسية مصطنعة يقصد منها تسجيل نقط على مستوى تطور الملف على صعيد لعبة الأمم، وإنما هو غاية مقصودة لذاتها، ولنتائجها، على المستوى السياسي الداخلى من حيث العناية بالعنصر البشري وبخصوصياته الجهوية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وذلك في إطار منطق محطات الارتباط الجدلي بين مسيرتي التغيير السياسي واستكمال الوحدة الترابية].



23/10/2014
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres