OrBinah

(EN ARABE) Le patrimoine des Jbala au service du développement

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

يكمن في أنهار المغرب وجباله ما لا يوجد في بحره وحواضره،

نموذج تراث جــبــالــــة؛

ومع ذلك، فإن بلاد الطقطوقة والعـيّـوع تستقبل ضيوفها بمواويل بلاد الشام

 

تناولت الحلقات الثلاث الماضية من هذا العمود مفهوم التنمية في علاقته بالخصائص الثقافية للعنصر البشري وللجهة؛ وكان ذلك على التوالي من خلال ما يتعلق بالمناطق الصحراوية على وجه التحديد في الحلقة الأولى، وذلك عطفا على الندوة التي كان قد نظمها المجلس الاجتماعي والاقتصادي حول الموضوع. ثم تناولت الحلقة الثانية مفهوم التنمية البشرية في مناهج التعليم، وخصوصا منها مصوغات اللغة والثقافة المخصصة لأبناء الجالية المغربية بالخارج، وذلك عطفا على شروط الأهليه لتدريس تلك المواد بالخارج كما حددتها مذكرة وزارية مؤخرا، حيث طرحت تلك الحلقة سؤال "مفهوم التنمية في مناهج التعليم بالمغرب، أو لماذا تصلح البعثات التعليمبة ببلاد المهجر؟". وأخيرا تناولت الحلقة الثالثة وجها خاصا من أوجه الثقافة المغربية من خلال طرح سؤال حول "مكانة الملحون في مفهوم الثقافة المغربية".(1)

وفي هذا السياق دائما، حدث أن تميزت نهاية الأسبوع المنصرم بعقد ندوة دولية حول نفس الموضوع، في صمت وبعيدا عن المراكز التقليدية. لقد احتضنت مدينة تاونات يومي 24-25 ماي 2013 في قلب منطقة جبالة ندوة دولية تحت عنوان "تراث جبالة في خدمة التنمية"، بتنظيم مشترك ما بين السلطات الإقليمية وعدة جمعيات عالمة ومؤسسات أكاديمية، وشارك فيها مؤرخون وأركيولوجيون ونباتيون ولسانيون من المغرب وإسبانيا وفرنسا. ولقد مكن تضافر المعارف وتقاطعها انطلاقا من تخصصات متعددة من الوقوف بالملموس على ما يمكن أن تزخر به بقعة من بقع الهامش من عناصر جوهرية وأساسية من مقومات الثقافة والهوية المغربية العامة. لقد سمح التبادل الحيّ ما بين أصحاب التخصصات المذكورة ومقارعة معارفهم القطاعية حول المنطقة من الوقوف بالملموس على حقيقة أن منطقة جبالة عموما تشكل فضاءا من الفضاءات الطبيعية والتاريخية واللغوية والأنثروبو-ثقافية التي اجتمع فيها ما تفرق في غيرها على هذه المستويات المختلفة، والتي تحتفظ، كما تحتفظ الطبقات الجيولوجية، بكثير من الحلقات المعرفية المفقودة في صرح المعرفة العامة بالمغرب الطبيعي والتاريخي واللغوي والأنثروبو-ثقافي. فإذا ما اقتصرنا على الجانب اللغوي فقط، الذي لنا فيه نصيب من المعرفة المتخصصة، فقد مكنت مقارعة وتقاطع تحليلات التخصصات المتعددة الممثلة في الندوة من الجزم بشكل قطعي بأن زيادة التعمق في دراسة المعطيات اللغوية لهذه المنطقة (أمازيغية غمارة، عربية البرانس ومديونة، الخ.) من معجم وصرف وتركيب، والمعطيات الطوبونيمية "أسماء الأماكن"، والأسمائية "أسماء الأعلام البشرية" والمصطلحية السوسيو-اقتصادية (مصطلحات الرعي والإنتاج والجني والتخزين والتوزيع)، هو مفتاح الباب الرئيسة لفهم كيفية تشكل أوجه العربية المغربية لما قبل بني هلال من جهة، وكيفية التطور التاريخي لأوجه الأمازيغية من جهة ثانية. ثم إن من شأن ذلك الفهم أن ينعكس بدوره على المعرفة التاريخية الحدثانية العامة (العلاقات والحركات البشرية، تدقيق المرجعيات الجغرافية والبشرية والمفاهيمية لنصوص التاريخ المكتوب مثل "زاوية"، "مخزن"، "تويزة"، الخ.). ويمكن أن يتم نظير ذلك الفهم على مستوى تطور تقاليد العلاقات السيوسيو-اقتصادية والأنثروبو-ثقافية عامة.

وفي ربط وظيفي ما بين المعالجة الأكاديمية والمعاينة الميدانية، فقد كان اليوم الثاني مناسبة للمشاركين للوقوف ميدانيا على بعض الأوجه الطبيعية والتاريخية لإمكانيات هذه المنطقة، ممثلة في تاونات وضواحيها. فقد تمت على الخصوص زيارة مؤطرة تأطيرا علميا وبيداغوجيا من طرف مدير المؤسسة، السيد عبد السلام الخنشوفي للمعهد الوطني للأعشاب الطبية والعطرية، الذي أصبحت تحاصر مشاتلـَـه اليومَ مساحاتُ الزراعة الكيفية، الوحيدة المنتوج والمستعملة للمبيدات والأسمدة الصناعية. ولقد تمّ من خلال تلك الزيارة الوقوف على وجه من أوجه ما  تزخر به المنطقة في هذا الباب، من حيث إنه قد اجتمع فيها ما تفرق في غيرها. كما قام المشاركون بزيارة لمعلمة ضريح مولاي بوشتى الخمار، الذي خنقه زحف الإسمنت والدكاكين العشوائية تماما كما زحفت الزراعة الكثيفة على بيئة مشاتل المعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية الطبيعية. كما تمت زيارة موجهة أيضا للحصن المرابطي المنيع الباهر والعجيب، حصن أمركًـو، المشيّد بالحجارة المهيأة المثبتة بالجير المرمّـل (خرسان الحقبة) كعش نسر على عَرف جبل صخريّ وعْر المسالك، حيث يشرف، بطول 200م وبعرض 60م وبمحيط مجهز بأبراج أسطوانية للمراقبة على الجهات الأربع لدائرة الأفق، وعلى عاصمة المنطقة حينئذ على الخصوص، مدينة تاودا (الملقبة بـ"فاس البالي")، ذلك الحصن الذي يضاهي، بل يفوق في متانته وهندسته واختيار موقعه أشهرَ الحصون العالمية، والذي لم أكن قد تعلمت شخصيا، لا من خلال برامج التربية ولا من خلال مواد الإعلام، أن المغرب يتوفر على شيء من نظيره؛ ولا أحسب أني الوحيد في ذلك (انظر هــنـــا). ثم تمت زيارة إلى مدينة تاودا المذكورة، التي لم يبق ظاهرا منها إلا معالمُ سورها التي لم نـتـبّـينـها إلا بفضل الإرشادات العلمية القيمة للأركيولوجي المقتدر السيد محمد الجطاري المشرف على ترميم سورها وترميم حصن امركًـو.

وإذ أبدى المسؤولون الإقليميون والمسؤولون الجماعيون ومطلق السكان ارتياحهم لوجود وعي واهتمام أكادميين بما تحويه منطقتهم من كنوز هي في طريق أن يُعاد لها الاعتبار، وإذ وقف الجميع على ثراء وغنى المقدرات الكامنة لتلك المنطقة، فقد أجمع كل المتدخلين الذين تناولوا الجوانب السوسيو-اقتصادية القائمة اليوم في تلك المنطقة على تسجيل المفارقة القائمة ما بين تلك المقدرات الهائلة من جهة، وأوجه الإهمال المزمن الذي تعاني منه المنطقة من جهة ثانية، وذلك بدءا بمعاينتهم لحالة الطريق المؤدية من فاس إلى تاونات، ذلك المرفق العمومي التحتي الأساسي الذي تتوقف عليه بقية أوجه التنمية (المرافق، التجهيزات اللازمة للإنعاش التجاري والسياحي وغير ذلك). أما المفارقة الثانية، والتي هي من مخلفات العقلية التقليدية العامة في تصوّر أسُس التنمية في علاقتها بالعنصر البشري وبثقافته، فقد تمثلت في التنشيط الفني الذي ميز مساء اليوم الأول من الندوة. فبالرغم من أن كثيرا من المشاركين كانوا قد ارتأوا، من خلال تبادلات إعداد البرنامج النهائي، أنه إذا ما كان لابد من تنشيط فني، فإن ندوة دولية بعنوان "تراث جبالة في خدمة التنمية" لا يناسبها إلا تثمين الطقطوقة و"العيّوع" الجلبين، وردّ الاعتبار إليهما، ومن خلالهما إلى لعنصر البشري؛ خصوصا وأن تاونات هي مدينة الفنانين الشعبيين البارزين، محمد العروسي، وشامة الزاز؛ بالرغم من كل ذلك، فقد تم استقدام جوقة لتردد، في نوع من السوريالية، على الحاضرين من أهل تاونات وضيوفهم من مغاربة وأجانب، محتطباتٍ مفارقة، ومملة بسبب طابعها المفارق، من ريبيرتوار مواويل "يا ليل، ياعين" للفنان السوري، صباح فخري.

(1)  انظر هذه الحلقات ابتداء من الأولى عبر الرابط الآتي

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9930229-_en_arabe__culture_et_developpement_dans_les_provi.html

 



28/05/2013
6 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres