OrBinah

(EN ARABE) Justice américaine, rhétorique morale et théorie du complot (à l'occasion de l'affaire DSK)

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller  dans  la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis sur ARABE(Windows)

العدالة الأمريكية، وأدبيات خطاب الوعظ، وعقلية المؤامرة

(هل من علاقة بين "ب. مانديس-فرانس"  و"د. شتروس-كان"؟)

 

في الوقت الذي كان فيه الفرنسيون ما يزالون تحت وقع صدمة التفجير الإرهابي الذي كان قد هزّ أركان مقهي أركانة بمراكش (28 أبريل 2011) وأودى بحياة ثمانية من مواطنيهم، فوجئوا  بـصاعقة ما أسمته زعيمة الحزب الاشتراكي الفرنسي بـ"قصف رعدي". إنها الصاعقة التي ضربت المرشح الأول لرئاسة الجمهورية الفرنسية في قلب رحلة جوية قبيل الإقلاع من مطار نيويورك. يتعلق الأمر بأحد أبناء أكادير منشأً وإلى حدود بداية الشباب، وأحد عشاق مراكش بالضبط، حيث يتوفر على رياض بديع، ألا وهو "د-ش-ك" (أي: دومينك شتروس-كان)، أمين خزائن العالَـمِين (صندوق النقد الدولي). تتلخص النازلة في حدث، هو في شكله وجوهره المطلق من باب "المختلفات"، لولا حجم الشخص المتورط فيه حسب دعوى الاتهام: يتعلق الأمر بتهمة تحرش جنسي واغتصاب، مما تحفل كل محاكم العالم وكوميسارياته بالملايين من مثل ملفاته.

فأما المشتكية، فهي خادمة غرفة (housekeeper) مسلمة من أصول إفريقية، عاملة بأحد فنادق نيويورك. أما المتهَم، فهو الثري الفرنسي، اليهودي الملة، دومينيك شتروس-كان، المرشح الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي لرئاسة الجمهورية الفرنسية، ومدير صندوق النقد الدولي الناجح في ولايته باتفاق الجميع. أما القاضية فهي ميليسا جاكسون، القاضية المنتخبة بمقتضى نظام العدالة بأمريكا، وهي قاضية عادية بالغرفة الجنائية بمحكمة نيويورك، تعالج القضايا العادية من مثل "السياقة في حالة سكر" أو "السرقة نشلا"، وغير ذلك من أوجه الجنح والجرائم التي تؤثث فضاء نواحي هارليم الشهير.

بعد الشكاية المستعجلة، وفي ظرف أو ثلاث سعات أو يزدن بقليل بعد الحادث المفترض، اقتلع البوليس الجنائي مدير صندوق النقد الدولي، المرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية، من مقعده الوثير بمقصورة الـ"في-آي-بي" (VIP) بالطائرة، وهو الذي كان على موعد عمل مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بألمانيا. وُضعت الأصفادُ بمعصميه كأي موقوف عادي في حالة فرار، ثم اقتيد إلى كوميسارية هارليم الشهير، ومنها تم اقتياده للتو أمام عدسات الصحافة العالمية ليمثل أمام القاضية المنتخبة الحديدية، التي رفضت طلب السراح المؤقت ولو بضمانة مليون دولار ووضع خلخال إليكتروني بكعب المتهم. بقية أطوار القضية يعرفها كل من تابع مسلسل الوقائع كما قدمتها الشاشات، قبل أن تعيد إحدى دور هوليود غدا إخراجها إخراجا فنيا.

تُـرى، لو أن ما يفترض أنه قد صدر عن التعس "د-ش-ك" قد وقع بأحد فنادق أو فيلات بلد  من بلدان سعيدة بشقائها (وليكن ذلك بأكادير أو مراكش بالضبط أو بتونس أو مصر أو بلدان الخليج)، ممن دأبت أدبياتها على أن تَخصِف من سُجُف الطـُهرانية والتنزيه على ثقافة وذمم مجتمعاتها ما يتم من خلاله تصويرُ تلك المجتمعات كأخيار أمم في حظيرة العالمِين، وهي مع ذلك المجتمعات التي يتم الإفتاء في بعضها اليوم وليس أمس مثلا، عبرَ الصحافة والفضائيات، بفتاوى وسواس الجنس من قبيل فتوى "جواز إرضاع الكبير" سدا للذرائع أمام مراودات كل "دم ساخن"، والإفتاء في بعضها الآخر بفتاوى مرَضية شاذة في نفس باب الجنس، كفتوى الحق الحلال للزوج الحيّ "بمقتضى الشرع" في مضاجعة جثة زوجته ووطئها بعد مماتها؛ وهي المجتمعات والتي تُـتـخذ فيها من جهة أخرى خطابةُ الوعظ الأخلاقي وإرشاد الغير والوصاية على ضميره في التمييز بين الخير والشر والصلاح والفساد عن طريق الفتوى، بديلا أدبيا وخطابيا عن العدالة باعتبار هذه الفضيلة من فضائل المدينة منظومة متكاملة لا تنفصل فيها القيم الحقوقية الجوهرية عن المساطر القانونية الشكلية؛ تُرى ماذا كان عسى أن يكون عليه الوضع، بالنسبة لآفاق إدارة صندوق النقد الدولي ورئاسة الجمهورية الفرنسة اللذين زعزعت أركانهما، لو أن ما حصل لـ"د-ش-ك" قد وقع في تلك البلدان السعيدة بشقائها الفكري، وليس في بلاد أمريكا "الأسيرة" لقوة جبروت آلية تفعيل قوانين عدالتها مسطريا وجوهريا بلا اعتبارات "إنسانية" حسب الحالات؟ أم أن عدم سبْق حصولِ ولو نموذج أدنى وحيد في فضاءات عدالة تلك البلدان لمثل ما حصل لـ"د-ش-ك" مع العدالة الأمريكية إنما يدل على صحة ما يُدّعى من خلو مجتمعات تلك البلدان من أمثال النجم الدونخواني الراحل "الحاج ثابت" المغربي، وغير المغربي، وغيرهم ممن هم أقل شأنا من "د-ش-ك" أو ممن هم أعزّ مالا ونفوذا وأشد نفَرا؟ إن على المرء أن يحاول إقناع نفسه بنفسه، بصحة أو بزيف هذه الاحتمال الأخير والمبرئ للنفس الجماعية مما يصفون.

وعلى كل حال، فإن مثل ما حصل للمرشح الفرنسي التعِس لقصر الإيليزي ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير في مجتمعات أخرى ممن دأبت أدبيات تلك البلدان الطهرانية على نعتها الدائم بمجتمعات الفساد، والانحلال الخلقي، والتفسخ، والإباحية، والشذوذ ممارسةً وتصديراً منهجياً عابرا للقارات وللمنظومات الثقافية الفاضلة عن طريق مختلف أوجه الاختراقات؛ فمِن قضية بيل كلينتون (الرئيس السابق للولايات المتحدة) الذي حوسب يوما على تدخينه للماريخوانا حينما كان هيـبّـيا في شبابه، قبل ملاحقة العدالة له في قضية مونيكا ليوينسكي، إلى الزيّر قضايا بيرليسكوني (الرئيس الحالي لإيطاليا) مع مختلف مغامراته المغربية وغير المغربية، إلى موشى كاتساف، الرئيس الأسرائيلي السابق الذي حُكم عليه مؤخرا بعدة سنوات سجنا منها سنتان بالتنفيذ في قضية فضيحة جنسية، إلى النجم الأسطوري، مايكل جاكسون، الذي دوخ بفنه عدة أجيال في أمريكا وغير أمريكا والذي حامت حوله شكوك ميولات غلمانية نواسّية انتهت به أمام العدالة، لم تتقاعس عدالة تلك المجتمعات، وفي مقدمتها الأمريكية، عن فتح مثل تلك الملفات القضائية بجدية "لا-أسنانية"، مهما كان نوع التهمة وحجمها وشكلها، ومهما كان صفّ المتهم. وبخصوص النجم، مايكل جاكسون، الذي دارت صوره بدوره حول العالم وهو مصفد المعصمين تماما كما حصل مؤخرا لـ"د-ش-ك"، فإن ما يراه بعض فقهاء العدالة الفرنسيين من أن الطابع المنتخب للقاضي الأمريكي يجعل هذا الأخير أقل استقلالا من حيث تأثره االمحتمل بالاستحقاقات الانتخابية، لم يدفع بالقضاء الأمريكي، مع ذلك، إلى طمس ملف هذا النجم الأسطوري اعتبارا لأصوات الملايين من شيعته، من شبان وكهول مجانين موسيقى "الدانس" و"البوب" و"السول" و"الهارد-روك" الذين لا يصدق بعضهم إلى الآن بأن النجم قد مات فعلا كما كان قد شك جيل سابق بأن أمير موسيقى البلوز، إلفيـس بريسلي، قد مات فعلا، وكما شك بعض الشيعة بالمفهوم التاريخي للفظ - وخلافا لحكمة قول الناعي ("من كان يعبد محمدا، فأن محمدا قد مات؛ ومن يعبد الله، فإن الله حي لا يموت") - بأن ثالث الأسباط من قُـريش الذين منهم الإمامة والرئاسة والخلافة دون غيرهم حسب شريعة نظريتهم الدستورية، قد مات فعلا في أجله كسائر سالف البشر؛ كما عبر عن ذلك شاعر هؤلاء الشيعة، كُـثيّر عزّة بقوله:

ألا إن الأئـــمـة من قريـــش     ولاة الحق أربعةٌ ســــواءُ

عليٌّ والثــلاثـــةُ مــن بنيــه     هم الأسباط ليس بهم خفـاء

فسِبطٌ سِبـــطُ إيــمان وبـِـــرّ     وسبطٌ غيـــبته كـربـــــلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى     يقود الخيل يقدُمها اللـــواء

يغيب فلا يُـرى منهم زمانا      برضوى عنده عسل وماء

 

كما أن الحقيقة، التي غالبا ما يراد بها باطل، باطل إلقاء المسؤولية بشكل آلي ومنهجي على عاتق مشجب خارجي (هو الشيطان، أو الماسونية، أو الشيوعية، الصهيونية، أو السي-إي-يا عبر مختلف تعبيراتها الظرفية)، ألا وهي حقيقة التميّز اليهودي في ميادين المال والاقتصاد والسياسة والديبلوماسية والإعلام والعلم والفن، وما ينتظم عبر كل ذلك من أشكال اللوبيات المؤهلة والفاعلة في كثير من الميادين كما ترجم ذلك مؤخرا خطابُ الرئيس الأمريكي باراك أوباما (22 ماي 2011) أمام هيئة "الأيباك" (American Israel Public Affairs Committee)، هي حقيقةٌ وواقعٌ لم يشفعا مع ذلك للثري "د-ش-ك" بمختلف صفات نفوذه، وهو اليهودي الملة، بل الصهيوني الميول السياسية حسب بعض التحقيقات الصحفية، وهو زوج نجمة الإعلام، الثرية سانكلير شفارتس، اليهودية بدورها وحفيدة  ملك ملوك تجار التحف الفنية بالقرن العشرين، بول روزنبرغ؛ ولم يحل كل ذلك دون أن تعامل العدالة الأمريكية دومينيك شتروس-كان بما عاملته به في عقر أمريكا التي تقدمها أدبيات خطابة الوعظ والإرشاد، ونظرية المؤامرة المعمَّمة، كمجرد واجهة مؤسسية توظف كقناع لنفوذ اللوبي اليهودي والصهيوني العالمي، الذي يتحمل وحده، حسب أدبيات تلك العقلية، تبعات كل ما تعاني منه مجتمعاتها من نقائص وكل ما يقوم به سائر البشر من شر في حق النفس وفي حق الغير.

وبخصوص نظرية المؤامرة في حد ذاتها، التي لها في الحقيقة أوجه متعددة تتفاوت في نوعية ودرجة البؤس الفكري والتدني الأخلاقي اللذين تترجمهما وتغذيهما، قد يقول البعض، من جهة أخرى، بأن التعس العاثر الحظ، "د-ش-ك"، قد وقع فعلا ضحية مؤامرة أو مؤامرات من نوع آخر؛ خصوصا أنه قد نُسب إليه تصريحُه قبل أيام من الواقعة لأحد صحفيي ليبيراسيون الفرنسية بأن لديه ثلاث نقط ضعف قد يأتيه منها شيطان من الجن أو من الإنس يوما، ألا وهي، حسب ما نُسب إليه: عاطفة حب المال حُبا جمّا، وشهوة عشق النساء، وانتماءه اليهودي. قد يذهب تحليل ذلك البعض إذن إلى القول بأنه، بعد ولاية رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق، بيار مانديس-فرانس، التي لم تدم إلا بضعة أشهر (1954) قبل إطاحة اليمين بها، والتي اعتبرها البعض رمزيا بمثابة الحدث السياسي التاريخي الفرنسي الذي أعاد الاعتبار لكونية الثورة الفرنسية بعد قضية الضابط الفرنسي اليهودي ألفريد دريفوس التي كانت قد قسمت الرأي العام الفرنسي لأكثر من عقدين من الزمن (1894-1906) ما بين "رابطة الوطن الفرنسي" و"رابطة حقوق الإنسان"؛ بعد كل ذلك كان إذَن بلد إعلان حقوق الإنسان، وإلى حدود أسبوعين من وقعة فندق صوفيتيل بنيويورك، على موعد تاريخي كان كبير الاحتمال، ألا وهو الموعد مع "أول رئيس يهودي" فعلي منتخب للجمهورية الفرنسية، أو مرشح على الأقل للدور الثاني، وذلك في شخص دومينيك شتروس-كان الذي هو من أبناء بلد إفريقي إسلامي نشأة وهوى ألا وهو المغرب، والذي يحيل اسمه الكامل من جهة أخرى إلى تداخل تاريخه الأسري البعيد بين العالم اللاتيني (Dominique André) والعالم الجرماني (Straus) والعالم التركماني المغولي (Kahn = "خان"، مثل جونكيز-خان). كان ذلك الموعد سيشكل مواكبة تاريخية بين أطوار ثورتين (الأمريكية والفرنسية) غيّرتا وجه العالم، وذلك من حيث ما تم من وراء الأطلسي قبل ثلاث سنوات من انتخاب لأول رئيس فعلي مسلم ومن السود في بلد الثورة الأمريكية والحقوق المدنية، في شخص الحسين-باراك أوباما، الموزع بدوره من خلال اسمه وبيوغرافيته بين قارات وأجناس المعمور. إنها مواكبة لو أنها تحققت، لكانت ستؤكد بالفعل تَوازيَ الأباعد الكونية لفلسفة الثورتين في باب الحقوق بقطع النظر عما يجري في العروق من دم صاف أو ملوث للغاليين أو الساكسون أو الباشتون أو قريش البـُتـْـر أو البرانس، وذلك في مقابل سائر أوجه "الحراك الشعبي" في ساحات التضوّرات والتوجّعات الهوياتية والطائفية التي شعارُها "الآخرُ معروفٌ؛ فمن نحن؟" والتي لم تعش بعدُ أعمارُ مجتمعاتها فصلَ ربيع فلسفة الحقوق والأنوار الذي هو المَعبَر الفكري الوحيد نحو أيّ ربيع محتمل للديموقراطية.

فقد يتساءل بعض من في قلوبهم مرض وسواس المؤامرة المعمّم بشكل منهجي، (وهو مرض لا ينفي وجودُه وجودَ المؤامرة في الحياة والتاريخ من حيث المبدإ)، عما إذا كان المدّ الحالي المتعاظم لليمين الفرنسي المتطرف للجبهة الوطنية (Front National)، الذي أصبحت أطيافٌ سياسية أخرى تغازل أطروحاته التي يقَطـّر روحَها خطاب راديو "صوليداريتي" في فرنسا يوميا، قد أصبح يفـعّـل من جديد نفس القيم "البوجادية" التي كان قد أسسها بيار بوجاد (Pierre Poujade، الأب الروحي لـ"جون ماري لوبين") في الخمسينات، حينما خاطب يوما بيار مانديس فرانس، مُعرّضا، في إطار الأيديولوجية العامة للإقصاء، بالانتماء اليهودي بالضبط لهذا الأخير، الذي يمنعه مثلا من تناول الخمر غير الحلال (כשר)، وذلك بقوله ما يلي:  ((لو أن بعروقك قطرةَ دم من دم أبناء بلاد الغال (Les Gaulois)، لما تجرأت أبدا، وأنت ممثل فرنسا التي هي المنتج العالمي لخمرة الشامبانيا، على أن تطلب مجرد كأس حليب في حفل استقبال دولي. أنها لصفعة، أيها السيد مانديس، تلقـّاها كل فرنسي في ذلك اليوم، ولو لم يكن من السكّـيرين)).

وبما أن نظرية المؤامرة جوهرٌ لنمطٍ من التفكير وليست قالبا محصورَ قائمةِ الفرقاء والفاعلين المفترضين في الخطاطة، فقد أوردت بعض الصحف المغربية من جهتها (الأسبوع الصحفي، 26 ماي 2011؛ ص:15) تصريحات لبعض أصدقاء الظنين "د-ش-ك" بمراكش تعزو ما حصل لصديقها إلى وكالة المخابرات الأمريكية، "التي تنصب الفخاخ الماكرة لكل من أراد أن يظهر كلمة الحق في العالم"، والتي "أرسلت إليه في طريقه الزنجية الفقيرة داخل بيته دون إذنه وبمفتاح خاص" عقابا له على "إنقاذ عدة بلدان مختلفة من الهاوية الاقتصادية كالبرازيل والهند وبلدان أخرى" (نفس المرجع).

ومهما كان أو يكُن، بالنسبة لـ"ما-ورائية" نجم النحس الذي طلع فجأة في برج "د-ش-ك"، فهل يتعلق الأمر بهذا الوجه أو ذاك من أوجه مؤامرة الإنس، أم بوجه من أوجه كيد وغواية شيطان من شياطين الجن (أبيض أو أسود)، أم بعاقبة الخروج عن بعض حِكـَم الثقافة اليهودية التي تنصح بالتقرب في الحياة من مربع السلطة ووالجاه والنفوذ (على غرار موقع يوسف ببلاط فراعنة مصر، وموقع دانيال ببلاط أكاسرة الفـُرس) ولكن دون الدخول أبدا إلى قلب أرضية ذلك المربع، التي هي أرض تأكل أبناءها؟

أم إن الأمر إنما يتعلق ببساطة في نهاية التحليل بمجرد تفاعل أمزجة الأبعاد الحقيقية للإنسان، الذي خُلق هلوعا، مزيجا من قوة وضعف، ومن خير وشر،{إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسّه الخير منوعا {ق.ك ، والذي أُلِهم فجوره وتقواه، وهُـدِي النجدَين إما شاكرا وإما كفورا، والذي تتمثل حريته بالضبط في مسؤوليته عن تدبير توازنات تلك الأمزجة التي يمكنها، من حيث المبدإ، أن تولد طاقة قابلة للتصريف تحليقا وهبوطا في أقطار حياة السموات والأرض، أو أن تشكل عبوة مولوطوف تنفجر في جوف الأرض أو في كبد السماء؟

أما الشاعر الأمازيغي، فقد قال بشأن توازنات الحالة الواقعية الأخيرة ما يلي:

1-((يزوزض وكيـّاو آ-يغلي يخار ويسّا يكَـنوان؛  *  ور د-رّيش اد-ت يخصّان؛ ربّي اد-ت يسدولاّن))

 2-((يغ-ياد يلا  يان رّيش، آ-ور  يزي  د-واكال؛ * اشكو دّونيت آ-يتـّاوين  يان  ارد  يتـّرس)).

ومعنى ذلك:

'1-((ودَّ الديكُ لو أن بأمكانه التحليّق إلى سابعة السماوات. * ليس الريش ما ينقُصُه؛ إنما ربُّ [السموات] حَط من همّـته.)).

'2-((حتى عندما يَسـتـنـبـِتُ المرء [لنفسه] جناحين، عليه ألا يخاصم الأرض؛ * ذلك لأن الحياة هي التي تجبر [من حلق في السماء] على الهبوط [إلى اليابسة])).

============================================

02  06  2011

مقال جيد شمل جميع جوانب قضية شتراوس-كان، مع استغلال الخلفية الفكرية والتاريخية لقضايا مشابهة. وهذا ما سهل على الكاتب المفكر والأديب توضيح فكرته وموقفه من أمثال هذه القضايا. صحيح أنه لو وقعت أمثال هذه القضية في المغرب لطمست معالمها بسرعة، لأن قضاءنا وشرطتنا القضائية لا تتحرك إلا بواسطة التعليمات؛ وأعتقد أنه حتى في فرنسا لو وقعت، لما حصل لسترواس-كان أي بهدلة. الفرق واضح بين أمريكا وأوروبا الغربية في هذه القضايا، فالأمريكيون يقولون بأنه من يخون زوجته يخون وطنه، فلذلك لا يتسامحون في أمثال هذه القضايا. ولكن لا يعني أنهم أبناء المدينة الفاضلة، لأنهم بدورهم يفعلون ما يشاءون ولكن بدون ضجيج، وليس في واضحة النهار

مع تحيات مصطفى أعشي



30/05/2011
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres