OrBinah

(EN ARABE) De l'affaire Ahmed Assid

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

 

قضية أحمد عصيد

حينما تكون بشاعة الواقع أصلب من سراب الحلم

لزمن قصير بعد صدور كتابي "مقامات في اللغات والعقليات؛ الهوية والتحديث ما بين التذكير والتأنيث" الذي نظمت له المكتبة الوطنية مشكورة قراءة تقديمية يوم 27 يناير 2010، كان الأستاذ أحمد عصيد من بين من شاركوا فيها، لزمن قصير بعد ذلك، وفي يوم الأحد 7 مارس 2010 بالضبط، أيقظني رنين هاتفي النقال من نومة ضُحاي الأسبوعية على الساعة العاشرة. فكان الحوار الآتي من نصيبي  "على الريق" كما يقال، مع كائن مجهول، ينم صوته الستيني الأحرش عن حبال صوتية أنهكتها الخطابة أو اللجاجة على الأقل. وهذا نص الحوار:

1- ألو؛ نتا هوا  المدعوّ محمد المدلاوي؟

2- نعام ا-سيدي.

1- هادا لمومتّيل ديال حاماس فالرباط للي كا يهضر معاك.

2- نعام ا-سيدي، مرحبا.

1- را حنا متبّعين الناشاط ديالك الصهيوني، وعارفينك؛ وراه يلا ما تكفّ على هاد-شّي، غادي نتّاخدو فحقـــك إجراءات لحوكم بالإعدام (قطع المكالمة).

دون تحويل موضوع هذه النازلة هنا إلى قصة قصيرة مشوقة، بعد أن تم تفضيل الإمساك عن الحديث عنها، ككلام مباح، لأكثر من ثلاث سنوات، يشير فقط متلقي ذلك التهديد القومي في حينه، إلى أن تقديره الشخصي السريع لمختلف أوجه تلك النازلة قد أقنعه، بالرغم من تصميمه على الإمساك عن الكلام، بوجوب التوجه في الحين إلى ديمومة الأمن مباشرة بعد ذلك، ثم إلى النيابة العامة في الغداة حيث أودع مقال شكاية ضد مجهول. كما تتعين الإشارة إلى أن نفس الصوت قد عاود التهديد عشرة أيام بعد ذلك وكان اليوم يوم أربعاء وكان المستهدف بالتهديد في الطريق السيارمتوجها إلى ملتقى الصويرة حول الهجرة المغاربية؛ وهي معاودة تدل على أن الأمر لا يتعلق بخبطة مزاج بعض من يهوون تزجية الوقت في عطلة نهاية الأسبوع بكل يعنّ لهم من أوجه التزجية؛ بل يتعلق بمن كوّن لنفسه لائحة مغلقة أو مفتوحة وورقة طريق قابلة لكل التعديلات.

الذي أعاد اليوم إلى ذهني ذكرى هذا الشريط القصير الحزين بعد ثلاث سنوات بالضبط، تلك الذكرى التي عملت بكل ما أوتيت على وأدها وأدا في ذاكرتي بكل الأساليب والتعزيمات السحرية، هو ما أصبح يعرف في الصحافة بقضية أحمد عصيد في هذا النصف الأخير من أبريل 2013. لكن، ليس الحزين في الأمر هو ما قد يحصل من أن تتوقف حياة هذا الشخص أو ذاك ذات لحظة وبغير سابق إنذار، بالرغم مما في ذلك طبعا من تراجيدية؛ فذلك القبيل من التوقف قد تتسبب فيه حافلة مجنونة، أو تيار كهربائي في الحمام، أو فيروس معين، أو مختل مخبول من صنف معين يستعجل متاع الدنيا أو الآخرة بالإجهاز على الحياة. إن مصدر الحزن هو ما ينذر به الواقع من أن يتحول ذلك القبيل من التعامل مع الحياة إلى فلسفة مؤسسية؛ ذلك أن الأمور تتابعت وتوالت متكاملة خلال هذه السنوات الثلاث، وآخرها قضية عصيد، لتنبه كل الحالمين إلى أن اللوحة الواعدة التي يعاندون صلابة الواقع من خلال الإصرار على أن أفق هذا البلد سيسفر عنها، إن هي إلا لوحة كاذبة خطوطها وألوانها سرابٌ من كلام مَن يَمنّي النفس بغير ما يتمخض به الواقع وبغير ما حبل به التاريخ الفكري من مؤشرات كون  هذا المجتمع محكوما عليه، بمقتضى منطق معين، بالدوران في حلقيته السيزيفية، التي تتجه به اليوم إلى الدخول في طور تاريخي جديد من أطوار ما كان قد عرف بأالقرون الوسطى، وجيلنا الحالي على ذلك من الشاهدين بعد أن استنفذ ما كان قد اعتقد البعضُ أنه "يقظة" و"نهضة" كل مظاهر زيفه، إذ تبين أنه لم يكن يمثل في حقيقة أمره، كما أصبح الواقع الملموس ناطقا بذلك، سوى أوجهٍ لتقلـّـب النائم الغاطّ في نومه، من جنب إلى جنب.

كان المغرب، من خلال اغتيال عمر بنجلون، أول من دشن، في منتصف السبعينات من القرن العشرين، هذه الجولة الجديدة لذلك الوجه البشع التقليدي من أوجه إدارة التدافع الفكري والسياسي باسم القومية أو العقيدة في أوساط النخبة في علاقتها بأطرافها المكونة لها وبالجمهور، بقطع النظر عن علاقة تلك الأوساط بالسلطة، إذ أن ذلك الوجه من الأشكال أهون نظرا لأنه وجه سياسي أكثر من كونه فكريا. ثم سرقت مصر النجومية بعد ذلك في ميدان التدرج نحو الدوامة القرنوسطية، مع ما حصل لأمثال فرج فودة، ونصر أبو زيد، ونجيب محفوظ؛ ثم أخذت الآلة تحصد الفنانين في الجزائر (الشاب حُسني، معتوب لوناس)؛ ثم انطلق الربيع من تونس، فكانت مصادرة حق شكري بلعيد في الحياة أبرز ثمار ذلك الربيع حتى الآن.

ولعل قضية أحمد عصيد التي جاءت بعد قضية المختار الغزيوي، وما مهد لتلك القضية من مبادرات تحيين وإعادة تحميض أدبيات الإفتاء وإهدار دم الحياة، أمور تشير إلى أن المغرب يتهيأ لضبط وتسوية أوتار آلته مع طبوع أذكار الربيع الجديد، وذلك رغم كل ما يقال عن التمييز والاستثناء في باب نظريات التحليل والتعليل على مستويي النحو والسياسة. الأمر لا يتعلق هنا بالثنائية التقليدية ما بين التفاؤل والتشاؤم، التي لا دور لها في منطق التاريخ. إن الأمر يتعلق بالواقعية في تحديد مسؤوليات أطياف جيل من النخبة، هو شاهد على معالم المنعطف، شارد عن دلالاتها.

ثم إن الذي جعل صاحب هذا المقال يربط واقعة المدعي بانه ممثل حماس في الرباط بصدور كتاب "مقامات في اللغات والعقليات" هو أن صاحب هذا الكتاب لم يَعرف عن نفسه أنه كان يوما من أصحاب السجالات والمناظرات في المحافل والمنابر الإعلامية رافعا هذه الراية الأيديولوجية أو ذلك الشعار في وجه هذه العشيرة أو تلك. معنى ذلك أن ثقافة الإسراع إلى مبدإ مصادرة الحق في الحياة غير متوقفة على قيام أو عدم قيام ذلك القبيل من النشاط، الذي هو نشاط مشروع على كل حال، والذي على أساسه يستتاب اليوم أحمد عصيد كخطوة أولى. فلم يكن المرحوم إدريس بنزكري مثلا قد حاضر يوما أو ناظر في تأويل معين لأحداث التاريخ المقدس، وما أكثر حدوده غموضا والتباسا، لكي يقال بأن عدم توبته" هي التي جعلت الذين في قلوبهم مرض يتعقبونه إلى قبره فيعيثوا فيه فسادا بعد أن اختطفه المنون ممن كان يود أن يكون هو ملك الموت.

اختلفت شخصيا مع أحمد عصيد في أمور كثيرة، أيديولوجية-هوياتية،(1) وسياسية-تدبيرية، خصوصا حينما جمعنا المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كإطار للعمل وبعد ذلك بقليل؛ وذلك بالرغم من عدم انتظام أي منا انتظاما سياسيا.  لكن، كلما اختلفنا، ينتهي ذلك بتبادل عدة أبيات شعرية بالأمازيغية من نوع وغرض النقائض على طريقة الفرزدق وجرير؛ فيكون ذلك أقصى أوجه ما يمكن أن يفضي إليه عجز طرف من الطرفين أو عجزهما معا عن الإقناع ومواصلة النقاش أو المناظرة بأساليبها ووسائلها الحضارية. ولعل الأستاذ عصيد يحتفظ بكثير من أبيات تلك النقائض، كما أحتفظ من جهتي بها.

وكنموذج من نماذج تلك المنازلات الشعرية، هذان المقتطفان من تبادل شعري نقائضي دار بين كاتب هذا النص والأستاذ عصيد عبر البريد الإليكتروني سنة 2006 لما بعث الأول برسالة إلى الثاني وإلى جماعة من زملائه أعضاء المجلس الإداري لمعهد الإركام على إثر القرار الإداري الذي فُصل الأول بمقتضاه عن تلك المؤسسة دون سبق إشعار ولمّا يمض أكثر من 6 أشهر على تجديد عقدة الإلحاق لأربع سنوات مع تلك المؤسسة.

قال الثاني معقبا على رسالة الأول:

نغُــي تابرات، نغر-كَـيس كولـّـو ما توريت

ادّ نرار  لويجاب  نّس ا-فّــلاّغ  يلاّن

اد-داخ  ور تينيت يــزّاي فلاّ  واوال  نك؛

يان يلانّ دار سّربيس، وولون لخنشات،

اد بدا صبرن ي-تازايت ا-فّــلاّس يلاّن؛

اد ور يتّــكَــرز،  ولا كَان ف-مدّن تاغويّـيــت.

ا-يان يلاّن غ-تودرت يعوّل فلاّس

يراد-اس-دي  تاوي ضّربت لّي-نّ  ور  يتام

مدّن ران غ-وزركَـ اد يسّوتول ار اكّان

يغ-ا-سول ور يزّاض ار-تن سوولون ي-طّـرف

فأجابه الأول معقبا على تعقيبة:

وكون يس-د  يفرن رّايس اوال السن-اس؟

وكون يس-د  يتام رّايس كرا  لـّي  تّينين؟

نيغ يس-اس كا  ينمالا  نّاضم سلـّـمـن-اس،

نيغ يس-اس كا  تنكَـادّا تكوري  لوحن-تّ-يد

ينّا-ياك هانّ ارزكَـ ا-سّول ور يسّوتلن؛

غا-يانّ  ا-ف-ت-ينّ  سميتّـين، س-نّ  يوالا  طّـرف.

او اجّايت-انغ  غيلا غ -ما-يا  ن-يزركَان

ميدّن، كَان يادلـّـي سين: يان يكَـ لميزان،

يـيلي ويسّين، ازركَـ  ووسكَـُّـرد  ا-تّ يكَـان

اوا ويسّين، ازركـ، ور-تن كيغ ا-يايّـاو.

غمكلي زريغ، ازرك يس-ت يعمّر وارّاس

ورا-سول َكيس يزّاض وميا، ور يوفي يات.

وتاغ-ن  داغ افلاّ  ن-واوال، ينيغ-اك

ازركَـ ا-تكـيت؛ اسكُــتي نك يفرغ، ور مدين؛

يزيض نّك يفسّوس، ار-كا برّين اوال،

ور يكَـ امزاي، ور يكَـ ابراي  ولا  تومّيت

ور-كُــن، ا-غُـّــا، نرواس؛ ور نلهي ما تّـلهام

لميزان د-لـعـيّـار ا-نكا غ-فوس ينمن

 

------------------------------

(1) انظر مثلا سلسلة المقالات حول "دلالات العلم الأمازيغي".

 



02/05/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres